صرح صناعى كبير عمره أكثر من 70 عاما شيده الانجليز بالمنيا ليحصلوا منه على أجود أنواع الاقطان طويلة التيلة من مصر من محافظاتها السبع بعد أن كانوا يحصلون على الاقطان دون حليج وفصل البذرة عن القطن فكان يكلفهم الكثير ففكر الانجليز فى إنشاء مصنع لحليج الاقطان وتم إنشاء مصنع حليج الاقطان بالمنيا على ضفاف النيل منذ عام 1936 على مساحة 84 فدانا وكانت معروفة بالمنيا باسم مشغلها آنذاك واستمر الاسم حتى الآن مصنع «أندرسون» ولم يكتف الانجليز بذلك ولكنهم أقاموا بعض الصناعات المرتبطة بحليج الاقطان ومنها صناعة علف الماشية والمسلى وبعض الصناعات التى تقوم على بذرة القطن واقاموا فروعا للشركة بمراكز المحافظة لاستقبال الاقطان من المزارعين بأفضل الاسعار. ولكن يبدو أن المصريين لا يقدرون قيمة النعمة التى من الله عليهم بها فدمروا ذلك الصرح الصناعى العملاق والذى كان يعمل به أكثر من 4 آلاف عامل بخلاف رواج حركة النقل والصناعة المرتبطة بوجود المصنع فى طوفان اجتاح البلاد اسمه الخصخصة فاضاع المصنع واهدر حقوق العمال الذين تعرضوا لمذبحة المعاش المقبل وتركهم المسئولون لمستثمر استولى على جميع حقوقهم ودمر المصنع للاستفادة من أراضيهم الباهظة الثمن. فشركة النيل لحليج الاقطان بالمنيا احدى حلقات مسلسل الخصخصة الذى كان الهدف منه تشريد العمال وبيع اراض ومقرات الشركات لانشاء ابراج سكنية واستفادة عدد قليل من رجال الاعمال بالصفقات وليس الهدف منها هو الحفاظ على الشركات واعادة هيكلتها لدمجها من جديد فى عجلة الاقتصاد الوطنى والحفاظ على حقوق العاملين ترجع احداث المأساة لعام 1998 عندما قام احد المستثمرين ويدعى سيد عبد العليم الصيفى رئيس مجلس إدارتها الآن بشراء اسهم الشركة ب«البورصة» بفروعها بقيمة 229 مليون جنيه وخصصت الدولة 10% من أسهمها للعاملين لكن سعى مشترى الشركة لتصفيتها نهائيا والاستيلاء على 15 مليار جنيه هى قيمة أراضى الشركة والتى تصل إلى 200 فدان بعدما كانت 300 فدان فى أرقى وأهم مناطق المحلة ودمنهور وإيتاى البارود وزفتى ومغاغة وسوهاج وكفر الزيات والمنيا.
ولم يبق من الشركة الآن إلا حطام المصانع وسجال قانونى بين رئيس مجلس الادارة واعتصامات للعمال الذين لم يستطيعوا صرف رواتبهم منذ عام حتى باع بعضهم منقولات منزله ومنهم من باع منزله ليجد ما يستطيع أن ينفقه.
يقول خيرى مرزوق رئيس اللجنة النقابية بشركة حليج الاقطان بالمنيا ان العمال مشردون وهم 130 عاملا ممن تبقوا من مذبحة الشركة لا يجدون قوت يومهم بعد أن كانت الشركة من أهم الصروح الصناعية بالمحافظة وفخراً لكل أبنائها وكانت تحقق ارباحاً للدولة بملايين ومليارات الجنيهات فمنذ عام لم يستطع العمال صرف رواتبهم أو حوافزهم مثل باقى موظفى الدولة وكأنهم ليسوا أصحاب أسر حتى باع بعضهم منزله والآخر فرش منزله ليستطيع أن ينفق على أسرته يستكمل خيرى أن الشركة حتى شهر ابريل 2008 كانت محققة ارباحا بقيمة 148 مليون جنيه وهو نفس الشهر الذى تولى فيه مالك الشركة الجديد الذى اشتراها من البورصة سيد الصيفى وبعض المستثمرين وفى شهر يناير من نفس العام بدأ مسلسل تشريد العمال وتصفية الشركة فتم فصل كابلات الكهرباء من المصانع وفك دولايب القطن وتفكيك المصنع باكمله ولم يكتف بما أخذه من الدولة بل قام بالاتفاق مع عائشة عبد الهادى وزيرة القوى العاملة السابقة وحصل من الوزارة على قرض حسن بقيمة 15 مليون جنيه ليشرد بها 300 عامل تحت مسمى المعاش المبكر ثم اتجه لباقى العمال فقام بنقل عدد كبير من عمال الشركة لفروع الشركة بالوجه البحرى حتى يستطيع تفكيك باقى المصنع وبيعه أراض باسعار تصل لأكثر من 20 ألفًا للمتر باع 3 قطع منها فنقل 150 عاملا لفرع الشركة بزفتى ولكن بعد مفاوضات تم التوقيع منذ عام ونصف العام على اتفاقية جماعية بمكتب النائب العام على عودة العمال لفرع الشركة بالمنيا شرط التنازل عن 50٪ من قيمة حافز كل منهما ولكن بعد عودتهم لم يف رئيس مجلس الادارة بعهده ولم يتمكنوا من صرف رواتبهم منذ عام ولا يوجد فى حياة العمال إلا الاعتصامات والسجال القانونى فى المحاكم.
وانتقد رئيس اللجنة النقابية بالشركة كبار مسئولى الدولة نظرا لتواطؤهم مع رئيس مجلس الادارة وخاصة عدم تنفيذ الحكم القضائى بعودة الشركة للدولة والذى قوبل بفرحة غامرة من قبل العمال ولكن تبخرت الفرحة والحلم سريعا من الطبيعى بعد أن اصبح الحكم حبرا على ورق حيث رفضت الشركة القومية للتشيد والتعمير تنفيذه بحجة أن رئيس مجلس الادارة طعن على الحكم رغم أن نص المادة 50 يؤكد أن الطعن لا يوقف التنفيذ وكأنه اصرار على اهدار الشركة فى الوقت الذى تبحث فيه الدولة عن استثمارات ومصانع جديدة مؤكدا أنه حتى العمال لهم نصيب من ارباح الشركة وخاصة أنهم من المساهمين بالشركة.
ويضيف ربيع على عضو اللجنة النقابية أن هناك 130 عاملا مع عمال الشركة بالمنيا مشردون ولا يجدون قوت يومهم ورغم تظاهراتهم أكثر من مرة إلا أن إدارة الشركة والقوى العاملة تتجاهل مطالبهم ولم تحقق وعودها طوال الفترة الماضية بحل مشاكل العمال موضحا أن رئيس مجلس ادارة الشركة يتعمد سياسة افتعال الأزمات ومضايقة العمال ليتركوا له العمل ثم يبيع المعدات وتحويل أراضى الشركة لأراض سكنية يسهل بيعها والتى تساوى مليارات الجنيهات.
تساءل ربيع لماذا تجاهلت وزارتى الاستثمار والقوى العاملة مخالفات مجلس الإدارة ولا يقومو بدورهم كجهة إدارية مهمتها الدفاع عن حقوق العمال واسترداد الشركات وتنفيذ الأحكام القضائية بعودتها للقطاع العام.
أشار الى أنهم نجحوا خلال الشهر الماضى فى الحصول على حكم قضائى بحبس رئيس مجلس الإدارة وتغريمه 10 آلاف جنيه بتهمة النصب والاحتيال لنقله 45 عاملا من فرع الشركة بالمنيا إلى قطعة أرض بمغاغة باعتبارها وحدة إنتاجية تحت التأسيس إلا أنهم فوجئوا بعدم وجود معدات أو إنتاج او تامينات اجتماعية.
وقال: بعد أن قررنا الاعتصام أمام مجلس الوزراء فلم يتحرك ساكن للحكومة وقاموا بالاتفاق على عقد جلسة تجمع رئيس مجلس ادارة الشركة وزير القوى العاملة وخالد على المرشح الرئاسى الخاسر فى الانتخابات الرئاسية الذى رفع دعوى عودة الشركة للدولة وممثلين من اللجنة النقابية لحل أزمة مرتبات عمال الشركة.
ويشير محمد عبد الصبور محامى العمال الى أن العمال يحاولون الاستفادة من أى حكم قضائى للضغط والتفاوض مع رئيس الشركة ليحصلوا على حقوقهم ورفعوا دعوى مباشرة على سيد الصيفى رئيس مجلس الادارة حتى أنه بعد الحكم الاخير بالحبس تفاوض مع العمال وعرض عليهم مرتبات 4 شهور وتم نقل ملفاتهم التأمينية من القاهرة ولكن طالب العمال بجميع مستحقاتهم المالية كما نقوم الآن برفع دعوى مباشرة على رئيس مجلس ادارة الشركة بتهمة تشغيل عمال بالسخرة دون دفع حقوقهم المالية.