هو حلم كل فتاة طموحة وزهرة في بستان عمالقة العلم، لها بصمة محفورة داخل المعمل كما أنها قدوة للحب والسلام حتي وصلت إلي أرفع المناصب العلمية. إنها الدكتورة «فينيس كامل جودة» الوزير الأسبق للبحث العلمي وأستاذة الكيمياء الفيزيقية بالمركز القومي للبحوث.. والتي تحدثت معنا حول بداياتها العلمية وحياتها الأسرية التي كانت النواة الأولي لتكوين شخصيتها ذات الجذور الصعيدية.. فقد نشأت وسط أسرة مكونة من ابن يعمل مهندساً وخمس بنات درسن في كليات الاقتصاد المنزلي والفنون الجميلة وبعد الانتهاء من دراستها الثانوية فضلت الدراسة في كلية العلوم التي لم تتقبلها والدتها ولكن احترم والدها الذي يعمل محاسبا في وزارة الدفاع رغبة ابنته وشجعها علي المضي قدما نحو تحقيق حلمها وهو ما تحقق بالفعل وكانت محل فخر أسرتها لأنها تفوقت في دراستها وقد تخرجت في كلية العلوم عام 1956 ثم عرض عليها التدريس في الجامعة الأمريكية بمرتب عال ولكنها فضلت العمل في المركز القومي للبحوث ومن شدة حبها للبحث العلمي تنفق أموالاً كثيرة علي شراء الدوريات العلمية وبعد ذلك تزوجت من أستاذها الدكتور رءوف شاكر ميخائيل. وتشير د.فينيس إلي أنها تتلمذت علي أيدي الدكتور ماخو مؤسس قسم الكيمياء الكهربية التطبيقية بالمركز والذي أشرف عليها في رسالتي الماجستير والدكتوراه واستفادت كثيرا من خبراته وخصوصا في علم المعادن لأنها كانت مهتمة بالتزين بالذهب والفضة فأرادت توسيع معلوماتها حول الاختلافات بين المعادن وبعضها. رزقها الله بليلي وشرين اللتين حظيتا بقدر كبير من الرعاية والاهتمام لأنها جعلت منزلها بجوار المركز لكي تشرف عليهما بين الحين والآخر وكانت حريصة كذلك علي تنمية هواياتهما واصطحابهما إلي النادي لتشجيعهما علي ممارسة الرياضة وتزويدهما بكتب الخيال العلمي لتمتهن ليلي الطب في أمريكا وشرين الهندسة ولديها خمس حفيدات. وتضيف د.فينيس بأنها لا تنسي فترة الإعارة إلي الكويت لمدة ست سنوات منذ عام 1984 إلي عام 1990 حيث أهلها إنتاجها العلمي لإدارة قسم تآكل الفلزات وطرق حمايتها وأجرت العديد من الأبحاث حول معرفة أسباب انهيارات المنشآت الصناعية ومعرفة الحلول العلمية لإطالة عمرها وبالإضافة إلي السبائك الغالية حيث كانوا يحبون اقتناءها لأنها تدوم أطول.. وحصلت علي جائزة من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وعندما كانت تستعد للرجوع إلي مصر بدأت حرب الخليج فقطعت مسافة طويلة في رحلة شاقة ومخيفة مع ابنتها لمدة خمسة أيام بسيارتها. تقلدت د.فينيس العديد من المناصب وقامت بتأليف ثلاثة كتب وأصبحت رئيسة شعبة الكيمياء غير العضوية بالمركز وقد شعرت بسعادة غامرة عندما اختيرت من ضمن عشر سيدات من منظمة العالم الثالث للمرأة في العلوم علي مستوي الدول النامية كرائدة في مجال العلوم والتكنولوجيا. وتقول بأن فترة توليها وزارة البحث العلمي منذ عام 1993 إلي 1997 كانت مليئة بالعديد من الإنجازات حيث قامت بتحسين سياسة البحث العلمي والتكنولوجيا ووضعت الاستراتيجية القومية للهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية وكما أنها عقدت اتفاقيات مهمة مع دول أجنبية مثل المشاركة الأمريكية للتكنولوجيا وكما أنها أول من فكرت في مشروع إنشاء المتحف القومي للعلوم والتكنولوجيا بالتعاون مع منظمة اليونسكو وساهمت في وضع مخططات لإنشاء الحضانات التكنولوجية. وهناك العديد من الجوائز وشهادات التقدير التي حصلت عليها من أهمها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي من الرئيس السادات عام 1975 وجائزة الدولة التقديرية وميدالية ذهبية من الرئيس مبارك عام 2004 والتي تبرعت بقيمتها لتخصيص جائزتين يتم منحهما سنويا لشباب الباحثين في مجال المواد وتطبيقاتها أو أي اختراع أو ابتكار قابل للتطبيق. وتعمل حاليا في مشاريع ممولة من الاتحاد الأوروبي للمحافظة علي الموروثات الثقافية للوصول إلي طرق جديدة للحفاظ علي التحف الأثرية المصنعة من الذهب والفضة.