اشتعال أسعار الحديد والأسمنت اليوم 9 يونيو.. عز عامل قلق    القيادة المركزية الأمريكية: الرصيف البحري لم يستخدم في تحرير إسرائيل لمحتجزيها من غزة    البحرية البريطانية: اندلاع النيران في سفينة جراء إصابتها بمقذوف في خليج عدن    تعليق غريب من نجم المصري بشأن مستوى منتخب مصر    القنوات الناقلة لمباراة السنغال ضد موريتانيا في تصفيات كأس العالم    أبرز لقطات البرومو الرسمي لفيلم "عصابة الماكس"    السعودية تلغي تصاريح بعض حجاج الداخل بسبب اللقاحات وتوجه رسالة للوافدين    مصرع 6 أشخاص وإصابة 8 آخرين في انقلاب سيارة محملة بالعمالة بالبحيرة    اليوم .. طقس حار نهارا معتدل ليلا والعظمى بالقاهرة 36 درجة    اليوم.. مغادرة آخر أفواج حج الجمعيات الأهلية إلى مكة المكرمة    أسعار الفراخ والبيض اليوم 9 يونيو "خيالية".. الكل مصدوم    تامر عبد المنعم عن صفعة عمرو دياب: كل واحد يلزم حدوده ومليون دولار لن تكفي لرد الكرامة    وصفات طبيعية لعلاج قشرة الرأس، أبرزها الزبادي وزيت شجرة الشاي    «البترول»: خططنا لتلبية احتياجات الكهرباء من الغاز أو المازوت    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 9 ونيو 2024    «مين هيقدر يديره؟».. القيعي يكشف سبب رفضه لتعاقد الأهلي مع ميدو    أمم أوروبا 2024.. المنتخب الإنجليزي الأعلى قيمة سوقية ب 1.78 مليار يورو    البنك المركزي يعلن معدلات التضخم في مصر بنهاية مايو.. الاثنين    طلاب «إعلام المنوفية» يطلقون حملة «إعلامنا» للتعريف بالكلية ومميزات الدراسة بها    «زي النهارده».. 9 يونيو 1967 تنحي الرئيس عبدالناصر بعد نكسة 67    جدول مواعيد امتحانات الثانوية العامة 2024.. تنطلق غدا    «التعليم»: اتخذنا إجراءات غير مسبوقة لمنع تداول امتحانات الثانوية    أخبار غزة.. مسيرات تدد بمجزة النصيرات والاحتلال الإسرائيلي يقتحم بلدات جديدة    عاجل: حدث ليلا.. الغضب يشتعل ضد نتنياهو واحتجاجات عنيفة أمام البيت الأبيض    مناخ «الزراعة»: الموجات الحارة تؤثر على الفواكه والخضروات    فضل الدعاء في هذه الأيام المباركة.. لا يرده الله    للحجاج والمعتمرين.. محظورات لا يجب فعلها أثناء الحج    حزب الله يعلن قصف مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل الإسرائيلية براجمة من صواريخ فلق 2    وزير الصحة يتفقد مستشفيي رأس الحكمة والضبعة المركزي بمطروح (صور)    ما سبب الشعور بالصداع عند الاستيقاظ من النوم؟.. «السر في التنفس»    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. «هيئة الدواء» تسحب أدوية جديدة من الصيدليات.. انفراد..النيابة العامة تحيل «سفاح التجمع» لمحاكمة عاجلة أمام «الجنايات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأحد: 48 ساعة قبل عودة الغليان (تفاصيل)    حبس 8 مسجلين خطر بينهم سيدة ضبط بحوزتهم 13 كيلو مخدرات بالقاهرة    10 سنوات إنجازات | طرق وكباري و3 محاور رئيسية لإحداث طفرة تنموية في قنا    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    بايدن مخاطبًا ماكرون: شراكة الولايات المتحدة وفرنسا «لا تتزعزع»    ليلى عبد اللطيف تكشف حقيقة توقعها بعيد أضحى حزين في مصر    كوميديا وإثارة وظهور مُفاجئ ل السقا وحمو بيكا..شاهد برومو «عصابة الماكس» (فيديو)    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    طارق سليمان: كنت مع مشاركة شوبير في نهائي إفريقيا على حساب الشناوي    «القومى للمسرح المصري» يحتفي بدورة «سميحة أيوب»    مع بدء رحلات الحج.. خريطة حدود الإنفاق الدولي عبر بطاقات الائتمان في 10 بنوك    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    "نيويورك تايمز": قنبلة أمريكية صغيرة تقتل عشرات الفلسطينيين في غزة    طارق قنديل يتحدث عن.. سر نجاح الأهلي ..البطولة الأغلى له.. وأسعد صفقة بالنسبة له    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    الصومال: مقتل 47 إرهابيا خلال عملية عسكرية بمحافظة جلجدود    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارة وتروسيكل بالإسماعيلية    مصرع طفل عقب تعرضه للدغ عقرب فى جرجا بسوهاج    ليلى عبداللطيف تتسبب في صدمة ل أحمد العوضي حول ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    حظك اليوم برج الحوت الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عاجل.. انفراجة جديدة في مفاوضات بن شرقي وحقيقة عرضين الخليج ل "الأخطبوط"    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة مثل الحياة.. تمشي علي قدمين .. الحلقة العاشرة
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 26 - 03 - 2010

أتعامل فقط مع الشخصيات الحساسة التي نسميها شظية.. و المتبلدون يخرجون فورًا من حياتي لكي تفهم شخصاً افهم أمه، فهي حبله السري.. ثم حاول أن تفهم طفولته.. إنها البروفة الأولي لشخصيته.. وكذلك "المرأة" التي علقت بذراعه في ليلة الفرح.. والأخري السرية التي حاول، طوال حياته، أن يجدها ولم يفلح.. بخصوص الأسرار، مهما تنقب في يس لن تخرج منه بسر.. إنه بئر مختومة.. هو قد يوحي لك بالصداقة، لكنك لن تكون صديقه إلا بالإيحاء.. أما طفولته، فقد كانت ملعباً للعزلة وصفير الكتب.. أمه تذكرني بأمي.. مع اعتقادي أنه لا أحد يشبه أمي.. لكنني أراها في كل اللاجئات إلي المستقبل من أجل البقاء.
كنت صغيراً، لما وعيت عليها حزينة. لا تلبس غير اللون الأسود.. أنا وأمي وجلبابها الأسود كنا معاً بشكل دائم.. في النهار أصحبها مع أذان الفجر إلي القري المجاورة، نشتري القصب أو الفاكهة أو الخضار، حسب الموسم، لنبيعه في قريتنا.. وعند النوم أدس نفسي في حضنها كجرو مذعور، خوفاً من حواديتها المفزعة. من أي خشخشة في سقف البوص.. لا أدري .. لماذا أكتب ذلك الآن، وهنا.
علي كل عرفت أمي عندما كبرت.. إن أحداً غيرها لا يمتلك هذا المزاج المخيف للحداد والتذكر دون هوادة.. كان عمرها حوالي 20 سنة وكنت في السنة الأولي حين توفي أبي عام 1970م ولحق به شقيقها الوحيد بعد فترة قصيرة فحملت بمفردها وبلا مورد، عبء البقاء علي قيد الحياة بأربعة أطفال. وكان لديها، فوق ذلك، رصيد من أحزان قديمة تخص طفولتها، لهذا كانت "تعدد" بصوت عال.. أراها تميل بجسمها إلي اليمين وإلي اليسار مستغرقة في البكاء فيتسع الصدع في طفولتي ويضغط.
وقتها كنت علي استعداد لفعل أي شيء مقابل أن تفك حالة الحداد الدائمة عن نفسها وعن البيت. أتذكر المأتم المتنقل الذي كانت تحمله بداخلها.. لم تكن تجد صعوبة في نصبه علي أي ميت.. نعرفه أو لا نعرفه.. صديق أو حتي من العائلة.. لقد أكرهتني، عن غير قصد أو وعي منها، علي الحزن.
الآن وأنا أفكر فيها، ألتمس لها العذر. لقد احتملت فوق طاقتها.. غير أن أكثر شيء لا أستطيع أن أسامح فيه، هو أنني شخص سرقت منه طفولته.. وهذا الطبع الذي ورثته عنها.. القلق ؟ ولكن أسامح من ؟!.
ما علاقة ذلك بيس.. أمه أقل مرارة من أمي، وزوجتي لا تشبه زوجته.. يبقي أننا تزوجنا وهذا هو الشبه الأكيد الذي يجمع بيننا.
قل لي يا أستاذ سيد: هل صحيح أن المرأة هي النصف الأكثر حلاوة؟
- أكثر حلاوة من إيه.
من الرجل، علي الأقل
- المرأة، ممكن تقول، هي الوجه المضيء للحياة الإنسانية.
إذن أنت مع نجيب محفوظ: "كلما رأيت امرأة ، رأيت الحياة تسير علي قدمين"
- هذه هي المرأة.
هل هي غريزة سليمة أن نسخر من مؤسسة الزواج.. كأنه ليس من الطبيعي ألا يجتمع الرجل والأنثي في إطار شرعي.. هذه الطريقة الوحيدة التي ننقذ بها أنفسنا.. بيولوجياً، علي الأقل.. ثم، من جهة أخري، ألا تحمل هذه السخرية أكثر من بذرة من بذور الحقيقة؟
- أنت تتكلم عن هذه السخرية وكأنها حقيقة.. لا، ليست حقيقة.. المؤسسة الزوجية هي شرط اكتمال الإنسان.. أن يعيش ويتزوج وينجب أطفالاً.. إنما ليس هناك مجال للسخرية، إلا علي سبيل التفكه. من هذا القبيل: حين يسأل زوج، مثلاً، هل تريد أن تتزوج ثانية، فيقول: هذه جريمة لا ترتكب إلا مرة واحدة.. هذه كلها دعابات، إنما لا أعتقد أن هناك سخرية جادة من مؤسسة الزواج .. لا اعتقد ذلك.
مساوئ الحياة، بدون هذا الارتباط بين الرجل وامرأته، هل هي أكثر بكثير من مزايا التمتع بالحرية التي نعتقد، كأزواج، أننا نفتقدها بعد أن ندخل القفص؟
- لا أوافقك علي هذه الصيغة.. الحرية مسألة نسبية.. الزواج يحقق الاستقرار النفسي.. ولا تنس عندما يكون هناك أطفال ترتقي الحياة وتكون هناك متعة من نوع جديد تتجاوز الزوج والزوجة. ينشأ حب جديد بالأبناء.. وهناك تربيتهم.. هذه كلها تحديات يواجهها الزوج والزوجة معاً.. وبالمواجهة المشتركة هذه يتأكد الحب أو يخلق إن لم يكن هناك.. أعتقد أن مشكلات عدم الزواج أكثر.. تكفي الوحدة .. وعدم التحقق.. أنا رأيت مرارة بعض الأصدقاء الذين لم ينجبوا.. فكرة أن هناك أولاداً وأحفاداً تعطيك القدرة علي التواصل.. هم يفتقدون هذا التواصل.. حسرتهم مربكة.. لا، الحياة الزوجية المكتملة الشروط والأركان.. الود والصداقة والتفاهم وإنجاب الأطفال.. هذا أجمل.
في اقتباس مطول من شيلي، يقول ، ملخصاً حياة الرجل: "الرجال سواء، هم يستوون في شيء واحد، أنهم ليسوا ملكا ًلأنفسهم، وإنما هم ملك للآخرين.. ملك لأمهاتهم وملك لزوجاتهم وأبنائهم ، وأخيراً، ملك لكل الذين عرفوهم في حياتهم.. في السنوات الأولي من حياة الرجل تسأله أمه: إلي أين أنت ذاهب يا بني؟ ويتزوج الرجل، ولكنه يبقي أسير المرأة وإن اختلفت حياته معها، فقد تعود أن يأخذ عندما كان يعيش مع أمه، ولكنه، هنا مع امرأته، يعطي ولا يكف عن الإعطاء، ومع هذا يبقي السؤال التقليدي.. إلي أين أنت ذاهب ولماذا تأخرت.. وفي النهاية يموت الرجل، فيحملونه إلي مقره الأخير، ويبقي السؤال الحائر، لا علي لسان أمه وزوجته وأبنائه فحسب، بل في أذهان كل الذين خرجوا يشيعون جثمانه.. إلي أين هو ذاهب .. نعم ، إلي أين".. فرغت من الكلام : فاعتدل يس وبدأ يعقب:
- شيلي يبالغ، علي عادة الشعراء.. أنت في ظل أمك تتحقق بحريتك.. في ظل حبها تتحقق حريتك.. حرص الأم علي أولادها.. هذا شيء طبيعي وليس قيداً.. عندما تكون التنشئة الاجتماعية سليمة تخلق شخصا سليماً معافي.. من الطبيعي أن تسألك أمك: رايح فين وجاي منين.. حتي لا يكون هناك جموح في السلوك.. تحقيق الفرد المتوازن.. هذه هي مسئولية الأم، أولا ًوأخيراً.. أما الزوج الذي يعطي دائماً.. هو يعطي ويأخذ.. من قال إنه يعطي دون أن يأخذ ؟ في أي علاقة صحية هناك الأخذ والعطاء.. من هنا تتحقق الألفة والتواصل.. أنت تعطي لزوجتك وأبنائك بقدر ما تأخذ منهم.. تأخذ الاستقرار، الحب، الأبوة وهذه أشياء لا تقدر بثمن.
لسه فاكر.. كيف تعرفت علي زوجتك، رحمها الله ؟
- فاكر كويس.. نحن أقرباء، قرابة بعيدة،. بعدما حصلت علي الثانوية العامة، وكان والدها عايش في طنطا، جاءت للإسكندرية لتلتحق بالجامعة.. وأثناء زيارتهم لنا رأيتها للمرة الأولي.. وقد أعجبتني.. إنسانة رقيقة وجميلة ومهذبة، دخلت قلبي مباشرة.. في هذا الوقت كنت تخرجت في كلية الحقوق وعاطل عن العمل.. وكان مصيري الوحيد أن أصبح محاميا مفلساً.. في الخمسينيات كانت مهنة المحاماة بائسة.. لما اشتغلت في المركز القومي للبحوث فاتحت أبي برغبتي في الارتباط بها.. فشجعني علي ذلك، لأنه كان يحب والدها.. وتمت الخطوبة وسارت الأمور في اتجاه الزواج.
سنة كام الكلام ده
- سنة 1957 أو 58
تذكر كم تكلف الزواج ؟
- لا، كانت جوازة متواضعة جداً.. كان الاحتفال منزلياً.. لا فنادق ولا كلام من ده.. لا تنس أننا كنا فقراء.. ثم إنني تزوجت وأنا باحث مساعد.. كان راتبي 17 جنيهاً.. لما حصلت علي الماجستير زاد راتبي إلي 30 جنيهاً، وهو يعتبر مبلغاً ضخماً جداً في هذا الوقت.
حوالي 3 آلاف جنيه دلوقت
- لم يكن لدينا امكانيات لرفاهية الاحتفال
لا تذكر كم كان المهر
- لا مش فاكر
ولا إيجار الشقة
- لأ، فاكر الإيجار.. كان 8 جنيهات.. كانت في المهندسين.. ظلت 6 أشهر لا تجد من يسكنها.. لما سكنت فيها، كتب صاحب العمارة في العقد " أوضه مفروشة" ليزود الإيجار، فارتفع إلي 10 جنيهات.. مازلت أحتفظ بهذه الشقة إلي الآن.. في شارع المحروسة، متفرع من شارع أحمد عرابي.. كان تقسيم الحي منطقياً.. الشوارع واسعة، واسماؤها عربية.. دمشق، ميدان لبنان.... إلخ، عندما أخذت أبحث عن شقة كانت هناك 3 شقق تبحث عن ساكن.. تخيل.. البواب بذل مجهوداً جباراً، ظل أسبوعين يقنعني، لكي أستأجرها.
كانت أيام
- لا تنس أن الجنيهات العشرة كانت ثلث المرتب
وهل تذكر كم تكلف زواج ابنك
- لا، ذاكرتي في التقديرات الحسابية سيئة
أحاول أن أقيس المسافة الفاصلة بين عصرين، والقوة الشرائية للجنيه زمان والجنيه العايم الآن.. علي كل أعود بك إلي المرأة.. في التعامل مع المرأة الحساسة، مثل زوجتي، أشعر أنني أتعامل مع شظية.
- الحساسية درجات.. يتوقف الأمر علي الشخصية، كل حسب طبيعته.. عن نفسي لا أتعامل إلا مع الشخصيات الحساسة التي تسميها أنت شظية.. المتبلدون يخرجون من عالمي فوراً.. لا قدرة لي علي التعامل مع الشخصيات المتبلدة .. أحب التعامل مع أصحاب الحساسية، رجلاً أو امرأة.
لكن هل يمكنك أن تتحمل شخصا ًحساسا ً، طوال الوقت؟
- ما فيش مشكلة.. الحساسية ميزة
وأحيانًا تصبح مرضاً
- أنت تنظر للحساسية علي أنها سمة سلبية.. مش صحيح
المسألة، كما قلت، درجات.. كل شيء يزيد علي حده، ينقلب إلي ضده ، فيما يقولون.
- الحساسية هي الرقة في التعامل، والفهم.. فهم العلاقات في جوهرها الحقيقي.. والقدرة علي التنازل في الوقت المناسب.. القدرة علي قبول الحلول الوسط.. قبول الاعتذار.. النقد.. إلخ.. كلها سمات إيجابية.
تتبع غريزتك أم قلبك أم عقلك في اكتشاف المرأة ؟
- أتبع قلبي
هل هناك سن مثالية تفصل بين الرجل وزوجته، هل هناك سن مثالية للزواج أصلاً؟
- لما يكون الفارق 10 سنوات، هذا مقبول.. قد تحدث المشاكل مع وجود فارق أكبر
كم كان الفارق بينك وبين زوجتك ؟
- ما فيش 3 أو 4 سنين.. لكن ذلك ليس معيارا ًفي حد ذاته.. إنما قد يسبب مشكلة لدي البعض.. لو أن هناك فارق 20 سنة مثلاً.. من الطبيعي أن تحدث مشاكل
جيلان مختلفان
- بالضبط، ورؤية للعالم مختلفة
وما السن المناسبة للزواج؟
-أعتقد أنه بين الخامسة والعشرين والثلاثين . ما يزيدش علي 30 سنة
يقال، في تعريف الزوج، إنه الرجل الذي يتوقع من زوجته أن تكون مثالية ، وأن تدرك، بعد هذا، لماذا لم يكن هو مثالياً؟!
- هل هناك مثل هذا الزوج.. لماذا يتوقع أن تكون زوجته مثالية.. بمناسبة إيه المثالية دي.. من منا مثالي.. في كل منا جوانب المثالية وجوانب النقص.. المثالية تتحقق بالقيم العليا وبالأهداف التي نريدها من الحياة.. الواقعية تتعلق بالوسائل.. في كل منا الواقعي والمثالي.. عندما نفتقد للتوازن بين الجانبين نخفق في الرؤية ونفشل في رؤية الأشياء من منظور صحيح.. إذا زادت جرعة عن أخري قد تعيش في عالم المثل والأوهام وتنبت صلتك بالواقع.. الواقع مليء بالعنف والصراعات والمنافسات غير الشريفة.. كيف يستطيع الإنسان، أياً كان، رجلاً أو امرأة، أن يصوغ معادلة متوازنة بين الواقع والمثال.. هذا هو التحدي اليومي وعلينا أن نواجهه.. ليست هذه الصيغة جاهزة، بمعني أنك تصل إليها في سن العشرين مثلا ًوترسي عليها.. لا.. إنها محك دائم.. في كل مراحل عمرك أنت توائم بين العلاقات المتبادلة أو الجدلية بين الواقع والمثال.
نحن الرجال نتعامل مع المرأة، غالباً أو أحياناً.. لست علي يقين، علي أنها وسادة نحتاج إليها وقت التعب.. هل الرجال أنانيون بالفطرة؟
- ستجد رجالاً أنانيين ونساء أنانيات.. المسألة لا تخص النوع.. ديكارت كان يقول: العقل أكثر الأشياء قسمة بين الناس.. ويمكن أن نقول: الأنانية أكثر الأشياء قسمة أيضاً.
يصنع الرجل نفسه أم لابد من امرأة ؟
- أن تصنع نفسك، هذه مسألة تتدخل فيها عناصر متعددة.. الأم تصنع الرجل والأخت تصنعه والصديقة.. أدوار المرأة المختلفة تشكل الرجل منذ بداياته، وهو صبي ثم شاب.. إلخ.. بعبارة أخري، وجود المرأة، أياً كان دورها، بالغ الأهمية في تنشئته الاجتماعية.. عرفت أولادا يكرهون أمهاتهم.
وكراهية الأب دارجة بين أبناء جيلي بالذات
- وكراهية الأب، بحكم القسوة البالغة التي يتعامل بها الآباء مع الأبناء.. المهم أن نموذج المرأة المصرية نموذج عالمي.. من أبسط الطبقات إلي أغني الطبقات، في الحنو علي الأبناء والحرص عليهم.. طبعاً هناك نماذج شاذة.. نحن لا نتحدث عن مجتمع فاضل.. إنما بشكل عام.. الأم المصرية لها هذا الحنان الجارف الذي لا تجده عند امرأة أخري.. والأخت لها دور، كما قلت لك.. عندما تنشأ في بيئة لك فيها أخت، تكون هناك تفاعلات مختلفة.
يقال: إن الأم والزوجة امرأة واحدة.. كل ما في الأمر أن الأولي رعته صغيراً.. والثانية تسلمته كبيراً
- لا أتفق معك.. دور الأم مختلف.. الزوجة من الممكن أن تكون صديقة، رفيقة فكر.. هناك تفاعلات بين الزوج والزوجة، بحكم تطور الحياة تكون الزوجة أكثر وعياً من أمهاتنا.. من ثم تحدث هذه النقاشات الممتعة بين الوجهتين لم تكن تدور بيننا وبين أمهاتنا.
ما زلت أقتبس من آخرين لا أعرفهم.. يقال: تحتاج الأم إلي عشرين عاماً، لكي تجعل من ابنها رجلاً يستطيع الاعتماد علي نفسه.
بينما لا يحتاج الأمر لأكثر من عشرين دقيقة، لكي تجعل منه امرأة أخري إنساناً أحمق. - هذه الصيغة الساخرة غير حقيقية ، موضوع الحماقة يحتاج إلي نظرة فلسفية.. تعرف: لبرتراند رسل مقالة شهيرة عنوانها "في مدح الكسل"
صدرت في كتاب بنفس العنوان، ترجمة د.رمسيس عوض
- تكلم فيها، أظن، عن الحماقة.. مرة كتبت مقالة سياسية عن حماقة الدول وحماقة الرؤساء.. كان المثال الحاضر أمامي جورج بوش الابن.. هو مثال للرئيس الأحمق ومرادفه العربي الرئيس صدام حسين.. المهم، الحماقة تتشكل عبر الزمن.. أما أن يكون الرجل أحمق في 20 دقيقة، فهذه مسخرة.. الحماقة جزء من الشخصية.. لا تاريخ، إذن لابد أن تقرأ تاريخ الشخص، لتعرف كيف وصل إلي هذه المرحلة من الحماقة.. جورج بوش كان أحمق طول عمره، وكان جاهلاً، بغض النظر عن موضوع إدمانه وعلاجه والمد الديني أو اعتقاده أنه يستوحي قراراته من الله.. إلخ.. صدام مختلف، لم يكن أحمق طوال عمره.. ليست لحماقته تاريخ.. كان زعيماً سياسياً في حزبه.. كان مسيطراً وتحول إلي دكتاتور.. إنما حماقته نبتت نتيجة إحساس متضخم بالذات وانقطاع عن العالم، لم يكن مثقفاً.. وكانت حاشيته جاهلة وترهبه.. حماقة صدام مسئولة عن قرارات بالغة الخطأ.. أبرزها حربه مع إيران، ثم غزوه للكويت، معاندته، فيما بعد، للأمم المتحدة.. فالحماقة يا صديقي لا تتشكل في عشرين دقيقة.
انتهي يس من كلامه، لأبدأ أنا في تأمله، يس، إنه رجل مفرط الجدية، ولا يمكنك تخمين ردود أفعاله، حيث أتوقع أن يضحك أو يبتسم حتي من سؤال ساخر، بدلا من ذلك يحول الموضوع إلي جدل عقلي.. والحق أن الرجل لم يطلع علي أي سؤال مسبقاً.. لم يكن بحاجة لذلك، فوراءه مشوار من التفكير.. لكن جديته المفرطة تفسد علي ما أخطط له.. لكن لماذا أحاول حفر مجري للإجابة.. ليقل يس ما يريد بالطبع.. لماذا أتوقع أن يلبي تكهناتي.. إن الحوار طرفا مقص إذا التقيا، كف المقص عن الحركة.. وأنا لا أطيق السكون.. تقتلني الحوارات الفاترة والأسئلة والإجابات المتوقعة.. سأتركه، سأترك جديته تتسرب إلي الإجابات.. نحتاج الآن إلي كثير من الجدية، بعد أن أفرطنا في الهزل.. وعدت إلي الحوار.. قلت أخفف جديته، أحلها ببيت شعر، فقلت ل "يس":
لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها - صحيح ، لكن الحماقة لا تتشكل في 20 دقيقة
تحتاج، هي الأخري، إلي 20 عاماً.. وضحكنا أنا ويس، الذي يضحك علي مراحل.. يترك صوته الجهوري يقهقه متقطعاً، كأنه يسمعه معي.. ثم عدت أسأل: زمان كان عندنا "موضة" "عدو المرأة "، ينفخ توفيق الحكيم في الدعاية لنفسه بمثل هذه الألقاب.. في الغرب أيضاً كان هناك سومرست موم وغيرهما.. هل انتهت هذه الموضة.. لم يعد للمرأة أعداء .. وإذا وجدوا من هم - عداوة المرأة تحولت تحولا ًبالغ السلبية ثقافياً واجتماعياً.. هناك تيارات إسلامية تريد أن تعتقل المرأة.. في الكويت أخذوا قرارا ًفي مجلس النواب بتاعهم
مجلس الأمة
- منعوا الاختلاط بين الطلبة والطالبات في الجامعة.. لكن الحكومة فشلت في تحقيق القرار.. إذا أردت أن تنشئ كلية للبنات وأخري للبنين، لا بأس.. لكن السؤال.. عندما يتخرج هؤلاء أين سيعملون.. ستنشئ مؤسسة يعمل فيها الرجال وأخري للسيدات.. هذا كلام عبثي يدل علي التخلف الفكري.. هناك دعوات من هذا النوع تريد للمرأة أن تعود إلي البيت.. تسألني عن أعداء المرأة.. لقد أصبحوا الآن جماعات، أو حركة ثقافية تأخذ شكل التطرف الديني.. وهنا منبع الخطورة.. أما توفيق الحكيم فكانت واحدة من شطحات الأدباء.. لكنها تحولت إلي تيار.. خذ الفتوي الجاهلة الخاصة بإرضاع الكبير. هذا الرجل كان رئيس قسم الحديث في جامعة الأزهر.. من أجل أن يقطع الطريق علي الاختلاط.. يريد من المرأة التي تعمل في مكان ما أن ترضع زميلها.. هل هناك خلل عقلي أفظع من هذا.. هذه هي الترجمة الفعلية لعداوة المرأة، هؤلاء هم أعداء المرأة الجدد.
ما أوجه الشبه بين أمك وزوجتك وزجة ابنك ؟
- زوجتي تشبه أمي في طاقة الحنان التي كانت تكنها لي.. وتقديس حياة الأسرة.. زوجة ابني من جيل مختلف.. ملتصقة بالعصر ولديها قدرة علي النقاش وعلي التفاعل الاجتماعي، إلي احساسها بأهمية الأسرة.. ولديها أيضاً طاقة الحنان هذه، قد يكون بشكل مختلف، لكن الحنان موجود. لكنهن، مع ذلك، مختلفات. كل واحدة من جيل.
أردتك أن تضع يدي علي ثلاثة أنماط، أو أجيال للمرأة المصرية.
- زوجتي كانت متعلمة.. أمي لم تكن كذلك، وهذه فروق مهمة حتي في الحوار العائلي، في التخطيط للحياة.. تفرق.. إنما أمي بالذات لها مكانة خاصة.
الحلقة الحادية عشرة الثلاثاء المقبل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.