ماذا يعني ترشح عمر سليمان لرئاسة الجمهورية في الساعة الأخيرة لقبول أوراق الترشيح؟ وإلي أين تمضي جماعة الإخوان في سباق الانتخابات بعد ترشيح خيرت الشاطر - نائب المرشد - وإحتمالات عدم سلامة وضعه القانوني؟ وكيف كان وقع مفاجأة ترشح عمر سليمان علي قيادة الجماعة التي كانت قد وضعت حساباتها علي الشاطر وحده؟ بعدما كانت الجماعة قد اعلنت عن عدم ترشيح الإخوان في انتخابات رئاسة الجمهورية - وكان خيرت الشاطر نفسه قد أكد ذلك في سبتمبر الماضي - إلا أن الجماعة تراجعت عن مبدأ »المشاركة لا المغالبة« وكانت المفاجأة في الاجتماع الثالث لمجلس شوري الجماعة ترشيح خيرت الشاطر »رجل الاعمال التاجر« - بأغلبية 56 صوتا ضد 52 صوتا - لرئاسة الجمهورية، ويبدو أن الدوافع وراء ذلك الترشيح الذي يعني »زواج السلطة والمال«: 1- ان الجماعة تعتمد علي »السمع والطاعة« - وبالذات من جانب شباب الإخوان - في الحشد اللازم للشاطر في العملية الانتخابية وباعتباره مرشح المرشد ومجلس شوري الإخوان. 2- ان قيادات الجماعة - من جناح القطبيين - تدين بالولاء للمرشد العام الدكتور محمد بديع بحكم البيعة له وهذا هو سبب الخلاف مع عبدالمنعم ابوالفتوح لأنه أعلن الترشح بدون موافقة المرشد وتم فصله من مكتب الارشاد وإعلان الحرب عليه من جانب أتباع سيد قطب لانه يمثل تيار المعتدلين في الجماعة. 3- أن الجماعة كانت تستهدف ترجمة ثقلها السياسي والشعبي في الصراع المكتوم بينها وبين المجلس العسكري بعد التلويح بحل البرلمان ردا علي محاولات سحب الثقة من حكومة الجنزوري، وبعدها جاءت المفاجأة بترشح عمر سليمان للرئاسة في اليوم الأخير في أعقاب ترشيح خيرت الشاطر. 4- أن الجماعة تتحسب في ذات الوقت استبعاد الشاطر من الترشيح بسبب ما تردد عن عدم سلامة موقفه القانوني، ولذلك دفعت بالدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة كمرشح إحتياطي في انتخابات الرئاسة عن الإخوان.. وهو ما يعرب عن أن الجماعة في مأزق حقيقي بعد ترشح عمر سليمان! ظل خيرت الشاطر دائما هو رجل الاتصالات السرية لجماعة الإخوان - داخليا وخارجيا- وكان علي اتصال مع أجهزة الأمن في النظام السابق رغم سجنه عدة مرات في قضايا متعددة، ولذلك كانوا يعتبرونه في السنوات الأخيرة أقوي رجل في الجماعة، لإن لديه القدرة علي بقاء التوازن مع النظام من خلال علاقته مع مباحث أمن الدولة.. وبدا ذلك واضحا عندما حدث اتصال مع الجماعة قبل انتخابات مجلس الشعب لتحديد المقاعد التي يريدها الإخوان، وتم اختيار الدكتور محمد حبيب وخيرت الشاطر لهذه المهمة وجرت عدة اتصالات بالفعل وكان الاجتماع الأخير مع اللواء حسن عبدالرحمن مدير مباحث أمن الدولة وقتها حيث تم الاتفاق مع خيرت الشاطر علي تحديد 35 مقعدا للإخوان في ذلك المجلس ولكن الإخوان حصلوا علي 88 مقعدا وبشكل غير متوقع ولذلك تدخل حبيب العادلي في الجولة الثانية ومنع حصولهم علي مقاعد أخري! وقد تعرض الشاطر للسجن في عام 92 ومصادرة الأراضي المملوكة له ولشريكه في »قضية سلسبيل« ،وحكم عليه بالسجن بعدها في عام 95 عسكريا في قضية مجلس شوري الجماعة، وسجن عام 2007 في قضية ميليشيات الأزهر وكذلك في قضية غسيل أموال وصدر الحكم في عام 2008 عسكريا.. والشيء الغريب ان الشاطر ظل يدير أموال الجماعة ونشاطها المالي السري من داخل السجن طوال هذه الفترة! إن ملف خيرت الشاطر مليء بالمتناقضات فقد انضم إلي الشيوعيين - الجناح التروتسكي - عندما كان طالبا في جامعة الإسكندرية، وبعدها انتقل إلي جماعة الإخوان عندما التحق بجامعة المنصورة وتعرف علي أحد قياداتها، واحتضنه مصطفي مشهور المرشد الأسبق ودفعه إلي القيادة لإنه يميل إلي التشدد والعمل السري، واستطاع ان يكتسب لنفسه وضعا متميزا من خلال نشاطه كتاجر شاطر يدير أموال الجماعة .. وكان يحرص علي العمل بعيدا عن الأضواء حتي لا يلفت انظار الأجهزة الأمنية، ولكن يتفق المحللون علي انه الرجل الأقوي في جماعة الإخوان- وبالذات بعد سيطرة التيار القطبي- وهو الذي نظم صفوف الإخوان لخوض انتخابات مجلس الشعب ومجلس الشوري والحصول علي الاغلبية. ويتصف الشاطر بالديكتاتورية والحدة والانفراد بالقرار ولذلك يخشاه المرشد ويترك له زمام القيادة والتصرف في شئون الجماعة.. وهو يحرص علي علاقاته القديمة مع السلفيين وقياداتهم، ويبدو أنه يراهن علي كتلة أصوات الجماعات السلفية وخاصة في حالة انسحاب حازم أبوإسماعيل. وما يلفت النظر الاتصالات السرية لخيرت الشاطر مع الولاياتالمتحدة، وقد حرص السناتور جون كيري علي مقابلته أثناء زيارته الأخيرة للقاهرة، ولا أحد يعرف علي وجه التحديد ماذا دار بينهما حول علاقة الأمريكان بالإخوان.. وما يثير التساؤل هو: ترشيح الشاطر للرئاسة بعد المقابلة بفترة قصيرة؟ وما يثير التساؤل ايضا: تلك الحفاوة التي قوبل بها ترشيح الشاطر ووصفته النيويورك تايمز بأنه مرشح لا يثير أي ازعاج للغرب.. وكذا ان مسئولي الخارجية الأمريكية واعضاء الكونجرس الذين التقوا معه قد قاموا بالثناء عليه واشادوا باعتداله.. وأنه يعتبر محافظا.. ويعبر ذلك عن لعبة الشاطر مع الأمريكان! ولكن ماذا لو تم استبعاد الشاطر من سباق الرئاسة بسبب الاحكام التي صدرت ضده في قضايا مختلفة ومنها غسيل الاموال؟ اغلب الظن ان المرشح الإحتياطي الدكتور محمد مرسي لا يملك القدرة علي التأثير علي قواعد الإخوان - وبالذات الشباب - ولا قدرة المواجهة مع المرشح القوي عمر سليمان.. وذلك يقلب حسابات الجماعة ومخططاتها للسيطرة علي مقاليد الأمور بالكامل.. وهذا هو المأزق الذي يواجهه الاخوان!