إذا كانت المنظومة التعليمية تتكون من مدرسة ومدرس وطالب فإننا لا نستطيع أن نغفل دور أولياء الأمور في إقناع أبنائهم بالذهاب إلي المدرسة بشكل مستمر ولكن المشكلة أن بعض أولياء الأمور يكونون السبب الرئيسي في غياب أبنائهم عن المدرسة كما سنري في السطور القادمة، اعترافات مثيرة علي لسان بعض الآباء والأمهات تزيد من مشكلة هروب الطلاب من المدارس. يقول سامح مصطفي ولي أمر لطالبة بالصف الأول الابتدائي أن ابنته عندما كانت تأتي إليه وتقول له أنها لا تريد الذهاب إلي المدرسة فكان يوافقها علي الفور ولكن زوجته كانت دائماً تشعر أن هناك شيئاً خطأ وبالبحث في كراسات الواجب تجد أن ابنتها لم تؤد الواجب المطلوب منها أو لديها مشكلة في المدرسة مع إحدي صديقاتها فكانت زوجته تصر علي أن تذهب ابنتها إلي المدرسة حتي تنال عقابها ولكن "سامح" كان دائماً يرفض حتي لا تكون ابنته عرضة للسخرية من قبل زميلاتها وكان مبرره في ذلك هو أنه يخشي علي ابنته من أن تكره المدرسة بسبب سخرية زميلاتها منها. مجهود خاص وتقول نجوي أبو حمص وهي أم لطالب في الصف الثاني الابتدائي أنها لا تجعل ابنها يذهب إلي المدرسة إلا في حالة مرضه أو هناك ظرف طارئ يستدعي عدم ذهاب الولد إلي المدرسة وتضيف أنها تعتمد بشكل كبير علي الدروس الخصوصية وخاصة في مادتي اللغة الانجليزية والرياضيات وتضيف إلي ذلك أن ابنها حصل علي المركز الثاني علي المدرسة وعلي مجموع 59٪ وذلك بمجهودها الذاتي هي وزوجها ولا تستطيع أن تغفل دور المدرسين الذين ساعدوا ابنها كثيراً حتي يحصل علي هذا المجموع، أما ناهد رمزي ولية أمر لطفل في الصف الرابع الابتدائي فتقول إنها في أحد الأيام قال لها ابنها أنه مريض ولا يستطيع الذهاب إلي المدرسة ولكنها لم تصدقه وجعلته يذهب إلي المدرسة وهناك اتصلت بها مديرة المدرسة وقالت لها أن ابنها مريض بالفعل وعليها أن تحضر لتأخذه ومنذ ذلك الوقت أصبحت ناهد تصدق ابنها عندما يقول لها إنه مريض ولا تجعله يذهب إلي المدرسة. مواقف وبالنسبة لحمدي محمود ولي أمر لطالبة في الصف الثاني الابتدائي فيقول إذا جاءت ابنته في يوم ما وطلبت منه أن يوصلها إلي المدرسة لأنه قد فاتها أوتوبيس المدرسة فيقول لها: "مش مهم روحي نامي أو اتفرجي علي التليفزيون وبكرة تروحي المدرسة". وفي المقابل تقول أم لطفلين أحدهما في الصف الأول الابتدائي والثاني في السنة الأولي من رياض الأطفال أنها عانت كثيراً من زوجها الذي كان يرفض فكرة ذهاب ابنيه إلي المدرسة معتقداً أنهما مازالا صغيرين ولكنها أصرت علي إلحاق طفليها بالمدرسة وبعد ذلك أصبحت تعاني من مشكلة أخري وهي أن طفليها كانا يتمارضان لكي لا يذهبا إلي المدرسة وكان الأب يؤيدهما في ذلك وهو الأمر الذي دفعها إلي اتخاذ موقف حاسم مع ابنيها حتي استطاعت بالتدريج إقناعهما بالذهاب إلي المدرسة يومياً بالإضافة إلي أن ابنيها عندما كانا يتحججان بأنهما لم يؤديا واجباتهما المدرسية كانت تدخل بنفسها علي شبكة الإنترنت للحصول علي الواجبات الخاصة بهما. الانتماء للمدرسة تقول فاطمة محمد أنها ترفض فكرة عدم ذهاب بناتها إلي المدرسة لأنها تري أن المدرسة لم يقتصر دورها علي تلقين الدروس فقط بل إنها تساهم في بناء شخصية الطفل وتشكيل طباعه وتساعد علي تنمية ذكاء الطفل وتمنحه روح المشاركة وكذلك الجرأة في الإجابة فضلاً عن كونها وسيلة لخلق جو من المنافسة وتضيف أنها كأم قد لا تستطيع في بعض الأحيان السيطرة علي بناتها في إلزامهن بأداء الواجب ولكن مادام بناتها يحببن المدرسة فهذا يخلق لديهن نوعاً من الانتماء إلي المكان الذي يتعلمن فيه وعليه يؤدين الواجبات وما عليهن من التزامات تجاه المدرسين والمدرسة وتؤكد أن الجلوس في المنزل وعدم الذهاب إلي المدرسة يجعل الطفل يكره هذا المكان الذي يقيده ومن ثم يرفض القيام بأي شيء يطلبه منه المدرسون الذين يري فيهم رمزاً للسيطرة والإرغام ومن هنا تأتي ضرورة تعليم الأبناء الذهاب إلي المدرسة منذ الصغر.