إن كان الساحل الشمالي الشرقي الممتد من الاسكندرية حتي مرسي مطروح قد شهد نهضة سياحية منذ الثمانينيات من القرن الماضي رغم عشوائية التخطيط.. فمازال الساحل الغربي الذي يبدأ من عاصمة محافظة مطروح حتي السلوم بكراً يبحث عن تنمية حقيقية تساهم في حل الأزمات العديدة التي يعاني منها ابناؤه بدءاً من الجفاف ومروراً بالالغام والبطالة وأخيراً انخفاض المخزون السمكي .. فهل يتكرر الخطأ ويتحول هذا الساحل ايضاً الي مشروعات عقارية لا يستفيد منها ابناء مدنه .. «روزاليوسف» ترصد من خلال تحقيق ميداني موسع علي عدة حلقات هذه الحالة التي يجب انقاذها فورًا. هيئة التخطيط العمراني من جانبها اكدت إعداد مخطط استراتيجي لتنمية الساحل الغربي وظهيره الصحراوي بهدف استغلال موارده في خلق كيانات اقتصادية قوية تساهم في توطين 5 ملايين مواطن وتوفير 1.5 مليون فرصة عمل لابناء المنطقة، وهو امر قريب من فكرة مشروع ممر التنمية الذي يطرحها العالم المصري فاروق الباز. أما الحكومة فعقدت العديد من الاجتماعات الوزارية مراراً وتكراراً بحثاً عن رؤية شاملة للساحل ومخطط يساهم في التنمية الحقيقية للمنطقة .. إلا ان هذه التأكيدات والاجتماعات ترجمت جميعها في قرار واحد هو ترك المنطقة للأجيال القادمة ، ليظل الساحل الغربي الممتد من مرسي مطروح حتي السلوم بطول 200 كيلو متر صحراء جرداء يعيش أبناؤه حياة بدائية . فيما غضت المحافظة النظر عن الساحل وكأن قرار الحكومة كان بمثابة النجاة لها من حمل عبء تنميته واستصلاح أراضيه، لتنتشر المشكلات في جنباته ويظل ابناؤه خارج الخريطة المرفقية والخدمية .. ويستمر التركيز علي فكرة قصر الاستثمار بالساحل الشمالي علي المجال السياحي اللهم إلا بعض المشروعات الزراعية والصناعية التي لا يزيد عددها علي أصابع اليدين. هذا ما يؤكده البيان الصادر عن ادارة الاستثمار بالمحافظة حول المشروعات الاستثمارية المقامة علي ارضها الذي يتضمن 125 مشروعاً سياحياً إلي جانب 4 مشروعات زراعية ومشروعين صناعيين فقط في العلمين والحمام والضبعه ومطروح. في الوقت الذي يعيش فيه ابناء تلك المدن في معاناة حقيقة خاصة مع انتشار البطالة والمشاكل الخدمية مثلما أكد فوزي مفتاح رئيس المجلس المحلي لمركز الحمام الذي قال إن ابناء المركز لم يستفيدوا من القري السياحية التي اقيمت علي طول الساحل في شيء سوي "القمامة" التي تلقيها هذه القري عليهم! وأضاف "مفتاح": إن القري لم تتح لفرد واحد من اهالي الحمام العمل فيها بدعوي احتياجها لأيدي عمل مدربة في الوقت الذي يتزايد فيها معدل البطالة وتقل الخدمات المقدمة لابناء المركز خاصة في ظل تحويلها لخدمة المشروعات السياحية. الرأي نفسه اكده مشايخ وعواقل قبائل مطروح ومنهم العمدة «بشير عبد الكريم " أحد مشايخ براني قائلاً : ان المحافظة لا تنظر إلا للمشروعات السياحية ولا تعير بالاً لباقي المجالات رغم ان ابناء مدن الساحل يعتمدون بشكل اساسي علي النشاط الزراعي والرعوي. ويري "عبد الكريم" انه بدلاً من التركيز علي هذه المشروعات التي لا يستفيد منها احداً يجب النظر الي كيفية دعم الزراعة والرعي عن طريق حفر الآبار لمواجهة الجفاف الذي يعم علي المنطقة. ورغم ذلك مازالت المحافظة تلهث وراء المشروعات السياحية بدليل التسهيلات التي تقدمها للمستثمرين تحت مسمي "خطة التحفيز الاستثماري" ومنها ترك حرية اختيار الاراضي ومساحاتها علي الخرائط للمتقدمين بالمشروعات السياحية فضلا عن بيع هذه المساحات بأسعار زهيده للغاية لا تتعدي ال 60 جنيها للمتر الواحد تسدد علي 7 أقساط سنوية بمقدم 10 %. الامر لم يتوقف عند هذا الحد بل تقوم ادارة الاستثمار في المحافظة بالحصول علي جميع الموافقات علي المشروعات من الجهات المختلفة صاحبة الولاية علي الاراضي لتوفير وقت وجهد المستثمرين الي جانب تعديلها للبرامج الزمنية التي يتم الاتفاق عليها مع المتقدمين للمشروعات في حالة تعثرهم بل وجدولة ديونهم. هذا ما أكده محمد عاطف وكيل الادراة العامة للاستثمار في تصريحاته حول الخدمات التي تقدمها الادارة للمستثمرين موضحاً ان نسبة المشروعات السياحية علي الساحل الشمالي الشرقي وصلت الي 100% علي الشاطئ أما جنوب الطريق فوصلت نسبة المشروعات الفندقية والعقارية الي 50%. وعن الساحل الغربي .. قال "عاطف" انه في حالة صدور قرار من رئيس الوزراء باستئناف تراخيص الاراضي بالمنطقة سيتم تخصيصها ايضا للاستثمار السياحي اولا خاصة وان مطروح محافظة تعتمد علي السياحة بشكل رئيسي . واضاف "وكيل الادارة" ان المشروعات السياحية بالساحل الشمالي تواجهها عدة عقبات منها تنازع الاختصاصات والتصرف بالأراضي الواقعة في نطاق المحافظة بالرغم من صدور القانون رقم 7 لسنة 1991 بولاية المحافظة في التصرف بكل الاراضي التي تدخل في كوردونها الا ان القرارات الوزارية تعطي لبعض الهيئات حق الولاية علي الاراضي. واشار "عاطف" الي ان المنازعات علي الاراضي تدخل فيها عدة هيئات منها التنمية الصناعية والمجتمعات العمرانية وحماية الشواطئ والآثار والتنمية السياحية ومشروعات التعمير والتنمية الزراعية والاصلاح الزراعي. واوضح "وكيل الادارة" ان اقرب المنازعات كانت علي اراضي شركة الفادي في إحدي قري الحمام التي تدخل ضمن زمام المحافظة إلا ان هيئة مشروعات التعمير اكدت ولايتها عليها ومازال النزاع معروضا علي المركز الوطني لتخطيط استخدامات اراضي الدولة. طريق يربط السلوم ب«سيوة» وميناء في «أبو لهو» و«براني» محور تنموي ايمن عبدالجواد مدير ادارة التخطيط العمراني بمحافظة مطروح كشف ل «روزاليوسف» انه تم ادراج عدة مشروعات ضمن مخططي عامي 2027 و2050 لاقامتها في الساحل الشمالي الغربي طبقا للاولويات التنموية ودراسات الجدوي الاقتصادية . وقال "مدير التخطيط" ان المخططين يتضمنان مد طريق يربط بين السلوم وسيوة وتنمية محور سيوة - الواحات بطول 420 كيلو مترًا وسيوة -جغبوب بطول 60 كيلومترًا والذي يربط الواحة بليبيا ويساهم في تفعيل حركة جمرك "جغبوب" في سيوة. واشار "عبد الجواد" الي انه من المخطط ربط الواحة «بقارة» بام الصغير بطول 120 كيلومتراً وازدواج خط السكة الحديد وتفعيل الربط العربي المشترك بين دول شمال افريقيا في اطار خطة جامعة الدول العربية بالاضافة الي تنمية الطريق الساحلي من مطروح وحتي النجيلة بطول 70 كيلو متراً وتوسعته وربطه بالقري المتاخمة له. وأضاف مدير التخطيط انه من المقرر إقامة طريق ساحلي يتراوح مابين200 و300 متر من خط الشاطئ يربط بين النجيلة وحتي السلوم مشيراً الي انه سيتم حظر البناء علي يسار الطريق. واوضح " ان المخططين يعتبرون مدينة براني محورًا تنمويا يشمل علي خدمات رئيسية للربط بين السلوم ومطروح، بالاضافة الي دراسة عمل ميناء تجاري في منطقة ابولهو علي بعد 40 كيلومتراً من مطروح لخدمة مناطق غرب افريقيا . وبالنسبة للسلوم قال "مدير التخطيط" انه ستتم اقامة اكبر مشروع سياحي علي الهضبة بجانب انشاء منطقة تجارة حرة بين مصر وليبيا واقامة ميناء جاف.