عرض: هالة عبدالتواب بالرغم من تربعها لسنوات طويلة علي عرش أغني أغنياء فرنسا لم يكن اسم المليارديرة ليليان بيتنكور يثير الكثير من الجدل. فطالما كانت صورتها في الإعلام الفرنسي صورة المسنة الراقية ذات ال88 عاما وريثة إمبراطورية لوريال العالمية لمستحضرات التجميل، والتي أنشأت مع زوجها السياسي ورجل الأعمال أندريه بيتنكور مؤسسة بيتنكور-شولر الخيرية التي تدعم أبحاث السرطان ومكافحة الأمية، وحتي بعد أن أعلنتها مجلة فوربس أغني سيدات أوروبا علي الإطلاق وثالث أغني سيدة في العالم ظل أغلب الفرنسيين لا يعرفون حتي شكلها. لكن في العامين الماضيين، وخاصة بعد وفاة زوجها تفجرت القضايا وتوالت الفضائح ليحتل اسم ليليان بيتنكور التي دائما ما كانت تفضل البقاء في الظل الصفحات الأولي للصحف الفرنسية والعالمية، كاشفة عن أسرار عاطفية وفضائح فساد كبري تورط أكبر أسماء الدولة. بدأ الأمر بقضية رفعتها في أواخر 2008 فرانسواز بيتنكور مايير، ابنة ليليان بيتنكور ضد مصور فوتوغرافي معروف في أوساط النخبة بتهمة استغلاله لوالدتها والحصول منها علي مليار يورو. وشكل الخبر مفاجأة لملايين الفرنسيين نظراً للتكتم الذي عرفت به العائلة منذ أن جمع عميدها، أُوجين شولر، أكبر ثروة في فرنسا في القرن الماضي، بفضل مصنع للشامبو ومستحضرات التجميل. وانتقلت الثروة الي ابنته الوحيدة بعد وفاته عام 1957. الأمر الذي دفع الصحفي كريستوف دانتونيو إلي تأليف كتابه " المتصابية وزير النساء" وخاصة أن المتهم في هذه القضية هو المصور والكاتب الشهير فرانسوا ماري بانييه. فقد عرف عن العجوز الثرية وزوجها السياسي الراحل أندريه بيتنكور تقديرهما لموهبة بانييه الذي يجمع حوله عدداً من الأصدقاء اللامعين أمثال الشاعر الراحل لوي أراغون والممثلة إيزابيل أدجاني ومصمم الأزياء بيير كاردان وأميرة موناكو كارولين. لكن الابنة الوحيدة لليليان بيتنكور لم تنظر بعين الارتياح الي كرم والدتها واعتبرت أن المصور يستغل ضعفها لتقدمها في السن، خصوصاً أنها فتحت لصالحه عدة عقود، بالملايين، للتأمين علي الحياة. ولأول مرة يشهد القراء الفرنسيين علي تفاصيل الحياة الشخصية لعائلة بيتنكور والصراع بينها وبين ابنتها الوحيدة الذي وصل إلي القضاء. لم تلبث هذه القضية أن خرجت شيئا فشيئا من دائرة الأضواء حتي ارتبط اسم المليارديرة بأكبر قضية فساد علي الساحة الفرنسية الآن تهدد بالإطاحة بحكومة فيون بأكملها، وأثارت عاصفة من التساؤلات حول الوجه البريء للمسنة صاحبة الأعمال الخيرية وعن علاقتها بالسياسة. ففي إطار التحقيقات في القضية التي رفعتها بيتنكور الابنة، تم الكشف عن تسجيلات صوتية تؤكد تهرب ليليان بتنكور من الضرائب وتكشف تورط وزير المالية الحالي إريك وريت وزوجته التي كانت تعمل في إدارة ثروة ليليان بيتنكور في هذا التهرب الضريبي. وسرعان ما اتسعت القضية لتشمل اسم رئيس الجمهورية الفرنسي نفسه، عندما اعترفت محاسبة سابقة في شركات لوريال بتسليم أموال في 2007 لأريك وريت ، عندما كان المسئول المالي في حزب الأغلبية ، لتمويل الحملة الانتخابية لنيكولا ساركوزي. وفضائح بيتنكور المتوالية تكشف أمام الجمهور أزمة أخلاقية تتخطي الفضيحة المالية والمصرفية صدمت الرأي العام الفرنسي خاصة في إطار التخبط السياسي والأزمة الاقتصادية التي يعيشها الفرنسيون.