"من باب هذه الافكار دخلت إلي الفكر الاسلامي السياسي والي العمل الحركي جميع افكار العزلة والتكفير والاستحلال واستباحة الدماء والاموال وتحريم تولي المناصب العامة وعشرات النتوءات الفاسدة التي نسبت إلي الإسلام ظلما وزورا وشوهت صفحة الإسلام البيضاء تشويها لا يزال المسلمون يعانون منه حتي الان".. هكذا تحدث محمد سليم العوا المفكر الإخواني المحسوب علي الاسلاميين المستقلين، عن الافكار التي اوردها سيد قطب منظر جماعة الإخوان المحظورة في مجموعة كتبه وفي مقدمتها "معالم في الطريق".. حديث العوا هذا ورد في الكتاب الصادر حديثا عن مكتبة "الشروق الدولية" تحت عنوان "الإسلام والتطرف الديني" والذي شارك فيه العوا مع مجموعة من المفكرين ذوي الانتماءات الاخوانية في مختلف مراحل حياتهم مثل المستشار طارق البشري والمهندس أبو العلا ماضي وكيل مؤسسي حزب الوسط وراشد الغنوشي القيادي السابق باخوان تونس وعصام البشير ومهدي رزق الله من السودان. ويمضي العوا موضحا أن من اهم الاجتهادات التي تأثرت بافكار سيد قطب سالفة الذكر ما عبرت عنه رسالة الايمان التي كتبها صالح سرية قائد تنظيم الفنية العسكرية فهو يحكم بلا تردد بكفر كل من اعطي نفسه حق التشريع بل وان النص علي أن الشريعة الاسلامية مصدر من مصادر متعددة للتشريع كفر ايضا. لم يكن العوا وحده من تبني هذا الموقف من سيد قطب فقد اعاد نفس المعني باسلوب مختلف أبو العلا ماضي في الفصل الذي شارك به في الكتاب تحت عنوان الجذور الفكرية لظاهرة العنف والارهاب لدي بعض الجماعات الاسلامية في مصر، مما يجعل الكتاب يمثل هجوما معاكسا من جانب التيار الاقل تطرفا في جماعة الإخوان المسلمين علي تيار القطبيين الذين احكموا السيطرة تماما علي الامور داخل الجماعة. وفي معرض حديثه عن موقف الجماعات الاسلامية من الاخر الديني استنادا إلي مراجعات جماعة الجهاد التي اصدرها الشيخ سيد امام من داخل السجن يقول أبو العلا ماضي إن الجماعات الاسلامية تراجعت كثيرا عن فكرة استحلال اموال ودماء غير المسلمين التي كانت تؤمن بها في السابق، لكنها لم تصل حتي الان إلي قبول فكرة المواطنة الكاملة وهو أمر تشترك فيه مع الجماعات السلمية الاخري "يقصد جماعة الإخوان"، ويرجع أبو العلا ظاهرة العنف الديني إلي عدة اسباب بعضها داخلي مثل غياب حرية تكوين الاحزاب وتملك وسائل الاعلام، ومثل ضعف المؤسسة الدينية الرسمية ممثلة في الازهر وتبعيتها من حيث تعيين مسئوليها للسلطة التنفيذية بالدولة، الجانب الاخر من اسباب العنف كما يقول ماضي هو السياسات الغربية الظالمة حيال المنطقة والتي تعتبر من وجهة نظره امتدادا للسياسات الاستعمارية القديمة في النظرة الدونية للمنطقة علي انها سوق استهلاكي ومصدر للطاقة. واذا كان المشاركون في وضع الكتاب قد تناولوا بالنقد ظاهرة التطرف او العنف الديني فانهم ناقشوها في اطار كونها نوعا من الغلو في السعي نحو دولة تطبق الشريعة وانها انطلقت من اجتهادات فقهية وقياسات خاطئة، غير انهم لم هاجموا بشدة فكرة فصل الدين عن العمل السياسي وهو ما ورد في الفصل المقدم من جانب راشد الغنوشي الذي هاجم بشدة كتاب الإسلام واصول الحكم مستندا إلي رد بعض المفكرين عليه مثل الشيخ يوسف القرضاوي ومحمد عمارة ومحمد سليم العوا وغيرهم، دون أن يوضح ماهية الحجج التي ساقها هؤلاء المفكرون.