"قعدة الخزانة ولا جوازة الندامة".. مثلًا شعبيًا قديم حولته الفتيات إلى شعار لهن في الفترة الأخيرة، بعد تزايد حالات الطلاق بين المتزوجين حديثًا بسبب عدم التوافق فيما بينهم، فالفتيات فضلن أن يكونوا بلقب "عانس" بدلًا من أن يكونوا مطلقات أو يتعايشوا مع أزواج لا يفهموهم. أكثر من 40 مليون مطلقة في مصر ووفقًا لآخر الإحصائيات عن نسب المطلقات في مصر خلال السنوات الأخيرة، فنجد أنهم تجاوزوا 40 مليون مطلقة أغلبهم بين الشباب، وكان أكثريتهم أيضًا متمثلين في طلاق بسبب عدم التوافق الأسري بين الشاب والفتاة فإختاروا الإنفصال بدلًا من استكمال معيشة صعبة.
"الفجر" إستطلعت آراء عدد من الفتيات في سن العشرينيات وهو السن الأغلب للزواج في مصر، وذلك بين تأييدهم أو رفضهم للمثل الشعبي "قعدة الخزانة ولا جوازة الندامة"، وعن أسبابهم في تأييد أو رفض تلك المقولة أو المثل المأثور.
"البنت مش مهمتها الأساسية الزواج" رحاب حسين، أيدت المثل الشعبي، مؤكدة أن المثل يشرح نفسه ف"جوازة الندامة" تدل على أن يرافق الفتاة الندم طيلة العمر، وستكون تلك الزيجة لا يوجد بها أي توافق فبالتالي عدم وجودها أفضل، مسجلة إعتراضها حول الجزء الأول من المثل وهو "قاعدة الخزانة" لأن الفتاة ليست سلعة وليس مهمتها الأساسية في الحياة هي الزواج فقط، قائلة: "حتى لو متجوزتش اكيد هتلاقى نفسها فى حاجات تانية شغل او دراسة".
"يفوتني القطر أحسن ما يدهسني" رنا نبيل، أكدت إنها ترفض الزواج عن عدم توافق، معتبرة أن استمرارها في المعيشة ببيت والدها أو ما يطلق عليه "قعدة الخزانة" أفضل من زواجها من شخص غير متوافقة معه، قائلة: ""يفوتني القطر أحسن ما يدهسني.. ليه أتجوز جوازة تفضل تعملي مشاكل طول العمر".
ينتج عنها أطفال مشوهين نفسيًا وفاء محمود، عبرت عن الأزمات والنتائج التي قد ينتج عنها الزواج دون توافق، مشيرة إلى أنها تفضل عدم الزواج خيرًا لها من خوض مثل تلك الزيجة، قائلة: "يعني ليه أضيع حياتي وصحتي وسعادتي وحريتي على حد ميستهلش ولو بعد الجواز أخرج بولاد عندهم مشاكل نفسية في مجتمع معاق يشوفني ماليش لازمة عشان جوازة فاشلة والأستاذ يعيش حياتة طبيعي وعادي دة غير احباطي ومشاكلي النفسية والضغوط عليا".
نظرة المجتمع للعانس والمطلقة وعن الفرق بين نظرة المجتمع المصري للعانس والمطلقة، علقت فاطمة الضاوي، عن رغبتها في الاستمرار دون زواج أفضل من زواج بدوت توافق، لأن المجتمع نظرته أفضل للعانس عن المطلقة، فبدلًا من أن تتزوج عددًا من الأشهر ينتج عنه طلاق دون توافق فالأفضل أن تظل عانسًا متفادية نظرة المجتمع للمطلقة.
وأضافت: "تقعد من غير جواز احسن ما تتجوز واحد يبهدلها بالذل والقهر وفى الأخر تتطلق ويتقال عليها هى السبب هى اللى مش عارفه تحافظ علي بيتها".
أبرز نتائجه أجيال معقدة نفسيًا أسماء حسنين، أكدت أيضًا تأييديها للمثل الشعبي و"قعدة الخزانة"، مؤكدة أن الزواج الناتج عن عدم التوافق تدفع ثمنه الفتاة والمجتمع، فالفتاة ستصبح فاشلة في حياتها وعملها وتربية أطفالها، والمجتمع أيضًا سيدفع الثمن من خلال إنجاب أجيال معقدة نفسيًا، على العكس عدم التورط في مثل ذلك الزواج، فستكون الفتاة أكثر نفعًا للمجتمع.
وعن نظرة المجتمع للمرأة قالت أسماء حسنين، إن نظرة المجتمع لا تختلف للمتزوجة أو المطلقة أو العانس، فينظر للسيدة المتزوجة أنها متزوجة وغير مهتمة بزوجها ولا أولادها وعندما يكون زوجها مستهتر تكون هي السبب، وإذا تم تطليقها فتصبح في نظر المجتمع عاهرة، أما إذا كانت عانس فيؤكد المجتمع إنها بها عيب، فدائمًا المجتمع يأتي على المرأة.
"المرأة ليها كيان زي الرجل" "مبقاش فيه قاعدة خزانة دلوقتي".. بتلك الكلمات إنتقدت الزهراء سمير، المثل الشعبي القديم، معتبرة أن المرأة أصبحت لها كيانها وعملها فإذا لم تتزوج فلها كيان أخر يتمثل في دراستها وعملها فلم تصبح المرأة من جالسات المنازل كما كان في الماضي. وعن تأيديها أو رفضها للزواج دون توافق قالت: "يعني ابقي قاعدة معززة مكرمة مرتاحة سنجل حتي لو سني كبر وانا لوحدي ونظرة الناس ليا اني عانس.. أحسن بكتر لو أجوز جوازة مش كويسة أكره نفسي وأكره الحياة".
أمثال تهدم المجتمع وتواجه بالتربية الدكتور طه أبوحسين، أستاذ علم الاجتماع والتربية، أكد أن حالات الطلاق وصلت في 2010 إلى 9 مليون بين 38 مليون متزوج في هذا العام، وهذا يدل على إنحدار المجتمع ولكن لا يمكن مواجهة تلك الظاهرة من خلال الأمثال الشعبية، ولكن يمكن مواجهتها من خلال تربية الأسرة للفتاة على ضرورة الإستقرار قبل وبعد الزواج من خلال التربية الأخلاقية والدينية.
وأضاف أستاذ علم الإجتماع، في تصريح ل"الفجر"، أن مثل تلك الأمثال تفسد المجتمع مثله مثل المتداول أيضًا حاليا وهو المثل الشعبي "100 عشيقة ولا تلزيقة"، فجميعها أمثال تساعد على إنهيار المجتمع، مؤكدًا أن أي فتاة تحتاج إلى الزواج ولابد أن تكون مهيئة لذلك من خلال التربية حتى لا تفشل وتتعرض للطلاق.