كان ولم يزل نظام التعليم المفتوح مثار جدل كبيرا ليس بين الأكاديميين والمتخصصين فحسب وإنما فى الشارع المصرى بصفة عامة، بعد أن شهدت السنوات القليلة الماضية حالة من الهياج ضده من بعض النقابات والوزارات وخاصة وزارة الداخلية، فإن المجلس الأعلى للجامعات قد اتخذ قرارا فى العام 2017 بتغيير مساره ليدخل ضمن ما يسمى بالتعليم المدمج، ولم يستمر القرار طويلا حيث أصدر الأعلى للجامعات قراره بعودة التعليم المفتوح مرة أخرى ليتيح للدارس الحصول على ليسانس أو بكالوريوس بكليات الآداب، والتجارة، والزراعة، وإلغاء كليتى الحقوق والإعلام لتجنب مواجهة نقابتيهما، ويكون التعليم المدمج أو المهنى بكليات رياض الأطفال، وكلية دار العلوم. شهد التعليم المفتوح فى مصر عدة مشكلات أدت بدورها إلى تنصل بعض الجامعات منه رغم المكاسب الخيالية التى كانت تجنيها منه، ولكن بعد زيادة مشكلاته واصطدامهم بنقابتى المحامين، والصحفيين، بالإضافة إلى الأزمة الكبرى مع وزارة الداخلية بسبب إقبال عدد كبير من أمناء الشرطة على الالتحاق بكليات الحقوق بنظام التعليم المفتوح حتى وصل عددهم وفق بعض التقديرات إلى عشرات الآلاف، حتى إن جامعة بنها وحدها اعتمدت أكثر من ثمانية آلاف أمين شرطة فى عام واحد، ليطالبوا بعد ذلك بمعادلة مهنتهم والعمل كضباط شرطة، وهو الأمر الذى أرق وزارة الداخلية، والتى كانت إحدى الأذرع التي ضغطت وبقوة على الأعلى للجامعات بوقف التعليم المفتوح. لم تكن وزارة الداخلية فقط هى المحرك الرئيسى لوقف سيل شراء الشهادات من كليات التعليم المفتوح، وإنما امتدت لتصل لنقابة المحامين، والتى رفضت بشكل قاطع قيد أى طالب حاصل على شهادة فنية، وأن يكون القيد لخريجى الثانوية العامة فقط، وكان لنقابة الصحفيين نفس القرار، وأمام هذه الضغوط التى شهدها المجلس الأعلى،رضخ لها رؤساء الجامعات، وتم اتخاذ قرار نهائى بتعديل مسار التعليم المفتوح ليصبح تعليما مدمجا.
التعليم المدمج رغم صدور قرار الأعلى للجامعات بتحويل التعليم المفتوح لتعليم مدمج إلا أن كلمة تعليم مدمج لم يكن لها أى معنى محدد فيما يخص الشهادة التى سيحصل عليها الخريج، ومجالات العمل التى يمكن أن يلتحق بها، ومن هنا أصبح التعليم المدمج عبارة عن دوامة تبحث عن طلاب ولكن بلا أمل، حيث أغلق التعليم المدمج بأغلب جامعات الأقاليم، واقتصر عدد الطلاب بالجامعة الأم على 20 ألف طالب خلال ثلاث سنوات، وأمام هذا الضياع المالى الذى سقطت فيه الجامعات منذ عام 2017، لم تجد سوى الضغط مرة أخرى وبشكل مباشر على الأعلى للجامعات لعودة التعليم المفتوح، ولكن وفقا لبعض الضوابط الجديدة للابتعاد تماما عن نقابة المحامين، والإعلام وأيضا الضلع الرئيسى وزارة الداخلية. لم يكتف الأعلى للجامعات بعودة التعليم المفتوح فقط، وإنما تم إزالة شرط مرور خمس سنوات على تاريخ الحصول على الثانوية العامة من قبل التقدم للمنظومة، وتم السماح للحاصلين على دبلوم المعاهد الفنية المتوسطة الالتحاق مباشرة بالتعليم المدمج، كما تم السماح لأبناء المصريين الحاصلين على الثانوية من خارج مصر أو من محافظة جنوبسيناء الالتحاق المباشر دون فاصل زمنى بين الشهادة المتوسطة، وبالنسبة للطلاب الحاصلين على الثانوية العامة حديثا فقد تم تقليص الفاصل الزمنى إلى عامين فقط، ليصبح من حق الحاصل على 50 % فى الثانوية أو فى الدبلوم الفنى الالتحاق ببرامج كليات التجارة والزراعة والآداب والحصول على البكالوريوس.
الأعلى للجامعات كشف مصدر بالمجلس الأعلى للجامعات أنه كان هناك ضغوط كثيرة على المجلس لإعادة التعليم المفتوح مرة أخرى،موضحا أن جامعتى القاهرة وعين شمس كانتا فى مقدمة تلك الجامعات بالإضافة إلى جامعة بنها، والتى كانت من أكثر الجامعات قبولا لأمناء الشرطة على مدار السنوات العشر الأخيرة، حيث وصل عدد أمناء الشرطة الملتحقين بكلية الحقوق فيها عام 2016 إلى أكثر من 8 آلاف طالب. المصدر أشار إلى أن دخل الجامعات نهاية عام 2016 من نظام التعليم المفتوح وصل إلى 2 مليار جنيه، كان لجامعة القاهرة نصيب الأسد منها بعد أن وصل عدد الطلاب بها إلى 100 ألف طالب وطالبة بكافة البرامج، ليقترب دخلها من المليار جنيه، فيما وصل إيرادات باقى الجامعات التى تطبق برامج التعليم المفتوح مجتمعة لمليار جنيه. المصدر أشار إلى أنه عند إلغاء التعليم المفتوح فإن المجلس الأعلى لم يتخذ احتياطاته لتوفير بدائل مالية مناسبة نظرا لأن تلك الجامعات كانت تعتمد بشكل رئيسى على دخلها من التعليم المفتوح، وذلك لما فيه من لوائح مرنة حيث تتمتع مواردها بمرونة فى الصرف والتصرف لدرجة أن لائحة إحدى الجامعات كانت تقر صرف موارد بالملايين للقيادات الجامعية، ومجالس إدارة المنظومة، من بينها نص يمنح رئيس الجامعة وحده 3 جنيهات عن كل طالب مكافأة تسجيل مع كل فصل دراسى،بالإضافة إلى مكافآت إشراف امتحانات ونهاية العام وحوافز وأرباح. مضيفا أن عودة التعليم المفتوح جاءت فى ثلاث كليات فقط، وهى كليات التجارة، والزراعة، والآداب، ليُمنح خريجوها شهادة ليسانس أو بكالوريوس، ولكن لازالت كلية دار العلوم، وكلية رياض الأطفال تعمل بنظام الشهادات المهنية، وقد تم إلغاء كليات الحقوق، والإعلام لوقف الاصطدام بنقابتى المحامين، والصحفيين. فيما أكد الدكتور عبدالله سرور مؤسس نقابة علماء مصر أن التعليم المفتوح ليس بالسوء الذى يشاع عنه فى العديد من الصحف والقنوات الفضائية، ولكن فى حالة عودته كما كان عليه من قبل فهو كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، حيث لابد من تعديل مساره، وتغيير نظم التعليم بالإضافة إلى زيادة عدد ساعات الدراسة، وأيضا تعديل المقررات الدراسية العقيمة. كاشفا أنه لا يجب الاستهانة بحصول طالب خريج شهادة فنية على بكالوريوس آداب، ويمكن أن يقوم بالتدريس فى أى جهة عمل، مطالبا بوجود ضوابط لعودة التعليم المفتوح مرة أخرى،وليس كما كان فى السابق سبوبة لضح موارد مالية فقط للجامعات. الدكتور ماجد القمرى رئيس جامعة كفر الشيخ سابقا، وعضو اللجنة التى شكلت بالأعلى للجامعات عام 2017 لوقف نظام التعليم المفتوح، قال أن التعليم المفتوح كان مجرد شهادة وليس تعليما كما نعرفه ، لذلك تم إلغاؤه، ولكن يمكن تطويره ليصبح إلكترونيا بمعايير محددة لإكساب الطلبة مهارات مهنية، تساعدهم فى الوظائف الخاصة بهم، حيث يمكن أن نستخدم التكنولوجيا الحديثة فى تطوير منظومة التعليم المفتوح فى مصر. موضحا أنه رفض تطبيق قرار إنشاء مركز للتعليم المفتوح بالجامعة لعدم إيمانه، بأنه يقدم تعليما جيدا، موضحا أن التعليم الجيد يكسب الطالب عددا من المهارات، وإنما فى التعليم المفتوح ما هى إلا شهادة تشترى فقط، وبالتالى ضد بيع الشهادات من دون مهارات مهنية.