تحقيق وتصوير - ميرا ممدوح تتعرض بحيرة مريوط للفناء تدريجياً بعد أن تقلصت مساحتها من 450 ألف فدان إلي 16 ألف فدان ورغم وجود 13 ألف أسرة تعيش علي خيرات البحيرة إلا أن أجزاء كبيرة منها تتعرض للتلوث بسبب إلقاء الصرف الصحي وملوثات المصانع بها وأجزاء أخري يتم ردمها وبيعها للمستثمرين. الصيادون أكدوا وجود أياد خفية ترغب في إعلان وفاة بحيرة مريوط ويتبعون سياسة القتل البطيء لها وبوسائل وأساليب متنوعة. البحيرة لم تعد مثلما كانت هكذا وصف جابر محمد سليمان صياد حال بحيرة مريوط فمياهها ملوثة والمصانع تلقي بمياه الصرف فيها بما يؤثر علي الثروة السمكية بينما قديماً كنا نصطاد البوري والبياض والقراميط والبلطي وكانت أسماك البحيرة من أجود الأنوع وكنا نصدر لكل محافظات مصر أما الآن فقد عزف المواطنون عن شراء الأسماك منا بعد زيادة الكلام عن تلوث البحيرة. ويكمل سعد إبراهيم صياد البحيرة الآن مقسمة إلي أربعة أجزاء البحيرة الغربية وحوض أبوعزام وحوض العلاليم والحوض البحري الذي ينتشر به التلوث بكثرة وتموت الأسماك وتطفو علي سطح المياه بسبب إلقاء مياه الصرف بها فأصبحت هذه المنطقة ميتة كما تحول جزء كبير من البحيرة إلي مدن مثل مدينة إبيس التي كانت سابقاً مياهاً نصطاد منها أصبحت الآن مدينة كبيرة مأهولة بالسكان وكذلك كارفور فحدود البحيرة كانت تبدأ من مطار النزهة مروراً بالحديقة الدولية ومساحتها 450 ألف فدان وأصبحت الآن 16 ألف فدان بسبب عمليات الردم والصرف المخالف بينما الصيادون عددهم كما هو وأصبح الرزق ضعيفاً. فرحات الشرمي صياد يقول مطالبنا تتمثل في الاهتمام بالبحيرة والصيادون الذين لا يعرفون مهنة غيرها ولا نعرف لصالح من يتم تخريب البحيرة بهذا الشكل مع أنها مصدر رزق لأكثر من ثلاثة آلاف أسرة يعيشون في خيرها فتم ردم أجزاء كبيرة منها وأصبحت أجزاء أخري جافة فمنذ سنتين ويتم إلقاء أدوية منتهية الصلاحية بها مما أثر علي إنتاج "سمك البياض" الذي انعدم وجوده بالبحيرة بعد أن كان من أجود الأنواع ولا نعرف من كان يقوم بذلك ولصالح من وكانت النتيجة أننا خسرنا مصدر رزقنا. ويضيف لقد تم إغلاق الهويس الذي يغذي الملاحة وعمل ماسورة قطرها 60 سنتيمتراً لا تسمح بمرور المياه أو الأسماك إلي أجزاء البحيرة الأربعة وقد طالبنا المسئولين بالثروة السمكية عمل كباري علي وسع ثلاثة أمتار حتي يتم تغذية البحيرة بالمياه والأسماك ولكن بلا استجابة مما أثر علي كمية الأسماك نظراً لجفاف المياه وأصبحنا ننتظر الأمطار التي تسقط في موسم الشتاء لتغذي البحيرة إلا أنها لا تكفي لتربية الأسماك فيبقي الصياد في المياه لمدة يوم كامل ولا يصطاد إلا 3 أو 4 كيلو سمك لا يزيد مكسبه في علي 15 جنيهاً حتي لجأ بعض الصيادين إلي شراء الأبقار وتربيتها حتي يستطيعوا العيش من خلال بيع منتجاتها أو ذبحها وبيعها كلحوم بعد أن ندر إنتاج الملاحة. حربي عبدالغني يضيف توقفت الثروة السمكية عند إلقاء زريعة بالبحيرة منذ عشر سنوات أضف إلي ذلك ندرة المياه وتحفيظها فقلت الأسماك به وبعد أن كنا مصدرين للسمك أصبحنا مستوردين له فنقوم بشراء الأسماك من أدكو ورشيد وحبسه في حبسات كبيرة وبيعه للمواطنين علي أنه من إنتاج البحيرة وكل شيء سيئ المياه ملوثة وقليلة والسمك ضعيف والأراضي يتم ردمها وبيعها لصالح كبار المستثمرين مثلما حدث في البحيرة التي أصبحت الآن كارفور وغيرها من أجزاء البحيرة ولا عزاء للصياد الذي يأكل لقمة عيشه منها. ويكمل إبراهيم عبدالغني البحيرة تمتلئ بالحشائش وورد النيل الذي يعوق حركة المراكب ويمتص كميات كبيرة من المياه مما يساعد في قلة مياه البحيرة بشكل كبير وبالرغم من وجود حفارات تتبع هيئة الثروة السمكية إلا أنهم لا يأتون لتنظيف المياه وإذا قمنا بكتابة طلب لإحضار الحفارات لا يستجاب لنا بسرعة مما أدي إلي زيادة الحشائش وورد النيل بها بشكل جنوني بالرغم من أننا سمعنا أن تلك الحفارات كانت منحة للحفاظ علي البحيرة مثلها مثل كثير من المنح التي تأتي لتطويرها والحفاظ علي الثروة السمكية فيها وهذا ما لا يحدث ولا نعرف أين تذهب هذه الأموال. ويكمل إبراهيم بشير الملاحة انتهت من البحيرة التي أصبحت فقيرة بعد أن كانت من أغني و أفضل بحيرات مصر وأصبح بها الكثير من المخلفات فحديثاً سمعنا عن بيع حوض أبوعزام للمستثمرين والاستعداد لتجفيف البحيرة وردمها من أجل إقامة مشاريع استثمارية بدون النظر إلي قيمة البحيرة والثروة السمكية التي يمكن أن توجد بها إذا تم الاهتمام بها من جديد كما يستخدم بعض الصيادين أنواع شباك تؤدي إلي اصطياد الزريعة الصغيرة ونقوم ببيعها مما يؤثر علي الثروة السمكية بها وبالرغم من أن هذه الشباك ممنوعة من الاستعمال إلا أنه لا يوجد من يحاسب أو يراقب وانتشرت مؤخراً مهنة تسمي "الكشاف" يقوم بإحضار كشاف نور كبير والصيد بالليل من خلال تسليط الضوء علي المياه واصطياد الأسماك التي تكون في حالة نسيان فيسهل الامساك بها مما يتسبب في عجز كبير في الأسماك كما تقوم إحدي شركات البترول بإلقاء مخلفاته علي البحيرة حتي أننا اطلقنا علي هذا الجزء "حوض الجاز" وتقوم بصرف الكلور وماء النار بها مما أدي إلي نفوق الأسماك والاضرار بالمياه، كما تم التعدي علي جزء من البحيرة بمساحة حوالي 2 كيلو متر وانشاء قرية "أبوالنوم" وتحويلها إلي أراض زراعية وتسكين فلاحين بها فهل يعقل أن يتم تنمية القطاع الزراعي والاستثماري علي حساب ثروة سمكية تغذي مصر كلها. الدكتور سامي أبوالعينين أمين شعبة المصايد بالمعهد القومي لعلوم البحار يؤكد أن البعض تبني وجهة نظر تجفيف البحيرة لزيادة عمق الأرض بالإسكندرية واستغلال الأراضي المجاورة عمرانيا وزراعيا مشيرًا إلي أن مساحة البحيرة 204 آلاف فدان عام 1789 ووصلت الآن 17 ألف فدان ويعيش 13 ألف أسرة علي الصيد من البحيرة التي ينتج 4.4 ألف طن سنويا من الأسماك بما يعادل 28 مليون جنيه سنويا. وأشار إلي أنه يتم صرف 12 مليون متر معكب من مخلفات الصرف الصحي والصناعي علي البحيرة منها 10٪ صرف صناعي غير معالج، مما يؤدي إلي نقص في الاكسجين الذائب وتصاعد غاز كبريتيد الهيدروجين ذي الرائحة الكريهة، اضافة إلي زيادة كثافة نمو النباتات المائية كالبوص، والتي ستؤدي مستقبلاً إلي اختفاء الحجم المائي للبحيرة وتحويلها تدريجيا إلي أرض يابسة ولذلك فإن تطهير البحيرة يعتبر حلمًا يتمناه الصيادون الذين لا يعرفون مهنة غير صيد الأسماك.