حماية المستهلك.. حلم تبخر في ظل الارتفاع المتواصل للأسعار وسطوة الكيانات الاحتكارية حلم ضاع بعجز جهاز حماية المستهلك عن حماية المواطن من الجشع وطوفان السلع المغشوشة وبدلا من حماية المستهلك، كان داعما لمافيا السوق بقلة حيلته وضعفه، والجهاز ولد ولادة مبتسرة فعاش منذ سنوات ضعيفا بليدا رغم أنه انتزع جميع الصلاحيات من جمعيات حماية المستهلك وضعوا علي رأسه رجل أعمال وعضوا في أمانة السياسات منحازا للنخبة الحاكمة والمسيطرة علي القطاعات الحيوية للاقتصاد، والضحية المواطن الغلبان الذي أصبح غير قادر علي توفير ضروريات حياته وتراجع مستوي معيشته. الجهاز دوره مقتصر فقط علي تلقي شكاوي دون أن يقوم بدور فعال في مراقبة الأسواق (وترك الحبل علي الغارب) مما جعل المستهلك ضحية لجشع بعض التجار ولسوق بير السلم. هذا في الوقت الذي تقترب فيه ميزانية الجهاز من 7 ملايين جنيه والتي لم تناقش تفاصيلها علي الإطلاق من خلال اجتماعات مجلس إدارة الجهاز منذ إنشائه. وإذا تتبعنا عمل الجهاز طيلة الأربع سنوات وهي مدة عمل الجهاز إلي الآن نجد أنه حقق في 43 ألف شكوي منذ إنشائه في عام 2006 وحتي الآن ولكن للأسف كلها ارتكزت علي السلع المعمرة والذي بالطبع كان يشترط تقديم المستهلك لفاتورة الشراء في حالة تقديمه الشكوي، ولعل الأمر الذي يدعو إلي التناقض هو أن قانون حماية المستهلك لم ينص بأن يكون تقديم الفاتورة للمستهلك بشكل إجباري من البائع، ولكنها اختيارية وهو ما كان مثار مطالبات عديدة من جمعيات حماية المستهلك دوما بأن يكون تقديم الفاتورة بشكل إجباري وليس اختياريا، فضلا عن تغليظ العقوبات علي مقدمي الإعلانات المضللة وعدم التصالح علي الإطلاق مع المخالف. ولعل تبعية الجهاز فيما سبق إلي وزارة الصناعة والتي كان يرأسها رشيد محمد رشيد رجل الأعمال، ناهيك عن رئاسة الجهاز إلي رجل الأعمال مما قلل من فعالية الجهاز (لأنه بالطبع لا يعقل أن يكون خصما وحكما في نفس الوقت بين رجال الأعمال)، وأصبح مجرد ديكور ترك المستهلك فريسة للسوق، والمنتجات الفاسدة تغرق الأسواق !!!ناهيك عن قلة الفروع المنتشرة للجهاز والتي لا تتجاوز 5 فروع فقط فكيف بالتالي يصل إليها المستهلك المتضرر ولعلنا لاننسي أيضا إنفاق أموال الجهاز علي دراسات غير مفيدة للمستهلك المصري مثل دراسات «الأورجانيك» وغيرها من الدراسات التي تهم الأغنياء، في الوقت الذي يتم غض الطرف عن المواطن الفقير ومتطلباته. وإبعاد الكوادر المتميزة بمجرد معرفة عدم انتمائها لمنظومة الحزب الوطني حتي ولو كانت شخصيات مستقلة ليست لها أية أفكار، بحيث أصبح الجهاز لجنة تابعة لأمانة الشئون المالية والإدارية التي يتبعها الألفي. ولعل المفارقة العجيبة التي رصدناها في عمل الجهاز أنه كان يرفض التحقق في شكاوي المواطنين فيما يتعلق بالاتصالات بحجة أن المسئول عنها هو جهاز حماية المستهلك، مما ترك المستهلك فريسة لشركات المحمول دون أن يجد من يقف بجانبه. هذا في الوقت الذي أكدت فيه جمعيات حماية المستهلك أن الجهاز استحوذ علي دورها مما أدي إلي ضعف فعالياتها. وعلي الجانب الآخر فإن البعض قد يفتقد إلي ثقافة حماية المستهلك حتي يستطيع أن يعرف حقوقه فيطالب بها فإن حماية المستهلك بالمعني الاقتصادي تعني (نوعا من التنظيم الحكومي والأهلي العامل علي حماية مصالح المستهلكين، فمثلاً قد تطلب الحكومة من قطاع الأعمال أن يكشف معلومات مفصلة عن المنتجات، وخصوصاً تلك المتعلقة بقضايا السلامة، أو الصحة العامة، كمنتجات الغذاء. أو هي خدمة توفرها الحكومة أو المجتمع المدني بجمعياته المختلفة ذات الاختصاص لحماية المستهلك من الغش التجاري أو استغلاله بصورة غير مشروعة أو سوء تقديم خدمة ما عن طريق الاحتكار أو الإذعان لظرف ما. وترتبط حماية المستهلك بفكرة حقوق المستهلك (أي أن المستهلكين يملكون حقوقاً متعددة باعتبارهم مستهلكين). كما ترتبط بتشكيل منظمات المستهلكين التي تساعد المستهلك علي اتخاذ الخيارات الأفضل في الأسواق. ويمكن حماية مصالح المستهلك عبر تشجيع التنافس في الأسواق والذي يخدم المستهلك مباشرة وغير مباشرة، ويتفق مع الفعالية الاقتصادية الجيدة. ولعل السؤال الذي يتبارد إلي أذهاننا الآن هل استطاع جهاز حماية المستهلك تحقيق هذه المفاهيم أم ترك المستهلك فريسة وضحية للسوق؟! واذا رجعنا إلي الوراء نجد أن مؤسس حركة «مصريون ضد الظلم» ويدعي مصطفي عاشور قدم بلاغا إلي النائب العام يحمل رقم625 ضد سعيد الألفي رئيس جهاز حماية المستهلك، مطالباً بالتحقيق معه فيما يشوب الجهاز من وساطة ومحسوبية أدت إلي الكثير من المخالفات إبان الفترة الظالمة الماضية التي سيطر فيها المال والسلطة علي مقدرات البلد. وأكد البلاغ أن جهاز حماية المستهلك لم يقم بأية إجراءات ضد الشركات التي كانت تحتكر الحديد في مصر، حيث ظل «الألفي» وفياً لأصدقائه رجال الأعمال الذين كانوا معه في الحزب الوطني وشركائه في البيزنس- حسبما ذكر البلاغ - وأن سعيد الألفي هو شقيق معتز الألفي صاحب شركات «أمريكانا»، وشريكه في أرباحها، وأضاف البلاغ أن وجوده في جهاز حماية المستهلك يعتبر مخالفا للمنطق والعقل إذ كيف يمكن أن يكون سعيد الألفي خصما وحكما؟! وطالب البلاغ بفتح التحقيق مع الألفي في صمته حينئذ عن احتكار المهندس أحمد عز لتجارة الحديد في مصر، وصمته التام إزاء ما يحدث في السوق من إهدار لحقوق المستهلك، متعللا بأن هذا من شأن جهاز منع الاحتكار مع مخالفة ذلك لقانون 67 لسنة 2006. كما طالب البلاغ بالتحقيق فيما يحدث من مجاملات عنان هلال نائب رئيس الجهاز، حيث تم إنشاء لها جمعية خاصة بها داخل الجهاز مستغلة في ذلك كل إمكانات الجهاز وسميت «عين مصر»، وفتح باب التمويل أمام هذه الجمعية في الوقت الذي تم استبعاد كل الكوادر المخلصة حتي من المشاركة في أية مناسبات بحيث أصبح الجهاز مغلقا علي الأصحاب والأحباب فقط. وكشف البلاغ إنفاق الأموال علي دراسات غير مفيدة للمستهلك المصري مثل دراسات «الأورجانيك» وغيرها من الدراسات التي تهم الأغنياء، في الوقت الذي يتم غض الطرف عن المواطن الفقير ومتطلباته. وأكد البلاغ أنه تم إرهاب وإبعاد الكوادر المتميزة بمجرد معرفة عدم انتمائها لمنظومة الحزب الوطني حتي ولو كانت شخصيات مستقلة ليست لها أية أفكار، بحيث أصبح الجهاز لجنة تابعة لأمانة الشئون المالية والإدارية التي يتبعها الألفي. الموقع الإلكتروني للجهاز وبنظرة سريعة إلي الموقع الإلكتروني للجهاز علي شبكة الإنترنت تجد أنه لم يتم تحديثه حتي الآن فنجد أن إحدي الأيقونات الموجودة علي الموقع تحت مسمي (رسالة رئيس الجهاز) والتي تؤكد تبعيته لوزارة الصناعة وليس التضامن الاجتماعي .. فهل هم في غفلة! مذكرة إلي الوزير سعاد الديب رئيس الجمعية الإعلامية لحماية المستهلك وأحد أعضاء مجلس إدارة حماية المستهلك سابقا لمدة 3 دورات متتالية قالت إن جهاز حماية المستهلك من المفترض أن يقوم بأدوار معينة وله حق التعامل مع جميع الأجهزة لحل شكاوي المواطنين مثل جهاز المواصفات والجودة والرقابة الصناعية. قالت: من واقع خبرتي في مجال حقوق المستهلك وكوني عضو مجلس إدارة سابقا للاتحاد وجدت أن تبعية جهاز حماية المستهلك إلي وزير مختص تفرض علية بعض القيود. داعية أن يكون جهازا قوميا غير تابع لأي وزارة بل إلي رئيس الوزراء. وتبدي الديب دهشتها من كون الجهاز تحت مسمي جهاز حماية المستهلك ومع ذلك لا يحق له التحقيق في شكاوي المواطنين في الموبايلات، وللأسف يتم التعامل معها من خلال جهاز تنظيم الاتصالات وليس هذا فقط ولكن إذا كانت هناك شكاوي للمواطنين مع شركات المياه أو الكهرباء فليس لجهاز حماية المستهلك الحق في فحص هذه الشكاوي ولكن تعود للأجهزة الأخري ! فكيف يكون خصما وحكما في نفس الوقت وكيف يكون هناك جهاز تحت هذا المسمي وتتعارض معه عمل أجهزة أخري. وقالت الديب إنه في الوقت الذي يرصد للجهاز ميزانية تقدر ب 7 ملايين جنيه، فإنني أؤكد أنه لا يحق للجمعيات الأهلية العاملة في مجال حماية المستهلك الحصول علي مليم من الجهاز، بل الأكثر من ذلك أنها تقوم برفع قضايا للمستهلكين المتضررين للحصول علي حقهم دون الحصول علي أي مليم. المهندسة عنان هلال نائب رئيس جهاز حماية المستهلك والقائم بأعمال الجهاز الآن لكونها نائب رئيس الجهاز توضح أن الجهاز مازال يستمر في أداء عمله وقال إنه تم عرض خطة عمل علي د.جودة عبد الخالق وزير التضامن الاجتماعي لتطوير عمل الجهاز فالخطة تتضمن (زيادة عدد فروع الجهاز في المحافظات حيث إنه يوجد حتي الآن قرابة 5 فروع في القاهرة والإسكندرية وبني سويف والإسماعيلية وأسوان والشرقية وقالت إنه من المقرر افتتاح فرع جديد للجهاز في جنوبسيناء والمنيا. وقالت عنان: إن هناك اتجاها لإجراء تعديلات لمواد قانون حماية المستهلك فيما يتعلق بتقديم الفاتورة بشكل إجباري للمستهلك وليس اختياريا وتشديد العقوبات علي الإعلانات المضللة فالغرامة الآن تصل ما بين 5 آلاف إلي 100 ألف. وقالت عنان: إنه يتم حاليا الاستعانة بمفتشي إدارة المعاملات التجارية أو مفتشي مباحث التموين لما لديهم من ضبطية قضائية، ولكن ينبغي أن ننتبه إلي أنه لا يوجد عدد كافٍ من الموظفين للحصول علي الضبطية القضائية لافتة إلي أن عدد موظفي الجهاز حوالي 90 موظفا، وقالت إن الأربع سنوات التي مرت علي الجهاز أثبتت أداءه في التعامل مع شكاوي المستهلكين حيث استطعنا أن نحقق 43 ألف شكوي واستطعنا أن نعالج ما يقرب 39 ألفا و400 شكوي بنسبة 80% وهناك 3578 شكوي قيد التحقيقات، وهذا حتي نهاية منتصف يوليو 2011 كما يتم استقبال مكالمات تليفونية من المستهلكين بإجمالي 492 ألفا و103 مكالمات. وعن عدم شعور المواطنين بفعالية أداء الجهاز قالت عنان إن المواطنين قد يكونون لم يشعروا به وهذا يحتاج إلي توعية وبرامج لكي تعرف ما هي حقوقها حقا هناك البعض مازال لايعرف أننا موجودون وخاصة الشرائح الاجتماعية ذات الدخل القليل مشيرة إلي أننا ننفذ خطة إعلامية بإمكانيات بسيطة. وقالت عنان: إن الجهاز ركز جهوده علي شكاوي السلع المعمرة لافتة إلي أن الشكاوي التي تلقاها الجهاز في بداية عمله كانت تتركز علي السلع الغذائية، ولعل ذلك يرجع إلي رخص ثمن الغذاء بمقارنة بسلع أخري لافتة إلي أن توعية المستهلكين بحقوقهم موضحة أن المستهلك أحيانا قد لا يريد أن يلجأ إلي الجهاز لرخص سعر السلعة.