حرية العقيدة حق لا يزايد عليه أحد.. فالأديان قد أعطت تلك الحرية بلا حدود حتي يمارسها الإنسان بمحض إرادته.. فلا إيمان بدون تلك الحرية.. ولا إيمان بالإكراه والقسر والإرغام.. والإيمان بغير الحرية المطلقة هو إيمان المنافقين والنفعيين والذين في نفوسهم غرض.. فإذا كان الله سبحانه وتعالي قد أعطي للإنسان تلك الحرية وهي أن يعبد الله أو لا يعبده.. فكيف يقف الإنسان أي إنسان أمام ممارسة تلك الحرية؟ والفلسفة الربانية في تلك الحرية تعني أن الإيمان بالله والاعتقاد بأي دين أو عقيدة هو في الأول والآخر علاقة خاصة وذاتية بين الإنسان وبين الله ولا يعلمها ولا يملك التدخل فيها غير الله وهذا الإنسان.. لا يعلم الإنسان غير الإنسان الساكن فيه. ولذلك أعطي الإنسان الحق والحرية في هذا الإيمان.. من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. لا إكراه في الدين.. والإيمان هنا هو أن تكون تلك العلاقة الإيمانية بين الإنسان وبين الله لها علامات وظواهر وسلوكيات تترجم هذا الإيمان كما يجب أن يكون حسب العقيدة.. الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.. وليروا أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذي في السموات.. والإيمان بدون أعمال إيمان منه.. ومن ثم فهل هؤلاء المتحولون من الإسلام للمسيحية أو من المسيحية للإسلام هم كذلك؟ بالتأكيد فنحن بهذا السؤال لا نملك أن نحكم علي النيات ولا نعلم سرائر القلوب ولا يحق لنا أن نشق قلب أحد حتي نعلم ذلك.. ولكن للأسف فهناك كثر أصبح لهم صوت مسموع من هؤلاء المتحولين يقولون غير ما يحتم عليهم الإيمان الصحيح ولا يسيرون حسب قيم المعتقد القويم.. فالذي تحول من المسيحية إلي الإسلام.. نجده ومعه كثير من وسائل الإعلام تفتح له ذراعيها لسب المسيحية وازدرائها بشكل يؤكد عدم معرفته يومًا بقيم المسيحية.. كما أن تلك الممارسات تؤكد أنه أيضًا لا علاقة له بفهم قيم الإسلام ولا بمعرفة مقاصده العليا.. ونفس التوصيف ينطبق علي الذي تحول من الإسلام إلي المسيحية فإنه يقوم بنفس الدور في الإساءة للإسلام وازدرائه.. وتلك هي المشكلة.. فهل هذا التحول وبهذه الطريقة وبتلك الممارسات نقول إن هذه حرية عقيدة؟ وهل الإيمان بدين أو التحول إلي دين آخر يعطي لهذا المتحول أو لذلك المؤمن حق الإساءة لذلك الدين الذي تحول عنه؟ أم أن هذه السلوكيات التي تتناقض مع قيم جميع الأديان والتي لا تتفق مع مقاصدها العليا هي بعيدة كل البعد عن حق التحول وهي ليست من حرية العقيدة في شيء.. وإذا كانت الحرية بشكلها المطلق لها ضوابطها السياسية والأخلاقية حتي لا تتعارض مع حرية الآخر.. ألا يجب أن يكون أول تلك الضوابط هو عدم الإساءة للدين الذي تم التحول عنه؟ وهل الحرية هي الإساءة لدين الآخر وسبه وازدرائه أم في تعلم قيم الدين الجديد والعمل علي ممارستها كما يجب؟ ومكنه هذا الإيمان إذا كان لا يأتي بأفعال تؤكد هذا الإيمان وتصدقه؟.. ولذا فتلك السلوكيات المرفوضة والتي لا علاقة لها بأي دين أو أي قيم والمتناقضة مع كل الأخلاق والآداب.. هي سلوكيات من أجل المتاجرة وأملاً في شو إعلامي لضعاف النفوس.. فلا ينكر أحد الآن وجود تلك الجماعات والتي تأخذ علي عاتقها تلك المهمة والتي تعتمد علي إغراء الآخر لكي يتحول إلي دين تلك الجماعات وهذه الإغراإات لا تقتصر علي المال فقط.. ولكنها تتسع الآن وتتمدد هدفًا للإيقاع بهؤلاء المتاجرين بهذا التحول.. والإغراء قد أصبح مفتوحًا ومتاحًا ليس بالمال فقط ولكن بالمال والنساء والسفر للخارج وبالشقة والوظيفة.. وهذا يعني أن تلك الجماعات بل قل التنظيمات تستغل حاجة الشباب وتترصد مشاكل البشر وتلعب علي آمال الفقراء وتغازل عواطف وأحاسيس الرومانسيين من الشباب.. بما يعني أن العملية لا علاقة لها لا بأديان ولا بإيمان حقيقي ولكنها هي مشروع توريد أنفار للسيد المقاول.. والمقاول هنا يتصور زورًا وخطًأ أنه بذلك يقدم لدينه أكبر هدية وأن الله سيرضي عنه وسيدخله فسيح جناته وسيسكنه في ملكوت سمواته.. إن ما يحدث الآن في تلك القضية وبهذه الطريقة هو إساءة لكل الأديان ولا علاقة له بتلك الأديان.. ولكن الإيمان المطلوب والتحول المحمود والذي يجسد حرية العقيدة هو التعرف أولاً علي الدين الذي وجد عليه الإنسان ولا يكتفي بعملية الوراثة لهذا الدين ثم له أن يتعرف علي الأديان الأخري.. وله وحده وبكل الحرية وبدون إغراء أو إكراه أن يختار ما يريد.. أن يبقي علي دينه الموروث ويتأكد إيمانه به نتيجة تلك الدراسة ولهذا التعمق.. أو ينتقل إلي دين آخر وأيضًا بدون إغراءات أو إكراه.. وأموال الدنيا كلها وإغراءات الخليقة لا تبرر هذا الإيمان الزائف فالإيمان بالله الواحد هو الهدف والسعي لكل البشر من المؤمنين بالأديان السماوية.. ولذا ونتيجة لكل هذا نجد الآن تلك الهوجة الخطيرة من الازدراء المتبادل بين المتاجرين والأفاكين الذين يدعون الدفاع عن الدين وهم في ذات الوقت يزدرون الآخر.. الشيء الذي زاد وكرس من المناخ الطائفي وأصبح التوتر الديني مأساة للدين والدين منه براء.. فحرية العقيدة والإيمان الحقيقي يعني أن تكون أعمالنا وأفعالنا متسقة مع قيم الدين وعظمة الإيمان وقدرة الله علي محبته للبشر كل البشر في الوقت الذي أعطي لهذا البشر الذي خلق أن يكون حرًا في أن يعبده أو لا يعبده.. والله هو الذي سيحاسب البشر وليس هؤلاء التجار المستفيدين والمتاجرين بالدين.. فأين دور المؤسسات الدينية إذا كانت لا ترضي بما يحدث وإن كانت تستشعر خطره علي الأمة كلها.. والأخطر أن يكون هناك بعض من رجالات هذه المؤسسات راضون عما يحدث وتلك مصيبة أكبر ويجب التحرك فورًا من أجل مصر وحفاظًا علي سمو الأديان وعظمتها بعيدًا عن تلك الممارسات.