اقتضت حكمة الله في الخلق أن يتدرج معهم في التشريعات رحمة بهم وتيسيراً عليهم ولما كانت شريعة الإسلام خاتمة الشرائع فلا نبي بعد محمد «صلي الله عليه وسلم» ولا شريعة بعد شريعته وإلي قيام الساعة ومن هنا احتوت الشريعة علي أحكام عامة وأخري خاصة والذي يعنينا هنا تلك الأحكام المتعلقة بالطلاق والتي منها: 1- حق الطلاق بيد الزوج وليس بيد الزوجة وهذا من حيث الأصل إلا في حالات استثنائية يسند هذا الحق إلي القاضي أو تخالع المرأة زوجها فيحكم لها القاضي بالزام الزوج بتطليقها. 2- وإعطاء هذا الحق للزوج من قبل الله ليس لعقول البشر أن يخوضوا فيه وإنما هذا وحي الله لرسوله «صلي الله عليه وسلم» وهو الأعلم بعباده وخبير بهم قال تعالي: «ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير» «الملك آية: 14» فالرجل يدفع المهر ويعد منزل الزوجية وبالتالي فهو الأحرص علي عدم هدم ما بناه أو ضياع ما أنفقه لذا فهو أملك لنفسه من المرأة التي يشوبها الانفعال والتسرع أيما كانت الحكمة فلا خيار لنا أمام نصوص إلهية بينت أن الطلاق بيد الرجل إلا ما استثني. 3- ويشرع الطلاق في حالات متعددة ويجب في حالات كما ذكرت في المقال السابق وفي هذا المقال أدلل علي حالات تبيح الطلاق بل تعطيه للمرأة لكي ترفع أمرها للقاضي ليطلقها إن وجدت أسبابه والتي منها: أ- وقوع أحد الزوجين في كبائر المعاصي مع الإصرار عليها وعلي رأس هذه الكبائر الشرك بالله. ب- ارتكاب الفواحش من زنا أو سرقة أو قتل أو تعاطي الخمور والمخدرات.. إلخ من الموبقات بل يحق للمرأة أن تطلب الطلاق من القاضي إذا كان زوجها ممن يخرجون علي الحكام ويصر علي ذلك. ج- ويشرع الطلاق إذا وجد في أحد الزوجين أي علة تمنع الاستمتاع أو الإنجاب المهم هو ثبوت هذه العلة وبالتالي يحق للمتضرر أن يطلب الطلاق مع الاحتفاظ بالحقوق إذا أخفي الطرف المعني حقيقة هذه العلة قبل العقد. إن الطلاق يشرع في أي حالة لا يتحقق منها مقصود الزواج ومقصود الزواج هو بناء الأسرة والإشباع الفطري فإذا تعذر تحقيق هذين المقصدين يشرع الطلاق قال تعالي: «الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون» «البقرة آية: 229» ويقول الله تعالي: «.. ولا تنسوا الفضل بينكم» «البقرة آية: «237» إذن الطلاق في الإسلام ليس حرباً بين طرفين أو أسرتين وإنما التشريع واضح إمساك بمعروف أو طلاق بإحسان مع التذكير بالفضل والعشرة التي كانت بين الزوجين لإبقاء العلاقات الاجتماعية والأخوية قائمة وإن وقع الطلاق فوقوع الطلاق ليس كفراً أو نهاية للحياة بل قد يتحقق لكل منهما خير قال تعالي: « وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما» «النساء آية: 130» لكن يبقي التساؤل اتجاه الأزواج رجالاً أم نساءً الذين يقعون في الموبقات من المعاصي هل يمنعون من الزواج أم ماذا؟! أولاً: باب التوبة مفتوح للعباد مع ربهم لا واسطة بينهم وبين الله قال تعالي: «قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم» «الزمر آية: 53» وقال تعالي: «.. ادعوني أستجب لكم» «غافر آية 60». ثانياً: الحرام لا يحرم حلالاً فلو أن إنساناً وقع في الزني وهذا حرام لا يمنع من الزواج لأنه حلال إذا تحققت التوبة قال تعالي: «الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك علي المؤمنين» «النور آية: 3» وهذا من يسر الشريعة فلنا أن نتخيل إنسانا اقترف من الآثام ما اقترفه ثم تاب كيف يكون حاله إذا منعناه من الزواج؟ هل بذلك تعم العفة والطهارة في المجتمع؟ وهذا المذنب الذي تاب كيف يقضي شهوته إذا منع من إشباعها بالحلال؟ فالحمد لله علي نعمة الإسلام.