«أو يا عزيزتى مازلت نائمة.. اليوم سنحتفل بانتهاء الحرب» وأنا بين النوم واليقظة تساءلت: أى حرب هذه التى سنحتفل بانتهائها اليوم!.. تنبهت أن فرنسا اليوم تحتفل كعادتها كل عام بانتهاء الحرب العالمية الثانية.. بعد شهر مجهد بالعمل فى باريس اقترحت على صديقة فرنسية أن أسترد أنفاسى فى الجنوب لعدة أيام قبل العودة لبلدى واتصلت بصديقتها صاحبة البيت لتستضيفنى ولم أجد صعوبة فى الوصول إلى هذه المدينة الصغيرة على حدود سويسرا. قلت لصاحبة البيت ونحن نشرب الشاى.. هل تدرين إنك قلت لى أننا سنحتفل اليوم بانتهاء الحرب كما لو أن الحرب انتهت بالأمس فقط. قالت: جيلى الذى عاش مأساة الحرب فى طفولته بمجرد ذكر انتهائها يشعرنا بالفرح بالرغم من مرور سنوات كثيرة عليها.. ثم قالت: اتصل بك الكولونيل وترك لك رسالة أن تذهبى إليه فى المقهى بعد الاحتفال». قلت ظريف هذا الكولونيل المتقاعد ولديه حكايات مسلية. قالت حكاياته مسلية بالنسبة لك لأنك تسمعينها لأول مرة أما نحن أهل هذه المدينة فقد مللنا تكرار حكاياته. ذهبت إلى المقهى الذى يجلس فيه الكولونيل المتقاعد حيث ينتظرنى وكنت قد تعرفت عليه منذ يومين فى نفس المقهى.. سألته لماذا طلبنى لمقابلته.. نظر إلى باب المقهى وقال: هذه زوجتى المجنونة بالقطط ومعها امرأة أكثر خبلا لكن ليس بالقطط بل ببلدك مصر.. ولما علمت أننا تجاذبنا الحديث فى اليوم السابق طلبت منى مقابلتك. نظرت إلى وقالت.. كل فرنسا تحتفل اليوم بذكرى انتهاء الحرب.. وأنا أحتفل بذكرى أجمل قصة حب فى حياتى مع واحد من بلدك.. سألتها ماذا حدث لذلك الحب.. قال لها الكولونيل.. احك قصة حبك التى سمعناها آلاف المرات لكنى لا أمل سماعها لأنك تستمتعين وأنت تحكينها وأنا أستمتع برؤيتك كأنك فى العشرين من عمرك. وبدأت المرأة تحكى قصة حبها مع المصرى الذى كان يدرس فى فرنسا وأجمل أيام فى حياتها.. لكن عندما كتب لوالده قصة حبه للفرنسية.. أرسل له رسالة غاضبة.. لأنه مرتبط بإحدى فتيات العائلة الكبيرة فى ذلك الزمن الذى كان الشاب أو الفتاة لا بد أن يكون الزواج من العائلة.. وكان الشاب مثل شباب ذلك العصر لا يعارض التقاليد.. فكرت حبيبته الفرنسية أنه لن يعارض عائلته وفكرت بعقلها عندما قال أن يمض معها بعض الأيام أو الشهور.. ويعود لبلده ليعيش فيها فترة مع زوجته المصرية.. ورفضت الفكرة.. وتزوجت من شاب فرنسى.. قال الكولونيل.. وتحتفل كل عام فى مثل هذا اليوم بذكرى الحب الجميل مع المصرى ولا بد أن حبيبها قد نسى حبه وتحتفل بالذكرى وحدها.. النساء عاطفيات مخبولات. قالت المرأة زوجى يحتفل معى بذكرى ذلك الحب ويعتبر ذلك الحب القديم مع المصرى مجرد صورة قديمة على جدران بيت قديم. قال الكولونيل.. لنحتفل بالسلام والحب والخبل العالمى. وطلب لنا قهوة وحلوى.. سألتنى المرأة أن أغنى لها أغنية مصرية كانت تغنيها مع حبيبها.. بدأت تغنيها بكلمات عربية مكسرة ونغمة نشاز فغنيتها لها. يا عزيز عينى أنا بدى أروّح بلدى.. بلدى يا بلدى أن بدى أروّح بلدى ولمعت عيناها.. ببريق ذكرى أشواق قديمة وقبلتنى. قلت: من زمن لم أسمع عن قصة حب تبقى هكذا مع مرور الزمن. قال الكولونيل.. لأنهما لم يتزوجا.. رمقته زوجته بنظرة غاضبة وابتسمت المرأة صاحبة قصة الحب.. وودعتهما لأحضر حقيبتى وألحق بالقطار إلى المطار كلمات الأغنية فى رأسى.