في إطار التغيير الذي حدث للمنظومة الثقافية بعد ثورة 25 يناير، استضاف أتيليه القاهرة الثلاثاء الماضي كلا من الدكتور عماد أبو غازي وزير الثقافة، والدكتور أشرف رضا رئيس قطاع الفنون التشكيلية في ندوة مفتوحة لطرح تساؤلات ومقترحات المثقفين والفنانين التشكيليين عن أوضاع المؤسسات المعنية بالفن والثقافة، حضرها عدد كبير من المعنيين بالفنون والآداب وعدد من الشباب، وأدارها الفنان محمد عبلة رئيس مجلس إدارة الأتيليه. وجه الحاضرون العديد من الأسئلة للدكتور عماد أبو غازي دارت حول ضرورة وجود قصور للثقافة في كل الأقاليم، علي اعتبار أن هناك بعض الأعمال لا يمكن إنجازها إلا من خلالها، مثل مطبوعات الكتب الأدبية، وتساءلوا عن دور وزارة الثقافة في توعية الشعب المصري بقضية الوحدة الوطنية، كما طالب الكثيرون بإجراء تغييرات للمسئولين والإداريين بكل قطاعات وزارة الثقافة، بالإضافة إلي عدة أسئلة دارت حول السينما المصرية والأفلام التي قدمت قبل الثورة مطالبين بسينما مستقلة ومسرح مستقل بآليات جديدة في طرح المواهب. طالبت الكاتبة حياة الحضري الوزير باستبعاد الكتاب والمثقفين الذين كانوا يتعاملون مع الوزارة أو مع اتحاد الكتاب من خلال أمن الدولة لأنهم -علي حد قولها- يحاولون أن يجددوا جلودهم ويتنكرون لدورهم الذي أفسد الثقافة فترة ما قبل ثورة يناير، ويحاولون إعادة فرض ثقافتهم مرة أخري، وأنه لابد أن تؤخذ إجراءات ضدهم. كما اقترح الناقد شريف الجيار أن تذهب "الثقافة" إلي أماكن الشباب وألا تقتصر علي الأماكن الثقافية المعتادة، بالوصول بالندوات الثقافية إلي الجامعات والمعارض، وربط الثقافات بالعلم وأن تكون اللقاءات الثقافية بالكليات العلمية وكليات البحث العلمي. تحدث الموسيقي فتحي الخميسي عن حالة التدني الذي عانت منه الموسيقي المصرية علي مدي عقود متتالية، الأمر الذي أضاع الفرص علي الكثير من المطربين الجادين، كما طالب بالاهتمام بالغناء والموسيقي، وإنشاء مسرح غنائي ترعاه وزارة الثقافة، وعودة الثقافة الجماهيرية. الفنان محمد عبلة وجه بدوره رسالة إلي الوزير من فناني الكاريكاتير المصريين، الذين يطلبون مزيدا من الاهتمام بفنهم صاحب الدور المهم في نقد المجتمع، كما طالب بضرورة إجراء تغييرات سريعة وواضحة في القيادات بكل قطاعات وزارة الثقافة، وإبعاد كبار السن الذين ليس لهم أدوار تذكر، كما طالب بعدم تكرار أسماء الفنانين في الفعاليات الفنية. الفنان أحمد الجنانيي اقترح إقامة مشروع ثقافي قومي لإعادة العلاقة بين المثقف والمبدع والجمهور والكشف والبحث عن مواهب جديدة، وطالب بإعادة النظر حول جغرافيا المعارض والمتاحف خاصة في الأقاليم للاهتمام بالمبدعين الحقيقيين الذين لم يسمح لهم بالمشاركة في الفعاليات طوال السنوات السابقة. الدكتور عماد أبو غازي وزير الثقافة أجاب بدوره بأنه سيقوم بدراسة كل المقترحات، وأن هيكلة الوزارة سوف يتم بتكوين مجالس إدارة مصاحب للقيادات، كما سيتم تغيير القيادات والمديرين من خلال مسابقات سوف يعلن عنها قريباً، وأن كبار السن في الوزارة بدأوا في تقديم استقالاتهم بالفعل، ولفت إلي أنه في لقائه مع الفنانين والمعنيين بالمسرح طلب منهم وضع استراتيجية وآليات لدعم المواهب الجادة وتقييم العمل الفني الذي يحمل قيمة خصوصا الذين استبعدوا بقهر واحتكار المنتجين، وأنه لابد من دراسة متكاملة لوضع الموسيقي المصرية وتغيراتها بعد الثورة وأن وزارة الثقافة سوف تعيد الأصوات التي همشت لفترات طويلة، وأكد أنه متحمس لتواصل الثقافة بالعلم في الكليات، وأنه سوف ينظر للثقافة الجماهيرية بجدية وان يكون للجماعة الثقافية دور إيجابي واضح في الشارع المصري لتحرير الثقافة من الجمود الفكري. وأعلن أبوغازي عن اعتزامه طرح مقترحات علي وزارة التربية لتطوير الفكر في المناهج التعليمية، وأنه سوف يقوم بإنشاء لجنة ثقافية خاصة بالشباب، وأن الثقافة سوف تخرج للشارع والفن سوف يتواصل مع الشارع، كما أكد علي تحرير المجلس الأعلي للثقافة من سلطة الوزارة، وإعادة هيكلته كمجلس مستقل وأعلن موافقته علي الاقتراح الذي تقدم به الفنان عادل السيوي بأن يكون المجلس مراقبا علي المؤسسات الثقافية التنفيذية بما فيها الوزير ويتابعه في الأداء وألا يكون رئيس المجلس هو نفسه وزيرا للثقافة. بدورة قام الدكتور أشرف رضا رئيس قطاع الفنون التشكيلية بالرد علي تساؤلات الحضور لافتا إلي إقامة بينالي فينسيا هذا العام في موعده ومشاركة الجناح المصري خاصة أن هذه الدورة ارتبطت بالثورة المصرية علي الرغم من وجود مشكلات في الميزانية. وأعلن موافقته علي أن يحمل الجناح المصري عنوان "مصر التغيير"، ولفت إلي أن الأعمال الفنية التي قدمها للمشاركة في البينالي الفنانون التشكيليون جورج البهجوري، خالد حافظ، وائل درويش، محمود المنيسي هي أفكار فنية جيدة ولكنها لا تتناسب مع "التيمة" المطلوبة بعد التغيير السياسي الذي أحدثته الثورة، وأنه يتوقع من لجنة المعارض في اجتماعها القادم غدا الاثنين لتحديد الفنانين المرشحين أن يكون العمل المرشح لهذه الدورة هو للفنان التشكيلي الشهيد أحمد بسيوني، لأنه قام بإعداد عمله الفني من الميدان وأنه عمل ينبض بالروح الجديدة لمصر اليوم، فهو ليس مجرد عمل فني عادي أو حداثي يعبر عن الثورة. وأشار رضا إلي أن كل فعاليات القطاع الفترة القادمة سوف تتغير وأنه لا تكرار في أسماء الفنانين المشاركين، وأن بعض الفعاليات التشكيلية سوف يسبقها ورش عمل مثل صالون الشباب سوف يصاحبه ورش عمل، وأكد علي ترحيب القطاع بكل من ابتعد عن المشاركة في الأنشطة لأي سبب.