رغم الخطوات «الواثقة» التي ظهر عليها أداء قيادة حزب «التجمع» ممثلة في رئيسه د.رفعت السعيد التي نفي خلالها في معرض إصرار حزبه علي مواصلة جولة الإعادة وجود أي تنسيق بين «بيت اليسار» والحزب «الوطني» إلا أن الخطاب «السعيدي» بدا غير مرض بالنسبة لقطاعات يسارية مختلفة أرادت أن تتخذ هذا الموقف فرصة لتصفية حسابات وخلافات لم تكن قد اندملت بعد! إذ كان المشهد الذي شهدته أروقة الحزب الجمعة الماضية فارقا في تاريخ حزب التجمع بعد العاصفة التي قسمت ظهر الحزب في الجولة الأولي من الانتخابات، فالصورة ليست عادية علي الحزب بالمرة.. نائب رئيس الحزب أنيس البياع جاء ليعقد وعدد من أمناء الحزب بالمحافظات اجتماعا لجبهة الغضب الرافضة لقرار المكتب السياسي والأمانة المركزية بالتصويت يوم الخميس الماضي لصالح خوض جولة الإعادة. وهو القرار الذي لم يأت علي رغبتهم خاصة مع قراري انسحاب حزب الوفد وجماعة الاخوان «المحظورة» من جولة الاعادة. ويفاجأ هؤلاء أن مقر الحزب قد أغلق علي الرغم من أن تلك القيادات كانت قد أبلغت الأمين العام للحزب سيد عبدالعال ولكنها أبلغته في وقت متأخر لذا فإن فتح المقر كان نتيجة تقصير في الابلاغ والتبليغ علي حسب ما قاله سيد عبدالعال. البدايات ولكن تلك القيادات لم يعجبها الأمر أن تذهب لعقد اجتماع تشاوري بالمقر وتجده مغلقا أمامها بالاضافة لوجود عناصر من الشرطة أمام المقر فراحوا يكيلون الاتهامات لقيادة الحزب وعقدوا اجتماعا في أحد المراكز الاشتراكية ثم أصدروا بيانا طالبوا فيه بعقد لجنة مركزية طارئة لانتخاب قيادة حزبية جديدة وسحب الثقة من القيادة الحالية. وأعلنوا أنهم سيعتصمون بالمقر المركزي كنوع من الضغط علي الحزب للانسحاب من جولة الاعادة.. ولكن هل انسحب الحزب؟ بالطبع لا.. خاض الحزب جولة الاعادة أمام زحف متنام وغاضب من المحافظات حيث أعلن البعض أنه قدم استقالته وآخر يجمد عضوية لجنة المحافظة. وهدأت الامور بشكل نسبي بعد نجاح أربعة من مرشحين للحزب في جولة الاعادة لترتفع حصيلة نواب الحزب الي خمسة.. ويصبح التجمع زعيما للمعارضة في البرلمان الجديد.. ولكن الامور قد تتصاعد خلال الايام المقبلة داخل الحزب حتي شهر يناير المقبل بين اتهامات للحزب بعقد صفقة واضحة مع الدولة لانجاح مرشحي الحزب في جولة الاعادة. علي الرغم من أن رئيس الحزب خلال اجتماع الخميس الماضي قال لقيادات الحزب إن الانتخابات كذبت من ادعوا أن الحزب قد عقد صفقة بدليل نجاح مرشح وحيد في الجولة الاولي. زعامة المعارضة رغم الغضب الشديد الذي يبديه السعيد مما جري في الحزب السبت الماضي وانقلاب عدد من المحافظات عليه إلا أنه كان يعلم ماذا يجري ويدرك خطورته علي الحزب.. وأن الحزب الذي ساهم في نشأته قد ينفجر في أي وقت. وهذا ما بدا لأي متابع أو مراقب لما يحدث داخل «بيت اليسار» إذ بدا أن الموقف المرتبك وحالة التوتر التي سادت الحزب ومطالبة البعض بأن يقدم السعيد استقالته استفاد منها رئيس الحزب في أن يساوم علي موقفه الداعم لخوض جولة الاعادة، وأنه لم يعد إلا التجمع لتبرئة الذمم لذا فإن الحفاظ عليه هو أمر ضروري لإبقاء المعارضة الشرعية في البرلمان. وليصبح التجمع زعيما للمعارضة بنواب حقيقيين خاض بعضهم معارك في البرلمان منهم محمد عبدالعزيز شعبان ورأفت سيف وبعضهم خاض جولة الاعادة لمرتين متتاليتين وهذا ما يجعل السعيد واثقا من أنه لم تحدث صفقة بين الحزب والدولة. الهدوء «العاصف» المراقب للحزب يتأكد لديه بمقارنة أجواء انتخابات 2005 وكانت أسخن علي الحزب من أجواء 2010 خاصة مع سقوط رموز للتجمع علي رأسهم زعيم الحزب خالد محيي الدين والقياديان أبوالعز الحريري والبدري فرغلي أن الامور الآن أقل في حدتها من الدورة الماضية.. ذلك أن بعد 2005 انعقدت لجنة مركزية طارئة وخرجت نفس الدعوات المتكررة باستقالة قيادة الحزب وانتخاب قيادة مركزية جديدة ووقف آنذاك عطية السعيد غاضبا يلوم السعيد ويقول: إنني أطالب باستقالة رفعت السعيد فرد السعيد عليه: «اقعد يا عطية» وتكرر نفس الأمر لثلاث مرات ثم دخل عبدالغفار شكر في حوار حاد مع السعيد، وكذلك الدكتور جودة عبدالخالق ومرت اللجنة المركزية العاصفة ولم تقدم قيادة الحزب استقالتها وإن كانت قد اعترفت بالتقصير أمام الانفاق الجنوني في الانتخابات لذا فإن مقارنة 2005و2010 تجد أن 2010 أهدأ خاصة مع فوز الحزب بخمسة مقاعد أيا ما كانت الاتهامات فالحزب يعتمد علي نظرية إذا وجدت منفذا للتعبير عن وجهة نظرك فلا تتردد. لا.. تراجع! وفي حين كان المشهد من قريب وعلي مدي سنوات بعيدة يسير في اتجاه «اللا فعل» من قبل الغاضبين داخل «بيت اليسار» إلا أن جبهة «الرفض» لاتزال تزعم أنها لن تتراجع عما بدأته إذ قال طلعت فهمي أمين الحزب بالجيزة إنه لا تراجع عن عقد لجنة مركزية لمحاسبة القيادات التي أخطأت بشأن الحزب وفي مقدمتها د.رفعت السعيد رئيس الحزب واتباعه، ومحاسبة الهيئات القيادية التي شاركت في اتخاذ قرارات أثرت سلبا علي الحزب وعلي خطه السياسي، وأنه يجري الآن اعداد تقرير لحصر تلك القرارات والتصرفات والتي كان آخرها قرار المشاركة في انتخابات مجلس الشعب تمهيدا لسحب الثقة من السعيد وأي هيئة قيادية شاركت في اتخاذ القرار. وأكد فهمي أن قرار سحب الثقة ليس مفاجئا.. فهو نتاج مجموعة من التصرفات التي أصر السعيد علي انتهاجها طوال الفترة السابقة بمساعدة المكتب السياسي والامانة المركزية خاصة مع الاجتماع علي خوض الانتخابات دون ضمانات بعد الفشل الذي حققه الحزب بانتخابات الشوري، لافتا إلي نتائج الانتخابات الاخيرة جاءت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير والتي ساهمت في تعالي الاصوات المنادية بمحاسبة رئيس الحزب باعتباره المحرك الرئيسي للحزب. ونفي طلعت أن يكون لقرار سحب الثقة تأثير سلبي في مستقبل الحزب، مؤكدا أنه السبيل الوحيد لانقاذه وإعادته مرة أخري كحزب سياسي معارض بشكل حقيقي وليس مجرد حزب تابع ويتحقق ذلك من خلال الحملة التي يقودها 15 من أمناء المحافظات والامناء التنظيميين لجمع توقيعات لسحب الثقة من السعيد بمختلف المحافظات ومنها الجيزة والقاهرة وحلوان وبني سويف والفيوم والدقهلية والغربية وأسوان والاسكندرية والاسماعيلية وأسيوط والقليوبية والتي تتحرك جميعها لجمع توقيعات لإعادة انتخابات قيادة جديدة للتجمع خلال مؤتمر عام طارئ. بينما يؤكد حسين عبدالرازق عضو المجلس الرئاسي أنه يحق لأي عضو في الحزب أن يطالب بسحب الثقة من أي قيادة غير أن الامر مرتبط بقرار الاغلبية خلال اللجنة المركزية التي من المقرر تحديد موعد انعقادها في اجتماع الامانة المركزية السبت المقبل والتي من شأنها أن تحدد أن الامر يحتاج للدعوة لمؤتمر عام طارئ من عدمه لاتخاذ قرار سحب الثقة وإعادة انتخاب الهيئة القيادية. .. و«الإسكندرية» تبدأ المعركة ببيان «ناري» ضد رفعت كتب - ابراهيم جاد استمرارا لبعض التوجهات الغاضبة داخل «بيت اليسار»، أصدرت لجنة التجمع بالإسكندرية بياناً نددت فيه بخوض الحزب جولة الإعادة، مؤكدين خروج كل هؤلاء القيادات علي مشروع حزب التجمع اليساري، وأن المكتب السياسي لم يعد معبراً عن مشروع حزب التجمع، أو عن نبض الشارع المصري.. وطالب البيان برحيل قيادات الحزب الحالية، إذ إنها بحسب تعبيره المسئول الأول عما آلت إليه أحوال التجمع علي مدي 30 عاماً مضت، مؤكداً أن كل رؤساء الأحزاب الجادين للأحزاب «الجادة» يرحلون عندما يسقط الحزب في أي معركة سياسية. وأن السعيد في واقع الأمر ينسق مع الحزب الحاكم ويعقد معه الصفقات بدعوي الحفاظ علي كيان الحزب ولكنه في حقيقة الأمر بني نعشا كبيراً للتجمع «اليساري المعارض».. وقد وضع آخر مسمار فيه بإصراره الشديد والعنيد علي المشاركة في الانتخابات، بالمخالفة لقرارات اللجنة المركزية للتجمع.. مضيفاً البيان: يراهن السعيد علي ضعف ذاكرة المصريين والتجمعيين، وعلي أن عمر الغضب قصير وسرعان ما تهدأ هذه العاصمة التجمعية.. فهل يقبل التجمعيون داخل التجمع وكل اليساريين خارجه استمرار هذه المهزلة الحزبية. يجب أن تنعقد اللجنة المركزية في أسرع وقت وأن يكون جدول أعمالها بنداً وحيداً هو محاسبة القيادة الحالية علي كل قراراتها السابقة وبحث سحب الثقة منها.. فهل يرحل د. رفعت السعيد ؟ وهل يحافظ علي آخر أمل للمصريين في وجود حزب يساري حقيقي معارض للحزب الحاكم.