كل سنة وكل مصري بخير.. حمدي رزق يهنئ المصريين بمناسبة عيد تحرير سيناء    مصدر نهر النيل.. أمطار أعلى من معدلاتها على بحيرة فيكتوريا    حلقات ذكر وإطعام، المئات من أتباع الطرق الصوفية يحتفلون برجبية السيد البدوي بطنطا (فيديو)    ارتفاع سعر الفراخ البيضاء وتراجع كرتونة البيض (أحمر وأبيض) بالأسواق الجمعة 26 أبريل 2024    هل المقاطعة هي الحل؟ رئيس شعبة الأسماك في بورسعيد يرد    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    بقيمة 6 مليارات .. حزمة أسلحة أمريكية جديدة لأوكرانيا    حزب الله اللبناني يعلن تدمير آليتين إسرائيليتين في كمين تلال كفرشوبا    حركة "غير ملتزم" تنضم إلى المحتجين على حرب غزة في جامعة ميشيجان    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على جدول مواعيد عمل محاكم مجلس الدولة    عبقرينو اتحبس | استولى على 23 حساب فيس بوك.. تفاصيل    رئيس مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في دورته العاشرة: «تحقق الحلم»    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    بث مباشر لحفل أنغام في احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية بعيد تحرير سيناء    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    "الأهلي ضد مازيمبي ودوريات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    خالد جادالله: الأهلي سيتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو هو المسؤول عن استبعاده الدائم    الشروق تكشف قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    طارق السيد: ملف خالد بوطيب «كارثة داخل الزمالك»    حدثت في فيلم المراكبي، شكوى إنبي بالتتويج بدوري 2003 تفجر قضية كبرى في شهادة ميلاد لاعب    بعد 15 عاما و4 مشاركات في كأس العالم.. موسليرا يعتزل دوليا    رائعة فودين ورأسية دي بروين.. مانشستر سيتي يسحق برايتون ويكثف الضغط على أرسنال    ملف يلا كورة.. تأهل يد الزمالك ووداع الأهلي.. قائمة الأحمر أمام مازيمبي.. وعقوبة رمضان صبحي    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    ارتفاع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 26 أبريل 2024    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    عاجل - الأرصاد تحذر من ظاهرة خطيرة تضرب البلاد.. سقوط أمطار تصل ل السيول في هذا الموعد    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    تبدأ اليوم.. تعرف على المواعيد الصيفية لغلق وفتح المحال والمولات    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    ليلى أحمد زاهر: مسلسل أعلى نسبة مشاهدة نقطة تحوّل في بداية مشواري.. وتلقيت رسائل تهديد    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    بدرية طلبة عن سعادتها بزواج ابنتها: «قلبي بيحصله حاجات غريبه من الفرحة»    عروض فنية وموسيقى عربية في احتفالية قصور الثقافة بعيد تحرير سيناء (صور)    «تنمية الثروة الحيوانية»: إجراءات الدولة خفضت أسعار الأعلاف بنسبة تخطت 50%    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    الأغذية العالمي: هناك حاجة لزيادة حجم المساعدات بغزة    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السينما المستقلة ضد سطوة النجوم!
حكايات فنية يكتبها: طارق الشناوي
نشر في صوت الأمة يوم 01 - 05 - 2010


"هليوبوليس" جرأة الاقتحام وومضة الموهبة
السينما المستقلة ضد سطوة النجوم!
· في العادة النجوم لا يشاركون في بطولة هذه الأفلام لأنها لا تصنع طبقاً لشروطهم
· الفيلم أشبه بلعبة الكلمات المتقاطعة ثم تكتشف في النهاية أن كل شيء يخضع لمنطق وضرورة
الصورة تبدو في كثير من جوانبها قاتمة.. أتحدث عن السينما المصرية التي تتحرك وفقاً لشرط قاس جداً وهي إرادة النجوم ولهذا يخفت تواجدنا في المهرجانات ويتضاءل عدد الجوائز التي تحصل عليها بالقياس حتي بالأفلام العربية.. ولكن التجربة التي أحدثكم عنها مختلفة وهي في الواقع ثاني عمل فني طويل في هذا الاتجاه، إنه فيلم "هليوبوليس" للمخرج "أحمد عبد الله" الفيلم الأول للمخرج إبراهيم بطوط "عين شمس" الذي عرض العام الماضي.. هذه الأفلام تقدم بميزانية محدودة، حيث أن النجم مثل "خالد أبو النجا" يشارك في إنتاج "هليوبوليس بأجره رغم أنه ليس من النجوم الذين يحصلون علي أجور مرتفعة إلا أن طبيعة هذا النوع من الأفلام لا يحتمل أي أرقام في ميزانية الأجور.
والحقيقة أن هذه تبدو مجرد ملامح شكلية لطبيعة هذا النوع من الإنتاج الأهم، هو الفكر الذي يحمله المخرج وهو ما نجح فيه "أحمد عبد الله" الكاتب والمخرج وأيضاً المونتير في فيلمه الأول "هليوبوليس".. ويبقي السؤال : هل يتغير وجه السينما المصرية التي نراها خاضعة لإرادة النجوم؟! هل من الممكن أن تتمرد علي تلك القواعد الصماء التي تمنعها من أن تتنفس أوكسجين السينما؟!
الواقع أن هناك محاولات تبرق بين الحين والآخر لتحطيم هذا القيد وفي العادة فإن الدافع لنجاح هذه المحاولات يتحقق مع توفر مشروع سينمائي بميزانية محدودة حتي تتضاءل أيضاً في هذه الحالة مخاطر جهة الإنتاج وهي حالة مختلفة عن السياق السائد، من الممكن أن نطلق عليه سينما مستقلة مع الأخذ في الاعتبار تغير معني الاستقلال والذي كان قد ارتبط تاريخياً بالسينما الأمريكية التي قدمت قبل أكثر من نصف قرن تجارب موازية للسينما الهوليودية ضخمة التكاليف والتي تعتمد علي جاذبية النجوم وبدأت السينما المستقلة في إثبات قدرتها علي التواجد داخل أمريكا وخارجها خاصة في المهرجانات ومؤخراً انتقل تعبير السينما المستقلة إلي مصر لتحمل خصوصية أخري، إنها أفلام بعيدة عن هيمنة شركات الإنتاج الكبري حيث هذه النوعية من الأفلام تعتمد علي التصوير أولاً بكاميرا الديجيتال قبل أن يتم نقل الفيلم علي شريط سينمائي، وفي العادة فإن النجوم لا يشاركون في بطولة هذه الأفلام لأنها لا تصنع طبقاً لشروطهم، فهي ليست مشروعا للنجم مثل أغلب الأفلام التي نراها لعادل إمام والسقا وحلمي وغيرهم ولكنها أفلاماً تعبر عن أفكار مخرجيها أولاً!! يقف خلف أغلب هذه التجارب المنتج والمخرج "شريف مندور" وفي التجربة الثانية لنفس المنتج نري فيلم "هليوبوليس" تأليف ومونتاج وإخراج "أحمد عبد الله".. اختار المخرج يوما يرصد خلاله أبطاله في أحد أحياء مصر الجديدة وبالتحديد شارع "بطرس غالي باشا" أراد من خلال شخصيات متنافرة أن يقدم بانوراما لكل أطياف الحياة في مصر.. شاب مسيحي يسعي للهجرة خارج الحدود أدي دوره "هاني عادل".. باحث اجتماعي يعد رسالة ماجستير عن الأقليات في مصر يؤدي دوره "خالد أبو النجا".. يهودية تعيش في أحد أحياء مصر الجديدة "عايدة عبد العزيز".. عسكري أمن مركزي يقف علي ناصية الشارع لا يؤنس وحدته إلا صوت "محمد عبد الوهاب" وكلب ضال.. بائع مخدرات يصطاد زبائنه.. عريس وعروس علي مشارف الزواج يبحثان عن شقة ويأتيان للحي للاتفاق علي شراء شقة "هاني عادل.. فتاة تعمل موظفة استقبال في أحد الفنادق المتواضعة "حنان مطاوع" وتعيش مع زميلتها "سمية الجويني" الأولي لديها حلم مجهض وهو أن تسافر إلي فرنسا وتحديداً باريس مدينة النور أهلها يعتقدون أيضاً أنها في باريس وترسل لهم مبالغ نقدية متواضعة لإعانتهم علي الحياة الفتاة الثانية "سمية" تقع فريسة إدمان المخدرات.. لا يقدم الفيلم حكاية تقليدية، كان المخرج ينتقل من شخصية إلي أخري بقدر من النعومة الإبداعية بدون أن تشعر بمفاجآت تخصم من تدفق الفيلم في داخلك، ثم تنتهي أحداثه بمكالمة علي الأنسر ماشين بصوت "هند صبري" وهي تؤكد لحبيبها السابق "خالد أبو النجا" أنها فقط وجدت لديها رغبة للحديث إليه فتكلمت وأثناء زمن المكالمة تنتقل الكاميرا لنشاهد لمحات أخري من تلك الحكايات التي تعيشها الشخصيات في الفيلم وكان الأداء الصوتي لهند صبري قادراً علي تجسيد أدق المشاعر.. تستطيع أن تلمح في هذا الفيلم قدرة المخرج علي الإمساك بالتفاصيل.. أيضاً ضبطه لحالة تدرج الزمن حيث يبدأ الفيلم مع الصباح وينتهي قبل صباح اليوم التالي.. الانتقال من حكاية إلي أخري يضعنا في إطار عام يسيطر علي حالة الفيلم، وكأنه أشبه بفكرة لعبة الكلمات المتقاطعة والتي تبدو في البداية متناثرة وبلا منطق ثم تكتشف في نهاية اللعبة أن كل شيء كان يخضع لمنطق وضرورة.. ورغم ذلك كانت هناك أيضاً لنا ملاحظات، مثلاً المخرج يضع أحياناً تفاصيل مجانية تفسد حالة الفيلم مثل ذهاب أحد الأبطال "هاني عادل" إلي الكنيسة لحضور قداس تؤديه "يسرا اللوزي" ولم يستثمر هذه المعلومة الدرامية كما أن علاقته مع "يسرا اللوزي" كانت بحاجة إلي تعمق درامي أكبر. تنفيذ الجرافيك في الفيلم وهو يجسد الحلم المستحيل لحنان مطاوع بالسفر إلي فرنسا كان بدائياً جداً وبحاجة إلي إعادة صياغته مرة أخري حتي نشعر بالفعل إننا نعيش نفس الحلم مع البطلة.. أسرف المخرج والكاتب كثيراً وهو يريد أن يعثر علي مبرر يتيح له أن يقدم المشهد الأخير بصوت "هند صبري" وكان عليه بين الحين والآخر أن يذكر لماذا لا يحمل البطل تليفونا محمولا حتي يصبح الحل هو أن تسجل له "هند" صوتها علي الأنسر ماشين رغم أنه لم يكن بحاجة إلي كل ذلك، يكفي أن "هند صبري" لديها رغبة في أن تتحدث إليه من طرف واحد، فهي قد تركته ومستقرة في حياتها الجديدة إلا أن لديها رغبة أن تفضفض لتروي مشاعرها ولا تنتظر رداً فلم يكن المخرج بحاجة إلي تسويق كل هذه المبررات في أكثر من مشهد. كذلك الفيلم يحمل حنينا للماضي من خلال تلك الدراسة التي قدمها المخرج في إطار ريبورتاج مرئي يجريه "خالد أبو النجا" مع عدد من سكان الحي والكثير من هذه اللقاءات تميزت بنبضها التسجيلي فلقد كانت بالفعل لقاءات حية استغل فيها المخرج توظيف "خالد أبو النجا" والذي كان في بدايته ولا يزال بين الحين والآخر يقدم أيضاً البرامج وهكذا نجح "خالد" في ضبط هذه الحالة فهو لا يمثل دور المذيع لكنه بالفعل مذيع والخيط دقيق جداً.. كان علي المخرج ألا يعتبر أن الحنين للماضي هو فقط حنين إلي الأجانب الذين غادروا مصر من الخمسينات وهكذا تغيرت معالم مصر الجديدة عندما تركها هؤلاء.. لقد كان هذا المبرر الذي يتكرر كثيراً كلما سألوا سكان مصر الجديدة عن الزمن الماضي وتأتي الإجابة متجسدة في هجرة الأجانب وليس مثلاً تغير القيم والعادات والتقاليد وانتفاء الإحساس الجماعي بالمسئولية لدي الناس.. ولكن يظل أننا بصدد تجربة مغايرة للسائد تسعي للتحرر من القيود التي كبلت كثيراً السينما المصرية.. كما أن "أحمد عبد الله" ومن خلال تعاونه مع عناصر فنية مبدعة مثل مدير التصوير "محمود لطفي" وواضع الموسيقي التصويرية "أمير خلف" أكد علي أن لديه إحساسا فنيا ينتظر منه بالفعل ما هو قادم.. "هليوبوليس" تجربة لم تكتمل تماماً علي المستوي التقني والفني ورغم ذلك امتلكت الكثير من جراءة الاقتحام وومضة الموهبة لتؤكد أن السينما المستقلة أحد آفاق الآمال التي نعول عليها الكثير!!
*********
في "تحدي العمالقة"
العبيد يخلقون الطغاة
· البطل ليس مجرد نصف إله ونصف بشر لكنه أستطاع أن يحصل علي ما هو أفضل في الاثنين
شيء ما أجد فيه تحريضاً علي الثورة ضد الظلم وضد عبادة الفرد في هذا الفيلم وكأن كبير الآلهة في الدراما الإغريقية "زيوس" قد أصبح مثل طاغية يحكم شعبه بالحديد والنار مستلهماً قوته من حالة الخضوع التي تعيشها عادة الشعوب عندما يصبح القائد هو بمثابة الإله لا يعرف الاستبدال ولا الفناء ولهذا فإن الحكمة تقول "لا يوجد طغاة بل يوجد عبيد يصنعون الطغاة"!! البطولة دائماً خارقة لإمكانيات البشر والناس تتعامل مع البطل الاستثنائي باعتباره قادرا علي أن يتجاوز إمكانياتهم المحدودة محققاً أحلامهم المستحيلة.. كل الأبطال الذين عرفتهم السينما وقبل ذلك الأدب تماهينا معهم لأنهم استطاعوا أن يقهروا ليس الخصوم الذين نشاهدهم في العمل الفني ولكن لأنهم انتصروا علي ضعفنا الداخلي "طرزان" ، "جيمس بوند" ، "العنكبوت" ، "الوطواط" ، "رامبو" ، "روكي" كل هؤلاء مع اختلاف الدرجة والنوع والزمن تمثلناهم وتمنينا أن نكونهم. الانتقال من الحالة البشرية إلي الحالة الأسطورية تعتبر أحد عناصر الخيال الجانح، والأساطير الإغريقية مليئة بتلك الحكايات وصراع الآلهة الإغريقية مع بعضهم البعض ثم صراعهم مع البشر وتلك الرغبة التي كثيراً ما تعلن عن نفسها بالتمرد علي الآلهة رغم أنهم يملكون كل شيء والصراع حتماً سيصبح غير متكافئ ولكن هذا هو ما يخلق الدراما التي نهل منها العديد من الكتاب وامتلأت أيضاً بالحكمة التي تتضمنها هذه الأساطير.. اللقاء بين الآلهة و البشر والذي من الممكن أن تتمثله في تنويعة غير مباشرة مثل أسطورة "بجماليون" عندما يستحوذ التمثال علي صانعه فيصبح هائماً به وهكذا يقيم الإله "زيوس" علاقة مع امرأة من البشر في الفيلم الذي صار يحمل اسماً تجارياً عند عرضه في القاهرة "تحدي العمالقة" تسفر العلاقة عن إنجاب كائن يقع في المرحلة المتوسطة بين النصف إله والنصف إنسان فهو لديه قدرات الآلهة وعواطف البشر وهذه الحالة تؤدي إلي أن يشعر المتفرج بجزء منه متحقق في البطل وجزء منه بحلم بأن يكونه.. يختار المخرج فيلم Clash of the Titansأحد الأعمال الكلاسيكية التي قدمت قبل نحو 30 عاماً وحققت نجاحاً ضخماً وقتها رغم أن السينما لم تكن قادرة علي تجسيد كل الأحلام كانت حيل التصوير قاصرة عن تحقيق كل المتعة البصرية والشعورية ، ولهذا فإن المخرج الفرنسي الأصل "لويس ليترير" يقع اختياره علي هذا الفيلم ليعيد تقديمه مع إضافة تغييرات طفيفة جداً في السيناريو ولكن تظل الخطوط الرئيسية كما هي.. إن التطور التقني منح السينما خطوات للأمام وجعل الكثير من أحلام السينمائيين ممكنة وتقنية ال D3 أحالت المتفرج إلي مشارك في العمل الفني الخيال وكان الكمبيوتر جرافيك قبل ذلك بقليل يلعب دور البطولة في أن يجعل المتفرج جزءا مما يجري علي الشاشة ولكن التجسيد أضاف ولا شك الكثير من خلال سينما الأبعاد الثلاثة.. السيناريو الذي شارك فيه "لورانس كاسدان" و«ترافيس بيكهام" يلعب علي المنطقة المتوسطة بين بشرية الإنسان بطل الفيلم نصف إله الذي أدي دوره "سام ورينجتون" تبدأ الأحداث وهو طفل داخل الصندوق في البحر ليجده الصياد الذي يذهب لالتقاط رزقه يعثر عليه في الصندوق يشعر أنه بصدد رزق آخر بعثوره علي هذا الإنسان استثنائي.. قبل أن نري الطفل تسبقه مقدمة نستمع خلالها إلي أسطورة عن الأرض تحكي عن بداية الخلق من وجهة نظر الأساطير اليونانية وكيف أن الآلهة تصارعت معاً ثم تصادم البشر بعد ذلك مع الآلهه فكان لابد من أن تأتي حالة متوسطة بين البشر والآلهة.. نصف بشر ونصف إله أنه "برسيوس" ابن الإله "زيوس" كبير الآهلة.. نراه رضيعاً ثم طفلاً مع الصياد وزوجته ويعرف أنه ليس ابنهم ولكنه في نفس الوقت يشعر بمسئوليته عنهم وعن أطفالهم ويمضي الزمن ونري الطفل قد أصبح شاباً.. الرزق لا يأتي وهم في المركب فيذهبون إلي عمق البحر بينما السماء لا تزال تبرق وكأنها تحمل لنا إنذاراً.. يقترب المركب من تمثال الإله "زيوس" ونجد أن التمثال يسقط في لقطة تذكرنا بسقوط تمثال "صدام حسين" في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق الشعب سخط علي الإله فقرر إسقاط تمثاله دلالة علي التمرد ويغرق المركب الذي يحمل تلك الأسرة التي تربي معها وتفشل كل محاولاته في إنقاذهم.. بعد أن اختطفهم إله الموت "هاديس" لدي "هاديس" الذي أدي دوره "رالف فينس" مشاعر عداء ضد شقيقه "زيوس" ليام نيسون الذي سيطر علي عالم الأحياء وتركه هو لكي يصبح المسيطر علي عالم الموتي.. الصراع لم ينته بين الإله "هاديس" إله الموت والظلام وشقيقه "زيوس".. "هاديس" يحاول إقناع شقيقه "زيوس" برغم نقمه عليه بأن العنف هو الوسيلة المثلي للسيطرة علي البشر باعتبارهم متمردين لن يجدي معهم الحب وأنهم عندما يهاجمون المرة التالية سيزدادون شراسة إذا لم يعاملوا في المرة الأولي بقدر من العنف.. البشر يتمردون علي الآلهة وتستطيع أن تري في هذا التمرد خروجا مباشرا علي الخضوع للقيادات المطلقة والأبدية.. الأميرة الجميلة "أندروميدا" التي أدت دورها "أليكسا دافالوس" في مقابل حياة شعب المتمردين كانت هذه هي الصفقة التي طلبها إله الموت حتي يتنازل عن الانتقام.. البطل نصف ملك ونصف إله "بريسيوس" أدي دوره "سام ورينجتون" يسعي للسلام لكنه يرفض الخضوع ويرفض تنفيذ هذه الصفقة.. نري العديد من الأحصنة الطائرة التي تساعد البشر أقواهم هو الأكثر تميزاً إنه الحصان الأسود لم يمتطيه أحد من قبل.. الموسيقي التصويرية دائماً ما تلعب دور البطولة في تنفيذ المعارك المؤثرات البصرية والسمعية والتجسيم يؤكد علي تواصلنا مع الشاشة.. الوحش الضاري "الكاراكون" متعدد الرؤوس علي هيئة عقرب له جسد أشبه بالبلدوزر في اللحظة التي يتخلصون فيها من أحدهم ويتمتعون بالانتصار "نري عشرات منها تبدأ في مهاجمة البشر.. وبرغم احتياج البطل إلي صفة الإلوهية ليستطيع المقاومة إلا أنه يفضل حياة البشر التي تنطوي أيضاً علي ضعف وعلي نهاية وهو الموت إلا أنه يريد هذه الطبيعة البشرية.. وتتواصل أحداث الفيلم ونجد أن حيوان "الكراكون" المفترس يصبح أيضاً صديقاً للإنسان بعض الكراكن بالطبع ليسوا كلهم أصدقاء، هنا يلتقي تحت الأرض في العالم السفلي مع الساحرات البشعات ذوات العين الواحدة.. استخدام سلاح "مادوسا" هي فقط القادرة أن تنتصر تحيل الكراكون إلي تمثال!!
الإله "زيوس" يلتقي مجدداً مع ابنه "برسيوس" ليثنيه عن القتال لكنه يصر علي استكمال المسيرة في لحظة وداعه للملكة في العالم السفلي تقول : لست مجرد نصف إله ونصف بشر إنك تستطيع أن تحصل علي ما هو أفضل في الاثنين .. وتصعد روح أمه للسماء ويأتي الحصان الأسود الطائر فارداً جناحيه في محاولة أخيرة منه لإنقاذ الأميرة "اندروميدا".. الشر كالعادة لا يتوقف!! إله الموت والدمار "هاديس" ينتظر الانتقام من البشر ويطلب من أخيه "زيوس" أن يعلن ذلك.. إله الموت يعيش علي خوف الناس يحاول إقناع أخيه "زيوس" بإرهاب الناس الذين تمردوا عليه وعلي مملكته.. عندما يرفض يقرر إله الموت أن ينتقل بكل أسلحته وحيله ودماره إلي الأرض ليرهب البشر.. إله الموت يقول لبرسيوس أنه إله وسوف يعيش للأبد يرد عليه ولكني سأعيش عمري علي الأرض وأنت تستطيع أن تعيش أبد الدهر ولكن ليس علي الأرض!! لا ينسي المخرج أن يضع لمسة عاطفية تتوج علاقة "بريسيوس" و "أندروميدا" وقبل أن تأتي النهاية نتابع هاديس" إله الشر الذي ينتظر الفرصة لكي يغوي البشر ويدمرهم.. نعم انتصروا عليه لكنه يعلم أيضاً نقاط ضعفهم وسوف يعود إليهم، أما "بريسيوس" فسوف يظل مع البشر لا يريد أن يصبح إلهاً.. والده "زيوس" يقول له صحيح أنا ساعدتك علي تحقيق الانتصار لكنك امتلكت الإرادة البشرية.. هل نري شيئاً من هذا الصراع بين الإنسان ونوازعه الشريرة حيناً والطبيعة حيناً.. هل ينتصر الإنسان في صراعه، بينما إله الشر ينتظر الفرصة ليجهز عليه تحت وفوق الأرض؟!
البشر لا يستسلمون أمام قوي الظلم وعليهم التمرد ضد السلطة المطلقة.. هكذا غضب الشعب علي تمثال الإله "زيوس" وأسقطوه وهي دعوة لكل العبيد في دنيا الله الواسعة لإعلان الثورة علي الطغاة الذين صاروا آلهة!!
**********
نار الشهرة أم جنة الحرية؟!
يدخل الفنان إلي الحلبة من أجل تحقيق الشهرة وعندما يصل إلي الذروة يحن للأيام الخوالي.. أيام الحرية!!
كثيراً ما يصرح النجوم المصريين والعالميين أنهم ينزعجون من الشهرة التي تأخذ منهم إحساسهم بالحرية.. هل نصدق الفنان عندما نستمع إليه وهو يلعن الشهرة وسنينها.. نعم في لحظات يتوق الفنان إلي حياة الحرية والصعلكة عندما كان حراً طليقاً يجوب الشوارع والمحلات بدون أن يستوقفه أحد أو يشعر بأن العيون تلاحق كل تحركاته.. سوف أروي لكم عن فنان عرفته قبل أن تطرق الشهرة بابه "أحمد زكي".. تعرفت إلي "أحمد زكي" قبل أن يشارك "سعاد حسني" بطولة فيلم "شفيقة ومتولي".. ولم يكن حتي ذلك الحين يعرفه أحد كنجم قادم وحتي اسمه لم يكن متداولاً سوي فقط لبعض المخرجين وشركات الإنتاج وعدد قليل جداً من الجماهير.. كنا نتجول في شوارع وسط المدينة ولا أحد يشير إليه سوي باعتباره "أحمد" الشاعر دوره في مسرحية "مدرسة المشاغبين.. كانت سعادة "أحمد زكي" غامرة جداً بمجرد أن يلمحه أحد قائلاً "أحمد الشاعر" أنا أيضاً كنت وقتها أشعر بالسعادة لأنني أسير بجوار واحد من الذين يشير إليهم الجمهور حتي ولو كانوا لا يعرفون اسمه.. من المؤكد أن "أحمد زكي" كان يتمني وقتها أن تتدافع نحوه الجماهير بمجرد رؤيته يسير في الشارع ويدخل محل فول وطعمية وهذا ما تحقق له بعد ذلك وأصبح غير قادر علي التجول بحرية في الشارع ناهيك عن الذهاب إلي محل فول وطعمية!!
حكي مرة الراحل "علاء ولي الدين" أنه و "محمد هنيدي" و "أشرف عبد الباقي" تراهنوا فيما بينهم في بداية المشوار علي من هو أكثرهم شهرة وكانوا في طريقهم لتصوير أحد المشاهد في فيلم سينمائي واستقلوا ميكروباص وبعد أن وصلوا إلي موقع التصوير في إحدي القري سألهم الجمهور متي يأتي الممثلون فلم يكن أي منهم لديه وجه معروف اعتقدوا أنهم من عمال الإضاءة والاكسسوار.. الشهرة تعني أن لك حضوراً عند الجمهور وهي وجه آخر للنجاح ولا تستطيع أن تضع لها قانوناً واحداً خاصة في الفن.. فيلم أو أغنية قد تنقل الفنان من الظل إلي النور.. أتذكر قبل 12 عاماً التقيت مع "محمد هنيدي" في مهرجان "قرطاج" بتونس لم يكن قد عرض بعد هناك فيلم "صعيدي في الجامعة الأمريكية" وكان الجمهور التونسي ينتظره في المساء مع فيلم "صعيدي" ليعرض بعد أن سبقته دعاية ضخمة.. لكن لا أحد حتي تلك اللحظة يعرف وجه "هنيدي".. في الشارع الجانبي للفندق الذي نقيم فيه كنا في طريقنا ظهراً لمشاهدة فيلم "أرض أرض" بطولة "الهام شاهين" بعض المارة تعرفوا بالطبع علي "الهام" بينما "هنيدي" لا أحد يعرفه ولكني لمحت شخصاً واحداً فقط جاء يجري وراءه انتظرت أن يقدم له ورقة أو أوتوجراف ليوقع عليه اسمه واكتشفت أنه مجرد شحاذ يمد يده ويطمع في أن يمنحه "هنيدي" بعض الدنانير التونسية.. بعد ساعات قليلة عرض الفيلم كان "هنيدي" هو نجم النجوم والمئات يقفون أمام دار العرض لكي يشاهدوه وحمله الجمهور علي الأعناق.. إنها لحظات قليلة تفصل بين الظل والنور المؤكد أن الشهرة تخصم الحرية من الفنان قد يصحو الإنسان لحظات يسأل عن حقوقه بعيداً عن ملاحقات عيون الناس.. ولأن دوام الحال من المحال فإنه عندما يبدأ المؤشر في الهبوط وتنحسر الأضواء عن الفنان ويفقد البريق يتحسر علي تلك الأيام.. أيام الشهرة التي كانت تحرمه من حريته يتمني أن يعيشها مرة أخري ولو للحظات وهو يردد في أعماقه هامساً نار الشهرة ولا جنة الحرية!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.