سعر الريال السعودي اليوم مقابل الجنيه المصري في البنوك    500 مليون جنيه دعما.. برلماني يبشر بانخفاض أسعار السيارات خلال الفترة المقبلة    الاتحاد الأوروبي يتعهد بتقديم 68 مليون يورو إضافية لمساعدة غزة    جيش الاحتلال الإسرائيلي: قصف مبان في جنوب لبنان كان بها عناصر لحزب الله    إدارة بايدن تتراجع عن فرض عقوبات على كتائب إسرائيلية منها نتساح يهودا    وزير الرياضة يشهد افتتاح بطولة الأندية الإفريقية لسيدات الطائرة    كلوب: حل أزمة محمد صلاح سيجعلني الأغنى في العالم    بيراميدز يهزم الزمالك ويتوج بدوري الجمهورية 2009    الأرصاد الجوية : رياح ترابية وسحب رعدية وفرص لسقوط الأمطار    تامر حسنى يعتذر لبدرية طلبة.. ورد مفاجئ من الأخيرة    سيد رجب يلبي رغبة عروسين بالتصوير معهما في الإسكندرية    تراجع إيرادات الأفلام في شباك التذاكر وتحقق 3 ملايين جنيه أمس    «بيت السناري» يستضيف ندوة «المكون الثقافي والسياسات الخارجية المصرية»    طريقة عمل كرواسون الفسيخ بالأفوكادو في البيت.. استعدي لشم النسيم    أسبوع الآلام.. الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحتفل بختام الصوم الكبير 2024    45 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى    استقالة متحدثة أمريكية اعتراضًا على حرب إسرائيل في قطاع غزة    بدء الفرز.. غلق باب التصويت بانتخابات التجديد النصفى لنقابة أطباء الأسنان    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    محافظ أسوان يوجه بمتابعة تطبيق المواعيد الصيفية للمحال التجارية    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية    الإسكان: 20 ألف طلب لتقنين أراضى توسعات مدينة الشروق    مواعيد صرف منحة عيد العمال للعمالة غير المنتظمة    رئيس «كوب 28» يدعو لتعزيز التعاون الدولي لتنفيذ اتفاق الإمارات التاريخي    «مياه دمياط»: انقطاع المياه عن بعض المناطق لمدة 8 ساعات غدًا    وكيل أوقاف دمياط يفتتح مسجد الفردوس في محافظة دمياط    يحيى الفخراني: «لولا أشرف عبدالغفور ماكنتش هكمل في الفن» (فيديو)    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    المفتي: ثورة 30 يونيو كانت تحريرًا لأرض مصر من أفكار خاطئة (فيديو)    مواعيد الصلاة في التوقيت الصيفي بالقاهرة والمحافظات.. وكيف يتم تغيير الساعة على الموبايل؟    «الصحة»: فحص 434 ألف طفل ضمن «الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية لحديثي الولادة»    بداية من الغد.. «حياة كريمة» تعلن عن أماكن تواجد القوافل الطبية في 7 محافظات جديدة    أرتيتا: لاعبان يمثلان صداع لي.. ولا يمكننا السيطرة على مانشستر سيتي    رحلة فاطمة محمد علي من خشبة المسرح لنجومية السوشيال ميديا ب ثلاثي البهجة    عاجل| مصدر أمني: استمرار الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي للوصول لصيغة اتفاق هدنة في غزة    بعد حادث شبرا الخيمة.. كيف أصبح الدارك ويب السوق المفتوح لأبشع الجرائم؟    وفد جامعة المنصورة الجديدة يزور جامعة نوتنجهام ترنت بالمملكة المتحدة لتبادل الخبرات    التربية للطفولة المبكرة أسيوط تنظم مؤتمرها الدولي الخامس عن "الموهبة والإبداع والذكاء الأصطناعي"    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة الجونة للإسكواش ويستعد لمواجهة حامل اللقب "على فرج"| فيديو    المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية: سببان لتسمية يوم الجمعة بهذا الاسم    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    «التعليم» تستعرض خطة مواجهة الكثافات الطلابية على مدار 10 سنوات    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    رحلة فنية قصيرة مازالت في القلوب .. ذكرى ميلاد هالة فؤاد    زيلينسكي يدعو إلى الاستثمار في صناعة الدفاع الأوكرانية    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان في الولايات المتحدة    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحيةٌ.. إلى «ذى الإصبع»
نشر في صباح الخير يوم 15 - 08 - 2017


كتب: د. محمد سعد وريشة الفنانة : مني عبدالرحمن
أثارت تسمية القاعدة العسكرية المصرية الأكبر فى الشرق الأوسط تكريماً للرئيس الراحل محمد نجيب كأول حاكم يتولى حكم مصر من أبنائها بعد الفرعون المصرى نخت نبو أونقطانب الثانى (360-343 ق.م) آخر ملوك الأسرة الثلاثين الذى هُزم أمام جيوش الغزاة الفرس منذ نحو 2300 عام جدلاً واسعاً، وذلك على الرغم من وضوح الهدف منه وهو إعادة الاعتبار لإحدى الشخصيات المحورية التى دخلت تاريخنا المعاصر، سواء اتفقنا أو اختلفنا بشأن حجم مساهمتها فى حدث جلل كثورة 23 يوليو 1952 الذى ألقى بآثاره على شكل المجتمع والدولة والنظام السياسى حتى اليوم.
حاكم المحروسة
لا خلاف إذن على ضرورة إعادة الاعتبار إلى شخصيات مصرية مؤثرة فى تاريخنا الحديث، فبغض النظر عن سابقة قيام الرئيسين الأسبقين السادات ومبارك بتخفيف وطأة العزلة المفروضة على الرئيس الراحل محمد نجيب، بل وإعادة اسمه إلى المناهج التعليمية وتسمية بعض الشوارع وإحدى محطات مترو الأنفاق باسمه؛ هناك شخصية أخرى قد تستحق منا تكريماً مماثلاً بعد أن توارت عن ذاكرتنا لفترة طويلة رغم أن تمثاله مازال قائماً فى أشهر ميادين العاصمة ويلقبه العامة ب«أبو إصبع» ليس من قبيل التناقض بل الدعوة للتجديد وسرعة اللحاق أو حتى اللهاث حتى تنقطع أنفاسنا بالركب العالمى وإلقاء الضوء على قائد عسكرى مصرى القلب عربى اللسان أحب المصريين فأحبوه، ولكن القدر لم يمهله حتى يكمل عامه الأول حاكماً على المحروسة.
إنه بلا جدال إبراهيم باشا الكبير (1789- 1848) قائد جيش مصر المظفر وأحد مؤسسيه مع سليمان باشا الفرنساوى فى عهد والده الخديو محمد على باشا وصاحب الانتصارات العسكرية المذهلة فى ثلاث قارات. أوكل له والده وهو دون الثلاثين تولى الحملة العسكرية على الجزيرة العربية خلفاً لشقيقه طوسون الذى قضى أثناء قيادته للحملة فحقق انتصارات متتالية، وما أن وصل إلى مشارف «الدرعية» حتى استدعاه الباشا إلى مصر ليكمل هو الحملة ويجنى الحظوة لدى السلطان العثمانى الذى كلفه بإعادة الجزيرة إلى السيطرة، فيحصل محمد على باشا على الحجاز ويضمها إلى ولايته ويخلع السلطان على القائد إبراهيم لقب الباشا ويمنحه ولاية مكة ثم جدة.
لا تصيبنا الدهشة حينما يعود إبراهيم باشا إلى مصر متصوراً أن والده ترك له تصريف شئون البلاد حتى عودته، بل يفاجأ أن الباشا وضع الولاية تحت تصرف لاظوغلى باشا؛ ليس هذا كل شيء لكنه كُلف بمهمة أقل ما توصف به أنها خطيرة وهى مصادرة أملاك القواد وأمراء الحرب الألبان من فرقة السباهيين (الفرسان) الذين قدموا مع محمد على باشا أول ما وطئت قدمه أرض مصر وحبس من يحاول المقاومة، هل هذا فقط؟ لا، تم تكليفه أيضاً بالإشراف على تجنيد أبناء أولئك القواد الألبان الموتورين فى الجيش المصرى الذى يجرى بناؤه واستكمال تحديثه، وما أدراك بطبيعة الأرناؤوط العنيدة والعدائية! مهام جسام قام بها الشاب ابن العقد الثالث لإعداد جيش مصر الذى سيقوده فى فتوحات لا تقل فى عظمتها عن تلك التى حققها نظيراه الإسكندر المقدونى ونابوليون بونابرت؛ كما سنرى.
متعة الانتصار
أخضع إبراهيم باشا فى غزواته شبه جزيرة المورة بتكليف من الباب العالى عقب ثورة اليونانيين على السلطنة العثمانية، ومنح السلطان والده الباشا حكم جزيرة كريت ومنطقة «قولة» مسقط رأسه كمكافأة له على انتصاراته، للأسف الشديد فإن توسع الإمبراطورية المصرية البازغة دفع الدول الأوروبية الكبرى لوأد التجربة فى مهدها، فلم تكن بريطانيا وفرنسا وروسيا على استعداد لاستبدال رجل أوروبا المريض بدولة قوية أخرى فى الشرق، حيث التحمت أساطيل تلك الدول لتحطيم الأسطولين المصرى والعثمانى وإغراقهما فى معركة نوارين (نافا رينو1827) على السواحل اليونانية. لم تدفع تلك المعركة الخديو إبراهيم باشا للتراجع عن مشروعهما التوسعى الطموح؛ بل سارت القوات المصرية بقيادة إبراهيم باشا لفرض نفوذه على بلاد الشام، وعقب انتصارات متوالية على العثمانيين أبرزها فى كوتاهية تم عقد صلح بين محمد على والسلطان العثمانى ضم بموجبه الشام إلى ملكه وعين إبراهيم باشا حاكماً عاماَ.
حول أسوار عكا
من الواجب التوقف هنا عند مشهدين، الأول: القائد إبراهيم يتقدم الجيش المصرى فى حصاره لأسوار عكا الحصينة التى لم يتمكن عبقرى الحروب نابليون بونابرت من اقتحامها عام 1801، فيدخلها إبراهيم باشا وسط تكبير جنوده بعدها بثلاثين عاماً، هل هناك مشهد أكثر إثارة لقلق الدول الكبرى فى هذا العصر من ذاك الجيش وقائده الذى أعرب عن نيته للوصول لكل أرض يتحدث أهلها العربية؟ الثاني: قيام إبراهيم باشا بصفته حاكم الشام بتطبيق سياساته الإصلاحية الضريبية والإدارية التى سبق له تنفيذها فى صعيد مصر وأسفرت عن تحقيق نتائج باهرة آنذاك، إلا أن ما يسترعى النظر أن تلك السياسات أدت إلى حالة من السخط ببعض الطوائف خاصةً فى لبنان ناهيك عن تدخلات العثمانيين والبريطانيين لتأليبهم على إبراهيم باشا، المشكلة الحقيقية أنه حاول التعامل مع الشام كأرض موحدة على غرار مصر، إلا أنه أدرك الفارق بينهما فى مرحلة متأخرة، ربما كان جديراً بالقائمين على المشروع الوحدوى بين مصر وسوريا (1958-1961) دراسة تلك التجربة بجدية للوقوف على حقيقة الاختلافات بين مصر وسائر بلاد الشام سواءً فى التركيبة المجتمعية والنشاط الاقتصادى السائد وتعاطى الطوائف المختلفة مع السلطة وأبعاد النفوذ الذى مازالت تمتلكه أطراف غير عربية فى الأراضى السورية واللبنانية حتى وقتنا الحالى.
معركة نصيبين
واصل إبراهيم باشا انتصاراته على العثمانيين الذين جردوا جيشاً لاستعادة الشام بعد تأليب أهلها عليه وكان أهمها على الإطلاق معركة (نصيبين 1839) التى أُسر خلالها رشيد باشا الصدر الأعظم للدولة العلية الذى كان على رأس الجيش التركى، الأمر الذى أصاب السلطان العثمانى بالهلع بدرجة دفعته إلى عقد معاهدة دفاع مشترك (هنكاراسكله سي) مع عدوه اللدود قيصر روسيا وقام الأسطول الروسى بحماية القسطنطينية عاصمة الخلافة الإسلامية!! خشية هجوم الجيش المصرى الذى اخترق جبال طوروس وأصبح على مسافة أيام منها، وجهت الدول الكبرى إنذاراً لمحمد على بالتراجع وتم تكثيف الضغوط عليه لإبرام معاهدة لندن 1840 التى تخلى بموجبها عن الأراضى الشاسعة التى قام بغزوها مع الاعتراف له بولاية مصر والسودان وتوارثها فى أسرته. فى حقيقة الأمر، إن الإنجاز الحقيقى لتلك الفتوحات كان حصول محمد على باشا على اعتراف دولى بحكم مصر درة العالم ومحط أنظار الجميع إلى يومنا هذا، وهو ما أرسى قاعدة استراتيجية ثبتت تاريخياً وهى أن الدفاع عن مصر يجب أن يكون من خارجها؛ من الفرات شرقاً حتى بنغازى غرباً ومن منابع الفرات شمالاً حتى مضيق باب المندب ومنابع النيل جنوباً، التى تمثل إحدى ركائز الأمن القومى المصرى فى كل العصور. توفى القائد إبراهيم قبل أن يكمل عامه الستين ولم يمض على توليه الحكم بضعة أشهر، رحم الله الجندى الفذ والمخلص وتحية إلى أرواح جنودنا الأبرار.•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.