يستقبل المسلمون فى أنحاء المعمورة عيد الأضحى فى العاشر من ذى الحجة من كل عام، وفى مصر يكون الاحتفال بالعيد له طعم خاص، فبعد صلاة العيد نجد المصلين يتصافحون مهنئين بعضهم البعض، ثم تقوم معظم الأسر المصرية بذبح خروف العيد بعد الصلاة مباشرة وعادة ما يتم غمس أيديهم فى دماء الخراف ثم لصقها على الجدران اعتقادا منهم بأن ذلك يدفع عنهم الحسد والعين هذا ويحرص المصريون على تناول كبد الخروف وحواشيه فى الإفطار وتناول الفتة بالثوم فى الغداء هذا ما يحدث فى القاهرة من احتفالات بعيد الأضحى وهى لا تختلف كثيرا عن باقى المحافظات، ولكن تبقى لكل محافظة ما يميزها، ففى سيوة فى صباح يوم العيد يذهب الرجال لصلاة العيد فى ساحات مفتوحة، وبعد انتهاء الصلاة يذبحون الذبائح فوق أسطح منازلهم وذلك بعد أن يقوم خطيب الجامع بالذبح أولا ثم بعد الذبح يلطخون أبواب منازلهم بالدماء ثم يعلقون ذبائحهم، حيث يقع عليها نظر من يزورونهم من الأقارب ولا يأكلون فى هذا اليوم إلا الجلد بعد نظافته من الشعر ثم يلقى فى زيت الزيتون مع أمعاء الذبيحة والكلاوى وغير ذلك وثالث يوم العيد يقطعون الذبيحة ويشرحون اللحم ويضعون عليها ملحًا وينشرونها فى حجرة على أحبال، وبعد ذلك يقددونها إلى أن تجف تماما ثم يجمعونها فى مراجين ويأكلون منها إلى تنتهى مع ملاحظة حجز ضلع من الذبيحة لعاشوراء القادم. هذا وتعد الأسر قصعة مملوءة بالكرشة والكبد والجلد والخبز والرقائق لتقديمها للضيوف فى العيد، وبعد العيد بثلاثة أيام تخرج الأسر خارج البلدة فى الحقول وجهة جبل الدكرور لمدة سبعة أيام يأكلون فى الثلاثة أيام الأولى منها الثوم فقط ويعتقدون أن فى ذلك تغيير الهواء ومنعا للأمراض. ثوب وصبغة للشعر أما بأرض الفيروز سيناء فنجد الفتيات يقمن بتطريز ثوب العيد بأيديهن بألوان معينة لتدل على قبيلتها وعشيرتها وحالتها الاجتماعية فزى الفتاة يختلف عن زى المرأة المتزوجة، كما تقوم الفتيات بوضع الحناء على أيديهن، بينما تقوم كبار السن بصبغ شعورهن قبل العيد بيوم، كذلك لا تخرج المرأة البدوية للرعى يوم العيد، وتترك هذه المهمة للسيدات كبار السن. وفى كتاب سيناء الموقع والتاريخ يذكر المؤلفان أن فى العيد يزداد إقامة سباق الخيل والإبل لعل أهمها سباق عيد الأضحى. ويحدثنا أكثر عن طقوس عيد الأضحى بسيناء الشيخ موسى الدلح من قبيلة الترابين، حيث يقول عيد الأضحى له ميزة خاصة تختلف عن غيره، حيث إنه يجب (فى عرف البدوى) على كل من حج بيت الله أن يقدم ضحيته لمدة سبع سنوات بعد عودته، وكذلك من يتوفاه الله، فعلى ورثته من بعده خاصة إذا كان له أخوة أو أبناء، أن يقدموا أضحية أجرا عن روحه، وقبيل ذبحها ينادى صوت عال: يا رب: هذه ضحية فلان ابن فلانة، ثم يتلها للجبين، ويذبحها قائلا: باسم الله الله أكبر. وعن سبب تضحية الحاج سبعة أعياد متتالية فيقول إنه رمز وتعبير عن الطواف حول الكعبة سبع مرات والسعى بين الصفا والمروة سبع مرات. ويستكمل حديثة قائلا: إن البدو يحرصون على زيارة الأرحام فى العيد فهم يرون فى صلة الأرحام طيلة العمر، والزيارة والتى ترمز أيضا إلى الطمأنينة خاصة عند المرأة، وتقديم المساعدة اللازمة إليها، المتمثلة بالمساعدات المادية، أو الهدايا، كالملابس والمأكولات المختلفة، كما أن هذه الزيارة تقوية المعنويات المرأة لدى الزوج والأولاد، والجيران أن لها أقارب أقوياء، رجالا، رحيمين وهذا يعطيها أهمية أكبر لدى الآخرين، خاصة إذا كانت متزوجة عند الغرباء، حتى إن من العادة أن يذهب والد الفتاة أو أخوها ومعهم عدد من رجال القبيلة وهم فى أحسن ما يكونون فى حلية قوية، ومعهم الهدايا الكثيرة لزيارة ابنتهم المتزوجة فى ديار الغربة (سواء غربة المكان أو غربة العشيرة) ، وهكذا يطوفون على بناتهم البعيدات عنهم، وهذا يزيد من أهميتهم فى أعين الناس، وأهمية بناتهم فى أعين الذين تزوجن معهم، وإذا أراد الزوج أن يتصرف بمالا يليق مع واحدة منهن حسب ألف حساب، قبل أن يفعل ذلك، لأنه يعرف من هم الرجال الذين تنتمى إليهم، كما أن البدوية إذا لحقها ضيم قالت (يا يولى يا هلى يا للى ضيعونى)، وذلك فى حالة تركها فى ديار الغربة دونما دعم معنوى، وزيارات وصلة رحم، فهم بذلك ضيعوها، أى تركوها لزوجها إن شاء رحمها وإن شاء أكرمها. ؟ الجمل والهودج والسفينة على جدران الصعايدة يميز عيد الأضحى بالصعيد الحج والحج قديما فى القرية كان من الأحداث المهمة حتى إنها كان يستخدم فى التاريخ، فمثلا يقال فلان أتولد فى السنة اللى فلان راح فيها الحج، فقد كان العامة من الناس يعتقدون أن من يذهب لمكة سيدخل الجنة ومن يزور المدينة سوف يسلم على النبى عليه الصلاة والسلام، وكان لقب حاج لايطلق إلا على من أدى الفريضة فعلا وكان للحاج مكانة اجتماعية كبيرة، لذلك كان للحاج احتفال كبير يبدأ منذ الموافقة على الحج من الجهات الرسمية، حيث تسمع الزغاريد فى البيت إعلانا عن الحج، وبعده نجتمع النسوة كل يوم بعد المغرب يغنين أغانى وأناشيد دينية على آلة موسيقية تسمى التار. ثم يقومون بدهان البيت من الخارج ويرسمون عليه رسومًا تعبر عن الحج الجمل والهودج والكعبة والحصان والقطار والسفينة وغيرها من الرسوم التى تعبر عن هذا الحدث الجليل. ويستكمل حديثه قائلا: يذهب الحاج راكبًا حصانًا إلى محطة القطار، وإذا كانت حاجة تركب الهودج وهم يرتدون ملابس بيضاء ومن ورائهم أهل القرية يعزفون على الناى. وأثناء تأدية الحاج لمناسك الحج يستمر الاحتفال فى القرية إلى أن يصل من الحج فيستقبله أهل القرية والقرى المجاورة والكل يحاول لمسه لحظة نزوله من القطار تبركا، ويقومون بغناء أغانى تعبر عن فرحة رجوعه سالما. وبعد ذلك يتوافد عليه الناس يوميا لمدة أسبوع للتهنئة وفى هذه المدة لا يذهب الحاج أو الحاجة إلى العمل وفى نهاية الأسبوع تقام حفلة ختامية يذبح فيها عجل. فى النوبة وفى حين أن عيد الأضحى نطلق عليه العيد الكبير، ففى النوبة يطلقون عليه إيدين كورى وذلك كما يقول المهندس مصطفى رمضان، حيث يقول عيد الأضحى باللغة النوبية (ايدين كورى) ومعناه عيد الرجال وسمى بذلك لانشغال الرجال فى هذا العيد بشراء الخروف وذبحه وسلخه، فالمهمة معظمها للرجال، أما عيد الفطر فيسمى (انجيين كورى) أى عيد النساء وذلك لانشغال النساء فى عمل الكحك وغيره من أعمال النساء. ويذكر أن أهم ما يميز العيد بالنوبة هو تجمع أهالى النوبة ككل فى كل القرى، حيث نجد أن كل النوبيين فى القاهرة والإسكندرية ومدن القناة وفى كل أنحاء العالم يتوافدون إلى قرى النوبة لحضور عيد الأضحى. ويستكمل قائلا: أما فى العيد الكبير تنتظر كل امرأة فى دارها الرجال لكى يقوموا بذبح كبش الفدى وبعد الذبح يقوم صاحبه بعمل الكبدة النية بالتوابل والبصل والليمون ويأكلها المتواجدون جميعا وهى الطبق المفضل لنا عند أى ذبيحة وأحيانا يكون فى اتفاقيات مسبقة بين الإخوة والإخوات أو الأهل لكى يكون الأكل عند الأخ الأكبر أو فى بيت الأسرة أول أيام العيد والأيام التالية بالتناوب لمدة أسبوع أو أكثر بشرط الذبيحة تتم بعد صلاة العيد كما أشارها ديننا الحنيف. والرجال فى العيد يستيقظون مبكرا وبعد صلاة الصبح يمر على نخيل ذويه الذين ماتوا (الجد والوالد والإخوان والعم والخال) ويقطع لكل واحد منهم ربطة من الجريد الأخضر ويضع هذه الرابطة بالقرب من المسيد، ثم يذهب لشرب الشاى ثم يلبسون الجديد ويتوجهون فى موكب نحو مكان الصلاة وهم يحملون راية ويكبرون الله أكبر الله أكبر. وبعد ذلك يؤدون صلاة العيد فى حوالى الساعة السابعة والنصف، وبعد الفراغ منها يقومون بالسلام على بعضهم، ويزورون المقابر وبعد تلاوة الفاتحة على أرواح الموتى ينظمون تراب القبر، ثم يغرسون فوقه كميات من الجريد الأخضر الذى قطعوه من النخل الذى يخص المتوفى نفسه، ثم يبدأون الطواف على المنازل بيتا بيتا، وخصوصا تلك التى يقطن بها العجزة والمرضى ويصفاحونهم ويهنئونهم بحلول العيد السعيد وفى كل مسيد يجلسون للراحة وتناول الشاى وأثناء هذه الجولة تتناول كل مجموعة طعام الإفطار والغداء أينما وجدت ذلك جاهزا. وفى العيد الكبير الكل يتوجه إلى داره فى مجموعات لكى يقوم بالذبيحة حتى عصر هذا اليوم، ولكل قرية مراسم خاصة بها، حيث لابد على أهالى المنطقة والشارع ككل أن يتعاونوا سوياً فى ذبح الأضحية فى مجموعات من الشباب، فعلى الكبار الذبح والشباب يبدءون فى سلخ الأضحية وتجهيزها لأهل البيت وهكذا حتى ينتهوا من ذبح الأضاحى فى الشارع أو المنطقة للجيران ككل. ثم تبدأ النساء فى تجهيز الموائد ومن كل بيت يخرج (مائدة) بها من لحوم الأضحية يتناولون الرجال سويا وجبة الغداء مع بعضهم البعض فى كل المنطقة وكذلك تجتمع النساء سويا فى بيت إحداهن لتناول وجبة الغداء مع بعضهن البعض.