يعتبر نفسه محظوظاً لأنه استقي المهنة وتعلم أصولها من أسرته أعرق وأقدم عائلة في المجال، فكانت له خلطته السرية وبصمته المميزة بأشهر محلات الحلوانية من الوجه القبلي والبحري، ورغم ما لحق بالمهنة من تدهور، وغلاء في أسعار الخامات إلا أنه مازال متمسكاً بها، وبمحله القديم الذي خرج أجيالاً وأجيالاً من صنايعية المهنة.. إنه عم أحمد علي أبو العلا الشريف 56 عاماً أقدم وأشهر صانع كنافة بشارع أم الغلام بمنطقة الحسين، الذي التحق بالمهنة مبكراً للعمل مع والده وجده وهو بعمر 10 سنوات، وبعد أن حصل علي الابتدائية تفرغ للمهنة من خلال محل الأسرة القديم أمام المشهد الحسيني، وبمرور الوقت اتقن الصنعة ومارسها علي أصولها فابن الوز عوام حتي شقيقاته تعملن معه. وعن التغيرات التي لحقت بالصنعة فهي كثيرة علي حد قوله فالمهنة كانت يدوية من الألف إلي الياء. فكان العجن والخبز يدوياً وتقتصر الخامات علي دقيق وماء فقط. كذلك استخدام «الفحم الناعم» أو«السن» في الوقود تحت فرن الخبز الذي كان يبني من الطوب ثم توضع فوقه صينية النحاس، القطايف نفس الشيء كانت تخبز فوق حجر زهر، أسفله نار الفحم بعد ذلك استبدل الفحم بالجاز ثم الغاز كما استبدلت الصينية النحاس وحجر الزهر بالمكن الآلي في صنع الكنافة والقطايف وكذلك حلة العجن بماكينة خاصة لفرم الكنافة بعد نضجها، كما لحقت ب«مونة الكنافة» أو عجينتها بعض التغييرات مثل وضع السمن مع الدقيق والماء بصفة أساسية وكذلك إضافة السكر والعسل واللبن أما القطايف فمكوناتها دقيق مع الماء وخميرة وكربونات الصوديوم، ثم تترك لتخمر بعدها يتم خبزها. يضيف عم أحمد بأن الكنافة نوعين بورما أو صحرة وهي الخاصة بالحلوانية في رمضان ويضاف إليها السكر والعسل واللبن لتلوينها باللون الذهبي بعد خبزها وحشوها، فضلاً عن إكسابها هشاشة وسرعة الذوبان في الفم وكذلك سرعة نضجها. ويوضح عم أحمد أنه يمكن وضع «النشا» للعجين حتي تحتفظ الكنافة بلونها الأبيض حتي بعد إدخالها للفرن وسقيها بالعسل الأبيض ويسمي هذا النوع بالكنافة «البلورية» وهذا النوع متميز وله زبونه الذي يطلبه بالاسم. ومن الكنافة الطرحة تصنع الكنافة «الأساور» التي يتم حشوها بالمكسرات والكريمة، وهناك نوع آخر وهو الكنافة الحجاب، أما النوع الآخر فهو كنافة «بصمة» أي صينية ويتم إدخالها بمفرمة لتفتيتها مثل الأرز، ويؤكد عم أحمد أن سر المهنة كان في نسب المقادير وهذا ما يميزه عن غيره وخاصة بعد ظهور العديد من الأنواع الجديدة في الدقيق المستخدم بعدما كانت مقتصرة في الماضي علي ثلاثة أنواع فقط، وهي الأمريكاني، الفرنساوي، الإسباني، ولكن منذ حوالي 4 سنوات ظهرت أنواع كثيرة ولكن عم أحمد يحرص علي شراء أفضل نوع حتي تكون النتائج مضمونة، وإن صار ذلك صعباً في ظل تغيير خواص الدقيق وبالتحديد في فصل الصيف يعاني عم أحمد من غلاء الخامات وبالتحديد الدقيق الذي وصل سعر الطن الواحد منه 2750 لشرائه لكي يكفي طلبات المحلات التي يغطي احتياجاتها في العديد من المحافظات سواء في الوجه البحري والقبلي فضلاً عن أشهر محلات الحلوانية بالمناطق الراقية والشعبية، منذ 25 سنة تقريباً ومع ذلك يلتزم عم أحمد بالبيع بالأسعار القديمة لأن له زبونه الذي اعتاد عليه ويأتي إليه خصيصا، وسعر كيلو الكنافة 6 جنيهات. والسمبوسة ب7 جنيه للكيلو، و«رقاق» ب6.5 جنيه، الجلاش ب5 جنيهات، أما بالنسبة للقطايف فيقوم بالعمل فيها قبل رمضان بيوم واحد فقط وهي ثلاثة أنواع «العصافيري» الصغيرة، والحلواني المتوسطة، والكبيرة التي يتم حشوها باللحم المفروم والجبنة والخضروات، وبعد حوالي خبرة 44 عاماً في الصنعة فإن عم أحمد يشتاق للف الشوال حول خصره الذي يقيه حرارة الفرن للوقوف علي الصينية النحاس لعمل الكنافة اليدوية وذلك بعد أن خرج أجيالاً وأجيالاً أصبحوا الآن أسطوات المهنة.