كتب : احمد البطاهرى - عبد المجيد السياسى - صبحى مجاهد - أحمد قنديل - شاهيناز عزام - مى زكريا - ياسر محمود - فتحى الضبع تصاعدت أمس بشدة الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس الليبي معمر القذافي بشكل يهدد بدخول البلاد حرب أهلية لاسيما بعد انضمام بعض القبائل للمحتجين. ودقت الاحتجاجات أبواب العاصمة طرابلس بعد أن وقعت مدينة بنغازي شرقي البلاد في قبضة المناوئين للرئيس القذافي إثر فرار القوات الموالية للزعيم الليبي. وتجمع المحتجون في شوارع طرابلس وأعلن زعماء أربع قبائل رأيهم صراحة ضد القذافي مؤكدين انحيازهم للاحتجاجات الشعبية. وبينما نهب المتظاهرون مبني الإذاعة والتليفزيون في طرابلس وفيما أحرقوا مراكز الشرطة ومقار اللجان الثورية نقلت منظمة هيومان رايتس ووتش نقلا عن مصادر طبية ليبية أن نحو 223 ليبيا لقوا مصرعهم منذ اندلاع المواجهات في البلاد وحتي الآن. وقال الدكتور حبيب العبيدي رئيس وحدة العناية المركزة بمستشفي الجلاء في بنغازي أن جثث 50 شخصا معظمهم قتل بالرصاص نقلت إلي المستشفي أمس الأول بجانب 200 مصاب. وأعلنت قبيلتا ترهونة وورفلة اللتان يناهز عدد أفرادهما مليونين انضمامهما إلي المحتجين كما هددت قبيلة الزوية بقطع إمدادات النفط إذا لم يتوقف النظام الليبي عن قتل المتظاهرين. وقال شاهد العيان الدكتور عبدالرحمن السويحلي إن المواجهات التي اندلعت في طرابلس علي مدار اليومين الماضيين أسفرت عن مئات الضحايا بين قتيل وجريح مشيراً إلي أن العديد من الجثث لاتزال في الشوارع وأن الاشتباكات لاتزال تدور في الساحة الخضراء بطرابلس بين معارضي ومؤيدي القذافي. ونقلت قناة الجزيرة عن مصادر قولها أن المتظاهرين سيطروا علي سوق قاعدة معتيقة الجوية وأن القوات الجوية والبرية انضمت للمحتجين. وقال المتحدث باسم قبيلة ترهونة عبدالحكيم أبوزويدة أن شيوخ قبيلته التي تشكل ثلث سكان طرابلس اعلنوا تبرؤهم من النظام الليبي واصفين القذافي ب«الطاغية». وأضاف أن شيوخ القبيلة التي ينتسب إليها عدد كبير من جنود الجيش سعوا إلي توعية أبنائهم خاصة الجنود بتاريخ قبيلتهم ودعوهم إلي الانضمام للثورة. كما أكدت قبائل الطوارق جنوب البلاد تأييدها للمطالبين بإسقاط نظام القذافي. وخير سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي في أول خطاب وجهه مساء أمس الأول للشعب الليبي منذ اندلاع المواجهات بين المواطنين الدخول في حوار وطني لإجراء مجموعة من الإصلاحات أو الاستعداد لتقسيم ليبيا والدخول في حرب أهلية محذرا إياهم من أن الولاياتالمتحدة وأوروبا ربما تحتل ليبيا ولن تسمح بهدر النفط أو قيام إمارة إسلامية في البلاد. كما حذر من أن الجيش سيفرض القانون والأمن بأي ثمن مؤكداً أن الرئيس معمر القذافي موجود في طرابلس ويقود المعركة. وتابع سنقاتل حتي آخر طلقة ولن نترك بلادنا لقمة سائغة للعصابات والبلطجية ومتعاطي المخدرات وتضاربت الأنباء حول ردود أفعال الشعب الليبي علي خطاب سيف الإسلام القذافي فبينما ذكر التليفزيون الليبي أن الآلاف يتوافدون إلي الساحة الخضراء في طرابلس تأييدا للخطاب أشارت تقارير أخري أن شوارع طرابلس شهدت مظاهرات حاشدة احتجاجاً علي الخطاب. في غضون ذلك أعلن السفير عبدالمنعم الهوني مندوب ليبيا لدي الجامعة العربية استقالته من جميع مناصبه احتجاجا علي ما اعتبره «إبادة» من جانب النظام الليبي للمتظاهرين. وأكد الهوني أنه وجه رسالة باستقالته إلي وزارة الخارجية الليبية مبديا انضمامه للثورة الشعبية في بلاده واصفا نظام القذافي بأنه «انتهي وفقد شرعيته الشعبية». كما استقال سفير ليبيا بالهند علي العيساوي لنفس السبب وفي حين تزايدت المطالبات في ليبيا بتنحي الرئيس القذافي وبينما ترددت أنباء حول انقلاب عسكري يقوده المهدي العربي نائب رئيس أركان الجيش أعرب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي عن قلقه البالغ إزاء الأحداث في ليبيا داعيا إلي حقن الدماء ووقف العنف. واعتبر موسي مطالب الشعوب العربية في الإصلاح والتطوير مشروعة معزيا لليبيين في الشهداء الذين راحوا ضحية الأحداث الراهنة. وفي مصر شهدت محافظة مطروح مظاهرة لمناصرة الشعب الليبي شارك فيها ناشطون سياسيون وأبناء القبائل بالمحافظة الذين نددوا باستخدام العنف ضد المتظاهرين في ليبيا. وتوافد آلاف المصريين العاملين في ليبيا إلي منفذ السلوم المصري هربا من الأحداث وفيما دعا الوافدون إلي ضرورة فتح المنفذ ومراعاة عدم حملهم أوراقاً ثبوتية بعد أن اضطرتهم الأحداث إلي مغادرة ليبيا بسرعة انتقد حزب التجمع المجزرة المروعة التي يتعرض لها الشعب الليبي علي أيدي قوات الجيش والمرتزقة مشيراً إلي أن القذافي قرر إغراق ليبيا في بحر من الدماء. من جانبه رأي الدكتور زياد عقل الباحث في الشأن الليبي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن احتمال الحرب الأهلية في ليبيا قائم ما لم يتنازل القذافي عن السلطة خاصة في ظل ضعف قبيلة الدهامشة التي ينتمي إليها الرئيس الليبي وانشقاق الجيش. بدوره طالب شيخ الأزهر أحمد الطيب بوقف المذابح البشرية في ليبيا فورا والاستجابة لمطالب الشعب المشروعة ودعا القادة العرب إلي تحكيم العقل وعدم التمسك بالمصالح الزائلة مشيرا إلي أنه لو وصل الأمر بالحاكم إلي مرحلة يتحتم عليه الاختيار بين الحفاظ علي الدماء والحفاظ علي السلطان فعليه حقن الدماء مناشدا الجميع بضبط النفس. وبينما أعلن السفير محمد عبدالحكم مساعد وزير الخارجية مقتل مواطن مصري في ليبيا بطلق ناري وفيما أشار إلي اتصالات تقوم بها وزارة الخارجية للتأكد من الأنباء التي ترددت حول وفاة ثمانية مصريين خلال الأحداث في ليبيا أوضح محمد الحسيني عضو مجلس إدارة الغرفة المصرية الليبية أن خسائر الاقتصاد المصري جراء الأحداث في ليبيا تعدي 35 مليون دولار مكذباً في الوقت ذاته سيف الإسلام القذافي الذي تحدث عن مشاركة عمالة مصرية في الاحتجاجات متوقعاً تأخر العمل في المنطقة الاستثمارية بمدينة الفاتح بالقاهرة الجديدة. وفي إطار ردود الأفعال الدولية أعربت واشنطن علي لسان الناطق باسم وزارة الخارجية بي جي كراولي عن قلقها البالغ إزاء الأحداث في ليبيا في حين أعلن الاتحاد الأوروبي اعتزامه إجلاء رعاياه من ليبيا. في الوقت الذي أبدت فيه وزيرة الخارجية الإسبانية ترينيداد خمينث قلقها واستدعت وزارة الخارجية البريطانية السفير الليبي في لندن احتجاجاً علي قمع المحتجين بينما طلبت استراليا من رعاياها في ليبيا بمغادرة البلاد. كما دفعت أحداث ليبيا شركات النفط الأجنبية العاملة في البلاد ومنها شركتا «ستيت أويل» النرويجية و«بي بي» البريطانية لإجلاء موظفيها بسبب أعمال العنف والاضطرابات التي قفزت بأسعار النفط الخام بنحو 2.2% للبرميل.