ظلوا لسنوات طويلة، غير معترف بهم، يصنفون كمخربين يشوهون شوارع المدن بألوانهم، إلي أن تحولوا في العديد من دول العالم، إلي فنانين مشهورين، يحصلون علي آلاف الدولارات مقابل لمساتهم، إنهم فنانو "الجرافيتي"، أو "فن الشارع"، الذي تحول الآن إلي تجارة رابحة، لها نجوم ومهتمين ومتباعين بل وجوائز أيضا. قريبا جدا سنري الشوارع وقد اكتست جدرانها بالرسوم والألوان، إذ يلقي فن الجرافيتي الآن اهتماما خاصا في مصر، وفي العالم أجمع، خاصة أنه لم يكن بعيدا عن ثورة 25 يناير، بل كان جزءًا من الميدان وإحدي وسائل توصيل رسالة الثوار "ارحل". اعتدنا علي الجرافيتي أن يكون أداة للأقليات للتعبير عن نفسها في الدول الغربية، ولم يكن من المستغرب أن تري أحدهم يتسلل ليلا، وفي يده علبة رش يعبر بها عما بداخله علي الجدران أو البنايات، أو عربات المترو، وفي أحيانا كثيرة كانت أعمالهم جيدة، ولكن مشاهديهم كانوا محدودين، ولكن الأمر بدأ يشيع حين تورط أحد فناني الجرافيتي في قضية نشرت بشأنها الصحف التفاصيل في بريطانيا، ولكن هذا كان قبل ظهور الإنترنت، الذي غير كل شيء تماما وأصبح الفن الذي كان ينظر له علي أنه وسيلة للتخريب والتشويه، فأصبح واحدا من أصدق المشاهد النباضة بالحياة والمعبرة عن الجماهير في الثقافة الأوروبية. وقد بدأ فن الجرافيتي يلفت النظر من خلال بانكسي، ذلك الرجل الذي طالما تعامل معه الناس بصفته مشوها للجدران، وانتهي به الحال الآن فنانا مشهورا يرسم اللوحة الواحدة ب60 ألف دولار، وأصبح لفن "الجرافيتي" سوق يتباري المشاركون فيه علي لقب الأفضل، وكما نري "أفلام مرشحة للأوسكار:، وكتبا "الأكثر مبيعا"، نري أيضا "الفنان الأكثر تأثيرا عبر فنه في الشارع". وحول هذا الموضوع أكد جيفري ديتش مدير "متحف الفن المعاصر" في لوس إنجليس، أن فن الشارع، الذي انتشر خلال ال30 عاما الماضية، أصبح هو الحركة الفنية الأكثر تأثيرا الآن، وتغلغل في الثقافة الأوروبية بشكل كبير، ودلل علي تأثير فن الشارع في حركة الفن بشكل عام بقوله: أصبحت الاستعانة بفن الشارع تمتد إلي كل شيء بداية بلوح التزلج، إلي تعاقد بعض الفنانين علي لتصميم حقائب لويس فويتون الشهيرة. مشاهير فن الجرافيتي كلاوديو إيثوس، واحد من أبرز فناني الشوارع، برازيلي الجنسية، يعبر ويقدم فنه عبر صور واقعية، و أحيانا يستخدم علب الرش، يقول عبر أعماله ما يدور في رأسه، وتجري يداه بالرسم في أي مكان في العالم، يقدم مشاهد سيرالية باستخدام أحرف أحادية اللون فيدخلك في عالم من الخيال، وهو يقيم الآن في برلين حين يعمل وقدم فنه علي الجدران. الثنائي البرازليين "جيموس" أو التوءم، طورا عبر السنين، تفاصيل سيريالية الطابع لا تصدق، ويمكنك أن تراهم في قمة إبداعهم حين يجعلون صورهم تتفاعل بذكاء مع الجدران والنوافذ وغيرها من الأسطح التي يرسمون عليها، وهم يبيعون تلك اللوحات العملاقة بحوالي 50 ألف دولار، وقد تم هذا المشروع بصورة مبدأية في قلعة كيلبرن في انجلترا. "بلو" واحد من أبرز نجوم فن الشارع، يعد أحد مؤسسيه، وهو معروف بأعماله الضخمة والسياسية، التي يكتب فيها تعليقات يسارية مباشرة علي المجتمع الحديث، ينتقد من خلالها بشدة شركات النفط، و الشركات المتعددة الجنسيات، والرأسمالية بشكل عام.