انتقد عدد من الحقوقيين والمتقاضين ومنظمات المجتمع المدنى والمستشارين موافقة مجلس الوزراء الأسبوع الماضى على تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالشهود، وبالتحديد تعديل المادتين 277 و289 من القانون فى شأن استدعاء الشهود أو سماعهم أمام المحكمة دون معقب عليها. وقال المستشار أحمد الخطيب، المستشار بمحكمة القاهرة إن تعديل المواد 277 و289 من قانون الإجراءات الجنائية أطلق يد المحكمة فى سماع الشهود من عدمه سواء كانوا «نفى أو إثبات» وذلك دون معقب عليه أو رقابة من المحاكم، وهو أمر يصطدم مع أبسط قواعد العدالة والتى تكفل حق المتهم والمتقاضى فى طلب سماع الشهود من المحكمة لإثبات جدية دفوعهم وطلباتهم وهو أمر مقبول. وأكد المستشار الخطيب أن أغلب النظم التشريعية منصوص عليه فى المواثيق الدولية، وأحد أهم قواعد الإثبات فى الشريعة الإسلامية والتى اعتمدت على سماع الشهود صراحة، وأن الدستور المصرى كفل حق التقاضى وحق المتقاضى فى الدفاع للوصول إلى إثبات طلباتهم، وأن ذلك التعديل لم يقطع الطريق على أن تقصير التقاضى محكمة أول درجة لأنه يمنع الطعن على تلك الأحكام بحجة أن سماع الشهود وأصبح من الصلاحيات لمحكمة أول درجة. وأضاف أن الشهود فى أى قضية قد يكونوا شهود نفى للمتهم أو شهود الواقعة ضده مثل ضابط التحريات، وهو ما يلزم مناقشة أمام القاضى للوقوف على حقيقة الضبط وسلامة الإجراءات وهى خطوات ضرورية للكشف عن الحقيقة. من ناحية ثانية، أصدر مركز الحريات والحصانات لحقوق الإنسان بيانًا أكد فيه أن هذه التعديلات مخالفة للدستور الذى كفل حق الدفاع للمتهم بجميع الأوجه، وأن مثل هذه التعديلات وإلغاءها سماع الشهود يجعل هناك صعوبات كثيرة تواجه المتهم فى الدفاع عن نفسه لكون شهادة الشهود فى كثير من القضايا الجنائية تكون سببًا رئيسيًا فى براءة المتهمين وصدور مثل هذه التعديلات يهدر أهم شروط وقواعد المحاكمة العادلة. وأكد محمد الحمبولى رئيس مركز الحريات والحصانات لحقوق الإنسان أن مثل هذه التعديلات تغل يد محكمة النقض وحق المتهمين فى الطعن على الأحكام باعتبار عدم سماع الشهود طبقًا للتعديلات لا يخالف القانون، فشهادة الشهود فى كثير من الأحيان تحدد مصير المتهمين، وفى حالة عدم سماعهم يصدر حكم مخالف للحقيقة والواقع الفعلى، كما أن شهادة الشهود كثيرًا تبطل وتحد تحريات المباحث ومنع الدفاع من حقه فى سماع الشهود. من جانبه علق حافظ أبو سعدة عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان على موافقة مجلس الوزراء على تعديل قانون الإجراءات الجنائية بأن هذا التعديل ضد قيم حقوق الإنسان والحق فى الدفاع الشرعى عن النفس أمام المحكمة لأنه من حق المتهم أن يطلب من المحكمة الاستماع إلى شهود النفى، وأكد سعدة أن هذا التعديل يعتبر اعتداء على الحق فى الدفاع لأنه إذا تم الطعن على دستورية القانون سيقبل لأن المشرع فى بعض الأحيان يضع القوانين مخالفة للدستور. أما محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى فأكد أن تعديلات قانون الإجراءات الجنائية الجديدة تضر بالعدالة وتغل يد المحامين فى عملهم لمحاولة إجلاء الحقيقة مؤكدًا أن استبعاد الشهود من نظر القضايا سيؤدى إلى أن الكثير من المواطنين لن يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم. وأكد زارع أن هذه التعديلات مخالفة للمواثيق الدولية المعنية بالمحاكمات العادلة لأن تبرير إصدار هذه التعديلات بأنها ستقلل من مدة التقاضى غير صحيح، فالمحكمة قادرة على تحديد جلسة عاجلة لسماع الشهود والانتهاء سريعًا دون إطالة أمد التقاضى. وعلق ناصر أمين عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان على تعديلات أحكام قانون الإجراءات الجنائية قائلاً: تعديل القانون يعد ضربة شديدة للعدالة فى مصر، وأكد أن القانون سيضرب محكمة النقض المصرية ويشل يدها من مراقبة الأحكام القضائية الخاطئة التى تصدر من أى قاض فى مصر وطالب أمين الرئيس السيسى بعدم التصديق عليه إطلاقًا. من جانبه تسلم قسم التشريع بمجلس الدولة برئاسة نائب رئيس مجلس الدولة المستشار مجدى العجاتى، مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية «فيما يتعلق بالشهود»، منتصف الأسبوع الماضى من مجلس الوزراء لمراجعته من الناحية الدستورية القانونية. وأكد مصدر قضائى بمجلس الدولة: شملت التعديلات بأحكام قانون الإجراءات الجنائية «فيما يتعلق بالشهود»، والذى وافق عليه مجلس الوزراء وأرسله لمجلس الدولة، المادتين 277 و289 من قانون الإجراءات الجنائية، بحيث يكون الأمر كله فى شأن استدعاء الشهود أو سماعهم فى يد المحكمة دون معقب عليها بحسبان أنها هى التى تطبق مبدأ المحاكمة العادلة. وأن القسم لم يبدأ بعد مراجعة تعديل القانون، ومن المحتمل أن يبدأ مراجعته بداية الأسبوع القادم وفى حالة مراجعته ووجد مخالفته للدستور سيعاد إلى مجلس الوزراء.∎