انتهي زلزال فضائح انتخابات مجلس الشعب، ولأن لكل زلزال توابعه وهزاته لكنها هذه المرة قاتلة وأصابت الخاسرين في مقتل، ربما تكون "رصاصة الرحمة" التي ظل المحللون ينادون بإطلاقها علي الأحزاب لسنوات طويلة مضت، فقد سببت نتائج الانتخابات شرخا كبيرا في جدار أحزاب المعارضة الداخلية، وهو الشرخ الذي قد يصيب هذه الأحزاب بسكتة دماغية بعدما كانت الانتخابات فرصة لمحاولة معالجة هذا الشرخ. فيشهد حزب التجمع حالة من الغليان الداخلي خاصة بعدما شن أمناء حزب التجمع ب 12 محافظة هجوما حادا ضد د. رفعت السعيد رئيس الحزب واتهموه بالتواطؤ مع الأمن والعمل علي انهيار الحزب بسبب إصراره علي الاستمرار في خوض جولة الإعادة من انتخابات المجلس، وكان عدد من أمناء المحافظات طالبوا بدراسة القرار إلا أنهم فوجئوا باستعانة "السعيد" بالشرطة وإغلاق الحزب، فتوجهوا إلي مقر "تيار التجديد الاشتراكي" وعقدوا اجتماعهم بحضور أنيس البياع نائب رئيس الحزب، مطالبين بضرورة عزل السعيد والأمين العام والدعوة لمؤتمر عام لانتخاب قيادات جديدة، متهمين السعيد بأنه دخل ب"التجمع" في علاقة غير مشروعة مع النظام، وتحول لمجرد بوق لمهاجمة الإخوان المسلمين في حين كانت مواقفه متخاذلة أمام النظام، وأصدر خالد تليمة أمين اتحاد الشباب التقدمي لحزب التجمع بيانا طالب فيه قيادات الحزب الحالية بالتنحي لإخفاقها في التعبير عن نبض الحزب واتخاذ قرارات غير مدروسة، ثم وقع 15 من أعضاء لجنة محافظة الإسكندرية بحزب التجمع بيانا لسحب الثقة من د. رفعت السعيد وأعضاء المكتب السياسي للحزب، احتجاجا علي نتائج الانتخابات البرلمانية الماضية وعدم استجابتهم لمطالب أعضاء الحزب بمقاطعة الانتخابات، وطالب الموقعون بعقد لجنة مركزية طارئة تمهيدا لسحب الثقة من رئيس الحزب والمكتب السياسي والأمين العام للحزب ويمثل عدد الموقعين نسبة 42% ممن لهم حق التصويت إلا أن النصاب القانوني لاكتمال التوقيعات هو 26 توقيعا. ويحاول حزب التجمع عقد عدد من الاجتماعات الطارئة في محاولة لتهدئة الأوضاع داخل الحزب بعد تصاعد حملة الاحتجاجات علي خوض الحزب جولة الإعادة في انتخابات مجلس الشعب، حيث تجتمع الأمانة المركزية للحزب ثم ينعقد المكتب السياسي يليهما اجتماع للمكتب السياسي للحزب الذي سيدعو لانعقاد الأمانة العامة صاحبة قرار المشاركة في الانتخابات لمناقشة أهم نتائج خوض الحزب هذه الانتخابات. اجتماع الأمانة المركزية الذي يحضره د. رفعت السعيد رئيس الحزب سيحضره نواب الحزب الخمسة في مجلس الشعب بهدف تشكيل الهيئة البرلمانية للحزب، وتحديد المسئوليات المطلوبة منهم. كما يكثف قيادات الحزب جولاتهم علي المحافظات التي سبق أن أعلنت انسحابها الفردي من جولة الإعادة وقدم بعض أعضائها استقالاتهم من الحزب، فيما أكد طلعت فهمي أمين تجمع الجيزة أن ما يحدث محاولة للخروج من الأزمة التي خلقها قادة التجمع باتخاذهم قرار دخول الإعادة بشكل مخالف للائحة الحزب، مشيرا إلي أن حملة التوقيعات لعقد لجنة مركزية مستمرة، رغم إعلان الحزب عقدها بشكل طارئ أول يناير. الأمر لا يختلف كثيرا داخل الحزب الناصري خاصة بعدما فوض ضياء الدين داود رئيس الحزب سامح عاشور نائب رئيس الحزب بأن يتولي الأخير رئاسة الحزب، وله الحق في إصدار أي قرار تنظيمي أو رداري أو مالي بشأن الحزب خلال الفترة المقبلة. ويشهد الحزب الناصري حاليا حالة من الانقسام بين مؤيدي قرارات سامح عاشور النائب الأول لرئيس الحزب برغبته في عقد مؤتمر عام خلال منتصف الشهر الجاري وسيتم من خلاله الدعوة إلي تأجيل إجراء الانتخابات الداخلية عاما بهدف لم شمل قيادات الحزب التي ابتعدت عن الحزب خلال الفترة الماضية بعد مرض ضياء الدين داود رئيس الحزب، وبين قرارات الأمين العام أحمد حسن حول إجراء الانتخابات الداخلية للحزب خلال الفترة المقبلة، تنفيذا لقرار الأمانة العامة والذي نص علي إجراء الانتخابات الداخلية للحزب مع انتخابات الشعب. فيما أكد سامح عاشور أنه لا يمكن لأحد إصدار أي قرار بخوض تلك الانتخابات إلا بقرار من لجنة الإشراف علي الانتخابات التي يرأسها هو، إضافة إلي الخطاب الذي حصل عليه من رئيس الحزب بتفويضه في اتخاذ القرارات الحزبية أو المالية الخاصة بالحزب. وأوضح عاشور أن قيام أحمد حسن بالدعوة إلي إجراء الانتخابات داخل المحافظات أمر غير لائحي، وأن هناك محاولات من جانب الحكومة تهدف إلي خلق انشقاقات داخل الأحزاب، من خلال الدفع بتابعين لها لمعارضة قرارات الحزب بهدف خلق بلبلة داخلية، إلا أن قيادات الأحزاب الواعية تتصدي إلي مثل تلك المناورات. فيما أكد د. محمد السيد أحمد أمين الشئون السياسية، أن قرارات النائب الأول لرئيس الحزب بعقد مؤتمر عام يهدف إلي تأجيل إجراء الانتخابات إلي خوفه من مواجهة حسن في الانتخابات، واتهم السيد "عاشور" بجهله بالأمور التنظيمية للحزب، خاصة أن إجراء الانتخابات داخل المحافظات هو قرار أمانة عامة لا يمكن لأحد مخالفته، إضافة إلي أن الأمانة هي التي أصدرت قراراً بتشكيل اللجنة التي يرأسها عاشور. أما عن تفويض رئيس الحزب لعاشور بتولي أمور الحزب بدلا منه، فقد أكد السيد أن لائحة الحزب تعطي صلاحيات أكبر للأمين العام، منذ أن كان داود الأمين العام للحزب وليس لرئيس الحزب كما يدعي عاشور، لذلك لا يمكن له إلغاء أي قرار له، مضيفا أن حسن قد حصل علي عدة تفويضات من داود لكنه لا ينظر إليها، موضحاً أن الخلافات بين عاشور وحسن يجب أن تحل في سبيل استعادة الحزب مكانته، ولن ترجع إلا من خلال إجراء انتخابات داخل الحزب مهما كانت النتائج. وكانت الخلافات قد تجددت حول قيادة الحزب الناصري فبعد أيام من مطالبة شباب الناصري قيادات الحزب بالاستقالة علي خلفية الهزيمة التي مُني بها في انتخابات مجلس الشعب، وعدم حصول أي من مرشحيه علي مقاعد في البرلمان الجديد، نشب صراع جديد بين قيادات الحزب، علي من يتولي الرئاسة بديلا لرئيس الحزب "المريض" ضياء الدين داود. تفجرت الأزمة مجددا بعد نشر صورة من قرار رئيس الحزب بتفويض عاشور لإدارة شئون الحزب، وكذلك ليتولي مهام العمل مكانه في المؤتمر العام السنوي للحزب بسبب ظروف مرضه، مما أثار غضب أحمد حسن ودفعه للتهديد برفع دعوي قضائية ضد هذا التفويض. يأتي ذلك في الوقت الذي طالب فيه الحزب الدستوري الحر بتشكيل جبهة وطنية عريضة من اليمين إلي اليسار تضم جموع الطليعة الوطنية المصرية للاستعداد للنزول إلي الشارع. كما طالب ممدوح قناوي رئيس الحزب بالالتفاف حول ميثاق وطني يطرح تصورا متفقا عليه لإحداث التغيير يعتمد علي إقامة الدولة المصرية علي أسس مدنية وديمقراطية. وأضاف أنه لا بديل أمام الجماعة الوطنية إلا التوحد ومواصلة النضال السلمي بجميع الوسائل من أجل التغيير واستعادة الالتحام وحشد الجماهير واستغلال اليقظة الموجودة عند المواطن المصري بسبب ما اعتبروه تزويراً في انتخابات مجلس الشعب. ويبقي الوضع داخل جماعة الإخوان المسلمين ساخنا كالعادة خاصة بعدما تبرأ مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين من مقعد النائب مجدي عاشور وقالت الجماعة في بيان لها إنه لم يكن لها مرشحون في جولة الإعادة وبالتالي فليس لهم أي نائب في البرلمان. جاء ذلك بعد تداول مكتب الإرشاد في اجتماعه مسألة مجدي عاشور نائب الجماعة وصاحب المقعد الوحيد في برلمان 2010.