تعرف على حدود التحويلات عبر تطبيق انستاباي خلال إجازة العيد    محافظ المنيا: حملات مستمرة على مجازر خلال أيام عيد الأضحى    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    الأمين العام للأمم المتحدة يدعو إلى وقف تخريب الأرض    مسؤول إسرائيلي يعلق على مصير عشرات الرهائن في غزة    مسئول في الموساد يعكس "صورة قاتمة" حول صفقة التبادل مع حماس    نائب لبناني عن كتلة الوفاء: المقاومة لا تخضع للتهديد وهي مستعدة لكل الاحتمالات    سرايا القدس تعرض مشاهد لقصف عناصرها جنودا وآليات عسكرية إسرائيلية في رفح    إصابة دموية ل مبابي في افتتاح مشوار فرنسا باليورو (صور)    عملية جراحية بانتظاره.. تفاصيل إصابة مبابي في مباراة فرنسا والنمسا    وفاة أول حاج من الوادي الجديد خلال أداء مناسك الحج    حريق يلتهم مقلة لب بطنطا في ثاني أيام عيد الأضحى (صور)    مفاجأة عن الحالة الصحية للطيار المصري قبل وفاته، والشركة تبرر تصرف مساعده    «قضايا الدولة» تهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عودته بعد أداء فريضة الحج    وفاة والد عمرو أدهم عضو مجلس إدارة نادي الزمالك    أحمد حلمي من كواليس "ميمو" ونيللي كريم في طريقها للسعودية ..10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    هيئة الدواء المصرية تسحب عقارا شهيرا من الصيدليات.. ما هو؟    8 أعراض تظهر على الحجاج بعد أداء المناسك لا تقلق منها    عاجل.. لجنة الحكام تكشف عن 4 أخطاء لحكم مباراة الزمالك والمصري    صدمة في فرنسا.. مبابي يخضع لجراحة عاجلة    الأرز ب 34 والسكر 37 جنيهًا.. أسعار السلع الأساسية بالأسواق في ثالث أيام عيد الأضحى الثلاثاء 18 يونيو 2024    محمود فوزي السيد: عادل إمام يقدر قيمة الموسيقى التصويرية في أفلامه (فيديو)    عبد الله غلوش لصاحبة السعادة: عادل إمام مثقف ومتطور ويتحدث بمصطلحات الشارع    عبدالحليم قنديل ل"الشاهد": طرحت فكرة البرلمان البديل وكتبت بيان الدعوة ل25 يناير    إسماعيل فرغلي: ربنا كرمني بعد مرارة سنوات.. وعشت ظروف صعبة لا تنسى    «الأزهر» يوضح آخر موعد لذبح الأضحية.. الفرصة الأخيرة    مرشحو انتخابات الرئاسة الإيرانية فى أول مناظرة يدعون لحذف الدولار.. ويؤكدون: العقوبات أثرت على اقتصادنا.. النفط يُهدر بنسبة 17% والتضخم تجاوز 40%.. ومرشح إصلاحي يعترف: عُملتنا تتدهور والنخب تهرب والوضع يسوء    الزمالك يهدد بمنتهى القوة.. ماهو أول رد فعل بعد بيان حسين لبيب؟    تراجع سعر سبيكة الذهب اليوم واستقرار عيار 21 الآن ثالث أيام العيد الثلاثاء 18 يونيو 2024    من مشعر منى.. ولي العهد السعودي يوجه رسالة للعالم عن غزة    أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس يكشف السيناريوهات المتوقعة عقب حل مجلس الحرب الإسرائيلي (فيديو)    في ثالث أيام العيد.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر ودرجات الحرارة المتوقعة    وفاة 10 حجاج من أبناء كفر الشيخ خلال أداء مناسك الحج.. اعرف التفاصيل    بيان عاجل من وزارة السياحة بشأن شكاوى الحجاج خلال أداء المناسك    تعليق عاجل من الخارجية الأمريكية بشأن قرار نتنياهو بحل مجلس الحرب الإسرائيلي    بعد الارتفاع الأخير.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 18 يونيو في ثالث أيام العيد    وزراء البيئة بالاتحاد الأوروبي يوافقون على قانون استعادة الطبيعة    «حضر اغتيال السادات».. إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل جديدة عن حياته الخاصة    تهنئة إيبارشية ملوي بعيد الأضحى المبارك    االأنبا عمانوئيل يقدم التهنئة بعيد الأضحى المبارك لشيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب    عاجل.. أميرة نايف تعلن وفاة والدتها: «اللهم ارحم موتانا»    مصطفى عمار: عادل إمام سفير فوق العادة للكوميديا المصرية في الوطن العربي    بعد الفوز على الزمالك| لاعبو المصري راحة    لسبب جسدي.. أنس جابر تعلن غيابها عن أولمبياد باريس 2024    البطريرك يزور كاتدرائية السيّدة العذراء في مدينة ستراسبورغ – فرنسا    التحقيق مع حداد مسلح أشعل النيران في زوجته بسبب خلافات بينهما بالعاشر    قائمة الاتحاد السكندرى لمواجهة الأهلى.. غياب مابولولو وميسى    شقق التضامن الاجتماعي.. تفاصيل تسليم 1023 وحدة سكنية ب 400 مليون جنيه    وكيل «صحة الشرقية» يقرر نقل 8 من العاملين بمستشفى ههيا لتغيبهم عن العمل    الإفتاء توضح حكم طواف الوداع على مختلف المذاهب    مشروع الضبعة.. تفاصيل لقاء وزير التعليم العالي بنائب مدير مؤسسة "الروس آتوم" في التكنولوجيا النووية    شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    إطلاق مبادرة «الأب القدوة» في المنوفية.. اعرف الشروط    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    ثاني أيام عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل كباب الحلة بالصوص    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قلبها قوقعة من الحزن والقسوة والجمال أيضاً

لا مفر من الحياة بالأنياب والمخالب، مادام الجوع يرقب الثراء بعيون الحسد والغيرة، وفى نيويورك يقدم لك الجوع والثراء خوفا لا نهائيا وبالمجان.. كانت تلك مشاعرى فى اليوم الأول لى بنيويورك فى ذلك العام القديم الذى أنهى تربع ممثل ردىء اسمه دونالد ريجان على عرش البيت الأبيض
أضاءت شمس خجول على رؤوس أشجار قرية صغيرة بجانب نيويورك. الشتاء فى نيويورك قاسٍ كأنه مخالب إلكترونية تنغرز فى الجسم بمجرد رؤية الثلج. التليفزيون يعلن نهاية أطول دور تمثيلى قام به ممثل نصف لامع: أعلن التليفزيون نهاية عصر حكم ريجان.. القوة الغاشمة هى كل ما مارسه ريجان خلال ثمانى سنوات. حروب متصلة تحت الأرض وفوق الأرض. والرجل لا يسمع نهايات الكلمات لأن الشيخوخة أكلت قدرات أذنيه على فهم الكلمات. ومع ذلك لا بد من نصف ساعة من الماكياج قبل أن يبدأ أىّ عمل فى الصباح.

ومن القتل فى أمريكا اللاتينية إلى صيحات الحرية القادمة من فلسطين، إلى محاولة التدخل فى لبنان، إلى شغل الشعوب الفقيرة بوهم الديمقراطية، إلى التأكد من أن العالم يسبّح بالمجد الأمريكى، إلى تبادل الخبرة مع غرب أوروبا فى بيع قطع الحديد المسمّاة أسلحة إلى الدول الفقيرة علميا بغرض استنزاف ثرواتها، إلى محاولة صياغة علاقات جديدة من العبودية بين شعوب العالم وثلاث مجموعات من دول كبرى هى شعوب السادة.

كل ذلك كان يجرى على قدم وساق منذ أن تولى ريجان الحكم من كارتر.. شعوب العالم كلها تعانى.. شعوب أوروبا الشرقيّة تعانى من ضغط روسى غير مرئىّ.. وشعوب إفريقيا وبعض من آسيا تعانى من ضغوط غير مرئية من أوروبا الغربية بدعوى قروض البنك الدولى وقرارات صندوق النقد الدولى.. وقرارات صندوق النقد الدولى تؤخذ أولاً بواسطة الأمريكيين، ثم يتمّ تنفيذها باسم شعوب العالم ضد شعوب العالم الثالث.. وتعب الممثل نصف المشهور المسمّى رونالد ريجان من الدور. وقامت مجموعات التجسس والضغوط وأبطال مأساة استغلال الإنسان للإنسان بتغيير شخصية الممثل.. دارت رحلة البحث عن بديل للممثل نصف المشهور فلم يجدوا إلا جورج بوش الأب.. جسد أمريكا منهك خلال خمسة وأربعين عاماً من الحروب، فمنذ أن دخلت أمريكا الحرب العالمية الثانية ولها جنود يواجهون احتمال الموت فى مكان ما من العالم. وأطلّت على أمريكا أمراض اجتماعية غاية فى القسوة. فما دام الدولار هو السيد وهو الأمل، فنصف الشعب الأمريكى يحتجّ احتجاجاً صامتاً وغير مرئى. نصف الشعب الأمريكى يعالج من الأمراض النفسية. وهناك ثلاث حالات طلاق بين كل أربع زيجات تتمّ، والآلات تقود البشر كأنها كرابيج قاسية.

وعلى رنين التليفون بجانب السرير جاءنى صوت فاطيما التركية الحسناء التى التقيت بها فى الطائرة عبر الأطلنطى.

قالت: نصف نائم أنت؟

قلت: التأمل يقظة كاملة، وهذا أول نهار لى فى نيويورك؟

قالت: أنت تشغل نفسك بأفكار كثيرة، لماذا لا تستمتع بحياتك وأنت فى أمريكا؟

قلت: أهذه دعوة للقياك، على أساس أن كل امرأة فى هذا العالم تعتبر نفسها جوهر الحياة؟

ضحكت: ليس تماماً. أنا لست الحياة كلها، أنا أعرف ذلك. ولكنى أشعر بالألفة معك.

قلت: شرقية المزاج أنت أيضاً؟

قالت: لا داعى أن تعيّرنى بالحنين إليك.

قلت: هذا مطبّ عاطفى مطلوب منى أن أقع فيه.

ضحكت مواصلة الهجوم: لقد تقدَّمت المرأة التى تحيا فى أمريكا فى مجالات متعددة لعل أهمها هو اصطياد الرجل الذى تميل إليه لتكتشفه إلى آخر مدى.

قلت: لكنك ستعانين من نزق طفل-هو أنا- قد يبحث تحت جلدك عن امرأة أخرى. صدِّقينى لست أنا الرجل الذى يمكن أن تستريح معه امرأة مثلك، فمشاعرى عارمة فى اتجاه واحد، اتجاه امرأة غابت عنى، فأظلمت روحى. أنا رجل احترق لمرة واحدة وإلى الأبد فى قصة حب واحدة. وما بقى منى هو رماد.

قالت فاطيما: أنت بذلك تحرك فى أعماقى شجن الأمومة فأدخل معك إلى مباريات إعادة ميلادك. دعنا من كل هذا الكلام. إلى أين ستخرج هذا الصباح؟

قلت : من عادتى أن أظل خائفاً من المدن الكبرى إلى أن يقودنى أحد إليها. أنا خائف من نيويورك ولا أعلم من الذى يقودنى فيها.

أخذت فاطيما منى العنوان. بدأت فى ارتداء ملابسى. دقّ بوق سيارتها أمام المنزل الذى أقيم فيه ضيفاً على صديق عمرى د.فؤاد بشاى أستاذ جراحة التجميل فى جامعة نيويورك. فاجأنى البرد النيويوركى. أعدت النظر إليها من جديد. أنوثتها تطلّ من خلال البالطو الفخم.

قلت لها وهى تقبّلنى على خدّى: لم أتعوّد مثل هذا الجوّ المثلج والملىء بحرارتك فى آن واحد.

ورغم أن الجميلة بجانبى، إلا أن البؤس كان يحيط بالسيارة الجميلة فور أن لمسنا الشوارع الملاصقة لنيويورك. فنيويورك محاطة ببيوت محترقة، أشعلها أصحابها الأمريكيون السود احتجاجاً على سوء الحال. ولكن لا أحد يهتم بهم، فماداموا قد أحرقوا بيوتهم فليتحمّلوا المسئولية. والأمريكيون السود الأفارقة وبعض من البيض الفقراء يتحمّلون فعلاً نيابة عن أمريكا مسئولية إدارة حياتهم بشكل يزعج أمريكا. وإلا فبماذا نفسّر هذا التسليح الخفيف بالسكّين الآلى الذى يوجد فى جيب كل أسود فقير؟ وبماذا نفسّر هذا الحادث اليومى المتكرّر فى أيّة ضاحية من ضواحى نيويورك حيث تهاجم مجموعة من الشبان البيض الفقراء بيوتَ السكان الأثرياء قليلاً، ويتمّ تقييد أهل المنزل وسرقة كل ما خفّ وزنه وغلا ثمنه؟ فى الليلة السابقة كانت كلمات الواقع الأمريكى على لسان د. فؤاد بشاى تصل إلى أذنى: نعم، هاجموا بيتى فى غيابى. أخذوا بعض التحف. وأخذوا عدداً لا بأس به من طوابع البريد ذات القيمة العالية، وبحثوا عن مجوهرات زوجتى فلم يجدوها لسبب بسيط، وهو أن زوجتى رغم أنها طبيبة، إلا أنها فلاحة مصرية كانت تضع مجوهراتها فى أكواب من الماء وأغرقت هذه المجوهرات بالماء، ووضعت تلك الأكواب فى «الديب فريزر». وهكذا أنقذت زوجتى مجوهراتها. أما عن نفسى فقد وقفت وسط البيت لأقول بصوت واضح: يمكنك أن تخرج أيها اللص سالماً، فشركة التأمين ستقوم نيابة عنك بتعويضى عما ستأخذه.


طبعاً لم أفكر فى مقاومة اللص، لأنى لا أريد أن ألتقى طعنة سكين أو رصاصة. كما أننى لن أخسر شيئاً، فشركة التأمين على المنازل ضد السرقة والحريق تأخذ منى قسطاً سنويًّاً لتعوّضنى عن أىّ شىء يضيع.

قلت للدكتور فؤاد: وهل شركة التأمين تدفع ثمن طوابع البريد الغالية الثمن؟ إنها تبلغ فى القيمة عشرات الآلاف من الدولارات.

ضحك الدكتور فؤاد وقال: إن كل طابع بريد عندى مسجّل برقم إصداره وتاريخه. وهو سيعود لى لأنى لم أؤمّن على طوابع البريد بأثمانها أو قيمتها إنما قمت بالتأمين عليها هى، أى أن الشركة التأمينية ستُرجع لى هذه الطوابع نفسها.

أقول للدكتور فؤاد: هل ستضطر شركات التأمين إلى اللجوء إلى اللصوص لشراء هذه الطوابع نفسها حتى تعود إليك؟

قال الدكتور فؤاد: إنهم يلجأون إلى ذلك الطريق أحياناً.

قالت فاطيما: أنت بجانبى ساكن ساكت. نحن لم نتزوج بعد حتى يمكن أن أقود أنا السيارة وتقود أنت نفسك إلى الصمت.

ضحكتُ بصوت عال لأقول: هل وصل بك الأمر إلى التفكير فى الزواج؟ نحن لم نلتقِ إلا منذ أربع وعشرين ساعة فقط.

ضحكت فاطيما لتقول: إن الألفة والاندهاش والحوار الذى يتسلل من تحت الجلد، والصفاء النفسى الذى يجمع اثنين من الغرباء، كل ذلك يدفع المرأة إلى الإحساس بأن هذا الرجل - أنت - يمكن أن يكون الاختيار الصواب لبقية العمر.

أقول: رغم كل ما تقولين ورغم أنوثتك الفارهة، فإن التوقيت خاطئ. فأنا أشعر بأنى أحيا فى غروب العمر. لقد اقتربت بعنف من الخمسين. ولا أظن أننى الرجل المناسب لبدايات جديدة عند الخمسين.

قالت فاطيما: لا تقل ذلك لأنى أشعر أنك مولود معى فى نفس اليوم وأنا فى الثالثة والثلاثين فقط.

ضحكت: أتمنى أن يزيد هذا الإحساس لتشعرى أننا توأم ومعنى ذلك أن زواجنا حرام، لأن الإخوة لا يتزوجون.

قالت: لكن إذا كنا إخوة من إسرائيل فلا مانع من التجربة الخاطئة بين الأخ وأخته، بل وبين الأب وابنته.

دُهشت إلى حد الهلع، وتساءلت وكأن جرحاً عميقاً أصاب روحى: هل ما تقولينه يا فاطيما حقيقى؟

قالت: وهل تتخيل أنى أخدعك؟ نعم. فى إسرائيل تعلو الآن محاكمة أكثر من أخ بتهمة التواصل الجسدى مع أخته، ووصل الأمر إلى حد أن هناك أمًّا كانت تساعد الزوج على ارتكاب الفعل الجسدى مع ابنته التى تبلغ الثامنة عشرة من عمرها. وتمّ الحكم على الأب والأم بالسجن لمدة ست سنوات بالسجن. والغريب أنهم أحضروا الفتاة إلى أمريكا للعلاج النفسى.


واعترفت الفتاة للأطباء النفسيين اعترافاً غاية فى القسوة. قالت الفتاة: إن هذه هى الوسيلة الوحيدة لإنجاب يهود أنقياء. وخرجت على التليفزيون الأمريكى تطلب من اليهود أن يمارسوا كل الأفعال اللائقة وغير اللائقة حتى ينجب اليهود أطفالاً أنقياء من سلالة راقية من الدم اليهودى.

قلت: وهل سمح «ريجان» بذلك؟ لقد رفع الإنجيل فى أوائل حكمه قائلاً: «هذا كتاب السماء وأنا حارس تطبيقه على الأرض». والتقاليد فى الديانة المسيحية حادّة جدا فى العلاقات الجسدية.وأعتقد أن لعبة ديمقراطية الإعلام مسألة محكومة للغاية فى أمريكا بما لا يسمح بنشر مثل هذه الحكايات !!

قالت فاطيما: أنت تتخيل أن رئيس أمريكا يحكم أمريكا، أو يوجّه كلَّ شىء داخل الولايات المتحدة، هذا ظن خاطئ. إنه رئيس أمريكى فى مواجهة الخارج. نحن فى تركيا نصدّق أنه رئيس أكبر دولة فى العالم، وكَلِمَتُه واجبة النفاذ فى أىّ مكان فى العالم إلا داخل أمريكا. إنه يستطيع أن يمنح صكوك الإدانة لدول الشرق الأوسط، ويستطيع أن يتغنى بالدفاع عن حقوق الإنسان فى أى مكان يرغب أن يهاجمه، ويمكنه أن يرفع صوته للدفاع عن قتل الفلسطينيين بالجملة فى سجون إسرائيل، ويمكنه أن يرقب بنصف عين العلاقة العاطفية الحارة بين «أوليفر نورث» ذلك العقيد الصغير السن فى المخابرات الأمريكية وبين سكرتيره ويمنحه لقب البطل القومى. وفى نفس الوقت يخرج على شاشة التليفزيون زعيم الشاذّين جنسياً ليطالب بحق كل الشاذّين فى عقد الزواج الرسمى بين الرجل والرجل وفى الكنيسة. وعندما يقولون له: «لماذا تطلب ذلك؟» فهو يقول بمنتهى البراءة: «أليس من حقى أن أحمى صديقى من الإيدز؟ إننى إن لم أوفّر له حياة لائقة وزواجاً معترفاً به من الكنيسة، فسيظن أن ما نفعله حرام». وعندما يقولون له: «ولكن المسيحية تحرم الشذوذ» يقول: «ولماذا تريدون إلزامى بتعاليم رجل عاش منذ عشرين قرناً هو السيد المسيح؟» فيقولون له: «ولكنك تطلب الزواج فى الكنيسة. وهذا معناه أنك تقبل الرضوخ لتعاليم المسيح». فيقول: «لا.. إن الكنيسة ليست هى بيت المسيح. إنها بيت اجتماعى يؤدى وظيفة اعتراف كل إنسان بما يفعله لإنسان آخر. وإلا فبماذا نفسّر إقامة حفلات جاز فى الكنيسة؟» فيقولون له: «حفلات الجاز ليست فى مثل إباحة زواج رجل برجل». ولكن زعيم الشاذين جنسيا لا يقتنع.. كانت تحكى فأنا أسمع باندهاش شديد. نعم أمريكا بلد العجائب فعلاً.

سألت فاطيما: ولكن إلى أين تقودين عربتك وإلى أين سنذهب؟

ضحكت: لولا أننى أعرف أنك صحفى لخطفتك لمدة أربعة أيام فى فندق صغير خارج نيويورك ليمتزج تاريخى بتاريخك، وحتى أعرف هل يمكن لامرأة أن تروّض رجلاً يعجبها أم لا؟

قلت: دعينى أقول أنى سعيد جداً لمحاولتك للتغرير بى ومحاولتك لاختطافى، على الأقل حتى أشعر أننى كائن مرغوب فيه، ولست زائداً عن حاجة العالم. إن هذا الإحساس الذى تقدّمينه لىّ هو أرقى ما أحلم به. ودعينى أصارحك أننى أخشى دائماً من الحزن الغامر الذى يُغرق الروح بعد انتهاء التجربة العاطفية الطارئة. وحضارة الغرب كلها تقوم على الاندهاش بالبدايات. ولا تضع تصوّراً للنهايات. ولا يفرّق الإنسان بين البداية مهما كان جمالها، وبين النهاية مهما كان الحزن فيها. وعلى هذا الأساس أنا أميل إلى تطبيق القول النبوىِّ الشريف: «من حام حول الحِمَى يوشك أن يقع فيه. ألا إن لكل مَلِكٍ حِمى، وحِمى الله محارمه»، لذلك فأنا أضع هذا القول كرقيب عامّ على سلوكى الشخصى، فمن أنا حتى أقترب من حِمى الله، ومن أنا حتى أغرق فى خطأ لا أستطيع أن أتحمّل نتائجه؟

قالت : أعلم أننى لست المرأة التى يجرؤ رجل على رفض التجربة معها. ولذلك أصدقك. ولكن حتى بافتراض خطأ التجربة، فالمعاصى قد أوجدها الله حتى يرتكبها الإنسان، ويستغفر لها وعنها.

قلت: ولأنك تركية فلابد من وجود جذور من الإسلام فى قاع ضميرك، صحيح أنك خضت تجربة الزواج من رجل أسلم ظاهرياً فقط، وصحيح أيضاً أنك دفعت ثمن ذلك من ألم عظيم. لقد سرقتْ امرأة أخرى زوجك منك، وأغرقت الرجل فى المال كتعويض للطلاق، ولهذا فلنتفق على الصداقة العميقة.

ران الصمت بيننا وسمعتها تغنى بشجن.

قلت: أرى فى صوتك حزناً ما. كأن جنونك الشخصى جداً يقترب من جنونى الشخصى جداً وأعترف أننى أنا الذى بدأت رحلة اقتحام منطقة جنونك عندما ركبت معك الطائرة من باريس إلى نيويورك. وأعترف أيضاً أن هدفى لم يكن أكثر من تبديد إحساسى بالوحدة. وأعترف ثالثاً أنك غمرت قلبى بعواطف حقيقية. ولكنى أقول لك إننى أخشى بحر الحزن الذى يعقب زهوة الفرح ونشوته.

أوقفت فاطيما السيارة بجانب الطريق وقالت: لولا صِدْقُك لقلتُ لك غادِر السيارة الآن إلى الجحيم. لكنى أقول لك إننى أحسدك على هذا الكم من «التطهر الروحى». نحن هنا فى أمريكا لا نعرفه. نحن نعيش لحظة بلحظة ولهفة بلهفة. لذلك سأتمسك بصداقتك. نحن الآن سنذهب إلى قلب نيويورك حتى أدعوك إلى فنجان قهوة فى قلب المدينة.

قلت: لكنّا لسنا مسلَّحيْن، والنزول إلى قلب نيويورك يقتضى أن يحمل الإنسان سلاحاً.

قالت: إليك هذه الأنبوبة. إن وظيفتها الدفاع المؤقت، واسمها'' الرئيس الكبير»، وبها غاز يمكنك أن توجّهه إلى أنف مَن أمامك فيصيبه بالإغماء المؤقت لتهرب بجلدك من بعد ذلك.

قلت: ولماذا تحملين هذا «السلاح»؟

قالت: لا توجد امرأة عاقلة فى نيويورك لا تحمل هذا السلاح فى حقيبتها، بل وفى يدها.


أنت لا تعرف أن خطواتك فى شوارع نيويورك تستدعى منك اليقظة الكاملة، وإلا فأنت عُرضة للطعن بسكين لامع، وعُرضة لأن تنزف، لأنك هنا فى العاصمة السفلى من العالم. ففى «وول ستريت» توجد حكومة العالم الفعلية، هنا أصحاب البلايين، وهنا أيضاً الصعاليك. وإذا كانت أرقام البورصة العالمية هى التى تحدّد عدد الجوعى فى العالم، فلا أقلّ من أن تدفع نيويورك الثمن، والثمن هو أن تضمّ على أرضها كل أصناف التطرف. فهنا الجوعى، وهنا القتلة المحترفون، وهنا ملوك الدعارة، وملوك الكوكايين، وهنا تجار السلاح، وهنا أصحاب الشركات الكبرى التى تدير مصائر شعوب بأكملها. وعندما يتقارب الجوع من الثراء، فإن الكهرباء تحدث، والصواعق تهبط، ولا مفرّ من أن يعيش الإنسان بالمخالب.

وعليه أن يحتفظ بقلبه فى أقدامه. لكل ذلك، فالخوف هو الإحساس المجانى الذى تجده فى كل نيويورك. ولا مفرّ أمام المرأة إلا أن تحمى نفسها من أىّ حادث مفاجئ. ولذلك اخترعوا هذا الأنبوب الملىء بالغاز الذى يسبّب الإغماء.

قلت: إذن فهذا الغاز المخدِّر تحمله النساء فقط، فلماذا تعطيننى أنبوبة منه، هل تشكّين أننى رجل؟

وضحكت فاطيما تلك الضحكة الرقراقة، كأن صوتها يضمّ امرأة أخرى تعلن عن شجن أنوثتها فى هذه الضحكة، وقالت: أنت رجل أفكار. ورجال الأفكار يحتاجون إلى قوة مادية لتحميهم. فأنتم تكتبون عن الرجال الذين يطلقون الرصاص، والأمر المؤكد أن أغلبكم يخاف من ذبح فرخة. آخر من احترف فيكم إطلاق الرصاص هو «همينجواى»، وقد أطلق على نفسه الرصاص لأنه رأى أن هذا العالم مكان غير جدير بالإقامة فيه. ولذلك فليس أمامك سوى أن تحمل «الرئيس الكبير» وهو علبة الغاز المخدِّر.

وسمعنا صوتا صارخا «إنها الخديعة المتقنة». كان الصوت لرجل إيطالى فى وجه ابنته فى حىّ «القرية» فى قلب نيويورك، وكان يضربها بعنف. كانت الابنة فى السابعة والعشرين، وكان الأب فى حوالى الخامسة والخمسين. تجرأتُ ونزلتُ من السيارة واتجهت إليه وأمسكت يده بعنف قائلاً: من أنت حتى تضرب امرأة تصغرك يا رجل؟.. التفت إلىّ الرجل بحدّة، وارتاب قليلاً لأن لون ملابسى التى كنت أرتديها كان يوحى باحتمال أننى رجل بوليس. أدركت أن اللعبة ينتصر فيها من يدقق فى حدقتى الآخر جيداً. حدّقت فى عيْنى الرجل، فقال: لابدّ أنك لا تعرفها. إنها «رافيللا» ابنتى الجميلة. كانت معى فى باليرمو. نحن من صقلية يا رجل. واضح من ملامحك الشرقية أنك إيطالى مثلنا. هل تعرف لماذا جاءت ابنتى، مدرّسة الصفوف الثانوية، من باليرمو إلى أمريكا؟ أنا كنت مثلك أصدق أنها ستدرس فى الجامعة لتعمل فى الأمم المتحدة. هل تعلم ماذا تفعل هنا؟ إنها تدور حول رجل إيطالى مثلنا خدعها. وهى الآن حامل. لقد بعت بندقية أبى وحصانه حتى أشترى تذكرة طائرة وأحضر إلى هنا، ووقفت على باب سفارة أمريكا فى «فيا فينتو» بروما كأننى شحاذ. أحاط بى الغجر من فقراء روما يطلبون منى أن أعطيهم قليلا من الليرات. أحاط بى عدد من مشاة البحرية الأمريكية يريدون أن يطردونى من على باب السفارة. وبطلوع الروح أخذت تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة. وعندما هبطت إلى نيويورك كان كبير مدينتى باليرمو قد اتصل بأصدقائه فى نيويورك ليرشدونى إلى حيث تعيش ابنتى. لم تكن تدرس فى الجامعة، ولكنها تتصعلك مع ولد إيطالى لا تعجبه إيطاليا، ولا يريد أن يعيش فى صقلية، وهرب إلى أمريكا ليعمل فى التمثيل. إنه عبيط ووسيم، يظن أنه أكثر جمالاً من مارشيليو ماستيريانى، و أكثر كفاءة من أنتونى كوين. وهى تحمل ابنه فى أحشائها، وتخدم فى مغسلة بينما يبحث عن حظه فى برودواى. هل تنقصنى الفضائح فى آخر عمرى؟ إننى الآن أطلب منها أن تأتى معى إلى طبيب إيطالى هنا لنجرى لها عملية إجهاض تعود بعدها إلى إيطاليا، ولكنها ترفض، ولذلك أضربها.

قلت بحسم: إن ابنتك ليست نباتاً أو قطعة زجاج تهشّمها وقتما تريد. هل تعرف أنت ماذا يعنى الإجهاض؟ إن الطبيب يخدّر المريضة ويُدخل فى رحمها ملعقة اسمها ملعقة «كورتيف»، تماماً كما يحصل عند تفريغ الكوسى قبل حشوه بالأرزّ.

قال الرجل بهدوء:حسناً،فما دامت قد ملأت بطنها من حرام فلماذا لا تفرغه بألم؟

صرخت الابنة: لن أذهب معك إلى الطبيب.

وفوجئتُ بفاطيما تمسكنى من ذراعى لأعود إلى العربة، وتقول هامسة: أنت لن تحلّ مشاكل الكون... وأشارت إلى خمسة رجال يلتفّون حول الرجل والمرأة. قالت فاطيما: إن المافيا هى التى ستحلّ هذه المشكلة.. وأدارت السيارة لتتجه إلى اللاهدف. ثم قالت لى: إن المافيا تلتقط مثل هذه المشاكل لتستفيد منها، فهى التى قدّمت للرجل التذكرة من باليرمو إلى نيويورك، وهى ستدرس كيف تستفيد من علاقة هذا الممثل الإيطالى الشاب بهذه الفتاة. وآه لو أعجبت هذه الفتاةُ أحد كبار رجال المافيا، فستتحول فى غمضة عين إلى عشيقة بالإكراه. أما الطفل الذى فى بطنها فقد مات قبل أن يولد. فلماذا تتدخل أنت إذن؟

قلت بصوت واهٍ مكتوم: لعلنى أستطيع أن أكتب سؤالاً عن قضية حقوق الإنسان فى بلد يزعج العالم كله بحقوق الإنسان فى مؤتمر حقوق الإنسان القادم. إننى عضو فى جمعية حقوق الإنسان العالمية. ومن حقى أن أسأل أىّ سؤال أشاء.

قالت: إن أحداً لا يعترض على ما تفعله حكومات كثيرة تؤيد أمريكا فى سياستها. إننى لا أنسى هذا المخرج التركى الذى أذاقوه العذاب فى أواخر الستينيات لمجرد أنه أخرج صورة واقعية عن عذاب الحياة اليومية. أنت مسئول عن نفسك إلى أن يلمسك الخطر.. وأدارت فاطيما جهاز الراديو وكان يعلن عن عجز رجال التحقيق فى معرفة أسرار سقوط الطائرة الأمريكية فوق اسكتلندة وسيعرفون بعد قليل أن إسرائيل أو القذافى وراء إسقاط الطائرة .

قالت: إن إسرائيل لن تهدأ حتى تقنع العالم كله أن العرب هم الذين أسقطوا الطائرة، وقد تفخر كتب التاريخ بها فى المستقبل أنها أسقطت الطائرة وألصقت التهمة بالعرب.
قلت: ليس المهم من يلصق التهمة. ولكن المهم أن العالم كله لم يعد يصدق إسرائيل. بل إن أمريكا نفسها كادت تفقد مصداقيتها أمام العالم عندما ظلت لأيام ترفض الحوار مع منظمة التحرير. وأتصور أن أمريكا قبلت فكرة الحوار لأنها، للمرة الأولى، ترى نفسها مجرد بلد يقع خلف الأطلنطى، وأن العالم كله مشغول بقضية جادّة هى خطاب ياسر عرفات فى جنيف. إن الرجل كان يحمل غصن زيتون ليحمى به دماء الأطفال من أن تهدرها الأسلحة الأمريكية. ولا أظن أن حسابات الساسة فى واشنطن تنسى ثلاثة مواقف للعرب: الموقف الأول لعبد الناصر الذى رفض أن يبيع بلده تحت وهم الأحلاف العسكرية.. والموقف الثانى لفيصل بن عبد العزيز عندما قفز فوق كل المشاكل وساند مصر بقوّة أثناء حرب أكتوبر، وطلب من كيسنجر أن يبلغ حكومته أنه سوف يصلّى فى المسجد الأقصى بعد تحريره.. والموقف الثالث هو عزلة أمريكا حين خطب ياسر عرفات أمام الأمم المتحدة فى جنيف.

قالت: أنت تفكر بمنطق أبناء الدول الصغيرة عندما يعايرون الأقوى منهم بأهميتهم. ألم تطرد يوماً موظفاً من العمل تحت قيادتك فقال لك «لا تنسَ أننى فعلت لك كذا وكذا وكذا؟». هذا هو حالك مع أمريكا.

قلت: هل تريدين أن تعرفى سرًّا خاصًّا عنى؟ إننى لم أطرد فى حياتى أحداً يعمل معى. قمت فقط بفصل صحفى يعمل تحت التمرين بعد أن قام بنقل تحقيق صحفى قديم، وقدّمه لى. وقرأت هذا التحقيق. وعرفت بإلهام خاص لا أعرف سبباً له أنه منقول. ومنعته من العمل فى المجلة التى أعمل فيها. وقمت أيضاً بالبحث عن عمل له فى بنك لأنه درس فى كلية التجارة.

قالت فاطيما: ولماذا لم تفصل طباخاً أو مربية أطفال من بيتك؟ أنا أعلم أنكم أكثر بلاد العالم استيراداً للطباخين ومربيات الأطفال من سريلانكا والفلبين.

قلت لفاطيما: أنا كاتب عربى أعيش فى القاهرة. وعندما قامت ثورة 23 يوليو 1952 كان ذلك إيذاناً بانتهاء عصر الخدم فى البيوت. فمعظم الناس نال حق العلم وحق العمل بأجر واضح. والذين عملوا كخدم من بعد الثورة هم فى غالبيتهم مَن كانوا يعملون فى هذه المهن من قبلها.
قالت فاطيما: ولكنى عندما زرت لندن أكثر من مرة كان الشبان المصريون يعملون فى غسل الأطباق فى المطاعم.

قلت: لعلك تعرفين أن ثورة فى الاستهلاك قد قامت لتحرق أَثَرَ كرامة العمل فى كل العالم بعد حرب 1973 بعامين تقريباً. لقد تقدمت صناعة المعدات الكهربية والملابس. وكل من امتلك القدرة على استخراج جواز سفر عرف أن العدل الاجتماعى بدأ فى الغياب بعد موت عبد الناصر، لذلك سافر الشبان ليعملوا فى غسل الصحون فى بريطانيا وفى مزارع العنب فى فرنسا وفى بيع الجرائد فى النمسا. وكما سافر الكثير من المصريين، كذلك سافر كثير من الأتراك للقيام بمثل هذه الأعمال.

قالت: أمريكا تصرف للكون أسلوب حياة مدنس ونجس ولكن الجميع يشتاقون إليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.