من حين لآخر تطالعنا الأنباء بترشيح بل وفوز مصريين بجوائز ومناصب عالمية وغالبا ما تكون هذه الأسماء أو المناصب التي يفوز بها المصريون مفاجأة تامة لنا، وأن الرأي العام لا يعرف عنها شيئا بل إن حتي المتخصصين في نفس المجال يكاد يختلط عليهم الأمر ولا يعرفونهم أيضا!! ونظرة واحدة علي أسماء مثل د. محمد البرادعي أو د. زويل أو حتي التصنيف الدولي للجامعات سنجد أن كل هذه الشخصيات والهيئات لم تكن تدري عنهم وعن دورهم شيئا قبل الإعلان عن فوزهم بالجائزة وهي نوبل مثلا أو بخروج جامعاتنا من التصنيفات الدولية للجامعات، كما حدث مع جامعة القاهرة في عام 2005 وخروجها من التصنيف الدولي. وعلي العكس من الجوائز والمناصب العالمية، تكاد تكون جوائزنا في الداخل محسومة مسبقا ونتيجة الأسماء الفائزة معلنة للجميع وحتي قبل التصويت عليها، مما جعل كثيرين لا يرحبون بالترشيح لهذه الجوائز أو نسيان الرأي العام للأسماء الفائزة بمجرد الإعلان عنها!! مناسبة هذا الحديث رغم أن التوقيت الحالي ليس هو موسم إعلان جوائز أو ترشيحات هو خبر فوز عالمة مصرية هي د. رشيدة الريدي بجائزة لوريال التابعة لليونسكو، نظرا لتميز أبحاثها العلمية التي تستحق عنها الجائزة.. ورغم أن العالمة المصرية ليست هي الأولي التي تفوز بالجائزة من مصر فترتيبها هو الثالث منذ أسست مؤسسة لوريال الفرنسية للتجميل للجائزة لتكون تابعة لليونسكو، إلا أن الأهم هذا العام حمل مذاقا خاصا وقصصا لابد أن نلقي الضوء عليها. فقبل مايو الماضي لم يكن أحد يسمع عن اسم د. رشيدة الريدي أن طرح اسمها بعد عدة أيام في إطار الصراع المحتدم في ذلك الوقت حول حجب جائزة الدولة التقديرية في العلوم والتي قيل إن د. هاني الناظر رئيس المركز القومي للبحوث كان مرشحا لها وأن الجائزة حجبت في إطار الصراع الشخصي معه وهو بالمناسبة يستحق جوائز أيضا. وعندما زادت الأقاويل والاتهامات لأكاديمية البحث العلمي ووزيرها د. هاني هلال حول الدور في ذلك، ظهر اسم د. رشيدة الريدي كمرشحة معه، ومن أنها هي الأخري اسم كبير لعالمة أفنت حياتها في العلم وقدمت 80 بحثا دوليا منشورة في كبريات المجلات العلمية الدولية المحترمة.. وبصرف النظر عما حدث ويحدث فقد كان ذلك مفاجأة تامة للجميع من الاسم العلمي والمفاجأة الأكبر كانت لقوة أبحاث هذه الأستاذة المتفرغة لأبحاثها العلمية داخل معملها بكلية العلوم جامعة القاهرة ولم يسمع أحد عنها.. ثم تدور الأيام ويعلن الأسبوع الماضي عن فوزها بجائزة دولية علمية مرموقة للغاية وللتدليل علي قوة وأهمية الجائزة هي أن اللجان التي تختار الفائزين تتكون عادة من الأسماء العلمية التي سبق وفازت بجائزة نوبل، بالإضافة إلي الجوائز العالمية الأخري، والطريف أن السيدتين اللتين فازتا مناصفة بجوائز نوبل في العلوم هذا العام، سبق أن حصلتا علي جائزة اليونسكو في الأعوام السابقة. وليس سرا أن عالمنا المصري الكبير د. أحمد زويل هو أحد العلماء الكبار الذين يحكمون لهذه الجائزة الدولية، ولكن منذ العام الماضي لم يشارك في الاختيار أقول ذلك حتي لا يكون هناك أي لبس وأقاويل حول الجائزة ولكن د. زويل طلب منه منذ أكثر من عامين أن يرشح شخصيات علمية مصرية محترمة يكون دورها هو البحث عن أسماء لمرشحات تستحق الجائزة وبالفعل بحث د. زويل عن أسماء علماء مصريين يعترف بهم في الخارج ووجد مثالية بعد بحث في مكتبات الكونجرس والمؤسسات العلمية الدولية.. اسم العالم الكبير د. محمد أبو الغار كمصنف عالمي من أفضل العلماء الدوليين في مجال الطب والبحث العلمي فرشح اسمه لليونسكو بدون أن يعرفه شخصيا أو يلتقي به أو يكون من أصدقائه (ملحوظة) د. أبو الغار مصنف داخليا وحكوميا علي أنه من تيار المعارضة داخل الجامعات المصرية خاصة أنه مؤسس حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات انتهت الملاحظة. وبنفس الأسلوب العلمي وبعد تكليف اليونسكو للدكتور أبو الغار الترشيح أخذ يبحث عن الأسماء الجادة وأعلم أن مهمته كانت غاية في الصعوبة خاصة مع النقص الشديد لعدد وأسماء من يقدمون بحثا علميا حقيقيا والأهم معترفا به دوليا وبالتأكيد كان الأمر أكثر صعوبة في مجال البحث عن أسماء نسائية، إلي أن توصل د. أبو الغار لأعمال د. رشيدة فرشحها ولم تعلم هي عن ذلك الترشيح الذي تم منذ عام ونصف العام إلا قبيل إرسال 207 الخاص بها وكان ينقص بعض المعلومات الشخصية الدقيقة. وللحقيقة هناك قصة مشابهة أيضا تحدث منذ أكثر من عام في أكاديمية البحث العلمي فالرغبة في تحسين صورة مصر ومكانتها الدولية في مجال العلم، وللحقيقة هناك قصة مشابهة أيضا تحدث منذ أكثر من عام في أكاديمية البحث العلمي فالرغبة في تحسين صورة مصر ومكانتها الدولية في مجال العلم، جعلت وزير التعليم العالي د. هاني هلال يطبق نفس المعايير الدولية وهي عمل دليل وفهرسة كاملة لكل العلماء المصريين الذين لديهم أبحاث دولية، لأن هذه الخطوة الأولي قد تمكن وتساعد من دعم هؤلاء المغمورين عن دنيا المناصب والشهرة، خاصة أن هناك رغبة جادة بالفعل في دعم البحث العلمي وتطويره خاصة في ظل توافر الأموال والمنح الدولية لذلك. وبهذه الخطوات التي اتبعت الأسلوب العلمي في الكشف عن تميز علمائنا عرف الجميع اسم د. رشيدة الريدي التي تجاوزت ال 65 عاما من عمرها ولم تحصل علي معمل خاص بها إلا في بداية القرن الحالي بمساعدة عالم آخر جليل هو د. فاروق إسماعيل رئيس جامعة القاهرة الأسبق الذي علم قدرها وشجعها وأنشأت معملا لها يساعدها الآن للوصول إلي براءة اختراع لعمل مصل مضاد للبلهارسيا. فشكرا لعلماء مصر الجادين من د. أحمد زويل ود. أبو الغار ود. فاروق إسماعيلي إلي رشيدة الريدي التي أعتقد أنه كان هناك من المسئولين من هم أكثر سعادة منها بالفوز بالجائزة الدولية المرموقة!!