لا يحب أحد من البشر أن يكون فريسة.. ولا يفضل أي إنسان أن يكون هدفاً لصياد يتربص به في كل مرة ينزل إلي الشارع مترجلاً أو ذاهباً لسيارته وحتي وهو بداخلها.. ومن المؤلم أن تشعر أنك فريسة ينتظرها هؤلاء الصيادون مما يجعلك تسير في احتراس بل قد تختلس السير في مناطق الفخاخ التي تعرفها الفرائس من خبرتها بالصيادين.. فمن هم الصيادون؟ ولماذا ينظرون لك كفريسة؟ الصيادون الذين تمتلئ كل الشوارع بهم هم المتسولون.. والفرائس هي كل من قد تبدو عليه أمارات الطيبة والتسامح وكل من يتوسم فيه الصيادون دسامة الفريسة ودماثة الخلق.. إذا كنت من هؤلاء الذين يخرجون من بيوتهم صباحاً إلي أعمالهم وقد ارتدوا ملابس تليق بالعمل وعلي وجوههم نظرة أمل، ثق أنك فريسة مناسبة.. وإذا كنت بشوش الوجه غير حاد الطباع تقبل علي الحياة وتكرم الآخرين، اعلم أنك فريسة مثالية وسوف يتصارع الصيادون حولك.. وإذا تأكدت أنك فريسة ينبغي عليك متابعة بعض البرامج التي قد تساعدك في الهروب من الصيادين.. ومن أمثلتها البرنامج المصري القديم (عالم الحيوان) وغيره من النوعية ذاتها التي تعرضها قنوات متخصصة مثل (ناشيونال جيوجرافيك).. وعندما تشاهد تلك البرامج تتخيل نفسك في مكان الفريسة وتشاهد كيف يتربص لك الصياد المفترس أسداً كان أو نمراً.. ثم تقارن بين الصياد في برنامج عالم الحيوان والصياد الذي ينتظرك في الشارع، وغالباً لن تجد فروقاً كبيرة.. فالصيادون في الشارع هم علي نفس شاكلة الصيادين في عالم الحيوان.. فمنهم ثعالب ينتظرونك في إشارة المرور ليحتالوا عليك حينما تأتي أنت إلي أوكارهم رغماً عنك وكل منهم يحتال بطريقته.. ومنهم نمور تلاحقك في الشارع ولن تستطيع الهروب منهم حتي يفترسونك.. ومنهم غربان تحط عليك من حيث لا تدري ولا تري منهم سوي سواد اللون ونحيب الصوت ولن تتخلص منهم ولا حتي بالعملات النقدية فالورقية هي أقل فئة لصرفهم عنك.. ويتميز الصيادون بنظرة فراسة منقطعة النظير فهم يميزون الفريسة بسرعة مذهلة ونادراً ما يخطئون في تقديرهم في معرفة الفريسة المناسبة التي سينقضون عليها.. والمشكلة الكبري بالنسبة للصياد هي تواجد فريستين متباعدتين في الوقت نفسه في الشارع.. علي أيهما سينقض؟ ومن منهما ستهرب منه؟ وهل هناك طريقة يقتنص بها الاثنين بسرعة؟ هذا هو الموقف الوحيد الذي قد تري فيه الفريسة أن الصياد في حيرة، ولكنه فيما عدا ذلك قوي الشكيمة شديد العزم واثق الخطي جاهزة خطته للانقضاض علي الفريسة والنيل منها.. مسكينة الفريسة التي لا تستطيع أن تهرب، ولابد أن تستسلم للصياد وتدفع المعلوم حتي يتركها تمر.. ولكنه يتركها تمر لتأتي له مرة ثانية وثالثة في الأيام التالية.. ومسكينة الفريسة لأنها لا تعرف كيف تتنكر في شكل آخر فيصبح شكلها أكثر شراسة أو أقل كرما من حقيقتها.. وغالباً لا تتحول الفرائس إلي صيادين أبداً فتبقي فريسة مهما بلغ ذكاؤها ويبقي معها الإحساس القاتل بأنها مستهدفة.. كما يظل الصياد صياداً مهما امتلأت بطنه بالفرائس ويظل الاحتيال والصيد من طباعه الأبدية..