عندما يأتي يوم 8 مارس يوم المرأة العالمي، أتذكر من قراءة التاريخ ذلك اليوم. ولماذا أطلق عليه هذا الاسم، ولماذا يحرص الرجال في أوروبا وأمريكا في ذكري هذا اليوم أن يحملوا ورودا وزهورا ويهدون لكل امرأة يقابلونها وردة. زهرة. في مكان العمل. في المواصلات. في الطريق وفي البيت. في أوائل القرن العشرين عندما بدأت النساء في العالم يخرجن للعمل خارج البيت استغلتهن المصانع والشركات للعمل بأجور زهيدة. فثرن. وكانت ثورة النساء في العالم تتصدرها ثورة العاملات الأمريكيات في مصنع نسيج في نيويورك يوم 8 مارس عام 8091 للمطالبة بتحسين أجورهن وأحوالهن الإنسانية، وما حدث من البوليس الأمريكي بناء علي الأوامر إغلاق أبواب المصنع لقمعهن، واستشهدت الكثيرات، وكانت فضيحة عالمية التفت إليها العالم بإنسانيته القديمة!.. وقرر الحكام بما فيهم حكام أمريكا أن يجعلوا هذا اليوم احتفالا بالمرأة كنوع من الاعتذار لها. كما بدءوا بالاهتمام بعمل النساء، وإنهن جزء من المجتمع لابد من الاهتمام بإنسانيتهن وظروف عملهن ومعيشتهن.. ذلك اليوم الذي كان في التاريخ داميا.. أصبح محمولا بالزهور للنساء. المرأة والسياسة علي مدي القرن الماضي، العشرين، ناضلت المرأة في بلاد العالم لتشارك في العمل وأيضا في الحياة السياسية، فالسياسة لم تعد مجرد قوانين ونظم وحكومات تصدر قرارات. السياسة أصبحت تدخل في صميم حياة المرأة والناس عموما. كل شيء الآن يتبع السياسة وتتدخل فيه، والإنسان في حاجة إلي مهارة سياسية ليحقق أشياء جيدة في حياته العائلية والعملية وهذه المهارات تحتوي علي التخطيط، التعليم، التوازن، التعامل، وكل هذه الأشياء تتدخل في حياة المرأة. وقد فهمت المرأة أن نجاحها في عملها سياسة. نجاحها في أسرتها. سياسة. استقلالها الاقتصادي. سياسة. فالسياسة في متناول أيدي نساء العالم في كل مجال.. وقد واصلت المرأة نضالها إلي أن دخلت مجال أكبر.. وهو الحكم. ووصفهن العالم بأنهن نساء حديديات.. كانت أشهرهن في حمل اللقب من الجزء الثاني في القرن العشرين "مارجريت تاتشر" التي استمرت لسنوات طويلة. رئيسة وزراء إنجلترا أي الحاكمة أو الرئيسة الفعّالة وليست الملكة. وكانت "أنديرا غاندي" في الهند التي أُغتيلت بسبب الاضطرابات الطائفية في الهند وليس لأنها كانت حديدية.. كما ظهرت نساء حاكمات حديديات في كندا.. كانت "كيم كامبل" رئيسة لحكومة كندا.. والحديدية "خالدة ضياء الرحمن" كانت أول رئيسة للوزراء في بنجلاديش. وقد قالوا عنها إنها امرأة حديدية تتواري خلف ستار الخجل.. وكانت "تاثو تشيللر" أول رئيسة للوزراء في تركيا امرأة جميلة وحديدية.. و"بنازير بوتو" وصلت إلي الحكم في باكستان ولم ينقذها تسامحها وحكمها المعتدل من الاغتيال.. كما وصلت "كورازون أكينو" إلي الحكم في الفلبين.. لا نريد أن نردد "قول" أن هذا كان.. وأين هي الآن؟! بل إنها خطوة كبيرة للنساء إلي الأمام.. وفي مصر أيضا كانت ثورة 9191 المصرية علامة بارزة لمشاركة المرأة المصرية في الحياة السياسية، وأنشأت السيدة "هدي شعراوي" بعدها "الاتحاد النسائي المصري" بفكرة أن اتحاد النساء قوة والاتحاد موجود للآن.. إلا أن مطالبة النساء من خلال ذلك الاتحاد بحقوقهن السياسية لم تجد استجابة من الحكومات إلي أن قامت ثورة يوليو 2591 ونشطت قيادات النساء في المطالبة بتلك الحقوق وقد اعتصمت بعضهن ومنهن صحفيات بارزات في ذلك الوقت مثل "درية شفيق" صاحبة المجلة النسائية "بنت النيل" واهتمت الصحافة والحكومة بذلك الاعتصام ووعدتهن بتلبية مطالبهن، المهم أن ينهين ذلك الاعتصام.. وقد كان.. صدر دستور عام 6591 متضمنا منح المرأة المصرية حقوقا سياسية لأول مرة في مصر. وقبل أن تنالها نساء كثيرات في دول العالم.. وكانت المناضلة والمحاربة "راوية عطية" أول من دخلن البرلمان المصري بالانتخاب الحر عام 7591. المرأة والحرية لقد كان من نتاج التعليم للنساء والتغيير من حياتها السلبية إلي الإيجابية في المجتمعات أن جاءت الحرية لتغيير وجه العالم، وكما كتبت شاعرة أندونيسية من المناضلات في تحرير المرأة الآسيوية. الحرية غيرت وجه العالم حكمت العقل والقلب والإنسان بددت الضباب المعلق فوق الجبال والوديان ورؤوسنا نحن النساء لم نعد مجرد زوجات لرجال أبطال نحن أيضا بطلات.. وعندما تتحطم الحصون المهجورة من زمن.. ويقف العمل الإنساني فخورا في قارتنا.. لن نعود لزيارة المقابر فقط.. والبكاء علي الأموات.. سنكون في المقام الأول من صفوف الجنود العاملة.. لقد فهمت نساء العالم أن حرية المرأة تأتي من تعليمها وعملها.. والمساواة مع الرجل لا تتعارض مع حمايتها للأمومة.. ومع ذلك مازالت فرص المساواة في العمل محدودة ومازالت التحذيرات من المساواة تلاحقها!.. تخويف الرجال للنساء منذ بداية القرن العشرين وبداية خروج النساء للعمل وتخويف الرجال يلاحقهن.. أولا حذر الأطباء من أن المرأة التي تعمل خارج البيت معرضة لضمور الرحم!.. وفي منتصف القرن مع زيادة أعداد النساء العاملات حذر بعض الأطباء النفسانيين من أن عمل المرأة خارج نطاق الأمومة يهدد مشاعرها الأنثوية ويصيبها بالبرود الجنسي.. ومع الخط البياني المرتفع لعمالة المرأة ظهر تحذير طبي يقول أن المرأة العاملة عليها أن تتعامل مع الإجهاد مثل الرجل، والإجهاد يحمل أمراضا قاتلة!.. يعني هم يريدون حماية المرأة من الإجهاد.. ألا تعمل!.. ومازال تحذير الرجال مستمرا إلي القرن الواحد والعشرين.. بكلمات طيبة للمحافظة علي سلامة المرأة!.. مثل ما حدث أخيرا في مجلس الدولة عندنا.. فهم لايريدون تعيين المرأة في المجلس خوفا عليها من الإجهاد.. والأعمال الشاقة التي تتطلبها الوظيفة هذه!!.. وبالرغم من أن قطار عمل النساء في العالم مستمر في الإنطلاق إلا أن البعض مازالوا يقسمون العمل بالنسبة لنوع الجنس. الرجل للعمل الخارجي والمرأة للعمل المنزلي.. أحيانا يقولون أن هذا من طبيعة التكوين البيولوجي لكل منهما!!.. وأحيانا يقولون أن هذه حكمة الحياة من قديم الأزل!!.. مع العلم أن علماء "علم الأجناس" ينفون هذا تماما، وليرجعوا إلي التاريخ القديم ليعرفوا كيف كانت تعمل النساء في كل الأعمال الصعبة!! لا ندري لماذا تخويف الرجال للنساء مازال مستمرا؟!.. خصوصا في دول العالم الثالث بالرغم من أن هذه الدول قد تخلصت من الحكم الاستعماري لها!!.. فقد كان الاستعمار يعتمد علي مساندة الجماعات الرجعية في المجتمعات ويشجع علي كل العادات الرجعية المتعلقة بالنساء لأفكار خبيثة كانت في رأس المستعمر. أنه بقهر النساء يستطيع أن يقهر المجتمع..!! وبالرغم من ذلك.. فكل امرأة في العالم تستحق أن يهديها رجل.. زهرة.. وردة.. في يوم المرأة العالمي.