تمتلك مصر ثروة ضخمة من البحيرات مقارنة بدول المنطقة حيث يبلغ عددها إحدي عشرة بحيرة وهي بحيرات إدكو والمنزلة والبرلس ومريوط والبردويل وفؤاد وقارون والريان وناصر والمرة والتمساح إضافة إلي مفيض توشكي، ومع ذلك فقد شهدت السنوات الأخيرة تعديا صارخاً علي هذه البحيرات حيث تعرضت لعمليات تجفيف وردم مستمرة إضافة إلي تحولها إلي برك ومستنقعات نتيجة إلقاء مخلفات الصرف الصحي والصناعي فيها. ارتكبت هذه الجريمة العديد من الجهات تحت مسميات مختلفة سواء لاستغلالها في الزراعة أو إنشاء منطقة صناعية كما حدث في محافظة دمياط أو بواسطة شركات إنتاج الملح إضافة إلي كثير من الأسباب غير المنطقية وهو ما يهدد بالقضاء علي دور هذه البحيرات سواء علي صعيد تحقيق الأمن الغذائي حيث تساهم هذه البحيرات في إنتاج 136305 أطنان من الأسماك أو تراجع دورها السياحي بسبب تنامي معدلات التلوث المستمرة. "الأسبوعي" رصد أداء الخبراء حول تداعيات ما تتعرض له هذه البحيرات الذين أكدوا أن ما يحدث في هذه البحيرات هو عملية اغتيال بطيء لهذه الثروة الهائلة وتهديد الإنتاج السمكي وعمليات الصيد إضافة إلي معوقات أخري تعوق الاستفادة الحقيقية من هذه البحيرات. بداية يري د. هشام عبد الله أستاذ الإنتاج السمكي بجامعة القاهرة ان هناك تعدياً مستمراً علي مياه البحيرات من خلال عمليات الردم والتجفيف مشيرا إلي ان من أبرز الأمثلة الصارخة علي هذه التجاوزات بحيرة المنزلة والتي تشهد عملية اغتيال بطيء منذ عدة سنوات حيث تعرضت لعمليات تجفيف مستمرة فقد كانت مساحتها عام 1956 "750" ألف فدان ثم تقلصت إلي "195" ألف فدان عام 1982 ثم وصلت في عام 1994 إلي حوالي "125" ألف فدان ومازالت تشهد حتي الآن خططاً داعمة لتجفيف أجزاء أخري منها لأسباب غير منطقية، تتعرض البحيرة إلي معدلات تلوث هائلة حيث شهدت البحيرة ارتفاعاً هائلاً في نسبة املاح الزئبق والزنك الأمر الذي أدي إلي قتل أعداد كبيرة من الثروة السمكية واضرار البشر حيث ساهم تصاعد نسبة التلوث في تزايد اعداد حالات الكبد الوبائي. ويوضح د. هشام ان بحيرة المنزلة ليست الوحيدة التي تشهد عمليات إبادة جماعية للثروة السمكية حيث شهدت بحيرة البرلس هي الأخري عمليات تجفيف مستمرة حيث كانت مساحتها 150 ألف فدان عام 1935 ثم تقلصت مساحتها إلي 140 ألف فدان في عام 1950 لتصل في عام 1999 إلي 5.136 ألف فدان وفي عام 2005 إلي 81000 ألف فدان بعد تجفيف مساحات كبيرة منها وضمها للأراضي الزراعية ويصف ما يحدث الآن بأنه "كارثة" فإذا كانت عمليات التعدي القائمة علي قدم وساق قد أدت إلي تآكل مساحات البحيرات في مصر بهذه الطريقة فما هو المتوقع خلال العشر سنوات القادمة مع تزايد معدلات النمو السكاني. مأساة البحيرات الشمالية أما د. أكرم الكبابي أستاذ إنتاج الأسماك بجامعة القاهرة فيري ان بحيرة إدكو الصامدة أمام عمليات التعدي الجائرة تعد مثالا أيضا علي التهديدات التي تتعرض لها الثروة السمكية في مصر حيث شهدت البحيرة عمليات تجفيف مستمرة حيث تقلصت مساحتها من 51 ألف فدان إلي 17 ألف فدان حيث يتم استغلالها في الزراعة وبيع أراضيها كمزارع سمكية، كما تعاني البحيرة من ازدياد معدلات الصيد الجائر وصيد الزريعة باستخدام أساليب غير قانونية، وأضف لكل ذلك معاناة البحيرة من تصاعد نسبة التلوث التي تتعرض لها سواء أكان بسبب الصرف الصحي أم الزراعي الوارد من المصارف العمومية، وتعاني في شمال الدلتا (مريوط ادكو البرلس المنزلة) من حالة تسمم حاد ومزمن ناتج عن الصرف الصناعي والزراعي حيث قتلت مياه الصرف 50% من الكائنات البحرية الموجودة فيها. التهديد المزدوج وأشار د. أكرم الكبابي إلي أن بحيرة قارون شهدت مؤخرا معوقات خطيرة قد تؤدي إلي حدوث تأثيرات سلبية ذات اتجاهين في المستقبل الاتجاه الأول هو تأثر حركة السياحة في هذه البحيرة حيث تعد موقعا سياحيا مهما وجاذبا والاتجاه الثاني هو التهديدات المتعلقة بتقليص الإنتاج السمكي للبحيرة وتتصدر هذه المعوقات عمليات تجريف الزريعة المستمر والتي يتم القاؤها في البحيرة مع بداية كل موسم حيث يتم صيدها بشباك خاصة وبيعها بعد ذلك بأقل من ثمنها لتستخدم كغذاء للحيوان كما يستخدم كثير من الصيادين وسائل صيد قاتلة علي مستوي جميع البحيرات ولكن بحيرة قارون كانت الأكثر تضررا حيث يستخدم الصيادون ما يسمي "الحطاطات" وهي أدوات تتسبب في قتل الآلاف من اسماك الجمبري وهذا الأمر يعكس مدي تراجع دور شرطة المسطحات المائية في البحيرات الأمر الذي يؤدي إلي حدوث تزايد المخالفات وتفاقم المشكلات التي يسببها الصيادون غير المرخص لهم في البحيرة.