كتب – أشرف أبوالريش وصبحي مجاهد و ولاء حسين وسعد حسين ومحمود جودة و محمد فرج ونسرين صبحي وأسامة رمضان ومحمد هاشم وعمر علم الدين و محمد فؤاد توافد الآلاف من جموع الشعب منذ مساء أمس الأول الثلاثاء علي ميدان التحرير بقلب القاهرة غير عابئين بسقوط الأمطار، للمشاركة في احتفالات الذكري الأولي للثورة المصرية التي أنهت 3 عقود من حكم الرئيس السابق حسني مبارك وأجبرته علي التنحي في 11 فبراير 2011. الأمر لم يتوقف علي المظاهر الاحتفالية فحسب فمع ذكري الثورة تتأجج أحزان من فقدوا ذويهم، في خضم الصراع مع قوات الأمن. وشهد ميدان عبدالمنعم رياض المتاخم لميدان «التحرير» توافد أعداد كبيرة من الحافلات والسيارات من الأقاليم أقلت آلاف المتظاهرين الذين انضموا للمعتصمين في التحرير، واصطفت الحافلات بطول طريق كورنيش النيل أمام مبني التليفزيون «ماسبيرو» وحتي ميدان عبد المنعم رياض. حملت الجموع اللافتات والأعلام، كما اصطفت عشرات من سيارات الإسعاف حول ميدان التحرير وأمام مسجد عمر مكرم بالميدان من ناحية وبجوار ميدان عبد المنعم رياض، وكذلك أمام المدخل الجانبي للمتحف المصري تحسبا لوقوع طوارئ. غابت قوات الأمن والجيش عن المشهد تمامًا فيما عدا تكثيف قوات الأمن المركزي حول مبني التليفزيون لحمايته، وحمل أفرادها العصي ودروع الحماية فحسب. أغلقت أمس مداخل ومخارج ميدان التحرير والشوارع المؤدية له، وفتح الطريق للقادمين من جنوبالقاهرة من شارع قصر العيني وحتي مجلس الوزراء، حيث الأسلاك الشائكة التي أغلقت الشارع، واتجه المواطنون إلي جاردن سيتي، حيث شارع توفيق دياب الذي تقع فيه سفارتا بريطانيا وأمريكا للعبور منه إلي ميدان التحرير. أما ميدان التحرير نفسه فيشهد كعادته احتشاد الآلاف من مختلف الفصائل والتيارات، وأقامت جماعة الإخوان المسلمين منصة لها وكذلك الحركة السلفية اضافة إلي ومنصة أخري لنشطاء الثورة. و تولي شباب جماعة الإخوان عملية تأمين الميدان من كل مداخله، حيث تقوم مجموعات منظمة بأعمال التدقيق في هويات القادمين إلي الميدان وتفتيشهم عند مدخل الميدان من شوارع طلعت حرب وباب اللوق ومدخل المتحف المصري وكوبري قصر النيل. مع شروق صباح الأربعاء علي ميدان التحرير وتدفق آلاف الناشطين من الاسلاميين والليبراليين واليساريين والمواطنين العاديين علي الساحة التي ترمز للثورة في قلب القاهرة بعد ليلة شهدت تساقط أمطار غزيرة اعتبرها الكثيرون بشائر خير. ورفع المحتشدون العديد من اللافتات التي تحمل شعارات متنوعة تعكس اختلافا حول ما يعنيه هذا اليوم. وحضر الاخوان المسلمون للاحتفال بالذكري الاولي للثورة الشعبية التي اسقطت مبارك، لكن الكثير من المجموعات الاخري ومن بينها المجموعات التي كانت أبرز محرك للثورة، أكدوا أنهم يحتشدون اليوم لمواصلة الثورة التي لم تكتمل وللمطالبة برحيل المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي يقود البلاد منذ رحيل مبارك، وانتشرت لجان شعبية لتفتيش الداخلين للميدان. كما وصل إلي ميدان التحرير وفد من حركة صوت الاغلبية الصامتة برئاسة الدكتور يسري أبوشادي الأب الروحي للحركة للتعبير عن مشاركة الحركة في احتفالات ميدان التحرير بذكري 25 يناير. وفي ناحية أخري توافد الآلاف من المتظاهرين علي ميدان العباسية للاحتفال بثورة 25 يناير والذي تنظمه حركة صوت الاغلبية الصامتة هناك والتي تتخذ من ميدان العباسية مكانا لتظاهراتها خلال الاشهر الماضية. وأكد المتوافدون علي الميدان أنهم حضروا للمشاركة في احتفالات عيد ثورة 25 يناير والذي شهد انجازا كبيرا بوجود شرعية منتخبة ممثلة في مجلس الشعب الذي بدأت الجلسة الاولي له أمس الاول. قام اتحاد شباب الثورة بتوزيع أكثر من 100 ألف بيان لاستكمال الثورة بشوارع القاهرة والمحافظات للدعوة إلي احتجاجات 25 يناير، التي بدأت أمس مع حلول الذكري الأولي للثورة. وأكد البيان الذي حمل عنوان «معاً لاستكمال طريق الثورة.. سقط مبارك ولم يسقط النظام» أن الثورة لم تحقق مطالبها، لذلك نزلنا إلي ميدان التحرير لنطالب المجلس العسكري بتسليم السلطة والحرية والتغيير والعدالة الاجتماعية، التي يقف المجلس العسكري عائقاً أمام تحقيقها بتشبثه بالسلطة، مما أدي إلي عدم تحقيق تلك المطالب البسيطة التي يتمناها الشعب المصري. وأعرب أن الحرية لم تتحقق.. فلا يزال الثوار يستشهدون ولا تزال هناك محاكمات عسكرية ضد المدنيين ومازلنا نخضع لقانون الطوارئ.. وما زال هناك كبت للحريات وقوانين تمنع الاعتصام والاحتجاج وما زال هناك اعتقال ومحاكمات لشباب الثورة. وتابع: التغيير لم يحدث إلي الآن والأمور تذهب إلي الأسوأ، فبعد الثورة المصرية البيضاء نري أعضاء الحزب الوطني المنحل يتولون جميع المناصب القيادية داخل الدولة.. ومازالوا أعضاء داخل الحكومة المصرية ومازال الفساد يعم داخل جميع المؤسسات الحكومية، ومازالت الرشوة موجودة والمحسوبية سائدة ومازلنا نعيش في مستنقع من الفساد. ولفت إلي أنه ورغم مرور سنة علي الثورة، لم يسقط مبارك ونظامه، فمازال شعب مصر يضرب ويهان ويقتل ويسحل، ولذلك ستستمر الثورة ولن نحتفل إلا بعد أن تحقق أهدافها ويتم القصاص لدماء الشهداء. واتهم المجلس العسكري باستخدام كل الوسائل القمعية بما فيها قتل واعتقال شباب الثورة وتعرية نساء مصر للبقاء في السلطة، في غضون ذلك بدأت غرفة عمليات الاتحاد في العمل من الساعات المبكرة من صباح اليوم، وأعلن الاتحاد أنه سيدرس قرار الاعتصام بعد انتهاء فعاليات اليوم مع بقية القوي الشبابية المشاركة للخروج برأي موحد. في بيان له لميدان التحرير أعلن مجلس الشعب في الذكري الأولي لانطلاق الثورة المصرية المجيدة، كأول لبنات البناء بعد نجاح الثورة في إسقاط النظام الفاسد، أنه قد تسلم منذ يومه الأول السلطة التشريعية والرقابية كاملة؛ ليستكمل من خلالها مسيرة الثورة، ويحقق كامل أهدافها، وأن برلمان الثورة لن يقف أبداً بالشعب المصري العظيم الذي أولاه ثقته وحمله المسئولية في منتصف الطريق، إنما سيمضي قدماً حتي يحقق انتقالاً كاملاً للسلطة من المجلس العسكري إلي سلطة مدنية منتخبة.. برلماناً وحكومة ورئيساً، بصلاحيات كاملة، ويحقق للشعب الحرية، والكرامة، والعدالة الاجتماعية التي نادي بها في ثورته. وجاء بنص البيان أنه يؤكد نواب الشعب اعتزازهم بشهداء وضحايا ومصابي الثورة أصحاب الفضل علي الوطن كله، كما يؤكد نواب الشعب أنهم يضعون في مقدمة أولوياتهم الحقوق الكاملة لأسر الشهداء والمصابين، بدءاً بمحاكمات ناجزة وعادلة تقتص لدماء الشهداء، وتحدد جميع الأطراف المتورطة في جرائم القتل والعدوان. ومن أجل هذا كان أول قرار يتخذه مجلس الشعب هو تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق في الأحداث التي وقعت منذ انطلاق الثورة، لكي تُعلَن الحقائقُ كاملة علي الشعب المصري، ويتخذ المجلس بشأنها قرارات حاسمة تلتزم الحكومة بتنفيذها.. هذا عهد قطعه نواب الشعب علي أنفسهم، وهم يقسمون بالله العظيم أن يرعوا مصالح الشعب. وأكد الدكتور عبدالفضيل القوصي وزير الأوقاف أن هذا اليوم يعتبر عرسا سياسيا يجب علي كل من يحب هذا الوطن المشاركة فيه، مشيرا إلي أن الفساد أزيل من جذوره ولن يعود مرة أخري. وعلق القوصي علي مشاركة الدعاة في هذا اليوم قائلا: إن الجميع له مطلق الحرية في الاحتفال بالثورة. في ذات السياق شارك عدد كبير من أئمة مساجد مصر في ذكري ثورة 25 يناير في ميدان التحرير للمطالبة بتحقيق أهداف الثورة واستكمال مطالبها من تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والسلطة المدنية للبلاد. وقد تجمع الدعاة من الساعة العاشرة صباحا أمام مسجد عمر مكرم ، حيث تم تنظيم الصفوف وتوحيد الهتافات، وتم التنيظم تحت راية نقابة الدعاة ، وكانت النقابة قد أكدت علي الدعاة الإلتزام والمحافظة علي إرتداءالزي الأزهري، والالتزام بقواعد الميدان العامة، وعدم التجريح لأي شخص . وأكد الدعاة في بيانهم خلال المشاركة انه لابد وان تظل الثورة سلمية وانهم توجهوا للميدان لتوجيه الموعظة الحسنة لكل من تسول له نفسه الاعتداء علي ممتلكات الدولة أو محاولة الإساءة للثورة السلمية البيضاء ..والالتفاف علي إرادة الجماهير. كما وجهوا رسالة إلي أعضاء مجلس الشعب بالعمل بكل جهد علي رجوع حق الشهداء وعلاج المصابين وتطهير البلاد والعباد من الفساد وعودة الاقتصاد وتوحيد الشعب المصري بكل أطيافه حول الهدف الاسمي ألا وهو رفعة مصر وعودتها إلي القيادة والريادة كما أراد الله لها أن تكون علي الدوام. وأكد الدعاة خلال مشاركتهم في ميدان التحرير علي مرجعية الأزهر وأن الأزهر هو المؤسسة والمرجعية العالمية الأولي علي مستوي العالم.. وأنه علي مر الأزمان والعصور تنطلق منه الثورات لتحرير الشعوب من الظلم والقهر والاستعباد والفساد. وقال الدكتور عبدالمنعم الحبيش مدير إقليمالقاهرة الكبري بهيئة الاسعاف المصرية موجودًا مع فريق الاسعاف وقال إن الميدان تواجد به 83 سيارة اسعاف موزعة علي ميادين سيمون المجاور لعمر مكرم وعبدالمنعم رياض ومجلس الوزراء، ولم تنقل سيارات الاسعاف أي حالات إلي المستشفيات حتي بعد ظهر أمس. وشارك آلاف المتظاهرين في مسيرة انطلقت من مسجد الاستقامة بميدان الجيزة شارك فيها الدكتور محمد البرادعي دقائق ثم انصرف لتنطلق المسيرة عقب صلاة الظهر مباشرة.. وردد المشاركون بها هتافات «عدي سنة ومافيش جديد ياله نجيب حق الشهيد» و«قول لفريد الكلب وسيده.. بكره الشعب حيقطع إيده»، «يا طنطاوي قول لعنان.. إحنا رجعنا للميدان»، «المرادي مش هتفوت حتي لو كنا حنموت»، «عيش حرية عدالة اجتماعية». وقبل انطلاق المسيرة وأثناء دخول البرادعي لأداء صلاة الظهر التف حوله عشرات من المتظاهرين والإعلاميين الأمر الذي لم يلق استحسان إمام مسجد الاستقامة فأخذ ينهي المصلين عن إحداث ضوضاء بالمسجد وذكرهم بأنهم في بيت من بيوت الله وطلب من المصورين التوقف عن التقاط الصور حتي الخروج من المسجد أثناء الصلاة.. فلم يستجب له أحد إلا بعد فترة وأثناء أداء الركعة الأخيرة من صلاة الظهر أخذ يردد إمام الدعاء داعياً الله أن يطبق شرعه في أرجاء البلاد وعقب التسليم من الصلاة.. ردد مباشرة «المتظاهرون ثوار أحرار هنكمل المشوار»، «يسقط يسقط حكم العسكر»، قبل خروجهم من المسجد لتنطلق المسيرة وتنضم إليها تجمعات أخري كانت واقفة أمام جامعة القاهرة وميدان الأوبرا. وفي كلمته قال المستشار محمود الخضيري عضو مجلس الشعب إنه لا يتفق مع من يرفض الاحتفال بالثورة لأن ذلك معناه انكار التضحيات التي دفعها الشهداء الذين لولاهم ما تمتعنا بالحرية التي نعيشها اليوم، مؤكدا أن الثورة مستمرة خاصة بعد أن انتخب الشعب مجلسا نيابيا لاول مرة منذ 60 عاما بنزاهة ودون تزوير وما حدث من تجاوزات أمر لا يذكر.. في السياق ذاته رشق المئات من المتظاهرين صورا تم وضعها وسط الميدان للرئيس المخلوع مبارك بالاحذية والحجارة هاتفين «الحرامي أهوه».