للفنان جورج البهجوري ومعرضه المتنوع والثري الأفكار، الذي افتتح مؤخرا بقاعة "المسار" واللوحات الفنية المختلفة المساحات، احتلت خلالها لوحات أم كلثوم في أوضاعها وحركاتها المختلفة عددا كبيرا من الأعمال، كما تناول البهجوري في أعماله عددا من الموضوعات المجتمعية مثل الزحام، بائع الخبز الأمومة، العائلة، مائدة الرحمن، العيد، العازف، المولوية وغيرها من الموضوعات، التي استقاها من البيئة المصرية، كما كان للشخصيات الفنية نصيبًا في أعماله فتناول في لوحاته الراحل بيكار، والراحلة أم كلثوم، والكاتب المصري، والعازف. في صدارة المعرض يقف البهجوري كما صور نفسه، حاملا بالتته وألوانه بأسلوب تعبيري يميل في هذا المعرض تجاه التجريدية، حين يطمس ملامح أبطال لوحاته، ويدخلها في نسيج العمل الفني، تتبادل أطرافها ظهورا واختفاء، وكأنه يسترجعها من ماض سحيق. كما قام بإعادة رسم لوحات لمشاهير الفنانين في عودة لتجربة سابقة في أحد معارضه جاءت بعنوان "رسم علي رسم" ليقدم جزءا من تلك التجربة في معرضه الحالي، فقام برسم لوحة للفنان الراحل بيكار وأسماه "ناصحي" باعتباره أستاذا له ولغيره من الأجيال الفنية، كما أعاد تقديم لوحة الموناليزا لدافنشي برؤيته الخاصة. عالم بهجوري الفني غرائبي تلعب فيه التداخلات المختلفة للخطوط والألوان والخامات دور البطولة، يستخدم اللون أحيانا ويظهر الخط أحيانا أخري، يستخدم اللون المجرد بذاته خاصة الساخن منه، ويزاوجه مع غيره من الألوان معطيا لونا وسطا أحيانا أخري، كما استخدم تقنيات متعددة في أعماله المعروضة فقد زاوج بين تقنية الكولاج، بالقص واللصق، ونوع فيها بين الخامات المختلفة مستخدما ألوانها ونقوشها كما فعل في قماش "الصوان" بألوانه المبهرجة، ونقوشه الإسلامية، علاوة علي غيرها من الأقمشة مستخدما ما يخلفه كل نوع من شكل وملمس مختلف يثري به أعماله الفنية. المنظور في أعمال بهجوري متنوع يغلب عليها المنظور العلوي -عين الطائر- وكأنه يلقي نظرة شاملة علي فضاء لوحاته، يزاوجها مع تداخلات المباني وقد اختزلها في أشكال هندسية مجردة متناسيا بعدها الثاني في تناول أقرب إلي التجريد، يجنح إليه علي استحياء، يزاوجه بتكعيبيته الأثيرة، مختزلا في ملامح حركات أبطاله، يزاوجها بمساحات لونية مسطحة تحتل في بعض أعماله معظم اللوحة، تتناثر حولها موتيفاته وشخوصه، في بناء فني رصين ومحكم، تتنقل عين المشاهد بين خطوطه وألوانه، ليغوص داخل العمل الفني. يقول الفنان بهجوري عن أعماله " ابتعد عن اللوحة الجديدة متراً أو مترين فأستمتع بالبعد الأول إلي الثاني فالثالث حتي الرابع، أعود اليوم التالي مضيفاً للهارموني لأصبح المتلقي الوحيد، واندهش كأني نسيت، وأقول من الذي رسمها ولونها، أصبح أنا مبدعها المتفرج الأول وأصيح من أعماقي... برافو... لقد فعلتها".