تعتبر الألعاب النارية أحد الطقوس الرئيسية للأطفال والشباب فى الاحتفال بالأعياد والمناسبات فى الصعيد، حيث يقبل الأطفال على شرائها بمختلف أنواعها وأحجامها وبغض النظر عن ارتفاع أسعارها خلال فترة العيد، وما يلبث أن ينتهى المصلون من صلاة العيد إلا وتسمع أصوات فرقعة البمب والصواريخ فى الشوارع والطرق والمنتزهات تعبيرا عن فرحتهم بالعيد. وعلى رغم من خطورة تلك الألعاب والتى تنتشر بشكل كبير فى الأسواق خاصة بعدما غزت الصين السوق المصرية، إلا أن كبار السن وأولياء الأمور لا يتأخرون لحظة عن شراء هذه الألعاب النارية لأبنائهم حتى لا يفسدون على فلذة أكبادهن فرحتهم بالعيد الرغم من التحذيرات التى تطلقها الأجهزة المعنية، إلا أنه مع بدء دخول الأعياد تنشط هذه التجارة ويقبل عليها الأطفال بشكل كبير. وفى الصعيد وتحديدا محافظة قنا التى تتميز بطابعها القبلى وجوها الشديد الحرارة يفضل الأطفال شراء البنادق والصواريخ عن باقى الألعاب وهذا ليس بالغريب فالطفل دائما يقلد والده أو أخاه اللذين يغرسان فيه بالطبع ثقافة حب السلاح وامتلاكه، حيث تنتشر هذه الثقافة بالصعيد ويعتبر السلاح عزوة للرجل مثل الأبناء بل يكاد لا يخلو منزل منه. الكارثة أن تلك الألعاب تطورت بشكل كبير وأصبحت مصدر قلق وإزعاج للجميع وتمثل خطورة على حياة المواطنين والأطفال بسبب ما تحدثه من أصوات وما يصاحبها من رائحة تؤثر على صحتهم وكثيرا ما تقتل فرحة الأطفال بالعيد وتتسبب فى ضرر لهم وأسرهم. يقول شوقى عبد الغفار، أحد أولياء الأمور إن الأطفال دائما يفضلون الألعاب النارية «صواريخ وبمب ومسدسات» وبمجرد الانتهاء من توزيع «عيدية العيد» على أبنائه وأبناء أخيه تجدهم يهرولون إلى «البقال» لشراء تلك الألعاب خاصة «البندقية» التى يجدون فيها متعتهم، الأمر الذى يثير قلقهم خوفا أن يصاب أحد منهم بمكروه. ويشير مصطفى خالد، تلميذ بالصف السادس الابتدائى، إلى أنه كل عيد يقوم بشراء مسدس أوبندقية هو وأصدقائه ويلعبون «عسكر وحرامية» ويطلقون على بعض الطلقات «الكبسون» فى الشارع ويلعبون ويمرحون طيلة أيام العيد، خاصة أنهم يرون أن تلك اللعبة من أمتع الألعاب التى يسعدون بها فى جميع الأعياد والمناسبات. ويقول على عباس، تاجر جملة لعب أطفال، إنه على الرغم من حالة الركود التى أصابت الأسواق نتيجة ارتفاع الأسعار إلا أن هذه النوعية من الألعاب تشهد إقبالا كثيفا ويقبل عليها الأطفال أكثر من باقى لعب العيد، منوها إلى أن سعر علبة الصواريخ الصغيرة تتجاوز ال5 جنيهات والكبيرة ذات الأصوات العالية 50 جنيهًا، بينما كيس البمب التقليدى يصل ل3 جنيهات والبنادق والمسدسات الكبسون تتراوح أسعارها مابين 10جنيهات وثلاثين جنيها. ويشير عباس إلى أنه بسبب الملاحقات الأمنية من قبل مباحث التموين يضطر لبيع الصواريخ وغيرها من الألعاب النارية فى السر على الرغم من أنه لا يوجد ما يمنع من بيع تلك الأنواع من الصواريخ، ولا يوجد أى إجراءات أو تصاريح لبيعها، لأن معظمها صوت ولا يضر على الإطلاق. ويرى إبراهيم حسين، طالب جامعى، أن هذه النوعية من الألعاب فى الغالب تبدأ بفرحة وتنتهى بحرقة نظرا للأضرار التى تلحق بالأطفال الذين يستخدمونها، حيث إن من بينهم من يصاب بالمياه الزرقاء والمياه البيضاء وانفصال الشبكية بالعين وأحيانا يفقدون بصرهم. ووصف إبراهيم العاملين فى تجارة تلك النوعية من الألعاب ب«تجار الموت» بسبب بيعهم تلك المواد الخطرة للأطفال دون الإحساس بأى مسئولية، مطالبا الأجهزة الرقابية بضرورة تكثيف الحملات والحد من بيع تلك الألعاب الخطرة. ويوضح محمود صلاح، مدرس، أن الأطفال فى محافظة قنا ابتكروا لعبة تسمى «البازوكا» تشبه فى صوتها «المدفع» عبارة عن ماسورة من البلاستيك طولها لا يتجاوز 50 سنتيمترا مسدودة بقطعة من الصفيح يتم وضع الكربون فيها ويشعلون بها النيران فتحدث فرقعة عالية ما يمثل خطرًا على صحتهم. ويبين محمود أن هذه الألعاب أفسدت أخلاق الشباب والأطفال وأصبح الكثير منهم يستخدمها فى معاكسة البنات فى الشوارع اثناء العيد ومضايقة الغير، وكثيرا ما تسببت فى وقوع مشاكل ومشاحنات بين القبائل والعائلات، مطالبا بضرورة تشديد الرقابة على الأسواق وحظر هذه النوعية من الألعاب. من جانبه قال العقيد عماد حمدى، مدير إدارة الحماية المدنية والمفرقعات بقنا، إن هذه النوعية من الألعاب تمثل خطورة على حياة الأطفال والمواطنين، حيث يتم تصنيعها من مواد كيميائية شديدة الاشتعال وضعيفة الانفجار نسبياً وينتج عن اشتعالها العديد من الألوان ويتم التحكم بدرجة ونوع هذه الألوان حسب نوع المواد الكيميائية المستخدمة فى صناعة المفرقعات. ويضيف عماد: إن إدارة الحماية المدنية تعمل جاهدة على الحد من هذه النوعية من الألعاب التى أصبحت شديدة الخطورة بعد تطويرها وتحديثها من قبل المشاغبين واستخدامها فى أغراض غير سلمية، حيث تنظم الإدارة محاضرات توعية بالمدارس للاطفال وتحثهم على الابتعاد عن تلك الألعاب وتوعيتهم بخطورتها، ناهيك أن مديرية التربية والتعليم تنظم رحلات مدرسية إلى إدارة الحماية المدنية للتعرف على طبيعة عمل رجال الحماية المدنية. وحذر الدكتور أبو النصر مصطفى، رئيس جهاز حماية المستهلك بقنا، من خطورة هذه الألعاب حيث يتم استخدامها من قبل الجماعات المتطرفة للقيام بأعمال تخريبية بالبلاد، مناشدا الأجهزة الأمنية بضرورة تضييق الخناق على مستوردى وبائعى هذه النوعية حفاظا على الأمن العام وحياة المواطنين والأطفال. وأكد أبو النصر أن الجهاز لم يتلق أى شكاوى حتى هذه اللحظة بخصوص الألعاب النارية فى العيد وفى حالة وجود شكاوى أو بلاغات ستكون هناك تحركات سريعة وتقارير عاجلة. من جانبه أكد المقدم حازم القاضى، رئيس مباحث التموين بقنا، أنه تم رفع حالة الطوارئ وتكثيف الحملات على الأسواق استعدادا لعيد الفطر خاصة على تجار الألعاب النارية بمختلف قرى ومراكز المحافظة.