المتابع لتاريخ الجماعة المحظورة، رغم انتشار دعاتها والموالين لها في كل أرض مصر -سواء كانوا أعضاء أو أصدقاء أو متعاطفين، سيلحظ إذا تحلي بشيء من الحياد للوطن لا مصالحه الشخصية- أن منهج الجماعة في التعامل مع الحكومات المصرية المتعاقبة من لدن حكومة صدقي باشا إلي حكومة د.أحمد نظيف، لم يتغير رغم تغيير الزمان وأساليب إدارة اللعبة السياسية الإصرار علي العمل تحت الأرض رغم عدم حظر اللعب في النور، ويتعلل منظرو الجماعة إن كان لديهم منظرون، بأن تحويل النظام لملف الجماعة من ملف سياسي إلي ملف أمني هو السبب، مع الحرص علي عدم توضيح دور الإخوان في هذه اللعبة، فالإخوان دائمًا ما يحبون لعب دور المفعول به، من قبل النظام وأمام الناس، ولكن لأنهم يحبون إحراج النظام أيضًا فهم يبررون لعب النظام معهم -بمنطقهم- بخوف النظام منهم وأنهم يشكلون قوي من شأنها إحراج النظام المصري أمام العالم حيال الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعلي الجانب الآخر لا يعي مدعو الديمقراطية في مصر، أنهم إذ يدافعون عن حق الإخوان في التواجد السياسي العلني إنما يحرجون الإخوان لا النظام! كيف؟! أولاً: الكل يعرف أن ملف الإخوان لم يتحول من سياسي إلي أمني، إلا بعد تجربة مُرة عاشها المجتمع المصري كان الإخوان فيها قد بلغوا من تقويض دعائم المجتمع المدني فيها مبلغًا عظيمًا، وتم لهم ولأعوانهم المتحالفين معهم ضد النظام والمجتمع معًا السيطرة علي أندية أعضاء هيئات التدريس بالجامعات المصرية، والنقابات المهنية، والنوادي والجمعيات، باختصار تم للإخوان حلم الاختراق بجناحيه المجتمعي عن طريق خطة التقويض التي أعدها الطبيب عبدالمنعم أبوالفتوح، تزامنًا مع خطة التمكين الاقتصادي التي صاغها المهندس الشاطر خيرت! ثانيا: ماذا كان ينتظر الإخوان من النظام وهو يري أناسًا أخرجهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات من السجون ليتآمر بعض الخارجين منهم علي قتل الرئيس؟! وكيف لم يتأثر الرئيس محمد حسني مبارك بهذه الخلفية، وتعامل مع دعاتهم علي ما يعلنون لا ما يبطنون، فإذا ادعوا أنهم فصيل سياسي لم يكذبهم ودخلوا معترك الحياة السياسية المصرية تحت شعار الإسلام هو الحل وأقاموا التحالفات مع الوفد والعمل وغيرهما من القوي الوطنية ذات الغطاء الحزبي الشرعي، ولم يتعرض لرجالهم أحد من رجال الأمن ولا السياسة، بل وصل الأمر بأن الإخوان وملفهم تابع لرياسة الجمهورية لا لأي جهة أخري ونسينا أو حاولنا أن ننسي التراث الدموي للإخوان من النظام الخاص إلي اتهامات طالت قائده المغضوب عليه عبدالرحمن السندي باغتيال مرشدهم العام الأول والمؤسس حسن البنا في 1949، حاولنا نسيان أنهم كانوا يدبرون حوادث الاغتيالات، ثم يصدرون بيانات التبرؤ منها فيدفعون مرتكبيها إلي الجنون لأنهم بعد أن نفذوا الأوامر يوصفوا بأنهم ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين! ثالثًا: ماذا فعل الإخوان المسلمون الذين يقرون بما عدا انتمائهم للإسلام، وبالتالي يحلمون طول الوقت بإعلان مصر الإسلامية، والتخلص من مصر المدنية العلمانية؟! لقد أعدوا العدة لاستلام كل أرض مصر وتوزيع الغنائم علي الفائزين من المخلصين للفكرة الإسلامية وبدأ حزب العمل الذي كان اشتراكيا في وضع حكومة ظل للإخوان وتم توفير المال اللازم لإعلان الثورة الإسلامية علي الطريقة الخومينية، هنا في مصر مستغلين ما حققوه من إنجازات في جناحي الخطة بين التقويض والتمكين، إلي أن كشفت المفارقة الأمنية عن قضية سلسبيل، وكانت قضية غسيل أموال، إلا أنها أوضحت الكثير من الخطط الإخوانية المعتمدة علي تعامل النظام معهم بصفتهم فصيلاً سياسيا معارضًا، وكشفت أيضا عن محاولة اختراق لنظم المعلومات في أجهزة حساسة للدولة عن طريق شركة خيرت الشاطر (سلسبيل لأنظمة المعلومات والحاسب الآلي)! رابعًا: كشف تعامل النظام مع قضية سلسبيل عن تعاطف كبير مع شخصيات إخوانية حققت شعبيتها وأهدافها علي حساب النظام، والمزايدة علي مواقفه سواء في حرب الخليج الأولي أو الثانية، ومع كل ما ارتكبه الإخوان من جرائم ضد المجتمع المصري يتهمون النظام بالتجبر والظلم.. رغم أنه لا أحد ممن يسيئون للإسلام في جميع أنحاء العالم ولا من لدن إبي لهب، قد بلغ به الإساءة التي يقوم بها الإخوان للإسلام الذي يدعون الحديث باسمه آناء الليل وأطراف النهار، أما لماذا فنظرة إلي الحركات الإرهابية الدموية بدءًا من تنظيم التكفير والهجرة، مرورًا بالجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد والقاعدة التي أسسها عبدالله عزام، بمعاونة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، وحماس وحزب الله وغيرها من المنظمات الإرهابية ذات المرجعية الإسلامية كلها بلا تجن مجرد عوارض بسيطة من منجزات الإخوان المسلمون في سبيل نصرة الإسلام! خامسًا وأخيرًا: لم يتغير منهج الإخوان في التعامل مع النظام.. فلماذا يتغير منهج النظام؟! إننا نحذر كل من يحاول الضغط علي النظام المصري في قضية الديمقراطية ليس خوفًا من الجماعة المحظورة، ولكن خوفًا علي مستقبل هذا الوطن، بأقباطه ومسلميه، بهائييه وملحديه، فمصر التي آوت كل المضطهدين علي مر العصور من النبي إبراهيم ويوسف والذي تخلص منه إخوته وموسي والمسيح وأمه العذراء لن تضيق أبدًا بالديمقراطية ولا بالإسلام ولكنها تضيق وتطبق قوانينها علي من لا يرجو للوطن أمنا ولمواطينه السلام، ولذلك نقول لكل من يدافع عن حق الإخوان في التواجد السياسي، ارجع أولاً لتاريخ هذه الثلة من الخارجين علي ملة الوطن، وإذا لم يكفروك ويهدروا دم الوطن تعالوا، إلي كلمة سواء بيننا وبينكم، نصها، الدين لله، والوطن لمواطنيه بلا تمييز ديني! وهكذا سوف يصبح لا مبرر إطلاقا للحديث عن تيار سياسي ديني اسمه الجماعة المحظورة، ولا مرشد عام ولا أي صورة من صور التزييف الديني في الوعي السياسي!