جدل كبير بدأ يعرف طريقه أثناء إجراء التعديل فى حكومة المهندس شريف إسماعيل مؤخرا بسبب رفض البعض تقلد الحقائب الوزارية لخشيتهم التعرض للمسئولية بشكل مباشر وهو ما دفع النائب أحمد حلمى الشريف لتأكيد أنه يعد مشروع قانون لتحصين الوزراء ليسهل من عملهم. يستهدف القانون حماية الوزراء من القرارات التقديرية التى يتخذونها وقد تتسبب فى إلقاء المسئولية القانونية عليهم عقب خروجهم من الوزارة وهو ما اعتبره البعض بابا جديدا لفتح شبهة الفساد بسبب إمكانية إهدار المال العام. وكان النائب أحمد حلمى الشريف وكيل اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب قد أكد أن الغرض من القانون هو حماية الوزراء من الأيدى المرتعشة التى تعرقل إصدار القرارات خشية المحاسبة فى المستقبل ومدى توفر حسن النية فى إصدار القرار، أم أن هناك إضرارا عمديا بالمال العام الذى تجرمه مواد قانون العقوبات. ولم تتضح الصورة التى سيجرى الفصل فيها بين القرار الصادر من الوزير أو المسئول وهل هو حسن النية أم أنه تعمد الإضرار بالمال العام أو التربح من ورائه بأى صورة من الصور وأى المعايير التى سيجرى الاستناد إليها فى تقييم الموقف. ويهدف القانون فى النهاية إلى حماية الوزير أو المسئول من السجن أو الإدانة عقب خروجه من موقع المسئولية بحيث يضمن له عدم ملاحقته بسبب قرار اتخذه أثناء تقلده للمنصب. • دروس السنين خلال الحكومات المتعاقبة قبل ثورة يناير ظهر ما يسمى بالخصخصة وسياسات الإصلاح الاقتصادى وهو ما فتح الباب أمام بيع الكثير من الشركات المملوكة للشعب المصرى بحجة ضخ أموال جديدة فيها وفتح الطريق أمام القطاع الخاص لاتخاذ قرارات تستهدف تنميتها بعيدا عن البيروقراطية والخسائر المتعاقبة التى تحيط بها وتوسع الوزراء فى بيع وتخصيص الشركات والأراضى وعاد الكثير منها أيضا إلى أحضان الدولة بعدما ظهر عدم صحة الإجراء وهو ما أضاع على الشعب الكثير من الأموال وليت المصانع والشركات عادت بالصورة التى كانت عليها بل كان أغلبها قد تهالك. وعلى سبيل المثال فإن هناك الكثير من الشركات التى جرى بيعها إلى مستثمرين وظهر بعد ذلك مدى الإهدار الشديد فى الأموال بداية من شركة المراجل البخارية التى جرى محو معالمها وتحويل الأفدنة التى أقيمت عليها إلى مبانِ سكنية مستغلين وقوع الأراضى على النيل مباشرة فى منطقة منيل شيحة ومرورا بشركة طنطا للكتان التى اشتراها أحد المستثمرين العرب بما يقرب من 80 مليون جنيه وحين عادت الشركة إلى أحضان الشعب بحكم من القضاء طلب ما يقرب من مليار جنيه ثمنا لتخليه عنها وهو فى رأيه السعر العادل لها رغم أن الفترة بين بيع الشركة واستردادها تصل إلى سبع سنوات فقط. كما كانت قضية إحدى الشركات الكويتية التى حصلت على 26 ألف فدان فى العياط مقابل 200 جنيه للفدان من أجل استصلاحها فى عام 2002 وسرعان ما قامت الشركة ببيع الأراضى من تلقاء نفسها لمستثمرين عرب وتربحت من ورائها وتحويل بعضها إلى أراض سكنية وهو ما أضاع على الدولة عشرات المليارات ومؤخرا يجرى إجراء تسوية كاملة للموقف فى واقعة استمرت 15 عاما ولولا هذا القرار لما خرجت الأراضى من أحضان الدولة. كل هذه مجرد عينات لعشرات من القضايا ووقائع إهدار المال العام التى جرت فى السنوات الماضية خاصة قبل ثورة يناير وإذا ما فتحنا للمسئول أو الوزير الباب على مصراعيه لاتخاذ القرارات التقديرية من وجهة نظره ثم قررنا حمايته بقانون فقد يفتح ذلك الباب لشبهات كثيرة خاصة فى القرارات التى تصدر بالأمر المباشر دون إجراء مناقصات أو مزايدات. • رفض أكد النائب محمد العتمانى عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب أنه يرفض فكرة تحصين قرارات الوزراء بقانون يحميهم لأنه قد يفتح الباب أمام الفساد فضلا عن وجود نصوص قانونية تلاحق الوزير إذا ما أفسد أو أضر عمدا بالمال العام. وأوضح العتمانى أنه ضد تحصين أى قرارات صادرة من الوزير بصفته قد تعيق أى تحرك من أجل مراقبتهم وفقا للقانون وملاحقتهم إذا اقتضى الأمر.. فالمسئول يجب أن يدرك خطورة ما يتخذه من إجراءات وقرارات قبل التوقيع عليها. ورفض العتمانى ما يسمى بالقرارات التقديرية للوزراء لأن المسئول يتخذ القرار بعد دراسة متأنية وقراءة للقانون كى يحمى أموال الشعب من الإهدار ويسترشد برأى الخبراء فى هذا المجال وعلى سبيل المثال لا الحصر إذا قام أحد المسئولين بإسناد مشروع بالأمر المباشر دون اتباع الإجراءات القانونية اللازمة فما هو نطاق المسئولية للوزير أو المسئول وفقا للقانون الذى يجرى إعداده بشأن تحصين قرارات الوزراء وهل سيحميه من عواقب هذا الإجراء إذا ما اتضح أن هناك عرضا من مستفيد آخر بشروط أفضل وتكلفة أقل؟.. ومن الذى سيقرر إذا كان المسئول لم يقصد الإضرار العمدى بالمال العام. كما انتقد النائب أحمد الطنطاوى عضو لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب اتجاه البعض لمناقشة قوانين تبتعد عن حاجة المواطن الأساسية والضرورة الملحة التى يجب أن تدفع إلى مزيد من إصدار تشريعات تحسن من حياة المواطنين.. وأضاف الطنطاوى أن قانون تحصين الوزراء ضد قراراتهم مخالف تماما للدستور الذى ينص فيه على أن من أخطأ عليه أن يحصل على العقاب الذى يتناسب مع حجم الجرم المرتكب. واستكمل الطنطاوى حديثه بأن تحصين الوزراء ضد القرارات التى يتخذونها ترفضه المبادئ القانونية المستقر عليها، إضافة إلى الدستور والعقل والمنطق ويجافى الصالح العام. • جدل ومن جهته، أكد خالد شعبان عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب أن قرارات الوزراء هى فى الأصل قرارات إدارية تخضع لرقابة مجلس الدولة والقضاء الإدارى بصفة عامة ويجوز لهم وفقا للقانون إلغاؤها أو السماح باستمرار أثرها القانونى وفقا لما يظهر من الأوراق المقدمة من الدعاوى. وأضاف شعبان: القانون سيتسبب فى حالة من الجدل وقد تلاحقه شبهة عدم الدستورية فى بعض نصوصه لأنه سيحمى المسئول من الملاحقة إذا ما اتخذ قرارا جرى الكشف عنه فيما بعد أنه يضر بالمال العام. وطالب محمد بدوى دسوقى عضو لجنة النقل بمجلس النواب الوزراء بعرض قراراتهم المهمة على مجلس النواب من أجل مناقشتها من مختلف جوانبها فى اللجان المختصة بذلك كى يضمن الوزير أن قراره يتوافق مع صحيح القانون ويحصل على دعم واضح من مجلس النواب. وأوضح دسوقى أن منح الوزير الحرية الكاملة فى اتخاذ القرارات التقديرية ثم إصدار قانون يمنع ملاحقته عقب خروجه من منصبه أمر غير صحيح أو متعارف عليه. •