ترجمة داليا طه كتب - حسام سعداوي التقطت قيادات تيار القطبيين المسيطر علي جماعة الإخوان المحظورة أنفاسهم بعد أن خفت آخر صوت معارض لهم من عناصر الجماعة عبر الانترنت، وبلغت سعادتهم مداها بعدما أحكموا قبضتهم علي "فلول المدونين" ونظموا لهم ورشة عمل في الإسكندرية قبل أيام تحت عنوان "مدونون ضد الجدار العار" لكي تعطي التوجيهات اللازم اتباعها في مدوناتهم. صورة زائفة مثل المدونون ظاهرة في الجماعة المحظورة خلال العامين الماضيين، بسبب ما طرحوه عبر نوافذهم علي الإنترنت من أفكار تتعارض وما تعتبره القيادات التنظيمية من "الثوابت"، وذهب بعض المراقبين للجماعة إلي أن المدونين يمثلون تيارا راسيا يسعي للإصلاح داخل التنظيم، وتفاءل بعض المحللين بهم كثيرا، ولم يقتصر الأمر علي المتابعين للظاهرة من داخل مصر بل امتد إلي الصحفيين والباحثين الأجانب. قبل يومين كتب جوزيف مايتون في مقال نشرته "الجارديان" البريطانية يقول "لقد خلق هؤلاء الشباب هوية جديدة للجماعة سواء في مصر أو خارجها، ولم يعد الناس يعرفونهم بالنمط القديم الذي ارتبط باللحية الطويلة، بعد أن أصبح أعضاء الجماعة يتكلمون في نواحي الحياة المختلفة بخلاف الدين مثل الديمقراطية والحريات ناهيك عن حبهم للأفلام الأمريكية..أتذكر أنني عندما قابلت لأول مرة مجموعة من المدونين الشباب الذين ينتمون للجماعة تحدثنا لمدة عشر دقائق عن أفلام توم كروز وتشالز ثيرون". بداية الظاهرة فرض المدونون أنفسهم علي الساحة الإخوانية في عام 2007 وراحت مدوناتهم تتوالي حتي وصل عددهم وفق بعض التقديرات الإخوانية إلي 400 مدونة بعضها يتضمن نقدا حادا لأفكار الجماعة وأوضاعها التنظيمية، وبعضها الآخر يهدف للترويج للافكار الإخوانية، ووجه ابراهيم الهضيبي حفيد مرشد الجماعة الاسبق صفعات قوية للافكار التقليدية للجماعة من خلال مدونته التي سماها "مش هنبطل"، تزامن مع ذلك موجة هجوم حادة من مجدي سعد صاحب مدونة "ياللا مش مهم" ومحمد عادل صاحب مدونة "ميت" وتلاهم عبد الرحمن عياش، ثم اتفق الشباب علي تأسيس مدونة مجمعة يعرض فيها كل صاحب فكرة لإصلاح أمور الجماعة ما لديه وسموها "امواج التغيير"، فيما وقف بعض المدونين من عناصر الجماعة يهاجمون هؤلاء الشباب رغبة في الارتقاء تنظيميا داخل الصف. هجوم مضاد لم تستطع قيادات المحظورة الوقوف أمام هذا التيار المتنامي مكتوفة الايدي، فما كان منهم إلا أن كلفوا محمد مرسي عضو مكتب الإرشاد والمشرف علي القسم السياسي بالجماعة بعقد لقاء معهم في مقر النواب الإخوان بهدف الحد من ثورتهم، ثم توالت التعليمات التنظيمية إليهم من خلال مسئوليهم المباشرين بالكف عن تناول الامور التنظيمية للجماعة باعتبار ذلك ثغرة تعطي من خلالها الجماعة فرصة للمعارضين للهجوم عليها. حاولت المحظورة استغلال هؤلاء الشباب في خدمة أفكارها والاستفادة من الانتشار الاعلامي الذي حققوه في تصدير صورة جيدة عن الجماعة وتبني هذا الاتجاه خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد من داخل السجن، كما تبني عضوا مجلس نقابة الصحفيان الإخوانيان صلاح عبد المقصود ومحمد عبد القدوس مقترحا يقضي بضم أصحاب أشهر المدونات إلي جداول النقابة، ولما فشلت الفكرة راحت القيادات تطالب المدونين لهم بالكتابة في موضوعات عامة تخدم أهداف الجماعة، تدريجيا بدأ هؤلاء الشباب يملون من شعورهم بعبثية ما يقومون به لعدم وجود آذان صاغية لهم داخل الصف، إضافة إلي العقوبات التنظيمية التي توقع عليهم. هجر التنظيم ما لا يعرفه مايتون ودفعه لأن يقول: إن علي محمد بديع المرشد الجديد ان يتواصل مع هؤلاء الشباب، وإلا سيجد مقاومة شرسة منهم، هو انهم لا يملكون أي سلطة حقيقية في صنع القرار، ومن ثم كان انفصالهم عن التنظيم وتوقفهم عن التدوين أو تحويل مجال اهتمامهم واحدا تلو الاخر، خاصة بعد ان دانت مقاليد الجماعة المحظورة للقطبيين تماما بصعود محمد بديع علي قمة الهرم التنظيمي، ومعه 16 قطبيا اخرون هم اعضاء مكتب الإرشاد. ترك محمد عادل "ميت" الجماعة تنظيميا بعد الأزمة التي اثارها من خلال تأسيس موقع " اخوان اوف لاين" اعتراضا علي مستوي موقع الجماعة الرسمي وتحول من الكتابة حول قضايا الإخوان للكتابة في الموضوعات العامة والسياسية في الدولة، وترك ابراهيم الهضيبي مش هنبطل التدوين وتفرغ لكتابة المقالات والمشاركة في الندوات باعتباره احد الباحثين المهتمين بالشأن الاخواني، اما مصطفي النجار المشارك الاساسي في مدونة أمواج التغيير فترك التدوين قبل ان يترك التنظيم ككل، معلنا نهاية صداع ضرب رأس الجماعة لفترة وسرعان ما زال أثره. راحة نفسية محمد عادل "ميت" الذي انضم إلي حركة كفاية قبل ان يتركها وينتظم في عمله كمهندس كمبيوتر، ابدي عدم رغبته في الحديث حول الأمر باعتباره ماضياً وانتهي، فيما قال مصطفي النجار إنه الآن يشعر بالراحة النفسية بعد ان ترك الجماعة والتدوين والتفت لعمله كطبيب، وأضاف: كنا كمن ينطح في صخرة ليحطمها براسه وعندما ايقنا من فشل فكرة الاصلاح من الداخل قررنا تجاوز المسألة والعمل لصالح الوطن ككل من خلال مجالات اخري، اما عبد الرحمن عياش فأبدي غضبه الشديد من سيطرة افكار سيد قطب علي الجماعة من خلال الانقلاب الأخير ووصف ما قيل عنه انتخابات بالمزورة، واعتبر الامر "ماضي وانتهي"، اللافت ان الشائعات الإخوانية لاحقت هؤلاء الشباب بعد ان انفصلوا نهائيا عن الجماعة، باعتبارهم خانوا الجماعة وخانوا دينهم.