حالة من القلق والتوتر سادت مسارح الدولة السبت الماضي بعد إصدار وزير الثقافة لقرار يعيد فيه بناء الهيكل الإداري بمسارح البيت الفني حيث أصدر مجموعة من الشروط لترشيح أي شخص لمنصب مدير الفرقة من هذه الشروط ضرورة أن يرشح أعضاء الفرقة من الفنانين والفنيين والباحثين ثلاثة أسماء من بينهم من شاغلي وظيفة فنان قدير أو كبير فنيين أو كبير باحثين ويعرض هذا الترشيح علي رئيس المجلس الأعلي للثقافة لاختيار مدير الفرقة من بينهم ، كما أوصي بضرورة إنشاء مكاتب تضم مدير الفرقة ومجموعة من الإداريين والفنيين والفنانين ويجوز للمكتب الفني أن يضم إلي عضويته ثلاثة أعضاء من ذوي الرأي والخبرة من خارج البيت الفني للمسرح ويصدر تعيينهم بقرار من رئيس البيت . لقي هذا القرار حالة من الاحتجاج والاحتقان بالمسارح خاصة الشرط المتعلق بضرورة حصول مدير الفرقة علي درجة فنان قدير وأصدر المعينيون بالمسارح في المقابل بيانا يرفضون فيه هذا القرار ويؤكدون علي تمسكهم بالقيادات الحالية، حيث يري بعض المسرحيين أن هذا الشرط يضر المسارح التي تقدم عروضا للشباب فقط مثل مسرحي "الشباب" والطليعة فكيف يدير مسرح الشباب رجل تعدي سن الخمسين لأنه لا يحصل علي هذه الدرجة إلا فنان وصل إلي هذه السن. كان علي رأس هؤلاء المعارضين المخرج المسرحي ومدير مسرح الشباب شادي سرور الذي يقول: وشباب الفنانين حاليا ثائرون بسبب فكرة "الفنان القدير" فأين دور الشباب خاصة أن درجة فنان قدير لا تمنح إلا لمن تخطي السابعة والخسمين عاما لا تؤهله للقيادة بجانب أن فكرة اختيار القيادة لابد أن يعود لقدرة هذا الشخص علي الإدارة وأن يكون قد قام بعمل أشياء تؤهله لدخول العمل الإداري والفني كما أنه لابد أن يكون للشباب دور في العمل القيادي وهي تجربة ليست جديدة فعلي سبيل المثال الفنان كرم مطاوع رأس المسرح القومي وكان عمر 33 عاما وكذلك المخرج الكبير سمير العصفوري كان مديرا لمسرح الطليعة وعمره 28 عاما والفنان سعد أردش كان كذلك. ويضيف: هذا سيجعلنا ننغلق علي الوظيفة ولا يمكننا من عمل صفًا ثانيا وثالثًا بالمسارح وثورة 25 يناير لم يقم بها الشباب حتي نمكن الفنان القدير، فمثلا في مسرح الشباب قدمت أكثر من عمل مسرحي يعبر عن الثورة وأفكارها بأقل الإمكانيات منها عروض "شيزلونج" و"هانكتب دستور جديد" و"البيت النفادي" و"خرابيش" و"صورة للشعب الفرحان" كل الملامح تؤيد ضرورة تواجد الشباب فلا يصح أن أقيد المسألة في "فنان قدير"!! ويقول المخرج المسرحي ناصر عبد المنعم رأيي أنه لابد من مواكبة التغيير وتجريب هذا النظام الجديد فوزير الثقافة عندما وجد حالة من الاعتراض علي الوضع الحالي توصل إلي هذه الصيغة لإحداث حالة من التغيير ولا أري أزمة في أن نجرب هذا النظام الجديد ونري نتائجه لكنني أريد أن نستثني من مسألة الفنان القدير "مسرح الشباب" لأن هذا المسرح لابد أن يديره شاب لأن فكر الشباب لا يتلاقي إلا مع الشباب كما أريد أيضا أن يترشح في كل مكتب فني شاب لأن تواجدهم في العمل الإداري شيء هام وضروري للغاية. أما المخرج المسرحي سمير العصفوري فكان مؤيدا للقرار جملة وتفصيلا لكنه رأي ضرورة أن يستثني منه كل من شادي سرور مدير مسرح الشباب والمخرج المسرحي ناصر عبد المنعم مدير مسرح الغد حيث قال العصفوري: القرار جاء لكي نصل إلي مجموعة جديدة من القيادات المسرحية الصالحة لتسيير الأعمال للوقت الحالي وهذا لا يعني أن القيادات الحالية ليست صالحة وإنما هناك كثيرون لم يمنحوا فرصًا في حياتهم من قبل وأتصور أن الفترة السابقة كان حال المسرح لم يسر أحدًا ووقع المسرح في التكرار والملل والتشابه كما أن هناك علامات استفهام عديدة حول تصعيد بعض القيادات علي حساب آخرين، فكل القطاعات شأنها شأن كل المطالب التي يطالب بها الشعب المصري حاليا فنحن أصبحنا في نظام جديد لابد أن يتغير معه كل شيء فالمسرحيون يريدون اسقاط النظام المسرحي. ويضيف: للأسف هناك أشخاص لا يعتقدون أنهم كانوا جزءًا من النظام السابق، ولابد أن يذهبوا معه لكن أحب أن استثني اثنين من هذا القرار فأنا مع استمرار الموهوبين للغاية شادي سرور وناصر عبد المنعم فكلاهما قدما تجارب مسرحية محترمة أثبت نجاحًا كبيرًا كما أن سرور هو نموذج جيد جدا للشاب الناجح وقدم بمفرده وبأقل الإمكانيات مجموعة غير قليلة من العروض المسرحية الناجحة بما يتناسب مع سياسة مسرح الشباب وكذلك عبدالمنعم في مسرح الغد فهو رجل مثقف وواع ولديه خبرة كبيرة بالمسرح واستطاع أن يقدم تجارب مسرحية ناجحة في مسرح الغد للعروض التراثية علي مدار إدارته له وحصل بالإجماع علي تأييد العاملين في مسرحه وهو يستحق ذلك بجدارة فأعتقد أن مسارح مثل الشباب والغد والمتجول من الممكن أن تستثني من شرط الحصول علي درجة فنان قدير لكن المسارح الأخري المتمثلة في السلام والقومي والكوميدي والطليعة يجب أن يتم التعامل معها بصرامة شديدة في إختيار مديرها فهذه المسارح لابد أن يتوافر في مديرها الدرجة العلمية والسن والخبرة الميدانية فهذه الشروط كثيرا ما تجاوزنها من قبل وحان وقت إصلاح هذا التجاوز فلا يصح أن يكون مجرد فنان قدير فقط غير قادر علي الإدارة لأنه كما قال موليير "إدارة فرقة مسرحية مثل إدراة غابة من الوحوش". ويضيف قصدت أن أضم مسرح الطليعة مع هذه المسارح الكبيرة لأنه ليس مسرحا للشباب كما يتوهم البعض بل هو مسرح علمي معني بتقديم العروض المسرحية التثقيفية ولابد لمن يدير هذا المسرح أن يكون حاصلا علي درجة الدكتوراة وللأسف أصبح هذا المسرح مسرحا مدرسيا ولا يضيف أي شيء لعلم التجريب في المسرح علي الإطلاق. وعن إمكانية ترشحه لأي منصب بالبيت الفني خلال الفترة القادمة قال العصفوري: بالطبع لن أترشح علي منصب مدير فهذا غير مطروح لكن من الممكن فقط أن يستعينوا بي في لجنة الحكماء التي قد يشكلونها للإستعانة برأيي فقط ، وفي رأي أنه لابد كما ذكرت أن يغادر الجميع ونمنح آخرين الفرص بإستثناء من ذكرتهم من قبل إلي جانب اقتراحي بضرورة الاستعانة بشخصية محترمة ومثقفة وواعية مثل الدكتورة نيهاد صليحة لتولي منصب إدارة مسرح الطليعة لأن هذه السيدة لديها المقدرة العلمية علي ذلك حتي نعلم ما توصل له العالم في الخارج من تطورات في علم المسرح فهي تستطيع أن تقوم بذلك عن جدارة ، لكن في الوقت نفسه أرفض وبشدة أن يرشح المديرون القدامي أنفسهم لنفس المنصب في الإنتخابات القادمة التي سوف تعقد في المسارح خلال الفترة القادمة. يري الدكتور حسن عطية فقال مؤكدا أنه ليس كل فنان قدير قادرا علي تحمل مسئولية الإدارة وليس كل شاب يستطيع تحمل المسئولية أيضا فالمسألة هنا لابد أن تكون مرتبطة بمعيار الكفاءة والقدرة علي تجميع عناصر الفرقة بشكل مدروس. فكل مسرح لابد أن يكون له طابعه الخاص به سواء القومي أو الحديث أو الشباب أو الطليعة، كما أن مسألة عودة المكاتب الفنية أعتقد أنها لابد أن تفعل بشكل قوي بمعني أنها لابد أن تكون لها سلطة في اختيار العروض المقدمة ومتابعتها متابعة دقيقة كما أنه من المهم أن يكون هذا المكتب مثل البرلمان له أحقية محاسبة مدير الفرقة ولا تكون تابعة له كما كان يحدث من قبل ، إلي جانب ضرورة أن يجتمع هذا المكتب بشكل دوري بحيث أن تكون إدارته إدارة فعلية وليست مجرد أشخاص يتحكم بهم مدير الفرقة . جدير بالذكر أنه في الوقت الذي تستعد فيه المسارح لترشيح اسماء المديرين الجدد أجمع المسرحيون بمسرح الغد علي استمرار ناصر عبد المنعم مديرا لمسرح الغد ولم ينو أحد الترشح أمامه بل حصل علي أصواتهم بالإجماع.