الأواني النحاسية كانت جزءًا لا غني عنه في كل بيت مصري خاصة فقد كان احد أهم الاساسيات في جهاز العروسة وكانت الأسر تتباهي به بين الناس لدرجة أن البعض اعتبره كالادخار الآمن الذي ينفع في اليوم الأسود فكانت إذا مرت بضائقة مادية باعت نحاسها، كما كانت مهنة مبيض النحاس من المهن المزدهرة علي مدي سنوات طويلة، وكانت أيضا الأواني النحاسية من أطباق واستكانات للقهوة وقدر الفول جزءًا أساسيا من مائدة المصريين، ولكن سرعان ما تبدل الحال وانحسرت المهنة أمام ارتفاع الأسعار لتصبح قطعة من التراث لا يشتريها إلا السائحين، ولكنها عادت للظهور في السنوات الأخيرة وأصبحت قطعة ديكور لها بريقها الخاص والمرتبط أيضا بشهر رمضان ولكن بصورة مختلفة عن الماضي. والإقبال علي الأواني النحاسية كنوع من الديكور الشرقي، يظهر بشكل واضح في الفنادق الكبري وكذلك في منازل الصفوة لإشاعة جو مميز من خلال قدر الفول النحاسية وأواني الزرع وطقم الشاي المكون من الصينية النحاسية الشهيرة والبراد وطقم الأكواب. و تري (سناء إبراهيم- ربة منزل) أن تلك الأواني تضفي علي منزلها نوعا من الوجاهة والرصانة، كما أنها تستعيد لونها الأصلي بمجرد تنظيفها بالمنظفات الكيميائية إضافة إلي كونها صحية في الطهي بخلاف الأواني الألمونيوم. أما (ناهد حسام) فتتذكر أن جدتها كانت تمتلك مطحنة بن نحاسية وصينية نحاس كبيرة كانت تعتز بها كثيرًا، ولكن أبناءها تخلصوا منهما بعد وفاتها لقناعتهم بما يقال عن أضرار النحاس في الطهي، ولذلك فهي تتعجب من شيوع استخدامه مرة أخري. ويضاف إلي الأواني المباخر الأنتيكات التي يقبل عليها السائحون خاصة العرب منهم والتي تشهد رواجًا خاصًا في المناسبات الدينية وخاصة في شهر رمضان، وهو ما يؤكده "خالد ربيع" صاحب إحدي ورش تصنيع النحاس بخان الخليلي قائلا: "يقبل الناس عادة في رمضان علي شراء الأواني النحاسية وإن كانت الحال قد تأثرت هذا العام كثيرًا بسبب ارتفاع سعر خام النحاس المستورد من الخارج،حيث يتراوح سعر قدر الفول ما بين 150 وحتي 350 جنيهاً، أما أواني الزرع فيختلف سعرها حسب الحجم و تبدأ من 35 جنيهاً وتصل إلي 500 جنيه، و يتراوح سعر الصينية ما بين 60 و450 جنيهاً، ويباع براد الشاي النحاسي بأسعار تبدأ من خمسة وعشرين جنيها وتصل إلي مائة وخمسين حسب الحجم والخامة". ويؤكد أكرم علاء - بائع - علي أن اقتناء الأواني النحاسية ظل لفترة طويلة حكرا علي السياح الأجانب ولكن استخدامها كديكور في المنزل جعل المستهلك المصري يدخل ضمن زبائن النحاس والتي يتم تصنيعها في ورش منطقة "تحت الربع" و"باب الخلق" من خلال أشخاص لديهم مهارات وحس فني ودقه عالية في تشكيل النحاس، ولكن الخوف الذي يراودنا كتجار هو من انقراض الحرفي الموهوب أمام ضعف المبيعات وضعف التسويق علاوة علي تأثرنا بارتفاع أسعار الخام وهو ما قد يؤثر مستقبلا علي استمرار هذه الحرفة التراثية خاصة أمام غزو المنتجات الصينية التي تغرق السوق بأسعار أقل ولكن بصوره رديئة لا تقارن بما يقدمه الصنايعي المصري.