بعد شهور طويلة من الشد والجذب والأخذ والرد، كان ضحيتها شباب الإخوان الذين ضاعوا بين أحلامهم وتطلعاتهم فى رئيس الجمهورية القادم وبين طول الانتظار لقرار الجماعة وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة إما بدعم أحد مرشحى الرئاسة الحاليين أو الدفع بمرشح خاص بالجماعة.. انتهت أخيرا حالة التخبط تلك ليحسم الإخوان المسلمون أمرهم ويقرروا من سيختارون، ولكن لعبة الأقدار قد يكون لها رأى آخر فسألنا شباب الإخوان المسلمين والمنشقين عنهم: صوتك لمين؟!
فقد شهدت الفترة الماضية انقسامات وانشقاقات واضحة بين صفوف الإخوان بين قياداتها وشبابها، الذين رفضوا أن تظهر جماعة الإخوان فى صورة المخادع والخائن للعهود، بعدما كان قرار الجماعة هو عدم الترشح للرئاسة، ثم فجأة يقررون الدفع ليس بمرشح واحد، لكن اثنين: الشاطر ومحمد مرسى، لتزيد مساحة الفجوة بين قادة الإخوان وشبابها مرة أخرى، وتظهر الانقسامات فى نسبة الأصوات التى حصل عليها الشاطر من داخل الجماعة وهى 65 صوتا مقابل 25 صوتا، أى نجح بفارق أربعة أصوات فقط أى أن نصف الجماعة يرفض ترشيحه، من هنا كان لابد من معرفة رأى شباب الإخوان بعد كل ما جرى على الساحة وإلى أين ستذهب أصواتهم؟
سأصوت لأبوالفتوح
يقول أحد شباب جماعة الإخوان المسلمين - رفض ذكر اسمه - إن نزول المهندس خيرت الشاطر للمنافسة فى الانتخابات الرئاسية المقبلة لأن الجماعة رأت من وجهة نظرها أن المجلس العسكرى أراد أن يكون له وضع ما فى دستور مصر القادم بمعنى ألا يتغير وضعه عما كان عليه وكذلك كان المجلس العسكرى يريد رئيس جمهورية يحميه وكان لا يفرق معه مجلس الشعب، ولكن الإخوان رفضوا هذا الموضوع أن يكون للمجلس العسكرى هذا الوضع فى الدستور وعليه هدد «العسكرى» بحل مجلسى الشعب والشورى وحل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة أموالها، وهناك العديد من القضايا رفعت فى هذا الصدد.. ولأن الإخوان لديهم مشروعهم السياسى والاقتصادى قرروا الجلوس مع جميع مرشحى الرئاسة فلم يجدوا فيهم من يستطيعون من خلاله تحقيق مشاريعهم، لذلك جاء قرار الجماعة بترشيح المهندس خيرت الشاطر.. وهو القرار الذى رفضته الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، ووقتها صرح محمد المرسى رئيس الحزب: «رأى الحزب استشارى وليس إجباريا» فالرأى الأول والأخير للجماعة وفى النهاية جاء قرار الجماعة بالدفع بالشاطر للمنافسة فى انتخابات رئاسة الجمهورية .. ورغم قرار الجماعة هذا فقد قررت أن أدعم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح فى الانتخابات فأنا أميل أكثر إلى أفكاره كما أن أبوالفتوح لديه ميزة أنه يجمع الجميع حوله، الليبرالى واليسارى والإسلامى والأقباط، فهو من يستطيع أن يعود بمصر إلى أيام زمان وأن يلغى حالة الاستقطاب التى نعيشها حاليا.. كذلك إن فهم أبوالفتوح للمرجعية الإسلامية أقرب إلى من الشاطر والمرسى.
ثقة وخبرة
أما عمرو منصور (42 عاما) أحد شباب جماعة الإخوان المسلمين وعضو بحزب الحرية والعدالة فيقول: إن قرار ترشح الشاطر للرئاسة هو ناتج عن مؤسسة.. فالجماعة عقدت اجتماع مجلس شورى ودرست وضع معوقات تسليم السلطة والمعوقات التى تواجه كل مرشح.. وفى النهاية قررت الدفع بالشاطر فى الانتخابات لأنهم وجدوا أن كل المرشحين يتعرضون لضغوط كبيرة .. وعما تررده وسائل الإعلام عن محاولة الإخوان التكويش على السلطة يقول عمرو: أنا أرى أننى لو كنت حتى مواطن عادى ولا أنتمى للجماعة ولو أننى كنت متأثرا بالزخم الإعلامى لقلت ذلك، ولكن إذا طالعنا الثقافة الخارجية لوجدنا أن الحزب الحاكم فى تركيا وأمريكا ممثل فى كل مؤسسات الدولة، فالأمر ليس سيطرة على السلطة.. وأضاف عمرو: سأرشح المهندس خيرت الشاطر فى المقام الأول إذا كانت أوراقه سليمة ومحمد مرسى فى المرتبة الثانية لو ثبت أن أوراق الشاطر ليست سليمة، فأنا سأعطى صوتى لكل من تدعمه الجماعة فأنا أؤمن بنظام المؤسسات فكيف أكون منتميا لمؤسسة مثل جماعة الإخوان المسلمين وأصوت لمرشح من خارجها ؟!.. ولو لم يكن الشاطر قد تم الدفع به فى الانتخابات كنت سأرشح إما أبوإسماعيل أو أبوالفتوح أو حمدين صباحى، ولكننى فى الحقيقة كنت أنتظر قرار الجماعة بدعم أحد المرشحين أو ترشيح مرشح من الحزب وهو قرار مجلس شورى الجماعة الذى سيأتى فى مرحلة حرجة كتلك التى نمر بها وهو ليس قرارا عاديا وإنما يأتى بعد دراسات عديدة ومستفيضة عن كل مرشح وتاريخه وخلفيته وأفكاره وتصريحاته وتاريخ عائلته وكل شىء عنه.. فالأمر ليس إعمالا لمبدأ السمع والطاعة لمجلس شورى الجماعة، ولكن إعمالا لمبدأ ثقة وخبرة الجماعة التى تقوم بالعديد من الأبحاث والدراسات التى لا يستطيع المواطن العادى الوصول إليها فأنا أثق فى قرار الجماعة.
ويستطرد قائلا: وإذا فرضنا أنه سيظل كل من المرسى والشاطر فى المنافسة فى الانتخابات سأختار الشاطر فهو تم اختياره من البداية وهو عقلية إدارية قوية ورجل اقتصادى من الدرجة الأولى وله العديد من العلاقات الدولية بحكم سفره الكثير ولديه سبع شهادات جامعية وحتى لو كنت لا أنتمى إلى الإخوان لكنت سأرشح الشاطر فهو ذو شخصية قوية وله قصة هبوط وصعود فى عمله ووقف على رجليه بعد كل ضربة كانت توجه له، فهو علامة فى تاريخ البلد.
كتلة الإخوان تفتتت
أما إسلام لطفى وكيل مؤسسى حزب التيار المصرى فيقول: إن نزول خيرت الشاطر سواء اتفقنا أو اختلفنا مع سياسات الجماعة فى الفترة الأخيرة إلا أنه فى النهاية يحسب من ضمن الشخصيات التى تفتت كتلة الأصوات الذاهبة للثورة والتى لا تذهب للفلول.. أنا أظن أن تأثير ذلك على المنافسين لن يكون له أى تأثير حقيقى لأن الإخوان تحديدا نستطيع أن نقول إنهم انقسموا إلى مجموعتين.. مجموعة قررت اختيار من تراه الأصلح هو الدكتور عبد المنعم أبوالفتوح وأقليات اختارت أبوإسماعيل أو العوا، وكانت هناك مجموعة تنتظر أن ترشح لهم الجماعة من يختارونه، فكان هدف تلك المجموعة هو تنفيذ قرار الجماعة وهذه هى الكتلة الرئيسية التى ستعطى أصواتها لخيرت الشاطر.
أما بالنسبة لتأثير الجماعة فى العملية الانتخابية، فأنا أرى أن التأثير الحقيقى للجماعة ليس هو الذى أظهرته انتخابات مجلس الشعب، وإنما انتخابات مجلس الشورى فكل الذين ذهبوا للتصويت 2 مليون و008 ألف شخص فلنفترض أنهم يتبعون الإخوان والسلفيين ولا يتبعون أى فصيل آخر فبذلك يكون هذا الذى سيبنى عليه الكتلة التصويتية لخيرت الشاطر بقية الدوائر الأوسع التى كانت تصوت لهم فى مجلس الشعب فأنا أرى أن الكثير من الناس انزعجت من أداء مجلس الشعب ومن الإخوان فى تأييد الحكومة والانقلاب عليها فيما بعد أو المطالبة بعزلها، فلذلك أنا لا أرى أن نزول خيرت الشاطر تهديد حقيقى لأحد بعينه، ولكنه تفتيت للأصوات التى كانت ستذهب لشخصية تحظى بشعبية كبيرة.. أما بالنسبة لترشح عمر سليمان فهذه هى آخر محاولة لإعادة النظام القديم، وأنا عندى قناعة أن اللواء عمر سليمان لن ينجح فى الانتخابات إذا تمت بشكل نزيه، ولكن للأسف ومن المؤشرات والدلالات التى ظهرت فى تقديمه للورق يتضح أن الموضوع فيه شبه عدم نزاهة .. حيث إنه يوجد مصانع بعينها قام العاملون فيها بعمل توكيلات له.. فالإرهاصات غير مطمئنة.. ويستطرد قائلا: أنا أرفض أن يتم النظر لشباب الإخوان بعدم الوطنية، ولكن هم تصرفوا بشىء من الانتهازية السياسية فى وقت لا يتطلب ذلك ولكن لا نستطيع أن نصنفهم بعدم الوطنية فهم لديهم الوعى الكافى ولن يعطوا أصواتهم لعمر سليمان فهم لديهم تخبطات بين ما يرونه للصالح العام وما بين أن الجماعة تقول لهم إن كل شىء يسير ببركة الشورى وهذا الذى نراه صالحا ويستغلون مبدأ السمع والطاعة.
ويضيف قائلا: سنظل ندعم أبوالفتوح فهو صاحب موقف ويحظى بشعبية كبيرة وهو رجل صاحب مبادئ.
أحلاهما مر
ويقول شريف أيمن عضو حزب التيار المصرى: الإخوان صرحوا بعد الثورة بأنهم لن يرشحوا أى شخص لانتخابات الرئاسة مراعاة للظرف الدولى والإقليمى خاصة أنهم لا يريدون- على حد قولهم- إعادة تجربة الإسلاميين مثل حماس أو أفغانستان لأن ذلك سيضر بالبلاد على المستوى الإقليمى.. ولكن السؤال هو: هل الظرف الدولى تغير ويقبل وجود الإخوان أم أن الوضع الدولى لم يعد يفرق مع الإخوان؟! فتصريحات الإخوان بشأن عدم الدفع بمرشح للرئاسة والعدول عنها كانت تدخلا فى نطاق التعهد وليس القرار السياسى الذى من الممكن الرجوع فيه، أما التعهد فهو التزام أخلاقى وهم لم يلتزموا به وهذا يجعلنى أشعر بالقلق العميق من أناس لا يحترمون العهود والمواثيق .. ويضيف قائلا: لما قام مجلس شورى الجماعة بفصل الدكتور عبد المنعم أبوالفتوح للخروج عن رأى شورى الجماعة بعدم الترشح للرئاسة فكان لزاما الآن على الجماعة الاعتذار لأبوالفتوح لأنهم دفعوا بمرشح للرئاسة وهو المهندس خيرت الشاطر أو محمد المرسى فى حال عدم ثبوت سلامة أوراق الشاطر.
ويستطرد قائلا: أصبحنا نعيش حالة من الضبابية خاصة بعد ترشح اللواء عمر سليمان للرئاسة وأخشى اليوم الذى سيكون لزاما علينا الاختيار ما بين الشاطر وسليمان فأحلاهما مر!
فالاثنان تاريخهم سرى فى العمل العام.. وأنا لا أستطيع أن أختار شخصا لا أعرف تاريخه.