على غير السائد فى المجتمع تخرج الفتاة لتعلن تحملها نفقات الزواج بالكامل، خاصة إذا كانت هى التى تقدمت لخطبته من الأساس. معظم هذه الزيجات تكون الفتاة هى التى تريد الزواج منه، لكنها تعرف أنه لا يستطيع تحمل التكاليف أو ليست فى مقدرته، ومن ثم تقدم نفسها لخطبته والتكفل بالجهاز الذى يكون مبرر الرجل نحو عدم إتمام الزيجة، والهروب من الفتاة، حتى لو كان الحب موجودًا. «هدير. م» فتاة قررت خوض تجربة الزواج من شاب، لكن على طريقتها، وقالت إنها كانت مُعجبة بزميل لها فى الشركة التى تعمل بها، وظلت تتابعه عن قرب لمدة تزيد على عامين وتعرض عليه خدماتها من ماديات أو مساعدة أسرته لو لزم الأمر، ومع مرور الوقت عرفت جيدًا أنه لا يحب تحمل المسئولية، وكان هذا هو المدخل لعرض الزواج عليه وتحمل جميع النفقات. «هدير» أكدت أنها لا تشعر بالخجل من هذا الأمر، خاصة أنها لن تفعل شيئًا بالمال مادام لا يوجد بجوارها رجل يؤنس وحدتها، ويشاركها أحلامها وأفراحها، مضيفةً: الرجل عندما يجد امرأة تحبه لا ينظر إلى مالها أو جمالها وإنما ينظر إلى راحة البال التى سوف يشعر بها إذا تزوج من هذه الفتاة، فالرجل طفل يعشق الدلع، ومادامت الفتاة تستطيع فعل ذلك فلماذا نضع أنفسنا تحت تقاليد وأعراف ليس لها معنى. «صفاء. إ»، معيدة بكلية التجارة، وقعت فى غرام معيد زميلها بالقسم، ورغم أنه من أسرة ثرية، لكنه يرفض تحمل المسئولية، ولذلك تحملت كل مصاريف الزواج، وترى أنه لا يهم من يدفع، لكنها واجهت أزمة عندما بدأ الاعتماد عليها فى مصروف البيت. تقول «صفاء»: «كنت متخيلة إنى بشترى راجل»، وأصبحت فى أشد المعاناة، ولو كانت تعلم ذلك ما فكرت فى الارتباط من الأساس، ولو كانت ارتبطت لجعلت زوجها يتكفل بجميع التكاليف. الدكتور أحمد عمر هاشم أستاذ الحديث بجامعة الأزهر قال: يجوز أن تتكفل الزوجة بجميع تكاليف الزواج، لكن الأفضل أن يقدم الزوج شيئًا بقدر طاقته، ليبرهن على جديته فى الزواج، واهتمامه بالزوجة والزواج نفسه فى حد ذاته. وأشار إلى أن هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف اجتمعت مؤخرًا لبحث هذه الظاهرة، وكذلك بحث قانون الأحوال الشخصية، وننظر إلى حال مصر بعد أن توقف الزواج توقفًا عجيبًا، وهذا لم يحدث من قبل، ويجب التأكيد على أنه ليس حرامًا أن تتكفل الزوجة بمصاريف الزواج، لكن طبقًا للشريعة لابد أن يدفع الزوج الصداق، وهذا واجب لا تراجع عنه إلى جانب المساهمة قدر المستطاع. الدكتورة هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة الزقازيق قالت إن الزواج الذى تتكفل فيه الفتاة بكل شىء ليس فاشلًا كما يتوقع البعض، وإنما يرفضه بعض الكلاسيكيين، وهو لا يستحق الرفض بل ما يجب أن يُرفض هو لفظ عانس، فالزواج تكلفته باهظة فى ظل الظروف الحالية وخاصة بعد المغالاة فى المهر والشبكة، بالإضافة إلى التقاليع التى هبطت علينا من دول الخليج بأن يكون الزواج فى أحد الفنادق الشهيرة، وكان فى الماضى أقصى طموحنا أن يكون الزواج فى نادٍ. وأضافت «زكريا»: «البنات حاليا مهددات بلقب عانس فماذا تفعل؟ تسمع العديد من الكلمات الجارحة من «عديتى الثلاثين ولسه قاعدة» و«عنستى»، فالبنت التى تسوق عملية الزواج ليس بشرط أن يكون فاشلًا، لكن يمكن أن يكون زواجًا ناجحًا جدًا. «زكريا» أوضحت أن القضية هنا، هل لدى الطرف الآخر استعداد للتعامل بإنسانية مع الطرف المتكفل بالتكاليف لإثبات حسن النية والبرهان على حبه، فهناك شباب يتكفلون بالزواج لدرجة تصل إلى شراء شنطة الملابس الخاصة بالزوجة، ويكون فى النهاية زواجًا فاشلًا إذًا القضية هى التعامل الإنسانى وليس من الذى دفع أكثر من الآخر، والمصيبة القادمة على المجتمع هى سقوط نظام الزواج، والذى بدأ بزيادة نسب الطلاق، فالزواج هو هدف شرعى لإنجاب الأطفال، وفى جميع الأديان والمجتمعات وبطرق مختلفة لضمان الاستمرار والبقاء فى المجتمع، وأثناء وجودى بالولايات المتحدةالأمريكية وجدت دراسة تحت مسمى «لماذا كل هذا الطلاق» ،وهذا يعنى أن نظام الزواج به أزمة ولا يوجد ضمان للاستمرار بالعالم أجمع، والطلاق هو ضمانة أن ينتهى هذا الزواج دون أضرار أو دم بمعنى صحيح. أستاذ علم الاجتماع أكدت أنه طبقًا للدراسة أجراها المركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية فإنه أمام كل فتاة لم تتزوج شابين مناسبين لها ونلاحظ معنى الكلمة «مناسبان» وهى كلمة مهمة للغاية، وما نقرأه عبر شبكات التواصل الاجتماعى عن أن أمام كل شاب 4 فتيات إنما هو ترويج لفكرة الحاج متولى، وليس لها أى أساس من الصحة وكل ذلك جاء من بعض الشباب للترويج للزوجة الثانية، ليسيطر الرجال على المجتمع، ليكون لدينا أكثر من مليون الحاج متولى فى مصر، ولا توجد إحصائية مؤكدة أن الفتيات أعلى نسبة من الشباب، وهنا تكون العنوسة رجالية وليست نسائية. أحمد عبدالله أستاذ علم النفس بجامعة الزقازيق قال: إنه لا يوجد ارتباط بين النجاح والفشل فى حالة فتاة تريد أن تخوض تجربة الزواج على نفقتها الخاصة، ولا توجد دراسة علمية تثبت نجاح أو فشل هذه الحالات، لكن من حقها أن تخوض التجربة بأى شكل، وإن رأت أنها ستكون سعيدة إذا تحملت مصاريف الزواج فلما لا تفعل ذلك. وأضاف «عبدالله»: إن المتعارف عليه مجتمعيًا أن الرجل هو الذى يتحمل تكاليف الزواج، لكن تحمل المرأة أيضًا للتكاليف شىء مقبول، وليس شرطًا أن يطفح الشباب الدم ليكون زواجًا معترفًا به مجتمعيًا، والحياة قديمًا كانت بسيطة وليست بهذه التكاليف الباهظة. عبدالله أشار إلى أن هناك دول أفريقية تتكفل الزوجة فيها بمصاريف الزواج بالكامل، ولا يعمل الرجل أبدًا، إذ تخرج المرأة للعمل والتجارة، ويتكفل الرجل بعمل المنزل، وهنا توضيح بسيط أن الوضع يختلف تبعا للثقافة فقط، وليس فرض عين كما يراه المجتمع، مع العلم أننا إذا تركنا أنفسنا للمجتمع وتقاليده سنجد أن هناك ملايين الفتيات ينتظرن الفرج، فى حين أنها تستطيع التكفل بالشقة والزواج، ومن تستطيع عليها أن تبادر بذلك، ولا تترك نفسها لتقاليد المجتمع، وفى حالة تكفل الفتاة بمصاريف الزواج هنا تقول للشباب: «لو مشكلتك الفلوس أنا هخلص حجتك».