«كلمات رنانة» و«شعارات جوفاء» هذا ما تضمنه شعار مواد الاقتصاد فى الدستور الجديد والمحصلة صفر مما جعل الجميع يتساءل هل الاقتصاد فى المرحلة القادمة اقتصاد حر أم اقتصاد إسلامى؟! فالمواد لا تعبر عن إرادة الشعب بل تنحاز كالعادة للأغنياء والمواطن لايزال فى مفترق الطرق. الغموض وعدم إضافة الجديد السمات الغالبة على الاقتصاد فى مواد الدستور الجديد على الرغم أن هناك 21 مادة خاصة بالاقتصاد فى الدستور إلا أن مواده لا ترسخ مبادئ العدالة الاجتماعية فهو عبارة عن كلمات رنانة لمجرد ملء مواد الدستور فعلى سبيل المثال يشمل المواد التالية: مادة 13 التى تشمل: يهدف الاقتصاد الوطنى إلى تحقيق التنمية المستديمة المتوازنة، وحماية الإنتاج وزيادة الدخل القومى، وكفالة العدالة الاجتماعية والتكافل، وحماية حقوق المستهلك، والمحافظة على حقوق العاملين وضمان عدالة التوزيع، ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرفاهية، والقضاء على الفقر والبطالة، وزيادة فرص العمل، والمشاركة بين رأس المال والعمل فى تحمل تكاليف التنمية، والاقتسام العادل لعوائدها، وربط الأجر بالإنتاج، وتقريب الفوارق بين الدخول وضمان حد أدنى للأجور بما يكفل حياة كريمة لكل مواطن، وحد أقصى فى الحكومة ومصالح الدولة ومؤسساتها ولا يستثنى من ذلك إلا بناء على قانون، وهناك مادة رقم 21وتتضمن أن ترعى الدولة التعاونيات بكل صورها وتدعمها وتكفل استقلالها وتنظم الصناعات الحرفية وتشجعها بما يؤدى إلى تطوير الإنتاج وزيادة الدخل وأما عن المادة رقم 27 فهى تتحدث عن التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام مع العلم أن التأميم لم نعمل به منذ جمال عبدالناصر ومن هنا كان هناك نقدا لاذعا من جانب اتحاد الغرف التجارية لهذا الدستور بسبب هذه المواد التى لا تعبر عن الاقتصاد المصرى وعبر الاتحاد عن رفضه من خلال بيان أصدره الاتحاد يتضمن بضرورة أن يوضح الدستور التوجه الاقتصادى للدولة وإلا سيعلن الاتحاد مقاطعة التصويت على الدستور.
وأشار البيان إلى أن المواد الاقتصادية فى الدستور الجديد لم تحدد الاتجاه الاقتصادى للدولة وبها قصور وغموض لا يخدم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مشددًا على أن عدم تحديد التوجه الاقتصادى للدولة سوف يُدخل البلاد فى نفق مظلم ويؤدى إلى هروب الاستثمارات.
وأكد البيان على أن أى نظام اقتصادى اجتماعى جديد يجب أن يرتكز بالضرورة إلى توافق ديمقراطى وطنى يضمنه الدستور الذى يجب أن يسعى إلى تعزيز دور منظمات المجتمع المدنى فى حماية حقوق العاملين والمستهلكين.
فى سياق آخر، انتقد البيان ما يردده البعض بأن الحكومات المتعاقبة ساهمت فى رفع سقف طموحات العمال بدون إنتاج مواز يلبى احتياجات السوق، متوقعا البيان ارتفاع عجز موازنة العام المالى الحالى إلى 220 مليار جنيه. ∎ الغموض! وفى هذا الإطار انتقد الخبير الاقتصادى الدكتور أحمد جلال مدير منتدى البحوث الاقتصادية المواد الاقتصادية فى الدستور لأنه يحمل العديد من الانتقادات فضلا عن أنه لم يضف جديدا فى ظل انهيار جميع القطاعات الاقتصادية فضلا عن أن التأسيسية تجاهلت تماما الخبراء وحماية المستهلك وجميع كبار الاقتصاديين وتوقفت عند شعارات رنانة لإقناع المواطن اللاهث على فرصة عمل ولقمة عيش.
وأضاف د. جلال أننا أمام دستور غامض يحمل رسائل اقتصادية لا أساس لها على أرض الواقع ففى مسودة الدستور لا نعرف ما هو النظام الاقتصادى للدولة هل سيكون قائما على الاقتصاد الإسلامى أم قائما على اقتصاد السوق الحر؟! على الرغم من الحديث طوال الفترة الماضية عن الاقتصاد الإسلامى وطبقا للشريعة الإسلامية حتى خرج علينا هذا الدستور غير الواضح، مضيفاً أن الكلمات القليلة التى وردت فى المادة 13 لا تكفى تحقيق العدالة الاجتماعية فهذه المادة لا تحتوى على أى آليات أو خطط فعلية تمكن الدولة من تحقيق العدالة الاجتماعية وتضمن تنفيذها، فهذه المواد وعدم تحديد هوية الاقتصاد فى هذه المرحلة الحرجة سوف يُدخل البلاد فى نفق مظلم ويؤدى إلى هروب الاستثمارات، مضيفا أن هناك مواد لا تعبر عن المرحلة التى نمر بها فهناك مواد عن التأميم فهى كلمة غامضة هل تعنى السماح بالخصخصة لمجرد أن الحكومة ترى أنها فى الصالح العام كما فعل رجال مبارك وعملوا على بيع البلد قطعة قطعة.
وأشار د. جلال إلى أن غياب المرجعية فيما يتعلق بالقوانين الجديدة التى تم وضعها فى مجالات التجارة والصناعة والاستثمار والتشغيل فنحن مدركون تماما أن التجارة والصناعة مقاوم أساسى للاقتصاد الوطنى ولكن نحن فى حاجة إلى معرفة كيف يتم الخروج من عنق الزجاجة خلال السنوات القادمة والبعد تماما عن المجاملات والسرعة فى اتخاذ القرارات المصيرية فى الوضع الراهن.
∎ الصمت! وتؤكد الخبيرة الاقتصادية الدكتورة ماجدة قنديل أن الدستور الجديد لا يضيف جديدا للاقتصاد المصرى وينحاز للأغنياء ويزيد من أوجاع الفقراء كما كان فى الماضى، بالإضافة إلى أن الصياغة الحالية للمواد الدستورية سيئة وتحتاج إلى إعادة صياغة لغوية وقانونية، بما يتناسب مع الحس القانونى ومتطلبات الاقتصاد المصرى.
وترى د. ماجدة أن الجانب الاقتصادى فى الدستور الجديد غير واضح دلالة ذلك أن الدستور يكتب حاليا واللجان المشكلة ليس فيها اقتصادى واحد فى حين غلب العنصر السياسى فى تشكيل لجنة الدستور وأيضا الجانب القانونى وقد يكون هناك اهتمام بالجانب الاجتماعى ولكن الجانب الاقتصادى مهمل مما يرسل رسالة إلى العالم أن الاقتصاد آخر شىء يفكر فيه المسئولون مما يساعد على هروب المستثمرين الذين يظلون فى حالة صمت حتى يروا المشهد عن قرب ويحددوا دخول البلد أم لا، مشيرة إلى أن الدستور لم ينص على مبادئ معينة فى الاقتصاد ستفقد المرجعية الواضحة فالنصوص لم تكن صريحة أو مضبوطة فكلها عبارة عن شعارات لا تحمل الإجراءات المدروسة لعبور الأزمة الاقتصادية.
وأضافت أن الدستور اكتفى بكلمات فقط عن قانون الشراكة وقانون ضمانات وحوافز الاستثمار وإعادة النظر فى العلاقات الخارجية دون معرفة طريقة هذه القوانين مع العلم بأن الأسواق الآسيوية والإفريقية هى الأسواق الواعدة للاقتصاد المصرى فى الفترة المقبلة. ∎ التشويه! وترى الدكتورة منال السعيد عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن الاقتصاد فى الدستور هو صورة مشوهة للاقتصاد نقدمها على طبق من فضة للدول المنافسة، حيث إن الدستور غير معنى بتفاصيل القضايا المختلفة ولكنه يضع مجرد الفلسفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للدولة فقط خاصة أن القوانين والتشريعات هى المنوطة بالتفاصيل وما يندرج تحتها من لوائح تنفيذية ولكن بالرغم من ذلك فإن اللجنة التأسيسية تجاهلت الفلسفة الاقتصادية للدولة.
وأضافت أن الدستور تطرق لتفاصيل غير واضحة مشيرة إلى وجود قصور شديد بطبيعة عملها الذى جاء واضحا فى النواحى الاقتصادية.
وأشارت إلى أنه على سبيل المثال فإن دستور 1971 كان به نحو 11 لفظا صريحا خاصا بالاشتراكية وهو ما يؤكد اتجاه الاقتصاد فى هذا الوقت وجاءت تعديلاته بعد تحول الاقتصاد من الاقتصاد الموجه للحر لتؤكد اتباع سياسات السوق الحرة وهو ما يجب أن يتضمنه الدستور الجديد الذى من المفترض أن يستمر على الأقل لمدة 50 عاما.
فإن هذه المواد أوقعت الاقتصاد فى الفخ التى يساعد على تدميرالاقتصاد القومى وأن إغفال المبادئ العامة للاقتصاد المتبع فى الدولة لإتاحة الفرصة لسن قوانين جديدة مؤكدة أنه من الفترض اقرار فلسفة اقتصادية بالدستور تحمى الاستثمارات والملكية الخاصة.
وأوضحت أن غموض النواحى الاقتصادية فى الدستور وابقاء الوضع كما هو يؤدى إلى هروب المستثمرين فلن يقبل أى مستثمر المجازفة بأمواله فى دولة لا تتضح فيها الرؤية الاقتصادية فالمستثمر حينما يأتى يريد إلقاء نظرة سريعة على الاقتصاد من خلال ما أدرج فى الدستور فهو لن يقرأ جميع القوانين والتشريعات الاقتصادية لاتخاذ قرار بالاستثمار فى هذه الدولة من عدمه.