عند البحث عن صورة حقيقية للأدب العربي في الغرب، يكون المستعربون أهم المصادر التي يمكن الاعتماد عليهم لرسم هذه الصورة، وروجر آلن أحد المستعربين الأمريكيين، المتخصصين في مجالات العلاقات الأدبية العربية الغربية، يعمل أستاذا للأدب العربي بعدد من الجامعات الأمريكية، له أبحاث متعمقة وعدد من الببلوجرافيات التي تتناول جوانب مختلفة للتواصل والتفاعل بين الأدب العربي والآداب الغربية، وعلي هامش مشاركته في مؤتمر الترجمة الذي أقيم مؤخرا بالقاهرة، التقته "روزاليوسف" وكان لنا معه هذا الحوار: هل انعكس تزايد حركة ترجمة الأدب العربي إلي الإنجليزية علي عدد قرائه بالغرب؟ - طريق عبور الأدب العربي إلي الثقافة الغربية لم يكن سهلا، بل كان مليئا بالأشواك والعراقيل، التي تتصل بطريقة التلقي الأدبي وظروفه، ولا شك في أن التلقي الأدبي عبر الحدود اللغوية أكثر تعقيدا، لا بسبب اختلاف اللغة فحسب، وإنما بسبب اختلاف التقاليد الأدبية وتأثير مجموعة من العوامل الحضارية والدينية وغيرها، مما يقرر سير التلقي وتوجهه، ومع ذلك أري أن الاستشراق الأمريكي لم يقم بدوره -حتي الآن- في التعريف بإنجازات الأدب العربي الكبيرة، سواء عن طريق الدراسة أو الترجمة، وخير دليل علي ذلك أن حصيلة قرن مما نشر في مجلة الجمعية الشرقيةالأمريكية (1843- 1950) لا يزيد علي عشرين دراسة وترجمة، يتناول بعضها أعمالا ثانوية أو تنتمي إلي المثال والموروث الشعبي والغناء، وأهم ما ورد فيها مقالات للمستشرق الألماني الأصل "غرونوبوم" عن تطور الشعر الإسلامي الديني، والنقد الأدبي في القرن العاشر، وبعض العناصر اليونانية في "ألف ليلة وليلة"، أما الأدب الحديث فلم يكن نصيبه سوي إشارات عابرة في نقد الكتب. مّنْ أكثر الروائيين العرب مقروئية في أمريكا؟ - نجيب محفوظ والروائية السعودية رجاء الصانع والجزائرية أحلام مستغانمي والطيب صالح وبعض أعمال نوال السعداوي، وهي كاتبة واسعة الانتشار لأنها مشهورة بالدفاع عن حقوق المرأة في مصر والعالم العربي، لكن المشكلة التي تواجهنا كنقاد هو عدم وجود قواعد بيانات تتعلق بعدد النسخ التي تم بيعها حتي نقوم بالمقارنة ويلعب الإعلام الموجه دورا كبيرا في الترويج للروايات بعينها. كيف تري حضور الأدب العربي في أمريكا؟ - لابد أن نعترف أن دور النشر الأمريكية لا تهتم كثيرا بنشر الترجمات الأدبية الأجنبية، وهذا لا يخص الأدب العربي وحده، حتي لا نتهمهم بالتحيز لأدب ضد أدب آخر، ولكن مع نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، تم تأسيس أقسام لثقافات الشرق الأوسط والدراسات العربية، وانتشرت الترجمات من خلال أقسام الأدب المقارن، والأدب العالمي، والدراسات النسوية التي تجتذب أعدادا كبيرة من الطلاب، وتعتمد علي الكتب والآداب المترجمة، بخلاف الأقسام المعنية بالشرق الأوسط، حيث الأعداد فيها محدودة للغاية لمن يتقن اللغة العربية. وفي عام 1949 صدر تقرير أمريكي يقول: نحن كأمريكيين لا نفهم شيئا عن الشرق الأدني حيث كان هناك فقر شديد في المعلومات، وكانت فترة الخمسينيات تمثل مرحلة مفصلية في العلاقة والاهتمام بالشرق الأوسط وظهر مشروع ترجمة علي استحياء لأهم الأعمال التي لها اهتمام من قبل الغرب مثل: "مستقبل الثقافة في مصر" للدكتور طه حسين، و"من هنا نبدأ" لخالد محمد خالد، و"من هنا نعلم" للشيخ الغزالي، و"العدالة الاجتماعية" لسيد قطب، وبعد حصول نجيب محفوظ علي جائزة نوبل عام 1988 زادت ترجمات الثلاثية فيما لا يقل عن ألف مكتبة، وقبل ذلك لم تكن موجودة إلا في ثلاث مكتبات فقط. ما الذي اكتشفته خلال دراستك للأدب العربي؟ - بعد انتهائي من دراستي في قسم الدراسات الشرقية في جامعة "أكسفورد" في منتصف الستينيات، حصلت علي درجة الماجستير في الأدب العربي الحديث تحت اشراف الدكتور محمد مصطفي بدوي، ثم أكملت دراسات الدكتوراه وحصلت عليها في أدب المويلحي، وعندما هاجرت إلي أمريكا وعملت كأستاذ للأدب العربي الحديث، وجدت هناك نقصا في دراسة الرواية العربية الحديثة لغياب النصوص المترجمة والمطلوبة في عملية التدريس، فقمت بترجمة مقامات الحريري والهمذاني، وأشرفت علي العديد من أطروحات الماجستير والدكتوراه لعدد من الطلاب العرب. ما الصعوبات التي واجهتك في دراسة الأدب العربي؟ - ما يحزنني أن العديد من الأكاديميين والباحثين العرب المتخصصين في اللغة العربية والأدب العربي هم الذين يروجون بأن اللغة العربية من أصعب اللغات في العالم، ولكني تعلمت اللغة العربية كأجنبي ولست من الناطقين بالضاد وأقول: إن اللغة العربية ليست صعبة، ولكن دراستها تتطلب وقتا طويلا، واللغة العربية نظمها علم النحو، وهي لغة رياضية ونظام القواعد بها منطقي جدا، ولا يوجد فيها إلا استثناءات شاذة قليلة جدا، وكل شيء منظم حتي الأفعال المعتلة هناك نظام في اشتقاقاتها.