مفاجأة غير سارة فجرها الدكتور مغاوري دياب عالم الجيولوجيا والرئيس السابق للجنة القومية للتخفيف من آثار الكوارث بأكاديمية البحث العلمي عندما أكد أن أحياء جنوبالقاهرة معرضة لمخاطر السيول في حالة عدم إجراء الدراسات لإنشاء مخرات للسيول بها لحمايتها من التدمير. وانتقد في حواره لروزاليوسف تجاهل المسئولين للخبرة الجيولوجية عند إجراء الدراسات مما يتسبب في نقص المعلومات والوصول إلي نتائج غير صحيحة واختيار مواقع لقري سياحية وتجمعات سكنية وطرق تقع مباشرة في طريق السيول ويتم تدميرها في حالة اجتياحها. في البداية نريد إلقاء الضوء علي تاريخ السيول في مصر؟ تكررت في العصر الحديث ودمرت بعض قري الصعيد وغيرها في دورات متكررة في أعوام 1975، 1979، 1980، 1981، 1982، 1987، ودمرت طريق الطور نويبع بجنوبسيناء عام 1990، وتعرضت القاهرة نفسها إلي السيول عام 1994 وتزامن ذلك مع سيول أخري في أسيوطوالمنيا، ثم الغردقة عام 1997. هل يمكن التنبؤ بالسيول؟ السيول من الكوارث الطبيعية التي تقع بشكل مفاجئ وتتميز بسرعة تدفق المياه السارية الحاملة للرمال والجارفة للكتل الصخرية والتي تتسبب في حدوث أضرار مادية ونفسية جسيمة.. فالسيول ظاهرة طبيعية متكررة الحدوث وتختلف حدتها حسب العوامل المناخية والجغرافية والجيولوجية. ما دور السد العالي للاستفادة من مياه السيول؟ من ضمن مهام السد العالي الذي شيد أساسًا من أجلها هي الاستفادة من مياه السيول السارية في مجري نهر النيل والفيضانات التي كانت تغرق البلاد قبل إنشائه، وتخزن فيه مياه الفيضان لتحقيق الكفاية في أوقات نقص إيراد النهر وأزمة الجفاف، وهذا يعتبر أقصي استفادة من مياه السيول التي تتعرض لها منابع النيل. لماذا تحدث السيول؟ وفي أي الأوقات من العام؟ تحدث نتيجة سقوط الأمطار الغزيرة الناتجة عن ارتطام الرياح المقبلة من جنوب شرق مصر والمحملة بالأمطار بسلاسل جبال البحر الأحمر والجبال الموازية لنهر النيل غرب الصحراء الشرقية فتتسبب في تلك الأمطار والعواصف الغزيرة.. وعادة ما تحدث خلال فصلي الربيع والخريف. هل توجد مناطق مرشحة لسقوط السيول عليها الفترات المقبلة؟ هناك مناطق تقليدية في مختلف المحافظات أكدت الدراسات والواقع إمكان حدوث السيول بها. وضح لنا تفصيلاً تلك المناطق وفي أي المحافظات؟ منها مدينة أسوان ونجع هلال وبحري وأبوجبير بمحافظة أسوان والشيخ عيسي وكرم عمران وقنا والكلاحين وزرنيخ الحلة بقنا أما في سوهاج فبها نجوع مازن ومركز السلام والسلاموني والصوامعة بأخميم، وقرية عرب بني واصل ساقلته وأولاد سلامة المنشأة، والكوثر والجبيرات بطهطا وقري المحاستة والوفاقنة والشواهين بجرجا. وفي أسيوط نزلة القواصير ودرنكة، وفي المنيا البرشا ودير البرشا وملوي وديرمواس وتل بني عمران، وبني سويف بياض وغراب، والجيزة بها المنشي والديسمي وفي حلوان أطفيح والصف، أما محافظة البحر الأحمر ففيها الزعفرانة والغردقة وسفاجا والقصير ومرسي علم ورأس بناس وحلايب والشلاتين، وبعض المناطق في شمال وجنوبسيناء منها وادي العريش ووادي وثير، والطرق العرضية في الصحراء الشرقية خاصة التي تربط بين القصير وسفاجا بمناطق قنا وقفط وغيرهما. وما هي الجهود التي بذلتها الحكومة المصرية لتفادي مخاطر السيول في تلك المناطق خلال الأعوام الماضية؟ في أسوان تم إنشاء مصرف السيل إلا أن المواطنين أنشأوا منازلهم علي يمين مخر السيل، وعمل بعض المصارف الأخري مثل فطيرة والمسابير والجروف والرديسية والعدوة والمحاميد لتكون مخرات للسيول، وعدد من مخرات السيول في البر الأيمن لنهر النيل وأجريت بعض الدراسات رفض المجلس الشعبي المحلي لأسوان تنفيذها لأن مخر السيل المقترح يمر بمناطق سكنية خاصة في مناطق أبوجبيرة مما نتج عنه الخراب والتدمير الذي لحق بأسوان عند سقوط السيول عليها مؤخرًا. .. وأنشئ عدد من مخرات السيول في قناوسوهاجوأسيوطوالمنيا والجيزة. أي المحافظات الأكثر تعرضا للسيول وتقل فيها المخرات؟ بني سويف، وأحياء جنوبالقاهرة التي آلت تبعيتها لمحافظة حلوان مثل المعادي والمعصرة ووادي حوف وحلوان و15 مايو وغيرها فهي تحتاج إلي دراسات لإنشاء مخرات للسيول علي وديان دجلة وحوف والجيو من أجل حماية القاهرة وضواحيها من أخطار السيول ومنع تكرار مأساة سيول عام 1994. ماذا عن محافظات شمال مصر والساحل الشمالي؟ تقل خطورة السيول عليها نظرًا لوجود شبكة من الأودية والمصارف التي تصرف مياهها في البحر المتوسط. هل استفادت الدولة من المشروعات التي أنشئت للحد من أخطار السيول؟ لم تؤد المشروعات الغرض من إنشائها بسبب بعض التقصيرات في الجوانب الفنية والهندسية والإدارة السليمة للمشروعات، إضافة إلي اهمال الجانب الجيولوجي عند تنفيذها. وما أهم الآثار المترتبة علي اهمال الجانب الجيولوجي في إنشاء المشروعات؟ توصلت بعض الدراسات إلي أن المنياوبني سويف من أقل المناطق تعرضا للسيول ولكنها كانت أكثر المناطق تضررًا عام 1994 عند اجتياح السيول لها، وتكرر نفس الأمر مع مدينة الغردقة بالبحر الأحمر والتي تأثرت بالسيول عام 1997.. ولم تؤد بعض السدود التي أنشئت في سيناء الغرض من إنشائها من تخزين المياه، فنقص المعلومات تسبب في مخالفة نتائج الدراسات للواقع. هل حققت الدراسات والتوصيات الصادرة عن الهيئات العلمية والتنفيذية نجاحا في مواجهة أخطار السيول؟ ولماذا؟ لم تحقق نجاحا كبيرًا لعدة أسباب أهمها عدم انتظام فترات حدوث السيول ومن ثم عدم انتظام الاستعداد لمراجعتها وإهمال المشروعات الهندسية وعدم صيانتها ومنها بعض السدود الترابية في محافظات السيول في الصعيد وسيناء والبحر الأحمر.. إضافة إلي نقص المعلومات في مشروعات البحوث خاصة فيما يتعلق بالجانب الجيولوجي، وعدم اقتناع المستثمرين باللجوء إلي الهيئات العلمية للحصول علي رأيها في مشروعاتهم خاصة فيما يتعلق بمناطق السيول. وما نتائج عدم نجاح الجهات المعنية في مواجهة خطر السيول؟ تواصل عمليات الامتداد العمراني السكاني والسياحي في المناطق المعرضة لمخاطر السيول، وعدم إنشاء مجاري صرف صناعية بجوار الطرق المارة ببطون الأودية لتصرف مياه الأمطار والسيول، وإنشاء البرابخ وفتحات التصريف بأمطار لا تسع الكميات المتوقعة للمياه السارية ولذلك لا تقوم بتصريف الكميات المتدفقة وتتسبب في انهيارات الطرق. لماذا لا توجد هيئة مصرية مستقلة مسئولة عن السيول بحيث تكون لها جميع الصلاحيات في الاتصال والتنسيق والمتابعة مع الجهات المعنية؟ هناك لجنة قومية لمواجهة الكوارث تتبع البحث العلمي ولكن أطالب بتشكيل هيئة تنفيذية عليا لمتابعة عملية التنقيح والتطوير وتنمية الأدوات العلمية وتكون علي اتصال بالهيئات الأخري المعنية.. وفي مجال السيول تجري وزارة الموارد المائية والري وهيئة المساحة الجيولوجية وهيئة الاستشعار عن بعد الدراسات ولكن ما هو حجم المردود؟ هل كانت هناك تحذيرات للجهات المعنية من السيول مؤخراً؟ وهل استجابت؟ نعم كانت هناك تحذيرات لها، إلا أنها لم تستجب وادعت بعضها عدم إخطار هيئة الأرصاد الجوية لها علي خلاف الواقع، وهذا وضح في تصريحات محافظ أسوان. من المقصر من وجهة نظرك في مواجهة خطرها مؤخرًا؟ الجهات التي سمحت بإقامة منشآت حكومية أو خاصة في مخرات السيول رغم العلم المسبق بأن هذه الأماكن معرضة لها في حالة وجود أمطار غزيرة علي نحو ما حدث مؤخرًا، ومن تلك الجهات المحليات والري والإسكان، وهيئة التنمية السياحية وغيرها.