سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    "ارتفع 140جنيه".. سعر الذهب بختام تعاملات الأمس    "فيتش" تغير نظرتها المستقبلية لتصنيف مصر الائتماني إلى إيجابية    إسكان البرلمان تعلن موعد تقديم طلبات التصالح في مخالفات البناء    شهيد وعدد من الإصابات جراء قصف شقة سكنية بحي الجنينة شرق رفح الفلسطينية    مفاجآت في تشكيل الأهلي المتوقع أمام الجونة    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    حار نهاراً معتدل ليلاً.. حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    «صلت الفجر وقطعتها».. اعترافات مثيرة لقاتلة عجوز الفيوم من أجل سرقتها    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    آمال ماهر تغني بحضور 5000 مشاهد بأول حفلاتها بالسعودية    «من الأقل إلى الأكثر حظا».. توقعات الأبراج اليوم السبت 4 مايو 2024    فوبيا وأزمة نفسية.. هيثم نبيل يكشف سبب ابتعاده عن الغناء السنوات الماضية    وفاة الإذاعي أحمد أبو السعود رئيس شبكة الإذاعات الإقليمية الأسبق.. تعرف على موعد تشييع جثمانه    محمد سلماوي يوقع كتابه «الأعمال السردية الكاملة» في جناح مصر بمعرض أبو ظبي    المتحدة تنعى الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    التموين تشن حملات لضبط الأسعار في القليوبية    لندن تتوقع بدء عمليات ترحيل اللاجئين إلى رواندا في يوليو المقبل    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    بركات: شخصية زد لم تظهر أمام المقاولون.. ومعجب بهذا اللاعب    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    سيول وفيضانات تغمر ولاية أمريكية، ومسؤولون: الوضع "مهدد للحياة" (فيديو)    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    مراقبون: صحوات (اتحاد القبائل العربية) تشكيل مسلح يخرق الدستور    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    سيدات سلة الأهلي| فريدة وائل: حققنا كأس مصر عن جدارة    ملف يلا كورة.. اكتمال مجموعة مصر في باريس.. غيابات القطبين.. وتأزم موقف شيكابالا    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    استقرار سعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق في بداية الأسبوع السبت 4 مايو 2024    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء في بداية الأسبوع السبت 4 مايو 2024    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    "والديه كلمة السر".. كشف لغز العثور على جثة شاب مدفونًا بجوار منزله بالبحيرة    مصرع طفلين إثر حادث دهس في طريق أوتوستراد حلوان    احتراق فدان قمح.. ونفوق 6 رؤوس ماشية بأسيوط    أمن القليوبية يضبط «القط» قاتل فتاة شبرا الخيمة    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    حسين هريدي ل«الشاهد»: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول رفح متعلق بطريقة الاجتياح    شيرين عبد الوهاب : النهاردة أنا صوت الكويت    السودان وتشاد.. كيف عكرت الحرب صفو العلاقات بين الخرطوم ونجامينا؟ قراءة    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    تصريح دخول وأبشر .. تحذير من السعودية قبل موسم الحج 2024 | تفاصيل    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    فريق طبي يستخرج مصباحا كهربائيا من رئة طفل    حسام موافي يوجه نصائح للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الولى الذى كفر
نشر في صباح الخير يوم 12 - 03 - 2013

ضائعة على سواحل الغربة، كالنوارس التى تحط على حافة البحر فى رحلتها الأخيرة، أموت وحدى ذات مساء ضائع بين قلبى والمدينة، كالفراشات التى تحترق - وتواصل الاحتراق - على حافة الضوء الخديعة .. أحترق فى بدايات الضوء الهارب من عتمة الليل، الذى مازال يتعثر على مداخل الشوارع .. يا صاحبى الذى جاء من حقول الفول البعيدة، والبراح الحلم، إذا حطت يمامة بيضاء فى وداعة على صوتك، لحظة انكسار الضوء وصلاة الشمس الأخيرة، لا تطيرها بالغناء .. إنها روحى تهفو إليك .

أين اختفت تلك الورقة كل هذا الوقت الميت وكيف ضاعت بقايا تلك اللحظة الهاربة من صباحات بعيدة، مازالت تحط فوق صدره كطائر خرافى، تنهش قلبه كل ليلة، ثم تحدفه إلى مقبرة بعيدة، لم يعد أحد يزورها، لم تعد أزهارها البرية تشب على حافة الفناء الترابى، ولم يعد حارس المقبرة العجوز يفتح الباب الحديدى فى صباحات الجمعة، ويرش الماء، يبكى بصوت عال حتى ينشرخ الصوت، وتنكسر الروح .. يقرأ الفاتحة . ثم يمضى من عتمة المقبرة .. إلى عتمة المدينة كما مضى أول مرة، وكما يمضى منذ ذلك الصباح البعيد، الذى رقص فيه الموت رقصته الأخيرة، ثم مضى حاملا بقايا روح كانت تحلق دوما فى الملكوت، وفى الليالى الطويلة - حيث يصبح النوم عذابا - يمضى خلف قلبه إلى تلك النافذة، يقف طويلا بجوار تلك الشجرة العجوز، التى كانت البنت جميلة تسميها المرأة الحالمة .

وفى الصباح .. يقسم للولد جودة، أنه رأى فى لحظة خاطفة كالبرق، نصف وجه جميل، وزهرة حمراء وحيدة، أين اختفت تلك الورقة، التى ظل يبحث عنها أياما طويلة، يداهمه حلم واحد لا يتغير، يطارده فى ليالى الحزن التى صاحبته طويلا، أن البنت جميلة جاءت ذات مساء .. أخذت ورقتها ومضت، كما سرقت قبل ذلك سر الحياة والموت .. حتى لا يمتلك أحد روحها، عبر ورقة صغيرة، الورقة الطوطم، التى تفك أبجدية الماء والنار، يستيقظ فزعا، يحاول أن يطارد تلك الكلمات عبر الذاكرة المراوغة دون جدوى، ها هو الآن فجأة .. يمد يده ليأخذ كتاب عشرة أيام هزت العالم، فتسقط من بين الأوراق، كما يسقط طائر صغير تعب من كثرة الترحال والريح العصية، مازالت رائحة البنت جميلة، تسكن أحرفها الصغيرة، التى كتبتها ذات مساء على حافة النهر . وقالت هذا ما تبقى من رحلتنا يا صاحبى

∎ قال ضاحكا : أنا الولى الذى كفر .. أرفع عنك لعنة الموت يا سيدتى

- وأنا الكافرة التى لا تريد أن تكون وليا .. أمنح العابرين لعنتى يا صاحبى

∎ لماذا تهاجر كلمة حبيبى شفتيك .. كما تهاجر العصافير أعشاشها لحظة المطاردة الليلية ؟

- الحب فى هذا الزمن، كما يقول صلاح عبدالصبور، كالحزن .. لا يعيش إلا لحظة البكاء.. أو لحظة الشبق .. الحب بالفطانة اختنق

∎ أصدق محمود درويش حين يقول .. أموت اشتياقا .. أموت احتراقا .. وشنقا أموت .. وذبحا أموت .. لكننى لا أقول .. مضى حبنا وانقضى .. حبنا لا يموت

- يكفى موت واحد

∎ أموت لأبعث فيك

- إلا الموت يا صاحبى .. إلا الموت

∎ وما بيننا ؟!

- ما بيننا .. يظل بيننا

وها هو الموت يا سيدتى - يأتى دائما كعادته فى المساء - فيأخذ ما بيننا، يقطف زهرتك الحمراء الوحيدة، التى تشب فوق قلبى حين أقبلك، ويرحل عبر النافذة التى تفصل ما بين الحياة والموت، وأنا .. أفر من الحزن إلى الحزن .. يطاردنى موتك .. فأهرب إلى موتى .. أخبئ قلبى فى زوايا الغرفة، وبين الكتب القديمة، حتى لا تخطفه طيور الحزن السوداء، وتتركه منسيا خارج أسوار المدن المسحورة، فى الأرض الخربة، فتتخاطفه العنقاء وطيور النار .. أفر من كل الزهور الحمراء .. حتى أزهار البانسيانا التى كنا نأكلها زمان فى شارع محب، صارت يا سيدتى مثل قنينة الخمر القديمة، حين تنكسر على قلبى، فينبثق الدم، يسقط القمر مخنوقا على ساعدى، تغنى له بنات الحور سدىً، لا شب على قدميه، وعاد إلى تلك النجمة التى تخبو بعيدا، ولا استرد روحه، ومضى يستحم فى بحيرة المساء، لم يعد يكفى موت واحد يا سيدتى .. الموت يسكننا .. نحن موتى نمضى عبر زمن ميت دون نعش، نضيع بين قبور حجرية، لم تكتب شواهدها بعد .

لم يعد يذكر الآن كم مر على ذلك الصباح الفجيعة، رغم أنه ظل لأيام طويلة، يكتب تاريخه فوق الأوراق والقصائد، والكتب التى لم يتم قراءتها أبدا، ومفارش الموائد فى المقاهى والمطاعم، فوق نوافذ عربات الترام آخر الليل وعلى مشارف ضحكة الولد جودة المتكسرة دوما على بدايات السعال الحاد، لكن الأرض لا تكف عن دورانها، فتختلط التواريخ والملامح والأصوات، ترتج الروح الواقفة بين العتمة والعتمة، ثم تردد خلف الكروان أغنيته الحزينة على مشارف الغروب . كم مر على ذلك الصباح الفجيعة يا صاحبة الزهرة الحمراء الوحيدة ؟! وهل يغسل ماء النهر دمى، ويطهرنى ملح البحر من عذاباتى ؟! أنتبه على صوت صديق زميله فى السكن، وهو يتحدث فى التليفون، كانت الشمس تحبو فوق سور الشرفة الحديدى، وتمد أظافرها وتخمش جلده، تلك النافذة التى تطل على ميدان الجيزة، وتهدأ فيها روحه الضائعة كل ليلة حتى بدايات الصباح، منذ أن انتقل إلى تلك الشقة الواسعة


- هو الذى لم يعرف غير الغرف الضيقة فوق الأسطح - منذ عدة أشهر .. يومها .. بكت البنت شطة، قالت وهى تمسح دموعها بكم الجلباب

- أنت الوحيد اللى كان بيهش الغربة عن روحى

أراد أن يصرخ فيها بعزم الروح .. ومن يهش الغربة عن روحى يا شطة .. أنا الراحل فى المدى .. وموتى فوق كتفى بعد أن تعبت من ترحالى الملائكة، وأنا .. أخاف الموت يا شطة، أنا الخائف المقتول بين موتين .. موت البنت جميلة .. وموتى .. أراد أن يصرخ حتى يتناثر زجاج تلك النوافذ الميتة.. أنا الولى الذى ألبسه جده عباءة الولاية، قرأ فوق رأسه .. فكشفنا عنك غطاءك .. فبصرك اليوم حديد، ثم طيرنى عبر الدنيا، دون أن أتهجى طقوس العشق والوجد .. سر الماء والنار .. فصرت كافرا .. عاجزا .. ضائعا .. لا كسرت لعنة البنت جميلة .. ولا حللت أكفانى الثقيلة.

أراد أن يرتد طفلا صغيرا يفر من الوسعاية، ليبكى على صدرها، لكنها فى نفس اللحظة .. ارتمت فى صدره وراحت تجهش بالبكاء، كانت رائحة غريبة، أقرب إلى رائحة الحناء، تفوح من شعرها، الذى ربطته بمنديل أبيض، ربت على كتفها .. أعطاها عنوان الشقة ورقم التليفون .. ألح عليها أن تأتى لزيارته، لأنه لن يستطيع أن يعود إلى تلك الزنزانة مرة أخرى، حتى ولو لدقائق قصيرة، وعدته أن تزوره - كما يعده الجميع ثم يختفون فجأة -حمل حقيبته .. هبط السلم مسرعا .. وكان بكاؤها المتواصل يقفز خلفه .. ويخنق روحه .

أشعل سيجارة .. راح يراقب الميدان الواسع .. باعة اللبن يعبرون الميدان فوق دراجاتهم، ويطلقون أجراسها بشكل متواصل .. عامل المقهى القريب .. يرش الماء فوق الرصيف، ثم يبدأ فى وضع المقاعد والموائد، بعض العمال يتناولون إفطارهم أمام عربة الفول بجوار موقف الأتوبيسات .. صافرة قطار الصعيد تأتى من بعيد .. فتطلع تلك الأغنية القديمة على حافة القلب كشجرة الأحلام .

يا وابور الساعة اتناشر .. يا مجبل على الصعيد

أمانة عليك يا مروح .. خدنى لبلدى البعيد

الأغنية التى كان الشاويش عمر يرددها فى صباحات تلك التبة الترابية الموحشة، تطلع على حافة الماء كزهرة الليمون .. وتكتب أغنية الريح المهاجرة، فلا ركب القطار إلى بلدته البعيدة ولا ظل يطلق ضحكة العصافير فوق التبة، ظل يغنى حتى خطفته الدنيا ذات صباح .. وها هى صافرة قطار الصعيد تغنى له أو تنعيه ذات صباح مثله، تناديه عبر تقاويم الوقت، ليصعد مرة أخرى إلى تلك التبة البعيدة، أو تحمل نعشه الوهمى وتمضى إلى مقبرة قديمة فى حضن الجبل، ترى هل عاد الشاويش عمر بعد تلك السنوات، أم مازال ضائعا فى الملكوت ؟ أم خطفته الجنية اللعينة ؟! وأين اختفى الصول سنوسى هو الآخر ؟!

لقد ذهب الأسبوع الماضى، إلى الليلة الختامية لمولد السيدة زينب مع بعض الأصدقاء، طافوا بين خيام المريدين، وحلقات الذكر والإنشاد، والمقاهى التى تحتل الأرصفة، شربوا شاى أخضر، التفوا بعباءة الوجد واستراحوا، حتى انفرطت عناقيد الضوء، فوق العمائم والطواقى والخيام القديمة، فمضوا عبر بقايا الليل فى الميدان الواسع إلى الشوارع التى مازالت تحبو على بداية النهار، دون أن يرى الصول سنوسى الذى قال له ذات نهار بعيد، أنه من محاسيب الست، هل مات ؟! أم اختفى عندما طيره العشق فى رحاب السيدة ؟!

أم مضى خلف حلم قديم.. أن يجد الشاويش عمر ؟! أم كان جالسا خلف إحدى النوافذ الكثيرة المفتوحة على الضوء والصخب، يتفرج على تقاسيم الوجد والدروشة، بعد أن تحول الجسد الضخم، إلى قطعة من اللحم فوق مقعد لا يتوقف عن الأنين ؟! لو كان معه عنوانه لذهب يسأل عنه، لكن العنوان ضاع منه، كما ضاعت آلاف الأشياء من أيامه المثقوبة، حتى إنه لم يعد يبحث عنها.

بدأت الشمس تموء على وجهه.. ويتعالى ضجيج الباعة والعربات، قرر أن يهرب من تلك الأيام البعيدة التى مازالت تطارده، كأن تلك المدينة الحجرية لا تحيا إلا فوق الأوراق القديمة والصورة التى تمزقت عبر الذاكرة، فصارت أنصاف وجوه .. وأشباه ملامح .. أو كأن تلك الأوراق والملامح وبقايا الأيام، هى التى تمنحنا القدرة على الاحتماء خلف أحلامنا القديمة، قبل أن تنهار تلك الحجارة الغبية فوق ما تبقى من أحلام .. وأوراق . قرر أن يهرب إلى لا باس.

كان المكان خاليا كما توقع.. وإن كانت رائحة الضحكات والأحلام مازالت فوق المقاعد، والجدران، وعلى صوت الجرسون النوبى العجوز، تغير المكان كما تغيرت أماكن كثيرة، وصارت محلات للأحذية، وهاجرت الوجوه التى أحبها إلى أماكن أخرى فى وسط البلد، أو على أطراف المدينة، شرب قهوته وقرأ جرائد الصباح ثم مضى إلى ريش، كان شوقى يجلس مع صديقته كاميليا، التى قطع علاقته بها عشرات المرات، وفى كل مرة يقسم أنه لن يعود إليها ثانية، حتى قال خميس ضاحكا .

- شوقى شايل كاميليا على ضهره زى القتب، لو اتخلص منها .. يموت
جلس معهما .. طلب زجاجة بيرة .. فجأة .. صرخ أحد الباعة فى مدخل المحل القريب
قتلوا السادات.

شبت المدينة على أطراف أصابعها.. رأت الأشجار قادمة من بعيد.. وكان الرعب يطفو على ساحل النهار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.