مرت مؤخرا ذكري مرور خمسة أعوام علي تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية. ولقد شهدت العلاقات المصرية - السعودية في السنوات الماضية تطورا ملحوظا علي مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والعربية والإقليمية والدولية عكست حجم التفاهم والتطابق في الرؤي بين الزعيمين العربيين الكبيرين الرئيس مبارك وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بغية تعزيز التضامن العربي والالتزام بتحقيق توافق عربي حول القضايا العربية المصيرية وتجنيب المنطقة الدخول في أي مغامرات تهدد أمنها واستقرارها. ويتفق خادم الحرمين الشريفين مع رأي الرئيس مبارك في أن العلاقات المصرية - السعودية تمثل ركيزة أساسية للعمل العربي المشترك وهي صنوان التضامن العربي، لأن مصر بامكانياتها وقدراتها وعمقها الاستراتيجي استطاعت أن تقود الأمة العربية علي مر العصور عمدت خلالها علي توطين الثقافة العربية في ربوع العالم العربي من خلال قوافل المدرسين والمعلمين والدعاة والأخذ بيد كل الدول العربية إلي المدنية الحديثة والعالم الجديد، بالإضافة إلي أن مصر رفعت دائما لواء العروبة والإسلام في المحافل الدولية وجابهت بجرأة وشجاعة كل التحديات التي واجهت العالم العربي التي استهدفت نهب ثرواته أو تغريبه أو فرض إرادتها عليه. إن تاريخ العلاقات المصرية - السعودية موغل في القدم عمقته الجغرافيا وعززه الإسلام وما زواج أبوالأنبياء إبراهيم بالسيدة هاجر المصرية التي انجبت له نبي الله إسماعيل الذي يعتبر أبوالعرب، كما أن زواج النبي محمد صلي الله عليه وسلم بمارية القبطية وهو النبي الذي لا ينطق عن الهوي إلا رسالة سماوية من الله عز وجل إلي الشعبين في كل من مصر والسعودية بأن علاقتهما لا انفصام فيها، وأن عبقرية المكان الذي حبا الله به مصر وجاورتها فيه المملكة العربية السعودية في تصوري ليس مصادفة بأن يسمي البحر الذي يربط بين البلدين والشعبين بالبحر الأحمر إلا دلالة علي روابط الدم والقربي والوشائج التاريخية والمصاهرة والنسب. والحقيقة أن معظم الشعب السعودي يدرك ويقدر الدور المصري الداعم والبناء الذي أسهم في النهضة الشاملة التي تعيشها المملكة في مختلف المجالات وضعتها ضمن قائمة العشرين التي تمتلك أفضل اقتصاديات في العالم، حيث شاركت في قمتي العشرين اللتين عقدتا في لندن وواشنطن، وتنظر القيادة والشعب في المملكة إلي الرئيس مبارك بتقدير واعتزاز وفخر لايدانيه فيه أي رئيس أو حاكم عربي آخر، وفي رأيي هذا التقدير السعودي للرئيس مبارك ساعد في أن يعمل ويعيش أكثر من مليون وربع المليون مصري بين إخوانهم في السعودية كأنهم يعيشون وسط أهاليهم وإخوانهم في مصر فلا فرق، فالمصريون في المملكة يعملون في كل المجالات جنبا إلي جنب مع المواطنين السعوديين دون تمييز أو تفرقة بفضل الثوابت الإسلامية التي يقوم عليها نظام الحكم في المملكة التي صاغت نهضتها الحضارية ووازنت بين تطورها التنموي والتمسك بقيمها الدينية السمحة والأخلاقية النبيلة. إن المملكة العربية السعودية تعيش أزهي فترات تاريخها الآن بفضل ما تحقق من منجزات تنموية عملاقة علي امتداد مساحاتها الشاسعة في مختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية والنقل والمواصلات والصناعة والكهرباء والمياه والزراعة تشكل في مجملها انجازات جليلة تميزت بالشمولية والتكامل في بناء المملكة وتنميتها مما يضعها في رقم جديد في خارطة دول العالم المتقدمة. ولقد تجاوزت المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين في مجال التنمية السقف المعتمد لإنجاز العديد من الأهداف التنموية التي حددها إعلان الألفية للأمم المتحدة عام 2000، وفي تقديري أن ما يميز التجربة السعودية في السعي نحو تحقيق الأهداف التنموية هو الزخم الكبير في الجهود المتميزة بالنجاح للوصول إلي الأهداف المرسومة قبل سقفها الزمني المقرر، والنجاح بادماج الأهداف التنموية ضمن أهداف خطط تنموية وسياسات مرحلية وبعيدة المدي للمملكة. ينظر السعوديون إلي النموذج الحضاري والتنموي الذي أنجزته مصر ولازال حاضرا في أذهانهم يضعونه دائما أمامهم كنموذج عربي متفرد حقق قفزات علي مر التاريخ أثبتت قدرة الإنسان العربي في بناء حضارة صنعت تاريخ البشرية.