إيه رأيكم.. تيجوا من الآن وحتي 30 يونية نتحدث عن حركات تمرد مصرية وإقليمية.. ودولية نجحت في إسقاط دول.. واقامة دول حديثة مكانها. نقول ذلك للذين يقللون من قيمة حركة تمرد المصرية الآن.. وقدرتها علي تغيير الأوضاع في البلاد.. ونبدأ بأكبر حركة تمرد مصرية في العصر الحديث، منذ حوالي قرنين من الزمان ونقصد بها حركة تمرد محمد علي باشا علي سلطانه وخليفة المسلمين وإمام المسلمين.. ** كان محمد علي باشا مجرد ضابط، وقائد ثان لقوة عثمانية جاءت لتساهم في طرد قوات الحملة الفرنسية من مصر.. وكان من أكبر ولاة السلطان العثماني وفاء لهذا السلطان حتي أنه عندما أعاد حفر ترعة الاسكندرية من فرع رشيد إلي الاسكندرية، أطلق عليها اسم «ترعة المحمودية» نسبة للسلطان العثماني محمود.. بل انه لبي كل أوامر هذا السلطان ومنها أنه أمره بارسال جيش مصري إلي شبه الجزيرة العربية لضرب الحركة الوهابية بل وجعل من ابنه الثاني «طوسون باشا» قائداً لهذه الحملة عام 1910 ثم أرسل ابنه الأكبر ابراهيم باشا ليساعد طوسون هناك.. ومحمد علي باشا هذا هو الذي استجاب فوراً للسلطان العثماني عندما طالبه بارسال جيش مصري.. بل واسطول بحري ضخم ليساهم في إخماد ثورة شعب اليونان، وهي التي عرفت باسم حرب المورة.. وفقد فيها محمد علي كل اسطوله البحري في معركة نفارين البحرية وهكذا.. كان محمد علي يسرع بتنفيذ أوامر سلطانه العثماني. ** ولكن عندما تعارضت أحلام محمد علي مع رغبات السلطان العثماني تمرد محمد علي وجهز الجيوش وانشأ الأساطيل الحربية وأرسلها الي الشام وفلسطين ليجبر هذا السلطان علي الوفاء بوعوده لمحمد علي.. واحتلت جيوش مصر فلسطين وفي مقدمتها عكا التي عجز بونابرت عن احتلالها.. وتوغل في كل مدن سوريا وفي مقدمتها دمشق.. حتي وصلت قواته الي جبال طوروس التي تفصل بين اللسان العربي جنوبها.. وللسان التركي شمالها.. وأجبر محمد علي من خلال قواته وانتصاراته العسكرية السلطان العثماني علي توقيع الاتفاقيات.. ** ولكن السلطان العثماني وبايعاز من أوربا «انجلتراوبروسيا«المانيا» والنمسا وايطاليا وفرنسا.. وأيضا روسيا حاول التملص من هذه الاتفاقيات.. فتجددت الحرب بين مصر بقيادة محمد علي «المتمرد الأكبر» وجيوش ابنه المنتصر دائما ابراهيم باشا.. واشتبك الجيش المصري بالجيش العثماني «جيش السلطان» وعبرت القوات المصرية جبال طوروس ونجحت جيوش مصر في تمزيق الجيش العثماني الذي كان يدربه الجنرالات الألمان.. وتقدمت جيوش مصر نحو اسطانبول عاصمة الدولة العثمانية، أي الاستانة.. وعندما أصبحت قوات مصر قرب أبواب العاصمة الاستانة.. خشيت دول أوربا من سقوط دولة الخلافة العثمانية وتحل محلها دولة جديدة قوية فتية هي مصر وهذا سيقضي علي أحلام أوربا.. هنا تدخلت دول أوربا وأرسلت أساطيلها لتتصدي لقوات محمد علي التي يقودها ابنه ابراهيم وأرغمته علي الانسحاب من تركيا.. ومن الشام.. علي أن يتم تثبيت محمد علي حاكماً لمصر وأيضا للشام علي أن يظل حكم مصر بعد ذلك وراثياً في أسرة محمد علي من بعده.. خصوصاً بعد أن مات السلطان العثماني كمداً بعد كل هذه الهزائم.. وبعد أن قاد الاسطول البحري العثماني هذا الأسطول وانطلق به إلي الاسكندرية ليسلمه الي محمد علي. ** وضمنت معاهدة لندن عام 1840 لمحمد علي ولأسرته أن يحكم مصر.. ليتفرغ لاستكمال مشروعه الحضاري لتحديث مصر وتحويلها إلي دولة عصرية صناعية. زراعية. تجارية. ثقافية ويجعلها دولة هي الأقوي في كل حوض البحر المتوسط. ** وهكذا نجح تمرد محمد علي في انشاء دولة مصر الحديثة ولولا هذا «التمرد» لبقيت مصر ولاية عثمانية تدفع الجزية للسلطان والخليفة العثماني.. وظلت أسرة محمد علي هذه تحكم مصر 148 عاماً إلي أن قامت ثورة يوليو 1952 وأعلنت الجمهورية في يونية 1953. ** أليست حركة تمرد محمد علي.. صاحبة خير علي مصر وعلي كل المصريين؟! وغداً نواصل حديثنا عن حركات تمرد نجحت وطورت شعوبها.