اليوم.. «محلية النواب» تناقش طلب إحاطة بشأن إزالة 30 عقارًا بالإسماعيلية    اسعار الذهب اليوم الثلاثاء 21-5-2024.. جرام 21 يسجل 3180 جنيه    أسعار الدواجن والبيض اليوم الثلاثاء 21-5-2024 في الدقهلية    محافظ جنوب سيناء: نسعى للنهوض بالسياحة العلاجية وشرم الشيخ تتميز بتنوعها السياحي    بث مباشر.. تشييع جثامين الرئيس الإيرانى الراحل إبراهيم رئيسى ومرافقيه    بشير التابعي: معين الشعباني لم يكن يتوقع الهجوم الكاسح للزمالك على نهضة بركان    استعدادا لمباراة بوركينا فاسو.. محمد صلاح ينضم لمنتخب مصر 3 يونيو    الأرصاد: استمرار الموجة شديدة الحرارة.. والعظمى تسجل 38 درجة فى الظل    تداول أسئلة وإجابات امتحان الجبر للشهادة الإعدادية بالقاهرة    إنقاذ 5 فتيات من الغرق إثر سقوط ميكروباص بالرياح البحيرى بمنشأة القناطر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    التأخيرات المتوقعة اليوم فى حركة قطارات السكة الحديد    بعد رحلة 9 سنوات.. ماذا قدم كلوب لفريق ليفربول؟    الملا: تطوير ميناء الحمراء البترولى يخدم خطط الاستكشاف غرب المتوسط    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار البيض بالأسواق في منتصف الأسبوع الثلاثاء 21 مايو 2024    جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية تنهي كافة الاستعدادات لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في مصر: توقيت وقفة عرفات وعدد أيام العطلة    أردوغان يهاجم متسابقي يوروفيجن: أنتم أحصنة طروادة للفساد الاجتماعي    حمدي الميرغني يحيي ذكرى رحيل سمير غانم: كنت ومازلت وستظل أسطورة الضحك    رغم انتهاء ولايته رسميًا.. الأمم المتحدة: زيلينسكي سيظل الرئيس الشرعي لأوكرانيا    زلزال بقوة 6 درجات يضرب محافظة أوجاساوارا اليابانية    براتب 5000 جنيه.. وزارة العمل تعلن عن وظائف جديدة بالقاهرة    ننشر بالأسماء ضحايا حادث العقار المنهار بالعياط    قبل طرحه في السينمات.. أبطال وقصة «بنقدر ظروفك» بطولة أحمد الفيشاوي    خالد عبد الغفار: مركز جوستاف روسي الفرنسي سيقدم خدماته لغير القادرين    وزير الصحة: لا توجد دولة في العالم تستطيع مجاراة الزيادة السكانية ببناء المستشفيات    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    أحمد حلمي يتغزل في منى زكي بأغنية «اظهر وبان ياقمر»    أحداث العالم في 24 ساعة.. وفاة الرئيس الإيراني وطلب اعتقال نتنياهو وخسائر للاحتلال    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    وزير الصحة: صناعة الدواء مستقرة.. وصدرنا لقاحات وبعض أدوية كورونا للخارج    وزير الصحة: مصر تستقبل 4 مواليد كل دقيقة    مساعد وزير الخارجية الإماراتي: لا حلول عسكرية في غزة.. يجب وقف الحرب والبدء بحل الدولتين    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    «في حاجة مش صح».. يوسف الحسيني يعلق على تنبؤات ليلى عبداللطيف (فيديو)    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    دونجا: سعيد باللقب الأول لي مع الزمالك.. وأتمنى تتويج الأهلي بدوري الأبطال    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    المقاومة الفلسطينية تستهدف قوات الاحتلال قرب مفترق بلدة طمون جنوب مدينة طوباس    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    وكيل "صحة مطروح" يزور وحدة فوكة ويحيل المتغيبين للتحقيق    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    رفع لافتة كامل العدد.. الأوبرا تحتفي وتكرم الموسيقار عمار الشريعي (تفاصيل)    طبيب الزمالك: إصابة أحمد حمدي بالرباط الصليبي؟ أمر وارد    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    بعد ارتفاعها ل800 جنيها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي «عادي ومستعجل» الجديدة    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    مصطفى أبوزيد: تدخل الدولة لتنفيذ المشروعات القومية كان حكيما    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    على باب الوزير    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    "وقعت عليهم الشوربة".. وفاة طفل وإصابة شقيقته بحروق داخل شقة حلوان    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يحدث في بيوت الفنانين منزل ومرسم حامد سعيد يستغيث بوزارة الثقافة و«اليونسكو»
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 07 - 12 - 2010

بعد وفاته بأربع سنوات، تحول منزل ومرسم الفنان حامد سعيد، رائد الفن المصري الحديث، الذي كان مركزا للإشعاع الفكري والثقافي ومثالا للبيت التراثي المصري الأصيل يتوسط المزارع والحقول، إلي بيت قديم تسحقه الأبنية، صعدت بجانبه من كل اتجاه لتمحو ذاكرته ووجوده. كان "بيت الفن والحياة" أول إبداعات المعماري الشهير حسن فتحي بأسلوب القباب، واستحق لتفرده أن يكون أحد أهم عشرة بيوت في مصر، عاش فيه ومارس فيه الرسم، الفنان حامد سعيد، أحد رواد الفن المصري الحديث، وصاحب دعوة الحفاظ علي التراث والفنون المصرية القديمة، والذي اشتهر بأعماله المرسومة بالقلم الرصاص. كان سعيد مديرا لمراسم الأقصر، وللجنة التفرغ للفنانين والأدباء بوزارة الثقافة عام 1962، كما كان رئيسا لجمعية محبي الفنون الجميلة، أسس جماعة الفن والحياة، وأشرف علي مركز البحوث الفنية، وهو أول من أدخل رسم المناظر الخلوية في التعليم العام.
هنا تجري "روزاليوسف" تحقيقا، جمعنا فيه آراء بعض الفنانين الذي ترددوا علي هذا البيت، وبعض جيرانه حيث قال أحد سكان المنطقة والذي رفض ذكر اسمه: كان حامد سعيد يأتي كل يوم أربعاء، ليشرح الفن لكل فرد صغير وكبير، يقيم المحاضرات، ويجمع الناس ليري ماذا فعلوا الأسبوع الماضي، فقد أراد سعيد أن يقيم في هذا البيت حديقة للطفل، وأن يبني هرما معكوسا؛ يعلم الأطفال الفراعنة كيف بني بيوتهم.
وقد تحدث الفنان مع الدكتور محمود شريف محافظ القاهرة الأسبق، وتقرر ألا تقام أية مبانٍ في هذه المنطقة، وخصص المحافظ وقتها قطعا من الأراضي للأشخاص الموجودين، وبعد أن مات سعيد، بدأت المباني تظهر عن طريق التحايل علي هذا القرار، دون أن ندري كيف صدرت رخص البناء، لدرجة أن بعض أقاربه بدأوا في تقسيم هذه الأرض، التي لا تزال تتواجد فيها زوجة الفنان الراحل مدام إحسان خليل، مؤكدين أنهم سيدخلونها داراً للمسنين، لمرضها بالزهايمر. أما رضوان المسئول عن البيت فرفض الحديث، أو حتي اطلاعنا علي البيت من الداخل.
الفنان الدكتور محمود مبروك، أكد أن وزير الثقافة الفنان فاروق حسني وافق علي زيارة بيت الفن والحياة، وأبدي استعداده بأن يأخذ البيت كمتحف لوزارة الثقافة، وقال لنا إن هذا البيت مهم للفنانين كي يروا التراث الفرعوني والإسلامي والقبطي، وذكر وقتها أن سعيد من أندر المفكرين المصريين الذين يعبرون عن أهمية التراث المصري، وحدث ذلك قبل وفاة حامد سعيد بعامين.
وأضاف مبروك: عندما بدأنا في تنفيذ هذا القرار وجدنا مشكلة عدم وجود أوراق رسمية للأرض وللبيت، الذي بناه حسن فتحي عام 1942 وسط أراض زراعية، ويعتبر أول تجريب له في تشييد بناء من الطوب النيء، وتكرارا لتجربة قرية "الجرنة" في الأقصر، وهو موثق في كتاب " القصور المصرية والفيلات من عام 1808 إلي عام 1960 ، كأحد أهم عشرة بيوت في مصر، فهو نموذج مهم يجمع بين شيئين، الأول أن من صممه هو المعماري الرائد حسن فتحي فلا يجب أن يتملكه أحد، والثاني أنه بيت لحامد سعيد أحد أهم رموز الحركة التشكيلية المصرية، كما أن سعيد وافق علي أن يمنح البيت بعد وفاته إلي وزارة الثقافة، علي أساس أن يكون متحفا دائما لجمعية ومركز الفن والحياة، وأن يقام في حديقة البيت مدرسة للأطفال يتعلمون فيها الفنون والتراث، وكان هدفه نبيلا وواضحا،
وهو أن يستمر الفكر المصري في الفن، كما أن أسرته وافقت بدون أي شروط علي إبقاء البيت وأن تمنحه للدولة بكل مقتنياته، لكن بعد وفاة حامد سعيد انفصلت الدنيا عنه، ونسي الموضوع، وكل فنان استرد أعماله من البيت، كما أن لوحاته ورسوماته انتقلت إلي مكتبة الاسكندرية، وهي مهمة جدا؛ لأنه سيأتي جيل آخر يبحث عن حامد سعيد، فالكتب القليلة التي كتبها ذات قيمة عالية جدا في مجال التراث الفني والحضارة المصرية.
وأوضحت الفنانة الدكتورة عايدة عبدالكريم: البيت كان بالنسبة لي نموذجاً؛ لأنه أول بيت انشأه المعماري حسن فتحي الذي جمعته بالفنان صداقة، بالطين والقباب، وكان بيتا مثاليا، بالطبع الفنان الراحل كان صاحب عطاء عظيم، فهو كان مؤمنا برسالة، وهي الشخصية المصرية، فمن كان يتوسم فيه قدرته علي الاستيعاب والفهم كان يهتم به ويرتبط به، وكان البيت يحتوي علي نماذج فنية حياتيه كالكتب، التماثيل، المشربيات، فوانيس نحاس صنعت بصيغ فنية، كما أن كل شيء في البيت كان له معني وارتباط بالحضارة المصرية الأصيلة سواء الفرعونية أو القبطية أو الإسلامية، بالإضافة إلي ما كان ينشد له بوجود حضارة حديثة ولكن نابعة من الجذور.
وأضافت عايدة: كان بيته متحفا يجتمع فيه الدارسون والفنانون، والأراضي التي كانت حوله هي ملك لأقارب سعيد، وكانت الأرض التي أمام البيت عبارة عن غابة نخل بديعة، كنا نحلق بأرواحنا عند زيارة هذا المكان، وهذا كان انطباعي، وكنت اهتم بالذهاب إلي هناك كل أسبوع، علي الرغم من أنني كنت أمشي علي أنبوب مياه لأصل للبيت، وكان ينظم لنا رحلات للعديد من المناطق الأثرية، وكنا جماعة نقوم بتأمل القيم الجمالية الفنية التي تحمل معاني وتأثير الشخصية المصرية؛ وكنا نأمل جميعا أن يستمر هذا البيت لتأدية دوره، وأن يكون مكانا للرواد.
وتابعت: استجبنا لزوجة حامد سعيد حينما طلبت منا استرداد أعمالنا التي اهديناها له؛ وبذلك لم يصبح في البيت النموذج المتحفي والأعمال التي تحمل الروح المصرية، فزوجته اعتكفت في المكان وكانت لا تريد أن تقابل أي اشخاص بعد وفاته، كما أنها أهدت أعماله جميعها لمكتبة الإسكندرية.
وأشار الفنان الدكتور ياسر منجي إلي أن حامد سعيد كان غزير الإنتاج قائلاً : له آلاف الاسكتشات واللوحات الزيتية وعشرات الدراسات، كما كان الفنان يمارس النحت، وذلك يدعو للتساؤل: إن لم يكن هذا التراث بداخل بيته، أين ذهب؟!!، هل تم بيعه؟، أم أخذه آخرون؟، ومن أخذه هل كان بغرض الحفظ؟ أم بغرض التوثيق.
يواصل: تاريخ حامد سعيد الفني والثقافي يوجب علي من تبقي علي قيد الحياة من ذوي قرابته وتلاميذه ومحبيه ومريديه توضيح هذا الأمر، وما يمتلكونه من وثائق وصور وتسجيلات كافية بأن يضع يدنا علي التصور المبدئي لكم هذا التراث، لنتساءل: كم تبقي من تراث حامد سعيد.
وأكمل منجي: البيت حاليا أصبح مجاورا للمشتغلين في السمكرة والميكانيكا، وأحيانا يتم إسناد بعض أجزاء السيارات علي سور البيت المصنوع من البوص، إذا أضفنا لذلك عبث الأطفال، وتشوين مواد البناء الخاصة بالمتاجر الملاصقة للمنزل؛ ولذلك هذا الكيان الضعيف الهش بدأ ينهار؛ وهذا يفسر وجود سور من الطوب الأحمر، بناه الموجودون في البيت بداخل السور الأصلي، وهذا متنافي تماما مع فلسفة بناء حسن فتحي، وهي فلسفة بناء العمارة بخامات طبيعية ملتحمة بالطبيعة، وهو ما عرض هذه الفلسفة للتدمير، بفعل المحيطين بهذا الكيان الثقافي العريق، فبالرغم من أن المحيطين بالبيت بسطاء إلا أنهم مدركون من هو حامد سعيد، ولم يشفع لهم هذا الإدراك أن يحافظوا علي هذا المكان الذين يعرفون خصوصيته.
وقالت الفنانة إيمان إبراهيم إحدي المترددات قديما علي البيت: عندما كنت طالبة كنا نقوم بزيارات لبيوت الفنانين ليتعرف الطلبة علي الفنانين وحياتهم وفنهم، وكان بيت سعيد وسط مساحة خضراء كبيرة جدا، كنا نتلهف وقتها كطلبة علي رؤية هذا البيت، وطريقة معيشة حامد سعيد، وطريقة أكله وشربه، كان شخصا هادئا يتحدث معنا بهدوء، وكنا لأول مرة نري بيتا من بيوت حسن فتحي التي كنا نراها في الكتب، فكانت تجربة مفيدة جدا لنا، وكان البيت بقدر بساطته نظيفا للغاية، به راحة كبيرة، الإضاءة الطبيعية تدخل البيت من الفتحات الموجودة في السقف، والزجاج الملون، وفتحات التهوية الطبيعية، لكننا لو دخلنا هذا البيت حاليا بالطبع لن نجد هذا.
ورأي الناقد محمد حمزة أهمية تنازل ورثة حامد سعيد عن هذا البيت لوزارة الثقافة كي تتخذه متحفا لها، فهذا يذكرنا ببيت أم كلثوم حينما باع أرضها الورثة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.