تحفةٌ معماريةٌ بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ليس من السهل الوصول إليه، رغم أنه يحمل الرقم الأثرى 235، ولكن يحتاج لخبراء متخصصين على علم بدروب وحوارى القاهرة التاريخية، ومنطقة القلعة وسوق السلاح للوصول إليه، إنه «منزل الرزاز» الذى تبلغ مساحته 3400 متر مربع، ورغم طرازه الفريد؛ فإنه سقط من سجلات الحكومة، ولا يشعر به ملايين المصريين. فالتحفة المعمارية التى يطلق عليها العلماء، منزل أحمد كتخدا الرزاز، تقع بين شارع باب الوزير، وسوق السلاح فى منتصف المسافة بين منطقة القلعة، وباب زويلة تستغيث وتندب حظها السيئ خوفًا من شروق شمس يوم جديد وتكون قد تحولت لركام، بعد أن توقفت أعمال الترميمات بها منذ ما يزيد على 12 عامًا، بسبب نزاع قضائى بين وزارة الآثار، والشركة المرممة للأثر منذ عام 2008، وإلى الآن، وذلك بعد زيادة أسعار المواد التى كان من المقرر استخدامها فى الترميم، والذى أدى بدوره إلى وقف الترميم من جانب الشركة لحين رفع الأسعار التى كان متفقًا عليها مع الوزارة، والذى قوبل بالرفض من جانب الأخيرة، لينتظر الأثر من يحنو عليه وينظر إلى حالته التى تسوء يومًًا بعد يوم. بيت الرزاز يعتبر بيت الرزاز، أحد الآثار التى تعود للعصر المملوكى، وهو تجمع سكنى، سُجِّل كأثر من ضمن الآثار الإسلامية وأُخلى من سكانه فى الستينيات من القرن العشرين، يرجح تاريخ بنائه إلى القرن الخامس عشر، على يد السلطان قايتباى، ويعتبر أحد النماذج الباقية النادرة لهذا النوع من بيوت الأمراء أو رجال البلاط السلطانى. وبالإضافة إلى توقف أعمال الترميم، فهناك العديد من التعديات التى حدثت حول أسوار الأثر من جانب بعض المواطنين، دون أى تحرك من جانب الحى، والذى يرى التعدى السافر الواضح حول هذا الأثر، حيث تم بناء العشرات من العمائر العشوائية حوله، ما يجعل الدخول إليه من الجهة الغربية مستحيلًا؛ حيث تجد الساحة الغربية عبارة عن «خرابة» بها بعض الأثاث القديم المتهالك، إلى جانب أكوام الأتربة التى تغطى العديد من الزخارف الملونة والتى انتهت منذ سنوات بسبب الإهمال الشديد. ليس من السهل أن يكون لك الحرية للدخول للجزء الغربى، حيث يمنع موظفو الأمن بالبيت دخول الزوار، ولكن لك حرية التحرك فى الجهة الشرقية، والدخول إلى سرداب البيت، وهو بحالة جيدة إلى الآن لم يتأثر بالعوامل رغم كل تلك السنوات؛ حيث صُمّم بعناية فائقة، ولك حرية الصعود إلى غرف البيت بالطابق الثانى، ولكن الجهة الغربية «منطقة محظورة» خوفًا على الزوار من أى حادث، حيث إن حالة الجهة الغربية فى شبه انهيار كامل.
حكاية الآثر عماد عثمان كبير باحثين بالآثار الإسلامية، قال: إن بيت الرزاز سُمى بهذا الاسم نسبة لأحمد كتخدا عزبان الرزاز المُتوفى عام 1833م ابن مصطفى كتخدا الرزاز المُتوفى عام 1805م ابن خليل أغا الرزاز، وهذا الأخير تركى الجنسية سطع نجمه فى عهد رضوان بك جوربجى الرزاز حاكم مصر وقت السلطان العثمانى محمد الرابع ويطلق لقبا كتخدا والعزبان على أمراء الجيش العثمانى الذين أجبروا على عدم الزواج خلال فترة الخدمة وكانت مهمتهم حماية سكن الوالى بالقلعة. وأضاف أن بيت الرزاز يعتبر مجمعًا سكنيًا كبيرًا نتج عن ضم بيتين كبيرين لأسرتين بعد التزاوج بينهما فى أوائل القرن التاسع عشر، ويعود الإنشاء الأصلى إلى القرن الخامس عشر على يد السلطان قايتباى، تم توسيعه وتطويره على عدة مراحل، حتى وصل عدد الغرف به إلى 190 غرفة، وفنائين كبيرين أحدهما شرقى والآخر غربى، يقع البيت بحى الدرب الأحمر، وتطل واجهات المبنى الخارجية على شارعين، هما شارع باب الوزير من الجهة الشرقية وشارع سوق السلاح من الجهة الشمالية فى منتصف المسافة بين القلعة وباب زويلة، وهى واجهات صغيرة الحجم بالمقارنة إلى مساحة العقار الذى يصل إلى 3400 متر. من الوهلة الأولى لدخولك المنزل، تشعر أنك وصلت لمكان قمة فى الفخامة والعنفوان، ولكن الجهة الغربية تعانى من تهدُّم شديد إلى جانب تعدى بعض المواطنين بالبناء داخل الجهة الغربية فى غياب تام لوزارة الآثار عن هذا التعدى.
مكونات المنزل يتكون المنزل من قسمين: القسم الشرقى الصغير، ويعود تاريخ بنائه إلى القرن الخامس عشر الميلادى ويعرف باسم منزل السلطان قايتباى وهو مبنى ذو رواق واحد وتم بناؤه ملاصقًا لمدرسة أم السلطان الأشرف شعبان، ويضم مجموعة من القاعات الصغيرة فى الدور الأرضى، إضافة إلى القاعة الصغرى الواقعة بالضلع الجنوبى الشرقى من الفناء الشرقى الصغير من المنزل الحالى، أما القسم الغربى الكبير فيعود إلى القرن الثامن عشر الميلادى وقام بتشييده الأمير أحمد كتخدا الرزاز عام 1778م. وأشار عثمان إلى أنه تم تجديد القسم الشرقى وكان أكثر تميُّزًا فى الجمال المعمارى ويتكون القسم من فناء أوسط سماوى مكشوف ويدخل إليه من خلال المدخل الرئيسى الغربى المطل على شارع سوق السلاح، وهو مغلق حاليًا وهو مدخل تذكارى، موضحًا أن هناك تعديات صريحة حدثت للضلعين الشمالى الشرقى والغربى للفناء فقد تهدما وأقيم عليهما مبانٍ حديثة ولم يتبق منهما إلا بقايا سور حجرى بارتفاع متر ونصف، وبطول 58 مترًا، ومع تدهور حالة المنزل طرحت فكرة ترميمه فى أوائل عام 1996 من قبل ممثل المجلس الأعلى للآثار على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عندما منحت الأخيرة تمويلًا لترميم الآثار المصرية بإدارة مركز البحوث الأمريكى بمصر.
خطة الترميم كبير الأثريين، أشار إلى أن بيت الرزاز جاء ضمن 6 آثار إسلامية تم اختيارها للترميم بجانب آثار فرعونية ورومانية وقبطية أخرى، وبما إن التمويل كانت قيمته محددة فقدرت قيم قصوى يمكن أن يتمتع بها كل مشروع على حدة، فكان نصيب بيت الرزاز لا يتعدى مبلغ مليونين ونصف المليون جنيه مصرى، الأمر الذى مثل تحديًا فى كيفية التعامل مع مبنى أثرى فى حالة شديدة التدهور، وبعدد غرف يقرب من المائتين منها من ليس له مثيل فى تاريخ العمارة الإسلامية، فكان المبلغ هو المرحلة الأولى من منهجية مشروع الترميم التى اعتمدت على مراحل تنفيذية تهدف جميعها إلى الارتقاء بالأثر وحالته الإنشائية، وترويجه مع دعم أفراد المجتمع المحيط لعملية الترميم والنهوض بالمحيط العمرانى وتوفير برامج تدريبية لعملية الترميم وتحفيز السلطات المحلية نحو إعادة استخدام الأثر. وقام الترميم على التدخل الأدنى للحفاظ على أثرية الموقع بغرض إبراز عينة لما كان عليه البيت فى حالته الأصلية وإبقاء الباقى فى حالته الراهنة، بعد عملية التنظيف والتثبيت مع احترام جميع المراحل التاريخية التى شهدها الأثر دون تمييز وإعطاء فرصة لكل مرحلة للتعبير عن نفسها وعلى هذا المنهج تم تنفيذ مشروع ترميم القسم الشرقى الأقدم فقط من الأثر بسبب الميزانية المحدودة بدايةً من عام 2003، وحتى تسليمه للمجلس الأعلى للآثار فى عام 2007 أما القسم الغربى فقد أدرجته وزارة الثقافة آنذاك ضمن خطة ترميم معالم القاهرة.
سر توقُّف الترميم من جانبه، أكد الدكتور محمد رشاد مدير عام مناطق آثار جنوبالقاهرة بوزارة الآثار، أن شركة أسوان وهى شركة متخصصة فى ترميم الأثار، تولت منذ سنوات ترميم منزل الرزاز عام 2007، وبعد عام من بدء الترميم توقفت الشركة بسبب ارتفاع أسعار الترميم، وقامت برفع دعوى قضائية ضد الوزارة تطالب بتغيير الأسعار المتفق عليها، والعمل بالأسعار الجديدة، والذى قوبل بالرفض من جانب الوزارة، وبذلك توقف الترميم عام 2008. وتوقفت الشركة عن العمل إلى الآن، وما زال العمل متوقفًا منذ 12عامًا، وتم فصل الجزء الشرقى عن الغربى خوفًا من أى انهيار يمكن أن يحدث، حيث خاطبنا الشركة بضرورة العمل فى أسرع وقت بعيدًا عن النزاع القضائى،لحل الأزمة فى أسرع وقت، وخوفا على الأثر الذى يمر حاليا بحالة سيئة للغاية، حيث تم إرسال خطاب مفاده أنه سيتم دفع الأسعار فى حالة موافقة القضاء على ذلك، ولكن دون جدوى. ونفى تعدى بعض المواطنين على أى جزء من المنزل؛ حيث إن هناك سورًا يحدد كل شبر بالمنزل، وبالفعل تمت مخاطبة الحى لوقف أى تعدٍ على المنزل منذ سنوات، ضد بعض المخالفات التى تحدث حول أسوار المنزل.