وزيرة الهجرة: «اكتشف مصر» وسيلة لربط الأجيال الجديدة بالخارج وبين بلدهم    النواب يبدأ مناقشة قانون بربط حساب ختامي الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2022/ 2023    محافظ أسيوط: التدريب العملي يُصقل مهارات الطلاب ويؤهلهم لسوق العمل    رئيس النواب: التزام المرافق العامة بشأن المنشآت الصحية لا يحتاج مشروع قانون    «عيسى»: الغرف السياحية شريك أساسي في تنمية الصناعة    «المشاط»: نسعى مع الأمم المتحدة وشركاء التنمية لإتاحة أدوات التمويل المبتكرة والتمويلات الميسرة    محافظ الفيوم يوجه بتوفير الرعاية الطبية والعلاج على نفقة الدولة للحالات المرضية    استلام 193 ألف و191 طن قمح ب 25 موقعاً فى كفر الشيخ    لليوم ال20.. «البترول» تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2024    ارتفاع الطلب على الصادرات في تايوان بأكثر من المتوقع    فيفا يعلن إيقاف قيد جديد للزمالك 3 فترات بسبب مستحقات أحد مساعدى البرتغالي فيريرا.. والنادى يرد: سيتم حل الأزمة في أسرع وقت    سفير اليابان يشيد بجهود مصر في إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة    إيطاليا: حادث تحطم مروحية الرئيس الإيراني لن يزيد التوتر في الشرق الأوسط    تفاصيل اجتماع وزير الشباب مع اللجنة العلمية لبحث تطوير قطاع الرياضة    مصر تواجه بوروندي في بطولة أمم أفريقيا للساق الواحدة    المشدد 15 عامًا وغرامة 200 ألف جنيه لصاحب شركة مقاولات لإتجاره بالحشيش في القليوبية    المشدد 5 سنوات لعامل بالشرقية لاتهامه بخطف طالبة وهتك عرضها    بعد قليل.. محاكمة طبيب نساء شهير لاتهامه بإجراء عمليات إجهاض بالجيزة    ضبطهم الأمن العام.. كواليس جريمة التنقيب عن الذهب بأسوان    ضبط 20 طن أسمدة زراعية مجهولة المصدر في البحيرة    تفاصيل أغنية نادرة عرضت بعد رحيل سمير غانم    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    «ست أسطورة».. سمير غانم يتحدث عن دلال عبد العزيز قبل وفاتهما    مهرجان ايزيس الدولي لمسرح المرأة يعقد ندوة تحت عنوان «كيف نفذنا من الحائط الشفاف»    عمر الشناوي: فخور بالعمل في مسلسل "الاختيار" وهذه علاقتي بالسوشيال ميديا    الرئيس السورى يقدم التعازى فى وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسى ووزير خارجيته    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    وزيرة التضامن: الاستثمار في البشر يهدف لتحسين الأداء الوظيفي    رئيس مجلس النواب عن الادعاءات حول قانون المنشآت: الهدف منه تطوير المستشفيات ليس بالبيع وإنما بالانتفاع ولمدة أقصاها 15 عاما    ضبط 6 أشخاص سرقوا مبلغ مالى من داخل سيارة وخزينة اموال في الجيزة    هل تفكر في مشاهدة فيلم ريان رينولدز IF.. إليك أحدث تقييماته وإيراداته المتوقعة    مصرع عامل على يد عاطل أثناء اعتراضه على سرقة منزله في قنا    عبدالملك: المثلوثي وزيزو من نجوم الكونفدرالية    قائمة البرازيل - استدعاء 3 لاعبين جدد.. واستبدال إيدرسون    سيد معوض: نتيجة الذهاب سبب تتويج الزمالك بالكونفدرالية    عاجل.. كواليس اجتماع تشافي ولابورتا| هل يتم إقالة زرقاء اليمامة؟    حسين لبيب: الزمالك معتاد على البطولات.. ونسعى لإعادة العلاقات الطيبة مع المنافسين    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    وزير الري أمام المنتدى المياه بإندونيسيا: مصر تواجه عجزًا مائيًّا يبلغ 55% من احتياجاتها    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    باحثة سياسية: مصر تلعب دورا تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية    من هو وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الذي توفي مع الرئيس الإيراني؟    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    22 مايو.. المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا فى مجال العلوم التطبيقية ببنها    محافظ الجيزة يعتمد المخطط التفصيلي لمدينة أبو النمرس    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    تشاهدون اليوم.. بولونيا يستضيف يوفنتوس والمصري يواجه إنبى    «الرعاية الصحية» تعلن حصول مستشفى الرمد ببورسعيد على الاعتراف الدولي    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    طريقة عمل العدس بجبة بمكونات بسيطة    السوداني يؤكد تضامن العراق مع إيران بوفاة رئيسها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    أول صورة لحطام مروحية الرئيس الإيراني    خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    تركيا: مسيرة «أكينجي» رصدت مصدر حرارة يعتقد أنه حطام مروحية رئيسي    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عجمي

سمعت عن الفيلم قبل مشاهدته. طالبة من أصل فلسطيني حدثتني عن الفيلم بحماس شديد وقالت إنها شاهدته أكثر من مرة وأعجبها كثيرا، خاصة من الناحية الإنسانية. سألتني لماذا لم أعرضه في الصف، وأجبتها أن الفيلم يعتبر فيلما اسرائيليا، ونحن لا نعرض أفلاما اسرائيلية في صف السينما العربية. كنت في الحقيقة أداري حنقي علي الفيلم، فلا شيء يمنع عرض فيلم اسرائيلي علي الطلاب ومقارنته بفيلم فلسطيني، خاصة أن فيلما مثل "عجمي" يتناول حياة عرب الداخل فضلا عن أنه من إخراج عربي اسرائيلي هو سكندر قبطي بالاشتراك مع يارون شاني. لكني تمسكت بموقف التجاهل وأجلت مناقشة الفيلم مع الطالبة المتحمسة لأجل غير معلوم.
صف السينما العربية يجتذب نحو ستين طالبا. وتوقعات الطلاب واحتياجاتهم المعرفية تؤثر عادة علي اختيار المادة وعلي أسلوب التناول، خاصة في المحاضرات التأسيسية مثل كورس السينما العربية، وهو الوحيد الذي يدرس بجامعة أوتاوا. ستون طالبا عيونهم معلقة بي لمدة ثلاث ساعات أسبوعيا، المفترض أن يخرجوا من المحاضرة وقد فهموا شيئا مختلفا عن السينما العربية، عن أهم قضاياها ومخرجيها وملامحها الجمالية وسياقات الإنتاج والتوزيع فيها وعن نسق القيم المتعارف عليه في المجتمعات العربية، كيف تؤكده الأفلام السائدة وكيف تختلف عنه وتنتقده أفلام قليلة أخري...المفترض أن تأتي معرفتهم بالسينما العربية مكملة لمعرفتهم بالمجتمع العربي وأن تضيف إليهم الخبرة الجمالية قدرا من المعرفة بمبادئ الدراما والتشكيل البصري والأنواع السينمائية وتاريخها وقواعد صناعة السينما وطرق التحايل عليها.
السينما الفلسطينية واحدة من تلك المحطات التي نتوقف عندها في الصف. نشاهد فيلما لميشيل خليفي، عادة "عرس الجليل"، وفيلما لإيليا سليمان أو هاني أبو أسعد، عادة "يد إلهية" أو "عرس رنا". بعض الطلاب لا يعرفون الفرق بين السينما الفلسطينية والسينما الإسرائيلية، وبعضهم يتصور أن اسرائيل دولة عربية، والبعض الثالث لا يدرك الفرق بين اللغتين العبرية والعربية. لذا يتطلب الأمر وقفة تاريخية ومراجعة للمعلومات الأساسية المطلوب معرفتها عن الواقع الفلسطيني، عن المجتمع الريفي وعن ارتباط الإنسان الفلسطيني بالأرض وحلم العودة، عن حركات التشتيت المتكررة علي مدار أكثر من قرن وعن الفرق بين عرب الداخل وعرب الخارج، عن المنفي الداخلي الذي يعاني منه الفلسطينيون في الداخل والعنف الواقع علي فلسطينيي الضفة الغربية وغزة. كثير من المعلومات الأولية غائب عن الطلاب، لذلك يتحول الفيلم لأداة معرفة أساسية تلفت أنظارهم لما يعيشه الفلسطينيون داخل وخارج الحدود، في السينما وفي الواقع، قبل الانتقال لتحليل بعض مشاهد الفيلم وفهم أبعاده الجمالية.
المعيار الرئيسي في اختيار الأفلام هو المعيار الجمالي، وهو معيار متحقق في فيلم "عجمي"، رغم ذلك قررت عدم عرضه أو مناقشته في الصف. لا شك أني متحيزة ضد الفيلم وأحاول أن أبرر تحيزي بشكل موضوعي للأسباب التالية: "عجمي" حي شهير في يافا تسكنه أغلبية عربية فقيرة. الفيلم يحكي خمس قصص قصيرة لخمس شخصيات تربط بينهم علاقات قربي أو صداقة أو عمل، يقيمون في هذا الحي، أو يعملون فيه، فلسطينيون يتحدثون العبرية بطلاقة، وفلسطينيون يتسللون عبر الحدود للعمل في الحي ولا يتكلمون إلا العربية، واسرائيليون يعملون بالشرطة مسئولون عن إقرار الأمن في الحي، يحققون في مقتل رجل يهودي مسالم علي يد فلسطيني مشاغب، أو يطاردون تجار المخدرات والشباب الفلسطيني المنخرط في العمل معهم. الفيلم يبدأ بمشهد اغتيال شاب فلسطيني علي يد اثنين من الملثمين، نعرف أنهما من البدو وبينهما وبين الأسرة الفلسطينية المستهدفة بعملية القتل ثأر بائت، يتم حله في مجلس عرب بدفع دية باهظة.
المشكلة التي يواجهها العرب في هذا الفيلم مشكلة داخلية دائما، لا تخص الاحتلال الاسرائيلي بأي صورة من الصور. يشير المخرج عرضا لفكرة الاضطهاد الذي يعاني منه عرب اسرائيل وهم أكثر من مليون ونصف المليون مواطن، يعاملون بوصفهم مواطنين من الدرجة الثانية. لكنه لا يتوقف عند هذا الاضطهاد المقنن كثيرا. يتوقف أمام حقائق من نوع آخر، منها أن العرب البدو يقتلون العرب الفلسطينيين، وأن شباب الحي ينخرط في إدمان أو توزيع المخدرات لحل مشكلة الفقر أو دفع دية أو علاج أم مريضة من أهالي الضفة في مستشفيات اسرائيل. الفيلم يتعرض أيضا لعرب اسرائيل الأثرياء (خاصة أسرة مسيحية) الذين يساعدون إخوانهم من الفلسطينيين ولكن دون الإضرار بمصالحهم الخاصة، والفيلم يقول إن دم اثنين من الشباب الفلسطينيين القتلي في نهاية الفيلم عالق بيدي عائل تلك الأسرة الفلسطينية المسيحية حيث يشي بهم للشرطة.
الشرطي الإسرائيلي الوحيد الذي ندخل بيته هو في الحقيقة أب رقيق يرعي ابنته الطفلة ويحنو علي أبيه الحزين بسبب اختفاء ابنه الثاني المجند في الجيش الإسرائيلي. تحتل قصة الشرطي وأسرته وأخيه الغائب مساحة من الفيلم، نتابع بلهفة انتظارهم وترقبهم لعودة الغائب، ثم عثورهم علي جثته في كهف بالضفة الغربية، مقتولا بخسة، وليس في معركة حقيقية، علي يد فلسطيني مجهول.
كل تلك "الحقائق" وغيرها يقدمها المخرجان بأسلوب ممتع، يعتمدان علي ممثلين غير محترفين وعلي ورش عمل مكثفة يستخلص كل ممثل من خلالها أبعاد الدور المطلوب منه. الفيلم بلا سيناريو مكتوب، أو علي الأقل لم يتح للممثلين قراءته إذ كانوا مطالبين في معظم الوقت بارتجال جمل الحوار. الكاميرا محمولة علي الكتف.
والصور خارج الفوكس أحيانا، والمونتاج يعيد انتاج نفس الحدث أكثر من مرة، ويعيد تصحيح الأحداث لو لزم الأمر. أسلوب الفيلم بشكل عام يقترب من السينما التسجيلية كأنه يقول إن ما نشاهده علي الشاشة ليس خيالا بل حقيقة واقعة لها أبعاد مختلفة ويمكن رؤيتها من زوايا مختلفة. حرفة جميلة توضع في خدمة خطاب أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه مراوغ. لكننا بإزاء فيلم اسرائيلي وليس فيلما فلسطينيا، ليس مطالبا بأكثر من التعاطف مع هوان العرب في الداخل. فيلم يدعو المتفرجين لأن يفتحوا أعينهم، وإن كان يتعمد أن يفتح أعينهم علي حقائق بعينها دون غيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.