انطلاق فعاليات الملتقي التوظيفي السنوى لكلية الزراعة بجامعة عين شمس    التنظيم والإدارة: 59901 متقدم بمسابقة شغل وظائف معلم مساعد مادة    محافظ القاهرة يؤدي صلاة الجمعة بمسجد السيدة زينب    إزالة 30 حالة تعدي بأسيوط حفاظا على الرقعة الزراعية وأملاك الدولة    إطلاق مراجعات الثانوية العامة لمبادرة «تقدر في 10 أيام» بمطروح.. 29 مايو الحالي    توريد 572588 طنًا من القمح لمراكز التجميع بالشرقية    محافظ المنوفية استمرار تلقى طلبات التصالح على مخالفات البناء أيام العطلات الرسمية    تراجع اسعار الحديد بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 17 مايو 2024    تيسير إجراءات استيراد المكونات الإلكترونية للشركات الناشئة بمجال التصميم الإلكتروني    وفد جنوب إفريقيا: نأمل أن تتخذ «العدل الدولية» قرارًا بمنع تفاقم الأوضاع في غزة    إذا هوجمت رفح.. ماذا سيفعل نتنياهو بعد ذلك في الحرب؟    متحدث "فتح": نخشى أن يكون الميناء العائم الأمريكي ممرا للتهجير القسري للفلسطينيين    إصابات إسرائيلية إثر إطلاق 80 صاروخا من لبنان تجاه الجليل الأعلى والجولان    من بوابة «طلاب الجامعات».. بايدن يسعى لأصوات الأمريكيين الأفارقة بانتخابات 2024    كولر: لا نمتلك الأفضلية على الترجي.. ومباراة الغد تختلف عن لقاء الموسم الماضي    وفاة المراسل أحمد نوير.. ماذا كتب قبل رحيله عن عالمنا؟    فرق الصحة المدرسية بالقليوبية تستعد لامتحانات الشهادة الإعدادية    جمارك الطرود البريدية بقرية البضائع تضبط 3995 قرص ترامادول داخل كمبروسر    متحف الطفل يحتفي باليوم العالمي للمتاحف.. غدا    حفل ختام مهرجان المسرح وإعلان الجوائز بجامعة قناة السويس    منهم يسرا وعدوية.. مواقف إنسانية لا تنسى للزعيم عادل إمام يكشفها النجوم    «الصحة» توجه عددًا من النصائح لحماية المواطنين من مضاعفات موجة الطقس الحار    لأطفالك.. طريقة عمل ميني الكرواسون بالشوكولاتة    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    لعدم تركيب الملصق الإلكتروني .. سحب 1438 رخصة قيادة في 24 ساعة    بشهادة عمه.. طارق الشناوي يدافع عن "وطنية" أم كلثوم    في يوم الجمعة.. 4 معلومات مهمة عن قراءة سورة الكهف يجب أن تعرفها    "الإفتاء" توضح كيفية تحديد ساعة الإجابة في يوم الجمعة    تفاصيل حادث الفنان جلال الزكي وسبب انقلاب سيارته    الأمن العام: ضبط 13460 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي الجديد    بحوزته 166 قطعة.. ضبط عاطل يدير ورشة تصنيع أسلحة بيضاء في بنها    روسيا: مستعدون لتوسيع تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة    أحمد السقا عن أصعب مشهد بفيلم «السرب»: قنبلة انفجرت حولي وخرجت سليم    كوريا الجنوبية: بيونج يانج أطلقت صاروخًا باليستيًا تجاه البحر الشرقي    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    برنامج للأنشطة الصيفية في متحف الطفل    ليفربول يُعلن رحيل جويل ماتيب    مصر تفوز بحق تنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في 2027    هل يمكن أن يؤدي الحسد إلى الوفاة؟.. الأزهر للفتوى يجيب    الحبس والغرامة.. تعرف على عقوبات تسريب أسئلة الامتحانات وأجوبتها    مواعيد مباريات الجمعة 17 مايو.. القمة في كرة اليد ودربي الرياض    تأهل هانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة العالم للإسكواش    انطلاق قافلة جامعة المنصورة المتكاملة "جسور الخير-21" المتجهة لحلايب وشلاتين وأبو رماد    تقنية غريبة قد تساعدك على العيش للأبد..كيف نجح الصينيون في تجميد المخ؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    حدث ليلا.. أمريكا تتخلى عن إسرائيل وتل أبيب في رعب بسبب مصر وولايات أمريكية مٌعرضة للغرق.. عاجل    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    أستاذ تمويل يكشف توقعاته بشأن ارتفاع سعري الذهب والفائدة    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    هانئ مباشر يكتب: تصنيف الجامعات!    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبراء: «الأساليب القذرة» وسيلة «الأنظمة المفلسة» لمحاربة خصومها بطريقة «غير سياسية»

القضاء البريطاني حكم بأكبر تعويض في تاريخه لصالح رئيس الاتحاد الدولي للسيارات لتصويره في أوضاع مخلة لأن ذلك «شأن خاص»
خبراء:«الأساليب القذرة»وسيلة«الأنظمة المفلسة» لمحاربة خصومها بطريقة «غير سياسية»
الأمر يبدو وكأن الشارع المصري أصبح مغرما بمتابعة أخبار رجال السياسية وحياتهم الشخصية غراما دراميا كالذي يستبد بالبعض حينما يتابع مسلسلا.
فخلال السنوات الخمس الأخيرة لا يكاد يمر شهر في مصر إلا ويطل علينا أحد رجال السياسية ليصبح بطل القصة الجديدة للشارع المصري وتتزايد حبكة تلك القصص والروايات مع اقتراب الانتخابات البرلمانية والرئاسية لتبدو أكثر درامية عبر سيناريو يرسمه كتاب السيناريو-منهم الضعيف جدا ومنهم المجتهد- ولكن داخل الحلبة السياسية وليست الفنية فمن « C.D» نائب شهير إلي قصة الحب التي جمعت بين قيادة حزبية وسيدة أعمال إضافة إلي قصص الطلاق والزواج والسهرات الحمراء وشرب الخمر والعلاقات الخاصة داخل غرف النوم.. وعن طريق هذه السيناريوهات تدور الحرب السرية بين صفوف النظام الحاكم ومعارضيه.
ولكن يبقي السؤال.. لماذا تثير تلك الأمور كل هذا الفضول لدي الشارع المصري ؟وإلي أي حد يمكن الخوض في تفاصيل حياة رجال السياسة الشخصية ؟ومتي تتحول العلاقات الخاصة إلي «شأن عام» يجب التوقف عنده والحديث عنه وكشف المستور به ؟ ولماذا تحدث الشارع عن تهور ابن أحد رجال الأعمال البارزين بالحزب الوطني عندما قتل أحد الشباب في الساحل الشمالي قبل سنوات بموتوسيكل البحر ولم تتحدث عن محمد غريب سائق الميكروباص الذي تسبب في مقتل 12 شخصاً في ذات الوقت عندما انقلبت سيارته بسبب السرعة الجنونية ؟
تساؤلات عدة تدفعنا لتساؤل آخر.. هل يمكن وضع حدود لتناول الحياة الخاصة لرجال السياسة، وهل هناك قانون يجرم انتهاك الخصوصية وما حدود الخصوصية في الأصل؟
الشاهد فيما سبق أن الشعب المصري من السهل استثارة مشاعره، خاصة عندما يجد من يلعب علي هذا الوتر بامتياز وقد سخّر النظام أداته الإعلامية خلال الفترة الأخيرة للقيام بهذا الدور ضد خصومه بينما يبدو هو واقف في الركن البعيد الهادئ متفرجا لا علاقة له بالأمر، فعندما غضب النظام علي الدكتور سعد الدين إبراهيم أحد مستشاري النظام في وقت من الأوقات -أطاح به بتهمة العمالة الأمريكية فخرج الرجل من مصر وكأنه منفي يرفضه الشارع المصري ..وعندما شعر بالخطر من جماعة الإخوان المسلمين بعدما نجحت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة وجه ل40 من قياداتها تهمة الإرهاب ليعيد للأذهان حوادث اغتيال النقراشي باشا والمستشار أحمد الخازندار..كما استخدم آلته الإعلامية سواء مكتوبة أو مرئية في تشويه وتلطيخ صورة خصومه.
الدعارة والعلاقات الجنسية والشذوذ والإلحاد والعلمانية ومخالفة التقاليد الدينية.. كلها تمثل رصاصات سلاح اللعبة السياسية وحواديتها التي تجد نوعا من الفضول والشغف لدي الشارع المصري، ويمثل التوقيت عاملا مهماً في طبيعة المهمة المستهدفة من إطلاق الرصاصة .كما أن طبيعة المعلومات المتوافرة والتعاطي معها تمثل طرفاً أخر من المعادلة التي تشبع رغبة الشارع وتشغله أيضا.
ومن خلال المتابعة نجد أن الدعاية السوداء التي تشهدها مصر تختلف آثارها عما تشهده بريطانيا مثلا- وهي المنبع والمصب للديمقراطية السياسية كما يعرف كثيرون- حيث إن الجدل الأكبر حول حياة السياسيين، فلا يمضي شهر إلا وهناك فضيحة سياسية كبري.
فخلال ولاية توني بلير لرئاسة الوزراء تم الكشف عن قضية القروض السرية التي قدمها بعض الأثرياء لحزب العمل الذي كان يشغل قمته، وذلك مقابل الحصول علي مقاعد بمجلس اللوردات عن طريق التعيين وليس الانتخاب وتلتها قضية الحرب علي العراق وكذب رئيس الوزراء البريطاني .. إلا أن وسائل الحرب هنا كانت سياسية بحتة ومرتبطة بصميم أدائه المهني ولا علاقة لها بحياته الشخصية علي الإطلاق، قبل أن يقرر بلير بنفسه لاحقا الكشف عن بعض أسراره الشخصية هذه طواعية في فصول من مذكراته التي صدرت في كتاب مؤخرا «رحلة".
لكن الأمر اختلف نسبيا عندما رشح زعيم حزب المحافظين البريطاني المعارض ديفيد كاميرون نفسه للانتخابات لاحقته فضيحة تدخين الحشيش في مدرسة إيتون الخاصة عندما كان طالباً يبلغ من العمر 15 عاماً وهو ما أثار الرأي العام البريطاني ضده. ورفض كاميرون نفي تلك الادعاءات أو تأكيدها، لكنه قال إن من حق السياسيين التمتع بخصوصية حياتهم قبل دخول المعترك السياسي. وأضاف معترفا بعدم وجود خصوصية لرجل السياسية قائلا «إن الشخصيات العامة علي مائدة الجمهور دائما، فبدعم الناس يصبحون نجوما للمجتمع، وبحبهم يتحولون إلي ملائكة وبغضبهم يصيرون شياطين، وفي المقابل لا يأكل الجمهور علي مائدة الشخصيات العامة أبدا، فهو مستبعد في أحيان ويتم استخدامه في أحيان كثيرة، طبقا لرغبات النجم أو السياسي.. لذا يتحول الجمهور في عين النجم إلي مساند وداعم في فترة، ومقتحم للحياة الخاصة في فترة أخري".
وهو ما يعني أن الحياة الخاصة للسياسيين، تعتبر ملفا شائكا، ينظر إليها السياسي نظرة ريبة ومصدر قلق، وينظر إليها القارئ بنظرة فضول يسترعي الاهتمام، وبسبب الاشتباك بين النظرات، أصبحت مسألة الخصوصية تشكل قضية كبري سواء من الناحية القانونية أومن الناحية الإعلامية وعلي الرغم من أن إعلان الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإنسان نص علي (الحق في الخصوصية) ولم يفرق بين من هو سياسي أو رياضي أو فنان إلا أن تلك القاعدة غير موجودة في لعبة السياسة.
روبرت سكيدلسكي عضو مجلس اللوردات البريطاني يؤكد أن هناك فرقاً بين تناول الحياة الخاصة من أجل الحماية ضد إساءة استخدام السلطة والتغطية علي فساد المسئولين العموميين، وبين الحياة الخاصة للسياسي ويقول: إن كل ما يمارسه المشاهير - بل وعامة الناس - من أنشطة في حياتهم الخاصة لابد وأن يكون خارج نطاق اهتمام الجمهور، أما الكشف عن الحياة الشخصية للساسة فقد يكون مبرراً إذا ما اشتُبه في أن يترتب علي سلوكياته الشخصية عواقب قد تؤثر في الطريقة التي تُحكَم بها البلاد؛ ويصدق نفس القول علي الحياة الشخصية لكبار المسئولين عن الشركات العامة إذا ما أثرت في حجم الأرباح العائدة علي حملة الأسهم.
ووفقاً لحديث سكيدلسكي يعد بيع أحد الوزراء مجموعة من الأفدنة والقصور التابعة لوزارته لابنائه وعائلته من المصالح العامة التي تستوجب الخوض فيها .. وبنفس المنطق فإن تربح أحد الوزراء وإرساء مناقصات وزاراته علي شركات أقاربه من المصالح العامة التي يجب للشعب المصري التوقف عندها.
ففي بريطانيا مثلت قضية ماكس موزلي رئيس الاتحاد الدولي للسيارات أكثر القضايا التي أكد فيها القضاء البريطاني ضرورة احترام خصوصية الفرد حيث قام أحد الأشخاص بتصويره في أوضاع مخلة ووزعها علي منافسيه وعلي وسائل الإعلام وتناولته الصحف من باب المصلحة العامة إلا أن القضاء حكم له بأكبر مبلغ تعويض يحكم به في تاريخ بريطانيا وأكد القاضي أنه لو ثبت أن أموال الاتحاد تصرف علي العاهرات لتمت محاسبة موزلي .
وهو ما يؤكد ضرورة سن قوانين للحفاظ علي خصوصية الأفراد خاصة وأن معظم البلدان تترك للقاضي تفسير حدود الحق في الخصوصية ولكن فرنسا تعد البلد الوحيد الذي سن قانونا للخصوصية والظروف التي تستلزم تطبيق القانون.
وعلي هذا نجد أن المناخ السياسي في كل دولة هو الذي يحدد شكل وطبيعة تناول الحياة الشخصية خاصة للرؤساء وكبار الساسة والتي تعد منطقة محرمة لا يجب الاقتراب منها فأي إنسان يرفض أن يقترب من حياته أحد حتي أقرب الناس له ولكن الخوض في الحياة الخاصة لرجال السياسة يمثل سلاحا فتاكا في يد خصومهم.. هكذا يقول بيل كلينتون الرئيس الأمريكي السابق بعدما تعددت تهم التحرش الجنسي الموجهة له عندما كان حاكما لولاية اركنساس الأمريكية وعندما أصبح رئيسا تم اتهامه من قبل «باولا جونز» بتهمة التحرش الجنسي..وعندما قرر حل القضية الفلسطينية خرج اللوبي الإسرائيلي بقضية مونيكا لوينسكي التي كادت أن تطيح به كرئيس .
وتعد المسائل الجنسية من أكثر الأمور التي يتم الخوض فيها لتشويه السمعة وقد طالت كلاً من بول ولفوفيتز نائب وزير الدفاع الأمريكي سابقا، وأحد مهندسي حرب العراق.وكذلك الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز مع المؤرخة الشابة «هيرما ماركس مان والرئيس الأرجنتيني الأسبق كارلوس منعم.
ويبدو أن كل عظماء التاريخ ارتبطت أسماؤهم بالنساء والنزوات كالقائد الفرنسي نابليون بونابرت والقائد الألماني هتلر. حتي في العصر الحديث لا تكف عن سماع نزوات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء الإيطالي بيرلسكوني . وأخيرا ما شهدته تركيا قبل شهور عندما أجبر دينيز بايكال رئيس حزب أتاتورك علي تقديم استقالته من منصبه بعد نشر فيلم يكشف عن وجود علاقة جنسية بينه وبين مساعدته وقال بايكال في خطاب وداعه « هذا الفيلم يغتصب حرمة حياتي الشخصية. إنها مؤامرة لا تهدف إلي أرباح مادية، بل خلفياتها سياسية، وهي لا تستهدفني شخصياً، بل ضرب نضال حزبنا من أجل الديمقراطية».
أما في مصر فنجد أن تناول الحياة الشخصية وسرد تفاصيلها أمر يعشقه الشارع المصري ويتعاطف معه وينشغل به خاصة في العصر الحديث، فقضية زواج الشيخ علي يوسف من صفية بنت الشيخ عبد الخالق السادات شغلت الرأي العام لشهور طويلة في بدايات القرن العشرين، وحاول البعض التطاول علي صفية لخروجها علي بيت أبيها ..وسبق ذلك الهجوم علي زوجة قاسم أمين بعد كتاباته عن تحرير المرأة .
كما كانت حياة الأسرة المالكة مليئة بالإثارة ويتم تناولها علي صفحات الجرائد حيث خرج الشارع المصري يندد بعلاقة الملكة نازلي والدة الملك فاروق برئيس الديوان أحمد حسنين باشا وكذلك قصة زواج المشير عبد الحكيم عامر بالفنانة برلنتي عبد الحميد. وكذلك ما تردد من وجود علاقة بين مصطفي النحاس باشا عام 1927 وإحدي الصحفيات البولنديات وتدعي «فيرا» حيث أشيع حملها منه خلال مصاحبتها لها في إحدي جولاته بالصعيد وذلك من أجل التمهيد لإقامة الحكومة الوفدية عام1928 والانقلاب علي الدستور كما يروي الكاتب الصحفي والمؤرخ صلاح عيسي مؤكدا أن هناك العديد من الدعاية السوداء التي شهدها تاريخ مصر وتعرض لها كلا من سعد زغلول ومصطفي كامل وكثير من زعماء مصر ورغم حملات التشويه التي أعقبت الكتاب الأسود في العهد الأسود الذي كشف فيه مكرم عبيد عن المخالفات المالية لحكومة الوفد عام 1945 فإن الشعب المصري خرج في عام 1950 يهتف «حرامي ..حرامي بس عايزينه».
ويؤكد عيسي أن الشعب المصري يتمتع بالذكاء في تفهم طبيعة تلك الحملات السياسية ولكنه في الوقت ذاته يحمل طبيعة «زراعية» تقوم علي ثقافة المجتمع الريفي الفطري الذي يتلصص علي أخبار بعضهم البعض ويعشق الحديث في خصوصيات الحكام والمسئولين .وأضاف أنه علي الرغم من ذلك لا يتأثر بها علي غرار باب «صدق أو لا تصدق» وهذا ما حدث مع النحاس باشا مشيرًا إلي أن الشعب المصري في الوقت الراهن لا يتأثر بما ينشر عبر وسائل الإنترنت من صور وفيديوهات خاصة برجال السياسة وأسرهم مؤكداً أن تلك الوسيلة فقدت التأثير المباشر في الناس. وعلي جانب آخر أكد عيسي أنه لا يجب الغوص في حياة رجال السياسة وانتهاك حرمتهم الشخصية ولكن في الوقت ذاته القانون ينص علي أنه من حق الشعب معرفة خصوصية حياة الموظف العام والشخصية النيابية والمكلف بعمل عام من باب أن المسلك الشخصي له علاقة بالدور الذي يقوم به، مطالبا بتفعيل المادة 308 من القانون التي تعاقب بالحبس كل من ينتهك أعراض البيوت وسمعة العائلات والطعن في الأعراض.
ولكن لماذا يهتم الشارع المصري بتلك الأخبار؟ سؤال يجيب عنه الدكتور محمد المهدي - أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر - بقوله إن الناس في العالم كله تهتم عادة بأخبار المشاهير ولكن المجتمع المصري بوجه خاص لديه شغف بالأخبار الشخصية لرجال السياسة والمشاهير والنجوم ولا توجد حدود ومعايير واضحة لما يجب أن يقال أو ما لا يجب أن يقال خلال تناول تلك الحياة الشخصية
ولكن هناك قناعة بأن الرجل بمجرد أن يصبح أو يقترب من أن يكون شخصية عامة فهو مسئول أمام الناس عن تصرفاته ومسئول في حدود معينة عن سلامة السلوك الشخصي له ولعائلته. وأكد المهدي أن حياة رجال السياسة تشغل الرأي العام أكثر من أخبار الفن والمشاهير ولاعبي الكرة ولكن هناك رؤية خاصة للتعامل مع أخبار رجال السياسة تتمثل في أن هناك من يفضل التكتم علي حياة السياسيين والفصل بينهم وبين رجال الدين والفن والرياضة وهناك فريق يري أنه لابد من انتهاك خصوصية السياسيين واختراق سراديب الحياة الشخصية لهم وهناك من لديه رغبة عدوانية للكشف عن أسرار رجال السياسة واستغلالها من أجل تصفية بعضهم واغتياله سياسيا ومعنويا. وهناك أيضا فريق رابع وهم يمثلون شريحة كبيرة من الشارع المصري تخوض في حياة رجل السياسة أو الوزير نظرا لعدم قدرتهم علي إخراجه من منصبه أو إسقاطه في الانتخابات إذا كان مرشحا فيجدون في تناول حياته الشخصية والخوض فيها نوعا من التشفي خاصة في حالة وجود أحداث تحض من هذا الشخص ومنها تهم الشذوذ والرشوة والعربدة .
وهو السلوك ذاته الذي يتبعه النظام الحاكم في تصفية خصومه فيبحث عن وسيلة تحض من هؤلاء الأشخاص في أعين المصريين من خلال تهم أخلاقية أو دينية خاصة أن التركيبة النفسية للشعب المصري تجعل من الصعب عليه تقبل أي شخص لديه زلات أو سقطات أخلاقية أو يوصف بأنه علماني وهو ما يمثل صدمة للمزاج الديني العام في مصر وبالتالي فإن هذه التهم تجعل من صاحبها خارجا علي القيم المصرية ومنبوذا من المجتمع.
ويقول المهدي: إن تلك الوسيلة أصحبت سلاحا هداما لأي رمز سياسي أو ديني أو فني، مشيرا إلي أن الوسائل التكنولوجية الحديثة ساهمت في تفعيل هذا السلاح فأصبح من السهل إظهار أي مسئول في حفل راقص أو يتناول الخمر أو يرتدي ملابس غير مناسبة مخالفة لمعتقداتنا الدينية.
وحول ما إذا كان هناك إدراك شعبي لتلك الألاعيب السياسية، يقول المهدي هناك نسبة من الشعب لديها وعي بتلك الأساليب خاصة النخبة ولكن ذكاء مستخدم تلك الوسائل يهدف لتحطيم صورة الأب والقدوة التي ينظر بها الشعب المصري للرمز السياسي أو المسئول فهو يراه في صورة المعصوم الذي لا يخطأ ولذلك عندما يخطئ هو أو أحد من أسرته يخالف القواعد والتقاليد المصرية يصبح أشبه بالتمثال الذي انكسر .
ويري المهدي أن هذا السلاح تستخدمه النظم الاستبدادية فقط لاغتيال خصومها ولكن في الخارج نجد مثلا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قبل أن يصبح رئيسا ارتكب العديد من الأخطاء والسقطات وكذلك الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون ولكن الشعبين الفرنسي والأمريكي لم يحاسبهما بل تجاوزوا الأمر وتقبلوه لأنه من وجهة نظرهم أن الحياة الخاصة لم تؤثر علي دور الرجل وواجباته تجاه شعبه .. ويتفق الدكتور قدري حفني أستاذ علم النفس السياسي مع الرأي السابق مؤكدا أنه لا توجد حياة شخصية لرجال السياسة خاصة وأن الخوض في حياة السياسيين يجد أهمية قصوي لدي الشارع المصري، وهذا الأمر يستخدم في مصر لتصفية الخصومة السياسية سواء بين القوي السياسية وبعضها أو بين النظام ومعارضيه فهي وسيلة لتصفية الحسابات ضمن حلقة الصراع السياسي الذي يستخدم فيه كل طرف أسلحته. ولا يوجد فرق بين الأمور التي تتعلق برجال السياسة ورجال الرياضة والفن والدين فجميعهم شخصيات عامة متساوون أمام الرأي العام في تحمل مسئولية صورتهم.
وأضاف أنه لا يوجد قانون يجرم تناول حياة الشخصيات العامة مطالبا في الوقت ذاته بسن تشريعات تمنع تناول حياة أفراد المجتمع بينما الشخصيات العامة ليس لها الحق في أن ينطبق عليها القانون لأن حياتها وسلوكياتها تتحكم في القرارات المصيرية لهذا البلد. وضرب مثلا بأنه عندما نتحدث عن مصدر دخل أبناء الرئيس فهذا ليس أمراً خاصاً ولا انتهاك للخصوصية ولكنه حق للشعب أن يعرفه كما لنا الحق في معرفة الحالة الصحية للرئيس وحتي رئيس الوزراء فهذه أمور لا تتعلق بالشخص وإنما بواقع المجتمع، ولكن الحديث عن ماذا ترتدي ابنة فلان أو لماذا تزوج رئيس الوزراء هذه السيدة تحديدا؟ فهذا أمر لا يخص أحدا موضحا أن طبيعة التناول وطبيعة الموضوع الذي يتم تناوله يختلف بحسب التوقيت والهدف منه بمعني أن تناول مسألة تخص العقيدة أو تمثل مخالفة للإسلام سيثير ضد الشخص الجماعات الدينية وعلي رأسهم جماعة الإخوان المسلمين خاصة وأن الشارع المصري بطبيعته يسيطر عليه المزاج الإسلامي .
بينما يؤكد الدكتور عمرو الشوبكي الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن النظم المفلسة سياسيا والتي ليس لديها مشروع سياسي تلجأ لاستخدام الأساليب القذرة والتعرض للمسائل الشخصية من أجل القضاء علي خصومها السياسيين .ففي الغرب الخصومة السياسية تتمثل في الأفكار ولكن في النظم المفلسة تجد من يخوض في مأكل ومشرب الخصم وحتي أدق تفاصيل حياته قبل أن ينظر في المرأة ويري حقيقة نفسه. ويضيف الشوبكي: رغم أن مصر تعيش هذا الأسلوب منذ فترة طويلة من التاريخ لكننا لم نر ذلك في عهد الملكية ولا في عهد الرئيسين عبد الناصر والسادات لأنهما كان يملكان مشروعا سياسيا ويحاربان خصومهما بالسياسة وليس بالتشويه فمثلا عندما حارب عبد الناصر مصطفي أمين اتهمه بالعمالة لأمريكا. ولكن في عهد الرئيس مبارك خرج وزير داخلية أسبق- زكي بدر- ليؤكد أن شكل الحرب السياسية في عهد النظام الحالي الذي يحكم مصر منذ 30 عاما اختلف وأن الخوض في الحياة الخاصة ستكون أحد أسلحة الحرب مع معارضي النظام. وأوضح الشوبكي أن هناك اختلافاً بين تناول الحياة الخاصة لرجال السياسة ورجال الفن والرياضة والدين فحياة رجال السياسة من حق الشعب أن يتعرف عليها لأنها تؤثر في مستقبل البلاد ومستقبل الشعب أيضا فكيف لهذا الشعب الذي يعيش في الخيام وتسقط علي رأس أبنائه هضبة المقطم أن يجد من يخرج عليهم ويقول أنه أقام حفل زفاف ابنه بملايين الجنيهات؟"
ويؤكد الشوبكي قائلا: السياسيون بشر لهم ما لهم وعليهم ما عليهم ولا يجب انتهاك خصوصيتهم ولكن دون الاعتداء أيضا علي حقوق المواطن وانتهاك عقله في أن يعرف حقيقة من يقود مستقبله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.